سداد دين اليوروبوندز.. والاستثمار بأصول الدولة وشراء السندات
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
تمثل سندات اليوروبوند إحدى أدوات الدين التي تصدرها الحكومات للاقتراض بالعملات الأجنبية، بحيث تمثل القيمة الإسميّة للسند عند الإصدار المبلغ الذي اقترضته الحكومة، والذي يفترض أن تسدده لحامل السند عند الاستحقاق، على أن يتم تسديد الفوائد المحددة سلفا بشكل دوري طيلة المدة التي يبقى فيها السند في التداول وحتى إستعادته من قبل الدولة.
منذ أن أعلنت حكومة الرئيس حسان دياب، التوقف عن دفع الأقساط المستحقة من ديون سندات اليوروبوند، في آذار 2020 استحقت كل السندات وخسر لبنان ثقة الأسواق المالية ومؤسسات التمويل الدولية، وشهد بعدها انهياراً مالياً وتدهوراً كبيراً في عملته الوطنية التي خسرت نحو 95 في المئة من قيمتها، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً، خلال 4 سنوات، من 53 مليار دولار إلى 20 مليار دولار حالياً تقريباً.
ومنذ ذلك الحين لم يتمكن لبنان من معالجة أزمة ديون لبنان البالغة نحو 92 مليار دولار، والموزعةً بين 61 مليار دولار بالليرة اللبنانية (على أساس 1514.5 ليرة لسعر صرف الدولار) وحوالي 32 مليار دولار بالعملات الأجنبية لسندات اليوروبوند.
وإذا كان الدين بالليرة قد تم تذويبه نتيجة تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الذي تجاوز مستوى 90 ألف ليرة، فإن العقدة، بحسب استاذ الاقتصاد بلال علامة، تبقى في سندات الدين اللبنانية بالعملات الأجنبية ، وذلك نتيجةً للفرق الكبير بين قيمتها الاسمية المحددة رسمياً وقيمتها الفعلية التي تخضع لمضاربات السوق المالية. وبلغة الأرقام يقول علامة، كان إجمالي قيمة هذه السندات، قبيل الأزمة مباشرةً، نحو 32 مليار دولار موزعةً بين المصارف المحلية بحصة 15 مليار دولار، ومصرف لبنان بحصة قيمتها 5 مليارات، فيما كانت حصة المستثمرين الأجانب والخارجيين نحو 12 مليار دولار. وهذه الأرقام تغيرت نتيجة تفاقم الازمات ونتيجة تخوف المصارف المحلية من استمرار عجز الدولة عن الدفع، حيث قامت المصارف ببيع سندات قيمتها نحو 7 مليارات دولار بسعر منخفض للمستثمرين الأجانب، فارتفعت بذلك حصتهم إلى نحو 18 مليار دولار. مع العلم بأنه مع احتساب الفوائد يرتفع الدَّين المستحق على الدولة وفق السعر الاسمي للسندات إلى أكثر من 40 مليار دولار.
وبمعزل عن القيمة الإسمية التي ستسدد عند الاستحقاق، يتم تداول السندات وفق قيمتها السوقية التي تخضع لعوامل عدة، مثل تغير مستوى المخاطر، وتقلب عوامل العرض والطلب، أو حتى تبدل أسعار الفوائد. ومنذ إعلان توقف الدولة اللبنانية عن السداد، وعدم مباشرتها أي مفاوضات لإعادة هيكلة ديونها بالعملات الأجنبية، سجلت السندات انخفاضات متتالية في قيمتها، حتى وصلت إلى نحو 5 سنتات للدولار الواحد، أي 5 في المئة فقط من قيمة السند الاسمي، في إشارة ترمز بحسب علامة، إلى تضاؤل الآمال بالمستقبل الاقتصادي للبنان، وتراجع آمال بعض المستثمرين بقدرتهم على تحصيل نسبة وازنة من قيمة ديونه بالعملة الصعبة.
وهنا تعتبر مصادر متابعة أن الأفكار المطروحة لجهة بيع أصول الدولة لتغطية سندات المصرف المركزي ليست من مصلحة لبنان لأن حاملي سندات اليوروبوندز سينقضون على لبنان، وقد يلجأون إلى الاستيلاء على أصول الدولة الأخرى لا سيما الذهب، مع احتمال توجه أصحاب سندات اليوروبوندز إلى رفع دعاوى قضائية على لبنان بسبب التفاوت في أرقام الدين العام.
ويعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي أن أي استخدام لأصول الدولة قبل الانتهاء من المفاوضات مع الدائنين الأجانب وبشكل خاص حاملي اليوروبوند سيفتح شهية هؤلاء الدائنين ليطالبوا بالحصول على مستحقاتهم من هذه الأصول، ما يزيد الأمور تعقيداً ويحرم المودعين من أموال كان يمكن لهم الحصول عليها.
وفي السياق، يقول علامة إن بعض المؤسسات المالية وخصوصاً صناديق التحوط المتخصصة بشراء السندات الرخيصة والديون المتعثرة، لا تزال تلجأ إلى القضاء الدولي، وخاصة محاكم نيويورك التي تحددها سندات اليوروبوند كمرجع قضائي لبت الخلافات.
ومع ذلك، لن تكون عملية وضع اليد على أصول وموجودات الدولة، وفق علامة، عملية سهلة وميسرة خاصة وأن الدولة اللبنانية لا تمتلك أية أصول أو موجودات خارجية ولكن المسار القضائي المحتمل يحمل مخاطر عالية لناحية الربط بين الدولة وتعثرها وأصول وموجودات مصرف لبنان بما فيها الذهب، ويمكن أن يشمل ذلك وضع اليد على أصول مصرف لبنان في الخارج، بما فيها سيولته في المصارف المراسلة، وكمية الذهب الموجودة في الولايات المتحدة، وربما طائرات شركة طيران الشرق الأوسط. لذلك فقد تم تقديم نصائح بعرض شراء سندات اليوروبوند بسعرها المنخفض اليوم قبل الغد، وحتى قبل انتظام العمل الدستوري، والبدء فوراً في مفاوضات مع الدائنين كخطوة إصلاحية، تتبعها إصلاحات مالية وإقتصادية شاملة تمهيداً لتوقيع اتفاقية نهائية مع صندوق النقد الدولي. وذلك في مسيرة ضرورية وطويلة على الطريق الصحيح لاستعادة الثقة ، والسماح للبنان بالعودة إلى الأسواق المالية العالمية، ومؤسسات التمويل الدولية والتي من دونها سيبقى لبنان متعثراً وقد يواجه مشكلة أكبر هي الإفلاس الكامل.
وفي سياق متصل يرى الباحث في الشؤون الإقتصادية الدكتور محمود جباعي أن لا امكانية لحل مشكلة سداد دين اليوروبوند من دون الاستثمار بأصول الدولة، فيجب جدولة الدين ومن ثم استثمار أصول الدولة لدفع المستحقات بنسبة 25 في المئة من ايرادات تثمير هذه الأصول من مشاعات عبر تأجيرها او تقديمها كشراكة مع القطاع الخاص ضمن إطار قانوني يضمن حقوق الدولة وبقاء ملكيتها، وكذلك يمكن تخصخصة القطاع العام عبر Bot و ppp، أي تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص حينها يمكن توسيع الاستثمار مما سيخلق إنتاجية عالية تأتي بعد انتهاج سياسات جديدة تقطع الطريق على الهدر وتعمل على تنشيط عمل المنشآت مما سيخفف الأعباء على الدولة من جهة ويضاعف إيراداتها من جهة أخرى.
وعليه، تعتبر مصادر متابعة أن هناك صعوبة تكمن في إنجاز الإتفاق مع حاملي السندات من دون إقرار برنامج مع صندوق النقد الدولي الذي يشكل أحد أبرز شروط حاملي السندات الأجانب، في حين أكد الشامي في وقت سابق أهمية استدامة الدين العام كهدف أساسي بالنسبة للحكومة لكي تتمكن في المستقبل القريب من العودة للإيفاء بديونھا من دون اللجوء إلى إجراءات قاسية وموجعة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالعملات الأجنبیة ملیار دولار أصول الدولة ة التی
إقرأ أيضاً:
"إم جي إكس" الإماراتية تستثمر 2 مليار دولار في منصة "بينانس"
أعلنت "إم جي إكس"، الشركة الإماراتية الرائدة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، في أبوظبي، استثمار 2 مليار دولار في "بينانس"، أكبر منصة لتداول العملات المشفَّرة في العالم، وهو الاستثمار الأكبر في قطاع العملات المشفَّرة "عملة مستقرة"، وأوَّل معاملة استثمارية مؤسَّسية في تاريخ "بينانس".
ويمثِّل هذا الاستثمار دخول "إم جي إكس" قطاع البلوكشين والعملات المشفَّرة للمرة الأولى، باستحواذها "على حصة أقلية في "بينانس" ضمن استراتيجيتها لدعم الإمكانات التحويلية للبلوكشين. ومن خلال هذه الشراكة مع إحدى أبرز الشركات الرائدة في القطاع، تسعى "إم جي إكس" إلى دفع عجلة الابتكار في التقنيات الناشئة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والاقتصادات الرقمية القائمة على "التوكنات". 1000 موظفوترسّخ "بينانس" حضورها في دولة الإمارات، التي تتميز بريادتها في الابتكار، وبيئتها الداعمة للعملات المشفرة، وإطارها التنظيمي الواضح، حيث توظف "بينانس" نحو 1000 موظف في الإمارات من إجمالي نحو 5000 موظف عالمياً، ما يعكس التزامها المتزايد بتعزيز حضورها في المنطقة.
وتتصدر "بينانس" قطاع العملات المشفَّرة باعتبارها أكثر المنصات أماناً وتنظيماً وموثوقية، متفوقةً بفارق كبير في حجم التداول، الذي يتجاوز إجمالي أحجام العديد من المنصات المنافسة. وتحظى المنصة بما يزيد على 260 مليون مستخدم مسجَّل، ويتجاوز حجم التداول التراكمي 100 تريليون دولار. ويُسهم هذا الاستثمار في تعزيز مكانة "بينانس" شركة رائدة في تطوير قطاع العملات المشفرة، ويؤكد التزام "إم جي إكس" بدعم مستقبل التمويل اللامركزي، وحلول البلوكشين المدعومة بالذكاء الاصطناعي، واقتصاد الأصول الرقمية.
إم جي إكس، الشركة الإماراتية الرائدة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومقرها أبوظبي، تبرم أول استثمار مؤسسي في منصة بينانس بقيمة 2 مليار دولار. الاستثمار هو الأكبر من نوعه في قطاع العملات المشفرة ويهدف إلى تعزيز الابتكار في الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوكشين والتمويل. pic.twitter.com/jiQTcJjvEC
— مكتب أبوظبي الإعلامي (@ADMediaOffice) March 12, 2025وقال أحمد يحيى، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة إم جي إكس: "يمثِّل استثمار إم جي إكس في بينانس محطة مهمة في مسيرة تطوير البلوكشين ودوره في مستقبل التمويل الرقمي. مع تزايد تبنِّي المؤسسات لهذا القطاع، أصبحت الحاجة إلى بنية تحتية آمنة ومتوافقة وقابلة للتوسُّع أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى. لطالما كانت بينانس محركاً رئيسياً للابتكار في العملات المشفرة، من تقنيات التداول و"التوكنات" إلى عملية التخزين والمدفوعات. معاً، نلتزم بتطوير منظومة أصول رقمية أكثر شمولاً واستدامة".
خطوة فارقةوقال ريتشارد تنغ، الرئيس التنفيذي لشركة بينانس: "يُعدُّ هذا الاستثمار من "إم جي إكس" خطوة فارقة لقطاع العملات المشفرة ولبينانس. معاً، نعمل على إعادة تشكيل مستقبل التمويل الرقمي من خلال ابتكارات متقدمة في مجال تبادل العملات المشفرة. هدفنا هو بناء منظومة أكثر شمولاً واستدامة، مع تركيز قوي على الامتثال والأمان وحماية مصالح المستخدمين. هذا الاستثمار يعكس التزامنا بدعم نمو قطاع العملات المشفرة بشكل مسؤول ومستدام".