رأي اليوم:
2025-03-07@03:06:32 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT

المعلم العربي لم يعد رسولاً

علي الزعتري أتذكر أستاذي لِلْلُّغةِ العربية أحمد أبو شاربين بمدرسةِ حوَلِّي المتوسطة في الكويت حينما كان يشرح، أو يسرح، حول محبة الوالد لأبناءه و إيثارهم على نفسه.  قالَ يوماً كيف أن الأب قد يلبس مقطوعَ الثياب ليلبس ولده جميلها. أتذكرهُ بكل شغفٍ و إكبارٍ. يلتقي الأستاذ أحمد أبو شاربين و الأستاذ سليمان محمد عبد الحميد، و هو من صفط بمصر، عند مهنة التعليم و تجربةِ قساوةِ الحياة و لو اختياراً.

و قد خَلَّدَهما أمير الشعراء أحمد شوقي حين قالَ أن المعلم كاد يكون رسولاً.  و يلتقيان في أنهما من أمة العرب التي في زماننا سلبت المعلمَ مكانتهُ فالمعلمُ الذي نظرياً هو صاحبَ رسالةٍ ساميةٍ ليس أقلُّها أننا نأتمنهُ على ذرياتنا، صار منذ زمنٍ صاحبَ ضيقَ معيشةٍ معنويةٍ و ماديةٍ. المعلميْنِ هما الآن في ذمة الرحمن و في هذه المقالةِ سيعودان للذاكرة العامة مثلاً سامياً و دعوةً للتغيير.  فلم يكتفِ الأستاذ سليمان بالتعليم بل كان يعمل بمهنةٍ إضافيةٍ تعلمها منذ الطفولة و مهرها و هي البناء فكانت عنوان حياته مثل التعليم. و لم يكن أستاذي أحمد محتاجاً لكنه كان مجاهداً، و المعلم بنَّاءَ أجيال. لقد ربينا نحترم المعلم و كنا ندرك أن المعلم يبذل ليعطينا علماً. لهذا لا نزال نتذكرهم و نترحم عليهم. و كم من أحمدٍ و سليمانٍ في طول أوطاننا و عرضها. ننتقلُ من الفكرةِ المَثَلَ للأعَمَّ في حياتنا في زماننا الأغبر.  لقد خُلِقنا سواسيةً ثم الدنيا بما فيها صَيَّرتنا بما يميزنا أو يفرقنا عن بعضنا البعض و هي سُنَّةَ الله في الخلق و توزيع الأرزاق. نعم هكذا هي الحياة و قسمتها بين الناس و ليس من الممكن أن يتساوى البشر.  في أغنى و أكثر البلاد تقدماً لا يجني المعلم أكثر من كثيرٍ من العاملين لكنهُ بالتأكيد لا يفقر أو يعجز عن أن يعيشَ كريماً و محترماً و مطمئناً على حياتهِ أثناء عملهِ و بعد تقاعده. أغلبيةُ المعلم العربي لا تشعر بهذا الاطمئنان لا في المُسَمَّى الوظيفي و لا في الدخل المادي.  و يزيد العبء على المعلم عندما تتوارى مخصصات التعليم عن تحسين البيئة التعليمية و تتجه للزخرف و كأن حكوماتنا تبني قصوراً من ورق تطليها بالذهب.  إنها قصةَ مجتمعاتنا ودولنا التي في الغالب لا تمنح مهنة التعليم الدرجة الرفيعةَ التي تستحقها هذه المهنة النبيلة إلا بصورتها التعبيرية المثالية المنفصلة عن حال الواقع. النتيجة الملموسة هي ما نسمعهُ عن التهوين من مقام المعلم و حتى الاعتداء عليهم من قبلِ طلبتهم و أهاليهم. لا شك أن المستوى التعليمي العربي متفاوتٌ بين الصعيدين الوطني والإقليمي وبداخلهما من حيث مدخلات التعليم ومخرجاته. الفوارق المفجعة ظاهرة بين تعليمٍ ثريٍّ و فقيرٍ، و عامٍ و خاصٍ و خاصٍ جداً، و تعليمٌ ينتج جهلاً ملتبساً التعليم و آخر ينتج تعليماً ملتبساً الانفصام عن واقع سوق العمل.  و نرى في ذات الوطن مدارس شيدت بأفضل التقنيات و مدارس يفترش فيها التلاميذ الأرض و يشتركون بالأقلام و يعانون حراً و برداً. هذه ليست مبالغةً أو تهويلاً بل حقيقةً نلمسها و نعرفها. و لا شك أن العرب لا يفتقرون للطلبةِ النابهة و المعلمين الأكفاء و لا للمتخرجين النوابغ الحاصلين على تعليمٍ متميز، و لكن لا يمكن التخفيف من درجة ضياعَ المهارات التعليمية بسبب سوء أو فقر مدخلات التعليم. النموذجين ظاهرين لمن يرى. ليس هذا بحثاً علمياً ليتتبعَ الاحصائيات المنشورة عن رواتب المعلمين و الصرف من الدخل القومي على التعليم و هي متاحةٌ لكنها مقالةٌ تريدُ جذب الانتباه و عاجلاً للتعليم و المعلمين و لتحثَ على رفع التقدير المادي والمعنوي لهم و للتعليم و التربية كاستراتيجيةَ بقاء لهذه الأمة. الواعي من أولي الأمر و قادة الفكر و مسؤولي التعليم يجب أن يدركوا أن المعلم و التعليم العربيين ليسوا بخير.  و أن لا نهضةَ من دون أخذ التعليم والمعلم خاصةً في المستويات التعليمية التأسيسية لنطاقات عالية بل أعلى من غيرها في الاستثمار و التجويد.  الأمثلة في العالم واضحةٌ لمن يريد من يابان القرن التاسع عشر في إمبراطورية ميجي و لسنغافورة الستينات و للعدو الصهيوني منذ أسسهُ الاستعمار.  تلك أمثلةٌ من الماضي حوَّلتْ اليابان و سنغافورة و مثلٌ حاضرٌ كطعنةٍ في القلب هو سعي العدو للتميز العلمي دون توقف. دبلوماسي أُممي سابق الأردن

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

فاجعة تهز مدرسة بالمنيا: وفاة معلم يفارق الحياة أثناء شرح الدرس لطلابه

خيمت أجواء الحزن والصدمة على مدرسة 25 يناير الإعدادية بنات بمدينة المنيا، بعد أن فقدت معلم اللغة الإنجليزية، أحمد رجب (57 عامًا)، حياته بشكل مفاجئ أثناء شرح الدرس داخل الفصل، في رابع أيام شهر رمضان المبارك.

بدأت القصة المؤلمة عندما انهار المعلم فجأة أمام أعين الطالبات الصائمات، اللاتي حاولن إسعافه في حالة من الذعر والصراخ، هرع المعلمون إلى الفصل ليجدوا زميلهم ملقى على الأرض، وقد فارق الحياة.

حاول المعلمون جاهدين إسعاف زميلهم، بينما سيطرت حالة من الهلع والبكاء على الطالبات اللاتي شاهدن هذا المشهد المؤثر. تم استدعاء سيارة الإسعاف على الفور، ولكن القدر لم يمهل المعلم، ليلقى ربه وهو يؤدي رسالته السامية.

ووسط حالة من الذهول، أكدت الطالبات أن معلّمهن كان قبل لحظات يودعهن بابتسامة، ويشرح لهن الدرس بكل تفانٍ وإخلاص.

خيم الحزن العميق على مدرسة 25 يناير، حيث فقدت طالباتها ومعلموها زميلًا وإنسانًا فاضلًا، ودعوا له بالرحمة والمغفرة في هذا الشهر الفضيل، وتضرعوا إلى الله أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

تم تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيق في ملابسات الحادث.

مقالات مشابهة

  • المنصور: الفصول الثلاثة أحدثت هدرًا وقللت من تركيز الطلاب ..فيديو
  • إتاحة استيفاء ملف ترقي المُعلمين عبر هذا الرابط .. الأحد
  • تعليم مطروح: حراك مجتمعي بجميع الإدارات التعليمية للتعريف بنظام البكالوريا
  • الشرع: سوريا جزء من الحضن العربي وخاصة مصر
  • فاجعة تهز مدرسة بالمنيا: وفاة معلم يفارق الحياة أثناء شرح الدرس لطلابه
  • أحمد موسى: العالم العربي يدافع عن قرارات تحترم سيادة الشعب الفلسطيني
  • وكيل تعليم قنا يشهد احتفالية «يلا نفرح إبنى وإبنك» التي نظمتها وحدة وحدة التواصل ودعم المعلمين
  • نائب الشيوخ: مصر أعادت تشكيل المشهد السياسي العربي في لحظةٍ حرجة
  • مدير تعليم الفيوم يفتتح البرنامج التدريبي"الذكاء الاصطناعي في التعليم"
  • خبير علاقات دولية: القمة الطارئة بالقاهرة تعكس الموقف العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين