نعمة يغفل عنها الكثيرون.. من امتلكها حيزت له الدنيا بحذافيرها
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
من أعظم النعم التى لا تعد ولا تحصى، والتي هى تاج عظيم على رؤوس الأصحاء لا يعرف قدرها إلا المرضى، هي نعمة العافية لا يعدلها شيء، فإذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك وعافيته بك فاذهب إلى أقرب مستشفى أو مركز صحي لترى العجب والعجاب وهنا ستعلم جيداً أن العافية لا يعدلها شيء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).
وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) رواه ابن ماجه.
ولما علمت عائشة رضي الله عنها أفضلية سؤال الله العافية قالت: لو علمت أي ليلة ليلة القدر لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية.
3 أمور من امتلكهم فقد حيزت له الدنيا بحذافيرهاالانسان وهو معافي يتمني كل شئ في الدنيا لكنه عندما يمرض يتمني أمر واحد فقط وهو “العافية”، فالعافية لا يعدلها شئ من نعم الدنيا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (( من اصبح منكم آمن فى سربه معافا فى بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))، ذكر 3 أمور وهم ..
1- آمن في سربه
2- معافا في بدنه
3- عنده قوت يومه
فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها،
فاللهم انا نسالك العفو والعافيه في دينا ودنيانا وعاقبه امرنا.
اللهم احفظنا واهلينا من كل مكروه وسوء واشف كل مريض.
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».
تستغفر لك الملائكة ويزيد من عمرك.. حاول اغتنام هذا العمل في رمضان صلاة تجعل بيتك يشع نورا في رمضان يراه أهل السماء.. لا تتركها طول الشهر مش بعرف أدعي في رمضان.. صيغة واحدة بسيطة علمها النبي للسيدة عائشة تسبب العمى.. حركة في الصلاة حذر منها النبي إياك أن تفعلها بالتراويح نعمة العافيةفعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عباس، يا عم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الدعاء بالعافية) رواه الحاكم وابن أبي الدنيا، وروى العباسُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: (سَلْ اللَّهَ الْعَافِيَةَ) فَمَكَثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: (يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ سَلْ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) رواه الترمذي.
تأملوا فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ بِالدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ بَعْدَ تَكْرِيرِ الْعَبَّاسِ سُؤَالَهُ بِأَنْ يُعَلِّمَهُ شَيْئًا يَسْأَلُ اللَّهَ بِهِ، فهذا دَلِيلٌ جَلِيٌّ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ لا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنْ الأَدْعِيَةِ وَلا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْكَلامِ الَّذِي يُدْعَى بِهِ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
وعلى الإنسان ان يردد دعاء الرسول للإستعاذة من الأمراض فالحمد لله أولاً وآخراً وله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كذلك يجب على الإنسان كل يوم ان يحمد الله الذي عافاه فى بدنه ورد عليه روحه ويردد دعاء حفظ النعم حتى يديم الله عليه النعم ومن أعلى هذة النعم هى العافية فهى من أكرم المنن، ومن أفضل ما يهبه الله تعالى للإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الناس لم يعطوا بعد اليقين خيراً من العافية»، فنعمة العافية من خير ما يعطى المرء في الدنيا والآخرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى أن يعافيه فيقول: «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دعاء حفظ النعم النبی صلى الله علیه وسلم ال ع اف ی ة
إقرأ أيضاً:
الوفاء وحفظ الجميل
من أهم الأخلاق التي حث عليها ديننا الحنيف الوفاء وحفظ المعروف ورد الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان , والمكافأة للمعروف بمثله أو أحسن منه والدعاء لصاحبه، قال الله تعالى : { وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}, وقال تعالى: { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} .
وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ". ( أحمد والترمذي وابن حبان ) . وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ". ( أحمد وأبو داود والنسائي).
بهذا بدأ حديثه حول الوفاء وحفظ الجميل وأ قائلا:
إن الوفاءَ وحِفظَ الجَميلِ خُلُقٌ جليلٌ ؛ بل هو من أخلاقِ الأوفياءِ الكِبارِ ؛ الذين لا ينسونَ المعروفَ ولو طالَتْ بهم الأعمارُ ؛ فلا يزالُ الكريمُ أسيرًا لصاحبِ الجميلِ؛ يُظهرُ له الوِدَّ ويُمطرُه بالثَّناءِ الجزيلِ .
وأما اللَّئيمُ فهو يتجافى عن أصحابِ العطايا الكبيرةِ ؛ لأنَّه يظُنُّ أنَّهم إنما أحسنُوا إليه لمصالحِ الدُّنيا الحقيرةِ .
وصدقَ الشَّاعرُ:إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ * وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا
فهناكَ أُناسٌ قد اصطفاهم ربُّ العالمينَ، ليسَ لهم همٌّ إلا سعادةَ الآخرينَ، وليسَ لهم شُغلٌ إلا مساعدةَ الآخرينَ، فهم لغيرِهم بينَ سعادةٍ ومُساعدةٍ، لا يريدونَ من أحدٍ جزاءً ولا شُكورًا، وإنما يخافونَ من ربِّهم يومًا عبوسًا قمطريرًا ؛ يضعونَ بينَ أعينِهم: " اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى مِنْ هُوَ أَهْلُهُ، وَإِلَى مِنْ لَيْسَ أَهْلَهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلَهَ، فَهُوَ أَهْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلَهَ، فَأَنْتَ أَهْلُهُ " . ولسانُ حالِ أحدِهم:
ازرعْ جميلًا ولو في غيرِ مَوضعهِ * فَلا يضيعُ جميلٌ أينما زُرِعا
إنَّ الجميلَ وإن طالَ الزمانُ بهِ * فليسَ يَحصدُهُ إلا الذي زَرَعا
ولقد ضربَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ في الوفاءِ من المثالِ أجملَه، ومن النصيبِ أكملَه، ومن ردِّ الجميلِ أحسنَه وأعدلَه؛ ودلائل وفاءه صلى الله عليه وسلم لا تنتهي عند المواقف والأحداث التي كان يفي فيها بما التزمه، فقد شهد له أعداؤه بأنه يفي بالعهود ولا يغدر، فحين لقي هرقل أبا سفيان، وكان أبو سفيان على عداوته لمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ سأل هرقل أبا سفيان عن محمد صلى الله عليه وسلم عددًا من الأسئلة، كان مما سأله فيه قوله: فهل يغدر؟. قال لا !!
للوفاء وحفظ الجميل صور ومجالات عديدة تشمل جميع فئات المجتمع ومن ذلك :
الوفاء ورد الجميل للوالدين: فالوالدان قد تحملا المشقة في الإنجاب والرعاية والتربية والتعليم؛ وإن من باب الوفاء رد الجميل لهما الذي قدماه لنا صغارًا ؛ فهما في حاجةٍ إليه كبارًا ؛ فهذا حبيبكم صلى الله عليه وسلم يحن شوقًا ووفاءً إلى أمه وعيناه تزرفان!! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ. فَقَالَ:” اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي؛ وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي؛ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ.”(مسلم)؛ ولم يقتصر وفاؤه – صلى الله عليه وسلم – على أمه الحقيقية فقط بل عمَّ أمَّه من الرضاعة؛ ففي يوم من الأيام كان النبي عليه الصلاة السلام في الجعرانة يقسم الغنائم التي وضعت أمامه، وبينما هو منشغل بتقسيم الغنائم إذا به يلمح أمه من الرضاعة؛ فيخلع رداءه ويضعه أرضًا ويجلسها عليه، ويقول إنها أمي التي أرضعتني!!!
ومنها: الوفاء بين الأزواج: ففي الحديث :" أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ" . (متفق عليه) . فالوفاء بين الزوجين، يجعل الأسر مستقرة، والبيوت مطمئنة، فيكون رابط الوفاء بينهما في حال الشدة والرخاء، والعسر واليسر.
وما أجمل وفاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – لزوجه خديجة؛ فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غِرْتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر ذِكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة، فيقول: ” إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولدٌ.” (البخاري) . وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ على رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ, فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَالَةَ». قَالَتْ: فَغِرْتُ فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ، أَبْدَلَكَ الله خَيْرًا مِنْهَا .”(متفق عليه) .
وعن عائشة ، قالت : جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي ، فقال : لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أنت ؟ » قالت : أنا جثامة المزنية ، فقال : « بل أنت حسانة المزنية ، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ » قالت : بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فلما خرجت قلت : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ فقال : « إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان » .(الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) يقول النووي “في هذا كله دليلٌ لحُسن العهد وحفظ الوُدّ، ورعاية حُرمة الصاحب والعشير في حياته وبعد وفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب”.
ومنها: الوفاء مع الأقارب: فها هو صلى الله عليه وسلم يرد الجميل لعمه أبي طالب الذي تكفل بتربيته بعد وفاة جده عبد المطلب , فلا ينسى له ذلك , فحينما يتزوج السيدة خديجة رضي الله عنه يأخذ ابن عمه عليًا في كنفه ورعايته ردًا لجميل عمه ومساعدة له . وحينما حضرت الوفاة عمه أبا طالب كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على أن يموت على الإسلام فأبى إلا أن يكون آخر كلامه: على ملة عبدالمطلب. فحزن صلى الله عليه وسلم عليه حزنًا شديدًا ؛ ودعا الله أن يخفف عنه العذاب. فعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ. هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ. وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ". (البخاري). فهذه شفاعةٌ خاصةٌ لعمِّه الذي دافعَ عنه وحماهُ، وردًا للجميل ؛ ولولا الكُفرُ لشفعَ له حتى نجاه من العَذَابِ .
قائلا:
ومنها: الوفاء مع غير المسلمين: فبعدَ عَودةِ النَّبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- وبصحبتِه زيدُ بنُ حارثةَ من الطَّائفِ، وقد لَقيَ من ثَقيفٍ ما لقيَ من الإيذاءِ والضَّربِ بالحجارةِ، قَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَى قُرَيْشٍ وَهُمْ أَخْرَجُوكَ؟، فَقَالَ: "يَا زَيْدُ إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ"، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى حِرَاءٍ فَأَرْسَلَ رَجُلاً مِنْ خُزَاعَةَ إِلَى مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ يَسْأَلُهُ: "أأَدَخُلُ فِي جِوَارِكَ؟"، فَقَالَ: نَعَمْ، وَدَعَا بَنِيهِ وَقَوْمَهُ فَقَالَ: تَلَبَّسُوا السِّلاَحَ، وَكُونُوا عِنْدَ أَرْكَانِ الْبَيْتِ فَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَامَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّدًا فَلاَ يَهِجْهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَانْتَهَى صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَوَلَدُهُ مُحِيطُونَ بِهِ. (طبقات ابن سعد).
وبعدَ سنواتٍ من هذه الحادثةِ هاجرَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إلى المدينةِ، ثُمَّ ماتَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ على الشِّركِ قبلَ غزوةِ بدرٍ، وفي يومِ بدرٍ نصرَ اللهُ المسلمينَ، وأُسرَ من المشركينَ سبعينَ، وفي هذا الموقف تذكر صلى الله عليه وسلم موقف المطعم بن عدي والجميل الذي قدمه وذلك من باب الوفاء؛ فعن جُبير بن مُطعِمٍ بنِ عَدِيٍّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: "لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ". (البخاري).أي لأطلَقَهم له جميعًا دونَ فديةٍ، ردًّا للجميلٍ الذي كانَ منه في مكةَ.
ومنها: الوفاء للوطن الذي نعيش فيه: وذلك بالحفاظ على معالمه وآثاره ومنشآته العامة والخاصة؛ والحفاظ على مياه نيله التي تربينا عليه وروينا منها أكبادنا !! وعدم الإفساد في أرضه؛ أو تخريبه وتدميره؛ وعدم قتل جنوده وحراسه الذين يسهرون ليلهم في حراستنا وحراسة أراضينا!! والذين تمتد إليهم يد الغدر والخيانة بين الحين والحين!! فعن الأصمعي قال: ” إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه.” ( الآداب الشرعية لابن مفلح).
إن الوفاء يتَّخذُ أشكالاً وألواناً عديدةً، فهو أشبهُ بأنواع الزُّهور، فعبيرُ كلِّ واحدةٍ منها يختلفُ عن عَبير الأُخرَيات؛ ويكفي القلادة ما أحاط بالعنق!! فعلينا أن نكون أوفياء في كل صور الوفاء ومجالاته .
إننا بحاجة ماسة إلى خلق الوفاء وحفظ الجميل؛ لكل مَن له علينا معروف، والحذر مِن نكران الجميل؛ فإنه خبث في الطبع، وحمق في العقل . قال بعض العقلاء: "تعلموا أن تنحتوا المعروف على الصخر، وأن تكتبوا آلامكم على الرمل؛ فإن رياح المعروف تذهبها!". وهذه قصة لطيفة في هذا المضمون: والقصة تبدأ عندما كان هناك صديقان يمشيان في الصحراء ، خلال الرحلة تجادل الصديقان فضرب أحدهما الآخر على وجهه. الرجل الذي ضُرب على وجهه تألم ولكنه دون أن ينطق بكلمة واحدة؛ فكتب على الرمال: اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي. استمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن يستحموا. الرجل الذي ضُرب على وجهه علقت قدمه في الرمال المتحركة و بدأ في الغرق، ولكن صديقة أمسكه وأنقذه من الغرق. وبعد أن نجا الصديق من الموت قام وكتب على قطعة من الصخر: اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي. الصديق الذي ضرب صديقه وأنقده من الموت سأله: لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال؛ والآن عندما أنقذتك كتبت على الصخرة ؟! فأجاب صديقه: عندما يؤذينا أحد علينا أن نكتب ما فعله على الرمال؛ حيث رياح التسامح يمكن لها أن تمحيها، ولكن عندما يصنع أحد معنا معروفًا فعلينا أن نكتب ما فعل معنا على الصخر؛ حيث لا يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن يمحوها .
فتعلموا أن تكتبوا آلامكم على الرمال لتمُحى؛ وأن تنحتوا المعروف على الصخر ليُحفظ الجميل ؛ لأن أقسى شيء على نفس الإنسان؛ أن يُقابل جميله بالنكران؛ ومعروفه بالكفران.
فيا أهلَ الإسلامِ: دينُّكم دينُ الوفاءِ؛ ونبيُّكم أوفى الأتقياءِ؛ فتمسكوا بدينِكم واقتدوا بنبيِّكم؛ وكونوا مضربَ مثلٍ لسائرِ الأممِ في الوفاءِ؛ فإن كثيرًا منهم قد فَقَدَ الوفاءَ في الأحبابِ؛ ولم يجده إلا عندَ الكلابِ.
إن الوفاء خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة؛ وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان؛ والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع؛ وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته.