من دون مغالاة ولا تقليل من شأن قرار مجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، ثمة ما ينبغي التوقف عنده، لجهة إمكانية تنفيذ القرار أولاً، وثانياً معرفة حدود القوة التي تختبر فيها رسالة الامتناع الأمريكية عن التصويت، قدرة إسرائيل على التمرد أو التساوق مع سياسات البيت الأبيض.
وكما هو معروف، لم يسبق لإسرائيل أن نفذت، منذ إنشائها، قراراً واحداً من عشرات القرارات الدولية التي صدرت حول القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.
لكن بعيداً عن الجدل القانوني، وعدم التعويل على إمكانية تنفيذه، حيث جاء الرفض الإسرائيلي على الفور، كما هو متوقع، إلا أن مجرد صدور القرار الذي حمل الرقم 2728، أثار غضباً إسرائيلياً كبيراً، ليس فقط لأنه كسر قاعدة الحمائية الأمريكية لإسرائيل والتغطية السياسية لها في المحافل الدولية، وإنما لأنه جاء في ذروة الضغط الدولي لوقف الحرب، ومنع اجتياح رفح، وفي لحظة بدت فيها إسرائيل معزولة عالمياً، وفي أشد الحاجة للدعم والحماية الأمريكية. وبالتالي يبدو أن الامتناع عن التصويت حمل رسالة من شقين، الأول موجه للداخل الأمريكي بهدف تخفيف الضغوط التي تمارس على الإدارة شعبياً وحزبياً، والتي بدأت تشكل تهديداً جدياً لفرص عودة بايدن إلى سدة البيت الأبيض. والثاني أنها تمثل ترجمة عملية خجولة، أي من الدرجة الثانية أو الثالثة، لما يمكن أن تستخدمه الإدارة الأمريكية من أوراق قوة على خلفية الخلاف المتصاعد والعلني مع حكومة نتنياهو المتطرفة، حول إدارة الحرب في غزة و«اليوم التالي» وانعكاس ذلك على المصالح الأمريكية في المنطقة.
وما يعزز ذلك أن واشنطن لم تلجأ لخطوات أشد تأثيراً، من نوع وقف إمداد إسرائيل بالسلاح والذخيرة وما شابه، بل سارعت إلى تأكيد ثبات موقفها وعدم وجود تحول في السياسة الأمريكية، لكنها أيضاً حاولت إفهام إسرائيل بأن «هذه سياستنا» أي «قرارنا السيادي» وفق ما عبر جون كيربي. لكن إسرائيل بدورها لجأت لاختبار القوة، إذ إنها ألغت على الفور إرسال وفد إلى واشنطن لمناقشة خطط اجتياح رفح، ما يعني أنها مستمرة وفق رؤيتها للحرب، وإظهار إدارة بايدن بالتخلي عنها في لحظة مصيرية، الأمر الذي يصبّ لصالح الجمهوريين في نهاية المطاف. بمعنى أن بايدن الذي أظهرته الحرب الإسرائيلية على غزة كأضعف رئيس أمريكي في تاريخ الولايات المتحدة، بات أيضاً أمام اختبار فرض قدرته على تنفيذ القرار من عدمه.
يونس السيد – صحيفة الخليج
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تحذر من نوايا "إسرائيل" توسيع عدوانها في المنطقة
القاهرة - صفا
حذرت جامعة الدول العربية، اليوم الأحد، من نوايا "إسرائيل" توسيع عدوانها في المنطقة.
وقال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الجامعة العربية، السفير مهند العكلوك، في تصريح له عقب اختتام أعمال مجلس الجامعة في دورته غير العادية على مستوى المندوبين الدائمين، الذي عقد اليوم بطلب من العراق، إن المجلس استنكر في قراره إساءة استخدام الولايات المتحدة الأميركية لحق النقض "فيتو" في مجلس الأمن للمرة الرابعة خلال عام واحد، لمنع إصدار قرار يلزم إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وتوسيعه في المنطقة.
وأضاف أن المجلس طالب، كذلك، الولايات المتحدة بمراجعة مواقفها المنحازة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، والتي تعطل تولي مجلس الأمن الدولي مسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وتابع أنّ مجلس الجامعة طالب جميع الدول الأطراف في ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بأن تتعاون مع المحكمة في تنفيذ مذكرتي الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، محذرا من تسييس قرار المحكمة بإصدار مذكرتي الاعتقال.
وكان السفير العكلوك طالب في كلمته أمام المجلس، الدول العربية بتنفيذ قرار القمة العربية الإسلامية المشتركة التي عقدت في العاصمة السعودية، الرياض، يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، خاصة فيما يتعلق بحشد الدعم لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومقاطعة إسرائيل على كل المستويات، وإدراج المنظمات والكيانات الاستيطانية الإسرائيلية على قوائم الإرهاب الوطنية العربية.
وقال إن "إسرائيل" مستمرة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتشن عدوانا على لبنان وسوريا، وتمهد لتوسيع العدوان ليشمل دولا عربية أخرى، الأمر الذي يؤكد أن "إسرائيل" تستهدف الأمن القومي العربي بشكل كامل.
يذكر أن العراق دعا إلى عقد هذا الاجتماع على إثر رسالة وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي لرئيس مجلس الأمن، التي ادعى فيها زيادة وتيرة الهجمات من العراق ضد الاحتلال، ما ينذر بنوايا إسرائيل توسيع عدوانها في المنطقة.