ايمن كبوش: بين (صلاح قوش) و(صلاح نصر) اكثر من قواسم مشتبهة
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
# امتعض مجاوري على المائدة الرمضانية التي اقامها قروب (الجمهورية الرابعة) على وسيط التراسل الاجتماعي (واتس اب) بقيادة الصحافي النابه محمد جمال قندول، تمتم بكلمات فهمت منها انه يستنكر ويستكثر ذلك الاحتفاء الذي اُستقبل به الفريق اول امن مهندس (صلاح عبد الله محمد صالح) الشهير في الاوساط السودانية ب(صلاح قوش)، المدير الاسبق لجهاز الامن والمخابرات الوطني، والمشارك ابرز في انقلاب الحادي عشر من ابريل 2019 على نظام المشير عمر حسن احمد البشير.
# وافقتُ محدثي ومجاوري اللصيق على ما تفضل به من استنكارٍ وامتعاضٍ، بقولي له ان (قوش) لا ينبغي ان يجد هذا الاحتفاء لا لانه انقلب على النظام الذي صنعه، بل لانه فعل في حياته المهنية الكثير مما يستوجب الاعتذار بشكل افضل من مشاركته في الانقلاب الذي كان هو اول ضحاياه، وذلك عندما تخلى عنه الشركاء في اقرب محطة للهبوط، فقذفوا به خارج دائرة الفعل والتفاعل، الا من خلال مشاركات خجولة في مناسبات ومجاملات الافراح والاتراح، مع بقايا ذكريات قديمة وثمة تاريخ وطموحات في الزعامة قبل تذهب هذه الطموحات كلها مع الريح.
# لم اكد اضع نقطة على السطر الاخير محفزا ومعضدا لما افتتحت به هذه الزاوية عن امتعاض صاحبي، ذاك، الا ووجدته متسللا الى حيث يوجد (صلاح قوش) مسالما ومعانقا ومطالبا بصورة تذكارية يبدو انه يريد ان يعلقها لاحقا على صالونه الواسع الفسيح بعد ان نؤدي جميعا مباراة العودة في ملاعب الخرطوم عموم ومدني الجميلة ودارفور الحبيبة، حتى يقول للاجيال الجديدة ان صلاحا هذا قد كان احد اسباب رفاهيتنا في عهد الحكم الرشيد، لا احد جلادي تلك الفترة.!
# لم اكن في حاجة لبرهان او ياسر عرمان لكي احتفظ بزعمي باننا، كسودانيين، نمتلك ذاكرة سمكية لا تقبل المنافسة، لذلك لا نحس بأي وجع عندما نعانق احد جلادينا وكأنه وزير الترفيه، لا مدير جهاز المخابرات الذي ابتدع في آخر ايامه قبل ان يرثه حميدتي ومن شاركه في السلطة، تلك الحملة المضرية على من اسماهم (القطط السمان)، الذين حشد بهم الزنازين والحراسات الباردة لا لسبب غير انهم اغنياء فكان يجلد من لا يملكون ظهورا على بطونهم حين اراد خنق النظام من رقبته وامساكه من يده التي توجعه فحاربه في معاش الناس وفي الدقيق والدولار والمحروقات فلم تسلم منه حتى اموال المودعين في البنوك الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة وحرمهم من اموالهم التي كانت تُصرف لهم بالقطارة الى ان صنع اعتصام القيادة العامة ونجح في تغيير النظام.. صلاح قوش الذي فعل كذلك في الشعب السوداني صار (واحد من الناس) يقابله الخاصة والعوام بصكوك الغفران ولكن ما يظهر على هيئته يؤكد بان الرجل يمشي بين الناس بعقدة الذنب،
وما من ذنب اقسى من ان تحبس انسانا انت تعرف اكثر من غيرك انه برئ ثم تساومه على دفع المال لكي يشتري حريته، ثم تطلق سراحه بلا شرطة ولا نيابة ولا محكمة بعد تشويه سمعته ومصادرة حريته ! الا يستوجب ذلك اعتذارا علنيا يا صلاح قوش.. ؟
ثم توضيحا كذلك عن كيفية دخول تلك الاموال الضخمة الى خزينة الدولة وبأي قانون فعلت ذلك.. يجب ان تبرئ ساحتك قبل ان تذهب الى القبر، مثلما ذهب اليه الجلاد الاشهر في مصر والعالم العربي، بطل انحرافات جهاز المخابرات العامة في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر (صلاح نصر).. لن تُرفع لنا راية ما لم نعترف بالاخطاء ونُنزل كل واحد منا منزلته.
ايمن كبوش
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: صلاح قوش
إقرأ أيضاً:
هل يحتكر شهر رمضان روحانيتنا؟
منذ أن كنتُ طفلًا، كنت أرى الناس يتدفقون إلى المسجد القريب من منزلنا بمجرد ما يأتي شهر رمضان، وجوه أراها للمرَّة الأولى، وأصدقاء أعرفهم لم يأتوا للصلاة في هذا المسجد من قبل، ربما باستثناء صلاة الجمعة. كنت دائمًا أتساءل عن هذا الأمر. لماذا يأتي هؤلاء الأشخاص للصلاة فقط في رمضان؟ ولماذا يعود المسجد للحالة المعتادة حين ينتهي الشهر؟ الآن أصبح بإمكاني وضع مقدمات لتفسير هذا الأمر وفق منظوري الاجتماعي، ذلك لأن هذه الظاهرة نالت انتباه الكثير مثلي، بل لنتعدى موقف السخرية والنكتة في ردّة فعلنا تجاهها.
وللإجابة عن التساؤلات أعلاه يستوجب طرح بعض نواتج هذه الظاهرة، ثم تحليل ما يمكن تحليله. مجرد التباين بين بقية الأشهر وشهر رمضان في هذا الموضوع يشير لوجود بعض من العوامل الإيجابية والسلبية التي تسبّب مثل هذه الظاهرة. فمن الجليّ أن زيادة العبادة والروحانية تستدعي أداء الصلوات في المساجد خلال الشهر الفضيل. كما أن التقارب بين العبد والمعبود يزداد، علاوة على أن الإفطار الجماعي الذي يقام في المساجد عامل قوي. بالرغم من كل هذه الإيجابيات ما زالت هذه المسألة تستثيرني. ففي الجانب الآخر هناك أسباب أخرى بديهية، مثل غياب الشهر ذاته، حيث تقلّ المحفّزات التي تدفع الناس للصلاة في المساجد والتهجد وغيرها من العبادات، تقلّ بغياب الأجواء الرمضانية. كما أن الروتين المعتاد قبل رمضان يعود بمجرد ما ينتهي الشهر، وهو ذاته الذي يجعل من الالتزام الديني بالصلاة في المساجد أمر أكثر صعوبة في الشهور الأخرى، وهذا يأخذنا إلى السبب التالي، وهو عدم وجود عادة دينية قوية تدفع الناس إلى عدم الاستمرار في العبادات بالحماس نفسه الذي يولونه في الشهر المبارك.
لكن العامل الأهم من وجهة نظري قد يُعزى إلى «التديُّن الموسمي»، أي تلك الزيادة الروحانية في شهر رمضان بشكل خاص، الروحانية المدفوعة بسبب الأجواء العامة في المجتمع، وبمجرد ما ينتهي الشهر ينتهي هذا الشعور الجمعي. بكل تأكيد لشهر رمضان خصوصيّته الدينية لدينا جميعًا، يكفي أن القرآن الكريم أُنزل في حضرته، لكن هذه تساؤلات مثيرة ترافق ظاهرة مثيرة أيضًا. على ما يبدو أننا نرى هنا بوادر انتقال التديُّن ليكون عادة أكثر منه التزام دائم. وقد تفيدنا دراسة أجريت في العام الماضي بجامعة برنستون أثبتت أن القيم الأخلاقية تتغير باختلاف المواسم.
لماذا يبدو وكأن شهر رمضان يحتكر روحانيتنا؟ خاصةً مع وجود ما يسمى الآن بالروحانية الجديدة التي تنطلق من روحانية إنسانية لا يكون شرطها التديُّن، لكنه جزء أساسي منها. إذن، الدين وفق هذا المنظور لا يشكِّل المصدر الوحيد للروحانية، بالتالي هذا يزحزح علَّة أن رمضان يزيد من روحانية الناس، بل هذه الروحانية متاحة للجميع طوال الوقت لمن ابتغاها. يقول الفيلسوف والمترجم فتحي المسكيني أن الإيمان الحرّ يرتبط بالروح مباشرة، بكينونة الروح. هذه الروحانية الجديدة فردية، بينما الروحانية الدينية فعلٌ جماعي متعارف عليه وقديم، وهو بالذات ما يحدث في رمضان، أي ما يثبت حدوث تغيُّر اجتماعي من نوعٍ ما.
سوسيولوجيًا، هناك عدّة عوامل تستنبَط من الواقع الاجتماعي. ويبدو العامل الأول واضحًا في الضغط الاجتماعي المُمارس على الناس من قِبل الناس، أعني أن شهر رمضان هو شهر الروحانيات والتعبد على مستوى المجتمعات الإسلامية، بناءً على ذلك يتوقع الجميع من الجميع أن يحضروا للمساجد، هذا يشكِّل عامل ضغط يدفع الجميع أو الأغلب في رمضان لتلبية هذه التوقعات، وهذا يتفق مع ما قاله عالم الاجتماع إرفينغ غوفمان وفق نظرته في التفاعلية الرمزية من أن جزءا من التفاعلات الاجتماعية قائمة على توقعات Expectations، أي أن الأفراد في المجتمع يؤدون أدوارًا مختلفة ويتكيفون مع المطلوب منهم اجتماعيًا، وذلك لتفادي الضريبة الاجتماعية.
إضافةً لما سبق، قد يكون شهر رمضان أكثر اجتماعيّة فيما يخص العبادات؛ إذ يكون الالتزام الديني في العلن أوضح وأكثر بروزًا في رمضان مقارنة بالشهور الأخرى، حيث يصبح الذهاب للمسجد فعلًا اجتماعيًا بتبعاته المختلفة. بينما تميل العبادات في الشهور الأخرى إلى الفردانية، أي تصبح ممارسة فردية أكثر من كونها جماعية.
كما لا ننسى ذلك الشعور الطاغي بالإنجاز الذي يرافق شهر رمضان، حيث يشعر الناس بأنهم قد أدُّوا واجبهم الديني عبر التعبُّد المكثف والصلاة في أوقاتها، لكن هذا الشعور يخفت بعد انتهاء الشهر، وتنتفي الحاجة إلى هذه السلوكيات بعد ذلك وينتهي الالتزام، بغض النظر إن كان هذا مقصودًا أم لا.
بعد هذا كله، هناك ما يدلُّ من القرآن الكريم على أن التدين والروحانية لا تقيَّد بمكان وزمان، كقوله تعالى في الآية 103 من سورة النساء: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)، وكذلك الآية رقم 99 من سورة الحجرات: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).