أسرة قبطية بالإسكندرية: «نُشارك إخوتنا المسلمين فرحتهم و أعيادنا واحدة»
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
في مدينة الإسكندرية الساحلية، تُشكل أسرة مسيحية رمزًا للتعايش والتسامح بين مختلف الأديان فعلى مدار أكثر من 14 عامًا، تُشارك هذه العائلة في صناعة الفوانيس من الخامات التي يعاد تدويرها من المنزل و تساهم ايضا في تعليق الزينة أحتفالًا بقدوم هذا الشهر الفضيل، ونشرًا لروح المحبة والاحترام بين مختلف أفراد المجتمع و في منطقة سيدي بشر بشرق المدينة حولت رانيا نسيم هي و أبنائها منزلها الي ورشة لصناعة الفوانيس «هاند ميد» أحتفالا بشهر رمضان وليس كذلك بل يقوم أحد أفرادها بارتداء زي المسحراتي و ممسك في يده طبلة و مطرقة و يتجول داخل منطقتة ليوزع الفوانيس و الهدايا الرماضنية علي جيرانه و المواطنين و تُشكل هذه الورشة مركزًا للإبداع والابتكار، حيث يُنتج أفراد هذه العائلة مختلف أنواع الزينة الرمضانية، بدءًا من الفوانيس التقليدية بأشكالها المتنوعة، إلى النجوم المتلألئة، والهلال، مستخدمين أجود أنواع الخامات وأكثرها تنوعًا.
تقول «رانيا نسيم» صاحبة ورشة تصنيع الفوانيس الهند ميد داخل منزلها بالإسكندرية لموقع الاسبوع إنها علي مدار 14 عاماً تقوم بتحويل منزلها الي ورشة صغيرة لصناعة الفوانيس بخامات يتم إعادة تدويرها من المنزل، حيث تبدأ رحلتها الإبداعية في منتصف شهر شعبان، و تُطلق العنان لمخيلتها لابتكار تصاميم جديدة لفوانيسها المُميّزة و تتشارك هي وأسرتها فرحة شهر رمضان المبارك، مشيرة إلى أن كل عام تقدم أفكارا جديدة في الهدايا الرمضانية التي تتنوع بين الفوانيس، والمجسمات عربة الفول وصانع الكنافة والقطايف، ومدفع رمضان، وغيرها من الهدايا المختلفة لافته أنها تُصنعها بأيديها، مستخدمةً مهاراتها في الكروشيه و الخياطة و الحياكة، وتُزيّنها بِقطع الخرز و الزينة المُلونة ولا تقتصر إبداعات رانيا على صنع الفوانيس فحسب، بل تُشاركها مع جيرانها وأصدقائها المسلمين كهدية رمضانية تُعبّر عن مشاعرها الطيبة وتُدخل البهجة على قلوبهم.
وأضافت أنها ورثت شغفها بالمشغولات اليدوية عن والدتها، الذي غرست بداخلها حبّ الإبداع منذ صغرها. وقد نقلت هذا الشغف إلى أبنائها الذين نشأوا على حبّ العمل اليدوي ومساعدة الآخرين موضحه أن هذا العام قامت بتصميم مجسم يحمل علم فلسطين، وذلك تضامنًا مع أشقائنا في فلسطين الذين يتواجدون في كل قلب مصري، لافته أن من أفكار هذا العام أيضًا عمل توزيعات بالتل بداخلها تمر و مربى بجانب الفوانيس و أن هذه العادة الرمضانية تتم كل عام ويتشارك معها الفرحة جيرانها المسلمون، كما يتشاركون مع بعضهم البعض جميع المناسبات الدينية سواء الكريسماس، أو عيد القيامة، عيد الفطر والأضحى، قائلة «إحنا إخوات و أعيادنا واحدة».
و أكدت أنه يجب الحفاظ على أهمية العادات والتقاليد الرمضانية، مثل صنع الفوانيس وتوزيعها على الجيران، ونشر روح التعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع قائلا: أن لا يقتصر إبداعي على صنع الفوانيس فقط، بل أسعى دائمًا إلى ابتكار أشياء جديدة تُسعد الناس و تُدخل البهجة على قلوبهم. أُؤمن بأنّ الإبداع هو هبة من الله، ويجب علينا أن نُوظّفه لخدمة الآخرين و إدخال السعادة على قلوبهم و اختتمت حديثها قائلة: أُشجع جميع الناس على إطلاق العنان لمخيلتهم و إبداعهم، و مشاركة إبداعاتهم مع الآخرين. فالإبداع هو لغة عالمية تُوحّد الناس و تُدخل السعادة على قلوبهم.
ويقول «اندرو أبراهيم» لـ «الاسبوع» أنه بدأ في السابعة من عمره في تنفيذ فوانيس رمضان ليهديها إلى أصدقائه، حيث كان يري والده قبل رمضان يقوم بتحضير شنط رمضان لتوزيعها، فأراد أن يساهم في إدخال الفرحة على قلوب الناس ببعض الأعمال البسيطة وهي الهدايا الرمضانية، مشيرا إلى أنه في البداية كان بمساعدة والدته والتي كانت تصنع الفوانيس لإهدائها لأصدقائها.
وأضاف أنه التحق بالكثير من ورش العمل وأصبح ينفذ كل الديكورات الرمضانية بمفرده لافتا أنه تعلم تصنيع الفوانيس وديكور رمضان من المخلفات ضمن أساليب إعادة تدوير المنتجات، حيث يقوم باستخدام الأكواب البلاستيكية ويضع الغطاء الكبير كقاعدة للكوب ويقوم بتزيينه بمسدس الشمع والحلة والأوراق الملونة، فيتحول خلال دقائق إلى فانوس مزين مؤكدا أنه يقوم بصنع ديكور رمضاني أكبر، يتمثل في عربات الفول والكنافة والقطايف، حيث يستخدم في صنعها الصناديق الخشبية الخاصة بـ «الرنجة»، وبعض الكرتون ومسدس الشمع والحلة والأوراق الملونة، إلا أن المجسم الواحد يحتاج منه تصنيع أكثر من أسبوع إلى 10 أيام لتنفيذه، ما يجعله يبدأ في صنع تلك المجسمات قبل دخول شهر رمضان.
وتابع، أنه مع بداية شهر رمضان يبدأ في تعليق الزينة مع أصدقائه، و في نصف شهر رمضان يخرج بعد الإفطار يرتدي زي المسحراتي ويأخذ طبلته ليوزع عليهم الفوانيس و الهدايا الرماضنية الذي صناعها بيده ثم بعدها يقوم بتوصيل المكفوفين إلى المسجد لأداء صلاة التراويح و ينتظرهم أمام المسجد ليعود بهم إلى منازلهم موضحا أنه يصنع الفوانيس جميعها يدويًا، من أشياء وخامات موجودة بالمنزل، وقطع الكرتون، والزجاجات، ويقوم بتزينها وتركيب وحدة الصوت والإضاءة، كما يصنع فوانيس خشبية صغيرة، وسبح من الخرز هاند ميد، بجانب عربة الفول، وصانع الكنافة والقطايف، واشكال كثيرة من الزينة.
وأضافت «فيبرونا» أنها قامت بعمل جميع المشغولات اليدوية من الفوانيس و العربات الفول و المدافع من الخامات المنزلية لافته أنها شاركت في تجهيز الكارتين الرمضانية مع زميلاتها داخل الكلية قائلة: «انا ببقي مبسوطة لم بشارك مع اخواتي المسلمين خلال شهر رمضان» وعن شقيقها قالت أنه في نصف من شهر رمضان يقوم بارتداء ملابس المسحراتي ويأخذ طبلته التي صنعها بيده ليوزع الفوانيس على أصحابه وأصحاب المحلات وعلى احبابه، فضلًا عن قيامه بتوصيل المكفوفين إلى المسجد لأداء صلاة التراويح وانتظارهم لتوصيلهم للعودة مرة أخرى لافته أن منذ كان شقيقي صغر وجد والده يساعد أصدقائه في إعداد وتوزيع شنط رمضان، وكان يرى والدته توزع الفوانيس على اصدقائها وتفطر معهم في شهر رمضان، فجاءت له الفكرة وقرر أن يسعد من حوله مثلما يفعل والديه وبدأ بشراء الزينة هو وأصدقائه وتعليقها في الشوارع وفي العمارة لكي يسعد الناس و يدخل لهم الفرحه و يشاركهم مناسباتهم الدينية.
ومن جانبها قالت «سحر جمعة» أحد سكان المنطقة أن مشهد التي تشاهده كل سنة من الاسرة القبطية مشاركة المسلمين في تعليق الزينة و توزيع الهدايا و الفوانيس ليس مشهدًا غريبًا لأننا أخوه وجيران منذ سنوات ويربطنا علاقه صداقه وحب قوية مشيرا أنها تشعر بالارتباط بين الأقباط والمسلمين في ذلك الشهر حيث أننا نجتمع لتزين شوارع المنطقة و ايضا نتجمع علي مائدة واحدة في فطار جماعي علي سطح المنزل وسط روح من البهجة والسرور.
وأضاف «عم مصطفي» صاحب أحد المحالات بالمنطقة أن اندرو يوزع الفوانيس علي جيرانه علي مدار 14 عام منذ أن كان صغيرا و هذا ما يدل علي المحبه بين الأقباط والمسلمين مهما حدث لم يكن فرق بيننا حيث أننا نجتمع لتزين شوارع المنطقة و ايضا نتجمع علي مائدة واحدة في فطار جماعي علي سطح المنزل وسط روح من البهجة والسرور لافتا اننا لم نعرف في مصر، على مدار تاريخها، وطوال حياتنا، أي مظهر من مظاهر التفرقة بين دين وآخر، تربينا أن نكون أخوة في وطن واحد.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية المسحراتي شهر رمضان على قلوبهم شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
كيف أقنع ترامب المسلمين بالتصويت له؟
لا شك أن الانتخابات الأميركية أسفرت عن نتائج مفاجئة للغاية، فقد استحوذ ترامب على السلطة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ والرئاسة.
كيف أمكن له ذلك؟ سيظل هذا الأمر محل نقاش في أميركا وفي الأوساط السياسية لوقتٍ طويل لكن من وجهة نظري، هناك أمران غريبان في هذه الانتخابات:
لماذا صوّت المسلمون لترامب؟ لماذا اختار المهاجرون ترامب رغم أنه يعاديهم؟
قضية غزة كانت في مقدمة اهتمامات الانتخابات الأميركيةبينما تعيش غزة ولبنان أعنف دمار في تاريخهما، قلنا جميعًا إن أكبر داعم لهذا الدمار هو الولايات المتحدة. فالقنابل التي تقتل الأطفال والنساء والمدنيين تأتي جميعها من أميركا، وحاملات الطائرات الأميركية في البحر المتوسط تحمي إسرائيل وتمنع الأمم المتحدة من اتخاذ القرارات.
وكما شاهدنا كل ذلك، فقد شاهدته الجالية المسلمة المقيمة في الولايات المتحدة. لهذا السبب، خرجت مئات الاحتجاجات في الشوارع تنتقد السياسة الأميركية وتندد بإسرائيل. وفي هذه الأثناء، زاد غضبنا بسبب الدعم غير المشروط الذي قدمه ترامب لإسرائيل.
صرح ترامب قائلا "كنت سأطلب من نتنياهو الإسراع" بالأمر، وهو ما يعني تنفيذ المجازر بأسرع وقت، وقد شجّع ذلك إسرائيل.
لهذا السبب، أجّل نتنياهو محادثات السلام حتى انتخاب ترامب، وعمّت أجواء من الاحتفال على شاشات التلفزيون الإسرائيلية ليلة الانتخابات. هم يعتقدون أن إسرائيل ستتمكن من تنفيذ مخططاتها بسهولة أكبر بوجود ترامب. لهذا كانت قضية غزة من أكثر المواضيع تداولًا في الانتخابات الأميركية.
كان الجميع يظن أن مسلمي الولايات المتحدة لن يصوّتوا لترامب، ولكن ما حدث هو عكس ذلك تمامًا. وقد أثار ذلك دهشتي بشكل كبير.
لفهم هذا الأمر، تواصلتُ مع صحفيين يراقبون الانتخابات في الولايات المتحدة ويتابعون السياسة هناك. وبعد الاستماع إليهم، كوّنت تصورًا مختلفًا عن دوافع المسلمين. لكن قبل ذلك، سأروي ملاحظاتهم من قلب الانتخابات.
لنأخذ مثالًا من ميشيغان، إحدى الولايات المتأرجحة. في هذه الولاية، فازت رشيدة طليب، المدافعة القوية عن القضية الفلسطينية، بمقعد في الكونغرس بأغلبية ساحقة، بينما خسر مرشح حزبها الديمقراطي الانتخابات الرئاسية في هذه الولاية.
أحد الأسباب الرئيسة لذلك كان استياء المجتمع المسلم من تعامل إدارة بايدن مع قضية غزة. كان لإدارة بايدن دور كبير في المجازر التي وقعت في غزة، وتجاهلت احتجاجات المسلمين في الولايات المتحدة، ولم يصدر عنها أي تصريح يبعث على الأمل خلال الحملة الانتخابية.
إضافة إلى ذلك، تجاهل الديمقراطيون ولاية ميشيغان تمامًا خلال الحملة الانتخابية. ورغم أن المسلمين في الولاية أرادوا لقاء كامالا هاريس، لم تُعقد أي لقاءات، ولم تكن هناك زيارات أو تصريحات. لقد تجاهل الديمقراطيون المجتمع المسلم كليًا.
أما ترامب، ففاجأ الجميع بتكثيف حملته في ميشيغان. علّق لافتات باللغة العربية، وقام بتعليق بعضها بنفسه، والتقى بالأئمة وممثلي المجتمع المحلي، والتقط معهم الصور. كما كرر وعوده بـ"إنهاء الحروب"، دون تحديد أي حروب كان يعنيها. كان المجتمع المسلم على دراية تامة بموقف ترامب العدائي تجاه المسلمين ودعمه القوي لإسرائيل، لكنهم كرهوا حكم الديمقراطيين ورأوا في كامالا هاريس شخصية عاجزة، ولذلك قرروا المخاطرة.
هل أصبح "عدم اتزان" ترامب ميزة؟خلال فترة رئاسته الأولى، رأى الجميع مدى عدم استقرار ترامب وتذبذبه. لكن في هذه الانتخابات، تحولت هذه الصفة إلى ميزة. رأى المجتمع المسلم أن الديمقراطيين ونائبة الرئيس هاريس لن يفعلوا شيئًا وأنهم يفتقدون الكفاءة، واعتقدوا أن "ترامب قد يغير قراراته فجأة، وقد يتخذ خطوة غير متوقعة، وقد يُغير المعادلات. على الأقل، هو ليس عاجزًا مثل كامالا هاريس".
لهذا السبب، رأوا أن المخاطرة تستحق العناء، وفضلوا انتخاب رئيس جديد يبدو أقوى من هاريس. وفي الوقت نفسه، هناك أحاديث في الكواليس تشير إلى أن فريق ترامب قدّم وعودًا للمجتمع المسلم خلف الأبواب المغلقة.
المهاجرون خاطروا أيضًاتنطبق على المهاجرين مشاعر المخاطرة نفسها. فالمهاجرون من الطبقة الوسطى الذين أفقرتهم إدارة بايدن صوّتوا لترامب الذي وعد بطرد اللاجئين غير الشرعيين وبناء جدار على الحدود مع المكسيك. لقد وجدوا في الديمقراطيين نخبة غير مهتمة بهم، وكامالا هاريس غير كفؤة. لذلك اختاروا -كما فعل المسلمون- المخاطرة بانتخاب شخص قوي وطموح، على أمل أنه في أسوأ الحالات لن يهدد المهاجرين المقيمين بشكل قانوني. تمامًا مثل المسلمين، عوّلوا على طبيعة ترامب المتقلبة وغير التقليدية، وقرروا منحه أصواتهم. ويبقى السؤال، هل سيتخذ ترامب قرارات تُرضي هاتين الفئتين حقًا؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية