“مستويات شبه تاريخية”.. ماذا يحدث للبيض في العالم؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
بلغت أسعار البيض مستويات “شبه تاريخية” في العديد من أنحاء العالم مع اقتراب عطلة الربيع التي يتزايد فيها الطلب، فضلا عن أسباب أخرى.
وفقًا لتقرير من وكالة أسوشيتد برس، يعزى ارتفاع أسعار البيض إلى عدة عوامل، منها فيروس إنفلونزا الطيور وارتفاع التكاليف على المزارعين.
وعلى الرغم من أن المستهلكين يعانون حاليًا من صدمة بسبب ارتفاع الأسعار، إلا أن الأزمة في العام الماضي كانت أكثر حدة.
في الولايات المتحدة، بلغ متوسط سعر 12 بيضة 2.99 دولار في فبراير، وهو انخفاض عن 4.21 دولار في العام الماضي، وفقًا لبيانات حكومية. ومع ذلك، فإن هذا السعر يزيد بكثير عن المبلغ الذي كان يدفعه المستهلك في فبراير 2021 والبالغ 1.6 دولار.
وأوضح ديرك مولدر، الخبير في أبحاث الغذاء والأعمال الزراعية، أن أسعار البيض في أوروبا تقل بنسبة 10 إلى 15 في المئة عن العام الماضي، ولكنها لا تزال تشكل ضعف ما كانت عليه في عام 2021.
أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار البيض هو انتشار فيروس إنفلونزا الطيور، حيث تم الإبلاغ عن تفشي المرض في أوروبا وأفريقيا وآسيا في عام 2020، ووصل إلى أمريكا الشمالية في عام 2021.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، نفقت أو تم إعدام أكثر من 131 مليون دجاجة في مزارع متضررة في عام 2022 وحده.
في جنوب أفريقيا، بلغ سعر 6 بيضات 1.34 دولار فقط في الشهر الماضي، وهو زيادة بنسبة 21 في المئة عن فبراير 2023، بعد نفوق 40 في المئة من الدجاج في نهاية العام الماضي بسبب إنفلونزا الطيور، بحسب مولدر.
وحتى عندما تتبدد إنفلونزا الطيور، فقد يستغرق الأمر وقتا حتى يستقر سوق البيض.
وقالت رئيسة منظمة متخصصة في تسويق البيض بالولايات المتحدة، إميلي ميتز، إن دورة الدواجن تستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر، مشيرة إلى أنه “خلال تلك الفترة، تقل إمدادات البيض وترتفع الأسعار”.
ارتفاع التكاليف
قد يكون من الصعب على المزارعين الحصول على أرباح جيدة خلال فترات التضخم، إذ ارتفعت أسعار علف الدجاج بما يصل إلى 70 في المئة، مما يرفع التكاليف.
وأدت عوامل أخرى، مثل الطقس واضطرابات الشحن المرتبطة بفيروس كورونا، ثم الحرب في أوكرانيا، إلى تضاعف أسعار العلف منذ عام 2020.
وتضاعف سعر “كرتونة” البيض في مصر منذ ذلك الحين حوالي خمس مرات، بسبب ضعف العملة وارتفاع أسعار الأعلاف التي يستورد معظمها من الخارج مع شح في العملة الصعبة، مما جعل بعض المزارع تغلق أبوابها.
وفي نيجيريا، تضاعفت تكلفة صندوق البيض منذ بداية العام بسبب ضعف العملة وإلغاء دعم الوقود وارتفاع التكاليف على المزارعين.
ونفذت حكومة ولاية لاغوس، أكبر مركز اقتصادي في نيجيريا، برنامج دعم لمساعدة المستهلكين على التعامل مع ارتفاع تكاليف البيض.
ويرى الخبير الاقتصادي في مجال تسويق الماشية والأغذية بجامعة “تكساس إيه آند أم”، ديفيد أندرسون، أن أسعار البيض ستستقر في نهاية المطاف.
وقال: “على المدى القصير، فإن الطلب في العطلات مثل كل عيد فصح يتزايد، ثم سيتراجع الطلب مع دخول الصيف. وفي الوقت نفسه، فإن تحسين إجراءات الأمن البيولوجي من شأنه أن يساعد في تخفيف تأثير إنفلونزا الطيور”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: إنفلونزا الطیور العام الماضی أسعار البیض فی المئة فی عام
إقرأ أيضاً:
“خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”
كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب. وكان تبني الدستور الإسلامي بمثابة الشرارة الأولى التي عمّقت الصراع مع الجنوب، وزادت من تعقيد العلاقات بين التيارات السياسية المختلفة.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.
زهير عثمان
zuhair.osman@aol.com