بعد اعتزامهما إقامة منطقة لوجيستية.. بم تتميز استثمارات تركيا في مصر؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
القاهرة – انضمت تركيا إلى قائمة المستثمرين الأجانب في مصر بعد أسابيع قليلة من توصل القاهرة إلى سلسلة اتفاقيات مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومن قبلهم الإمارات على حزمة قروض ومساعدات واستثمارات بقرابة 60 مليار دولار أعادتها إلى خريطة الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.
وأعلنت وزارة النقل المصرية، الجمعة الماضية، توقيع مذكرة تفاهم لوضع حجر الأساس لإنشاء منطقة صناعية ولوجيستية تركية في المنطقة الاقتصادية بميناء جرجوب بمحافظة مطروح شمالي غربي البلاد على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
يستهدف المشروع ضخ أكثر من 7 مليارات دولار استثمارات مباشرة في مراحله كافة، وتوفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل، وفقًا لبيان رئاسة مجلس الوزراء المصرية عبر حسابها على موقع فيسبوك.
لماذا ميناء جرجوب؟
وأشار البيان إلى أن المشروع يأتي في إطار خطة الحكومة المصرية لاستغلال موقع الميناء الإستراتيجي لتنفيذ عدة مشروعات من خلال التحالف لتصميم وإنشاء وإدارة وتشغيل ميناء تجاري ومناطق حرة ولوجيستية، وربطها بشبكة السكك الحديدية ومحطة بضائع متعددة الأغراض ومحطة ركاب و"مارينا يخوت" ومنطقة صناعية.
من المخطط أن يسهم ذلك في زيادة حجم التجارة مع الدول الأفريقية، وإنشاء ظهير لوجيستي لصناعات تكميلية وصناعات القيمة المضافة، وأنشطة التخزين لأنواع البضائع كافة باستخدام المساحة الهائلة غير المستغلة خلف الميناء، وجذب الاستثمارات العالمية للقطاعات الاقتصادية كافة، وإقامة مراكز سياحية عالمية.
وميناء جرجوب، الذي يقع على بعد 70 كلم غرب مدينة مرسي مطروح، هو أحد المشروعات الجديدة التي تنفذها مصر على 3 مراحل بتكلفة إجمالية تبلغ 10 مليارات دولار خلال 10 أعوام.
ويتمتع الميناء بموقع إستراتيجي، وهو الأقرب إلى سواحل أوروبا، ويربط قارة أوروبا بأفريقيا، ويأتي ضمن خطة تطوير وتنمية الساحل الشمالي الغربي لمصر.
ووفق البيان، تعد نقطة البداية للمشروع هي تشغيل محطة متعددة الأغراض (حاويات، والصب الجاف، وصب سائل، وبضائع عامة) ومنطقة لوجيستية متنوعة فور إبرام العقد المخطط توقيعه قبل نهاية هذا العام لبدء التشغيل أوائل عام 2026.
الأجهزة الكهربائية من صادرات تركيا إلى مصر (الجزيرة) ما حجم استثمارات تركيا في مصر؟ورغم القطيعة السياسية بين أنقرة والقاهرة والتي استمرت أكثر من 10 سنوات، فإن العلاقات التجارية أخذت اتجاها معاكسا ونمت بشكل مطرد، وقفز التبادل التجاري بين البلدين بفضل توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما عام 2007 ليصل الآن إلى 10 مليارات دولار، وفق قول مصطفى دنيزر رئيس مجلس الأعمال التركي المصري بمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي.
وتبلغ الاستثمارات التركية في مصر نحو 3 مليارات دولار، وتوفر 70 ألف فرصة عمل بشكل مباشر، ونحو 100 ألف فرصة عمل بشكل غير مباشر، مع تحقيق عائد إجمالي بقيمة 1.5 مليار دولار سنويا.
ويأمل البلدان بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير/شباط الماضي، هي الأولى منذ 11 عاما، بدعوة من نظيره المصري، أن تمهد الطريق إلى رفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتأمل مصر في إقامة شراكة إستراتيجية مع تركيا، واستقبال استثمارات تركية جديدة في السوق المصري في مختلف القطاعات مثل مجالات الصناعات الهندسية والكيميائية والغذائية والأدوية والتصنيع الزراعي، والمنتجات الورقية والتغليف، والملابس الجاهزة والمنسوجات، والبناء والتشييد، والصناعات الورقية وغيرها من القطاعات، بحسب وزير التجارة المصري.
أجهزة كهربائية تركية معروضة في أحد المتاجر في مصر (الجزيرة) ما ميزة استثمارات تركيا؟يعتقد الباحث في الاقتصاد السياسي ودراسات الجدوى والدراسات التنموية يوسف مصطفى أن "استثمارات تركيا في مصر ليست بالجديدة وممتدة منذ عام 2007، وهي مميزة عن غيرها من الاستثمارات، حيث تتركز في مجالات الصناعة كافة والتجارة، وتمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصري، وتركز على الإنتاج والتصدير، وهي بعيدة نوعا ما عن الاستثمار العقاري الذي تحترفه دول الخليج أو شراء الأصول".
وبشأن اختيار منطقة جرجوب على ساحل البحر المتوسط بالقرب من مرسى مطروح ومدينة الحكمة الجديدة، أوضح مصطفى أن المكان إستراتيجي وقريب من أوروبا وأفريقيا، ويعتبر بوابة للتصدير وقريبا من المدن والموانئ الجديدة التي تنفذها مصر بالشراكة مع آخرين لتحويلها إلى منطقة جذب سكاني كبيرة.
لم يستبعد الخبير الاقتصادي، في تعليقه للجزيرة نت، أن تكون الاستثمارات التركية جزءا من ربط المصالح مع مصر وتعزيزها في الوقت الذي تمر فيه بواحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية، ومفتاحا لمعالجة العديد من الملفات المشتركة بين البلدين خاصة في ليبيا ومياه شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية مع تنامي اكتشافات الغاز الطبيعي بالمنطقة.
بعد توقيع مذكرة تفاهم لوضع حجر الأساس لإنشاء منطقة صناعية تركية بالمنطقة الاقتصادية بجرجوب (مواقع التواصل) شراكة غير عاديةومصر حاليًّا هي الشريك التجاري الأول لتركيا في أفريقيا، كما أن تركيا تعد من أهم مقاصد الصادرات المصرية وأكبر الأسواق المستقبلة لها خلال العامين الماضيين.
وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 6.6 مليارات دولار خلال عام 2023 مقابل 7.8 مليارات دولار خلال عام 2022 بنسبة انخفاض قدرها 15.7%، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
سجلت الصادرات المصرية إلى تركيا 3.8 مليارات دولار خلال عام 2023 مقابل 4 مليارات دولار خلال عام 2022، في حين بلغت الواردات المصرية من تركيا 2.8 مليار دولار مقابل 3.8 مليارات دولار خلال عام 2022.
تضم قائمة السلع التي تصدرها مصر إلى تركيا صناعات ومنتجات متنوعة، يأتي على رأسها الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها، واللدائن ومصنوعاتها، والأسمدة، وحديد وصلب، وملابس جاهزة، وآلات وأجهزة كهربائية.
وتشمل قائمة أهم السلع التي تستوردها مصر من تركيا: آلات وأجهزة كهربائية، وحديدا وصلبا، ووقودا وزيوتا معدنية ومنتجات تقطيرها، ومنتجات كيميائية غير عضوية، ولدائن ومصنوعاتها، وورقا ومصنوعات من عجائن الورق.
تكامل اقتصادي وتحالف سياسيوقد توقع الخبير الاقتصادي التركي وعضو جمعية رجال الأعمال الأتراك يوسف كاتب أوغلو أن "تشهد العلاقات التجارية بين البلدين طفرة نوعية خلال السنوات القليلة المقبلة خاصة بعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية إلى أعلى مستوى وتبادل الزيارات والسفراء".
ووصف، في حديثه للجزيرة نت، العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة بأنها تكامل اقتصادي، وتستهدف في الأساس تقوية وترسيخ العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين أهم دولتين في المنطقة، وأن تصبحا شريكين وحليفين قويين في المنطقة في ظل التغيرات الجيوسياسية.
وأكد أوغلو أن الاهتمام المشترك في مجال الاقتصاد يعزز من فرص نمو اقتصاد البلدين خاصة أن الاستثمار التركي هو استثمار في قطاعات صناعية متنوعة ومختلفة تمس حياة واحتياجات المصريين، وكما تعتبر مصر بوابة تركيا إلى أفريقيا، تعد تركيا بوابة مصر إلى أوروبا، وسوف تكون المنطقة الصناعية اللوجيستية الجديدة محورا صناعيا لزيادة الصادرات التركية إلى قارتي أفريقيا وأوروبا، وبما يسهم في زيادة التبادل التجاري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ملیارات دولار خلال عام استثمارات ترکیا التبادل التجاری بین البلدین ملیار دولار ترکیا فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء»: نمو استثمارات القطاع الأخضر لـ630 مليار دولار بحلول 2030
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الرابع من سلسلة «مستقبليات»، وهي إصدارة غير دورية تصدر عن المركز وتتضمن مقالات لعدد من الخبراء والمتخصصين تهدف إلى تقديم رؤى مستقبلية حول أحد الموضوعات ذات البعد المستقبلي، كمحاولة لاستشراف المستقبل وتحليل أبعاده وانعكاساته محليًّا وعالميًّا.
وأشار المركز إلى أن استقراء الاتجاهات المستقبلية أصبح من الضرورات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات، وتستوي في ذلك الدول المتقدمة والنامية، فالقرن الواحد والعشرون يحمل من عواصف التغيير ما يحمل وعلى البشرية الاستعداد لها، والأخذ بأسباب مواجهتها بجهد جماعي علمي يستشرف هذه التغيُّرات، عبر أدوات الاستشراف المستقبلية وما تنذر به من تحديات، وما تُنبئ عنه من فرص.
وفي ضوء ذلك، يضم محتوى العدد مجموعة من المقالات، مع تقديم لمحة معلوماتية للموضوعات المُتناولة، وقد جاء العدد الجديد من المجلة بعنوان «مستقبل العمل والوظائف».
يُعنى العدد بالتحولات التي ستُشكل ملامح مستقبل العمل والوظائف، وكيفية استعداد الأفراد والمجتمعات لمواجهة هذا المستقبل مع التركيز على أهمية تبني نموذج عمل مرن ومستدام يتناسب مع عالم دائم التغيير، وينقسم إلى أربعة أقسام: الأول بعنوان «أنماط العمل فـي المستقبل: شركاء جدد فـي سوق العمل»، والثاني «اتجاهات المهارات والوظائف فـي المستقبل»، والثالث «مستقبل الوظائف فـي ظل التحولات العالمية»، أما القسم الرابع والأخير فعنوانه «العمل فـي عالم متغير: تحولات سوق العمل».
المهن الأكثر طلبا في المستقبلوتضمن العدد نخبة من المقالات التي تناولت المهارات المستقبلية، والمهن الأكثر طلباً في المستقبل، ووظائف الفضاء والتوقعات المستقبلية لفرص العمل في مجال الفضاء، وشيخوخة السكان وتأثيرها في سوق العمل، والفرص والتحديات الخاصة بالعمل عن بعد، واقتصاد الوظائف المؤقتة.
ومن مقالات القسم الأول، مقال للواء الدكتور أحمد الجيزاوي مدير كلية الدراسات العليا داخل أكاديمية الشرطة تحت عنوان «التطورات الروبوتية في المجال العسكري: كيف يؤثر استخدام الروبوتات والأنظمة الذكية في الوظائف العسكرية؟»، حيث أوضح أهمية الروبوتات العسكرية والأنظمة الذكية والتي تمثلت في:
1-الاستطلاع والمراقبة.
2- الخدمات اللوجستية.
3- عمليات البحث والإنقاذ.
4- الدعم القتالي.
5- كشف الألغام وإزالتها.
وإلى جانب مميزات الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة والتي تجعلها خيارًا موثوقًا وفعالًا في تنفيذ المهام العسكرية فهناك ما تتمتع به من مزايا في ساحة المعركة، ومن أهم هذه المزايا «الدقة والسرعة، القدرة على التحمل، عدم الإصابة بالإرهاق والقدرة على العمل المستمر، والقدرة على تنفيذ المهام الخطرة، التواصل الفعال، تكامل التقنيات».
وعلى الرغم من المميزات التي تتمتع بها الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة في ساحة المعركة، فإنّ كفاءتها وقدرتها على العمل والتحمل تتوقف على تصميمها وتقنيات الطاقة المستخدمة فيها، ومدى كفاءة بطارية الشحن، وتم استعراض طرق شحن بطاريات الروبوتات العسكرية والتي تمثلت في: الشحن «الشمسي، الحركي، اللاسلكي، الحراري، محطات الشحن التلقائي، طائرات شحن الروبوت».
الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة هي مستقبل الحربوأوضح المقال في ختامه أنّه لا شك في أن الروبوتات العسكرية والأنظمة المستقلة هي مستقبل الحرب وسوف يكون لها الدور الأكبر في تطوير أسلحة المستقبل وتغيير بعض أساليب القتال واستراتيجيات وتكتيكات الحروب ما سيقلل الاعتماد على البشر في العديد من المهمات العسكرية على مختلف الأصعدة ويؤثر بشكل كبير في عدد من الوظائف إلا أنّها لا يمكن أن تكون بديلاً عن العنصر البشري في الوظائف العسكرية وهو ما يتطلب تحقيق التوازن بين القدرات التكنولوجية والحاجة إلى التدخل والتقدير البشري في القرارات العسكرية.
اتجاهات المهارات والوظائف في المستقبلوتناول القسم الثاني من العدد اتجاهات المهارات والوظائف في المستقبل من خلال استعراض مجموعة من المقالات جاء منها مقالًا للدكتور محمود فتح الله أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية والخبير الاقتصادي في جامعة الدول العربية تحت عنوان «الوظائف الخضراء.. وظائف جديدة في عالم مستدام»، حيث أوضح مفهوم الوظائف الخضراء وفقًا لمنظمة العمل الدولية بأنها "فرص عمل تسهم في الحفاظ على البيئة أو إعادة إحيائها، سواء كانت في القطاعات التقليدية مثل التصنيع والبناء، أو في القطاعات الخضراء الناشئة الجديدة، مثل «الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة».
وأشار المقال إلى الوظائف الخضراء وأسواق العمل حيث تحقق معدلات التوظيف في الوظائف الخضراء نموًا بمعدلات تفوق مثيلاتها في التوظيف الإجمالي؛ حيث تشير مؤشرات شركة «لينكد-إن Linked in» إلى ارتفاع طلب السوق العالمية على المهارات في مجال العمل الأخضر منذ عام 2015، بنسبة 40%، في حين أن نسبة الأفراد الذين يمتلكون المهارات اللازمة لشغل هذه الوظائف تمثل 13% فقط من احتياجات سوق العمل العالمية.
تغيرات في الأسعار ونمو التجارة العالمية والإنتاجوأشار إلى الاقتصاد الأخضر وتسريع النمو الاقتصادي حيث تؤدي إعادة الهيكلة الناتجة عن النمو الأخضر إلى تغيرات في الأسعار ونمو التجارة العالمية والإنتاج، وبالتالي التأثير في العمالة، حيث أشار تقرير لمنظمة العمل الدولية عام 2013، إلى أن الاقتصاد الأخضر ساعد بشكل كبير على تسريع النمو الاقتصادي في الاقتصادات الناشئة كالصين، والبرازيل، وجنوب إفريقيا.
ارتفاع مساهمات قطاع السلع والخدمات البيئية في الناتج المحليوقد شهد العديد من القطاعات حول العالم نموًا متزايدًا للوظائف الخضراء، حيث ارتفعت مساهمات قطاع السلع والخدمات البيئية في الناتج المحلي الإجمالي بالاتحاد الأوروبي من 1.5%، عام 2003، إلى 2.1% في عام 2015، في حين حققت مساهمة القطاع في التوظيف نموًا من 1.3% في عام 2003، إلى 1.7% عام 2015، وترجع معظم الدراسات النمو الكبير في هذا القطاع إلى الأنشطة التي تدير موارد الطاقة وخاصًة الطاقة المتجددة.
توفير 20 مليون فرصة عمل إضافية في قطاع الطاقة المتجددةوتناول العدد الاقتصاد الأخضر ودوره في تقليل البطالة حيث يعتمد الاقتصاد الأخضر على الطاقة النظيفة والمتجددة، وهي قطاعات كثيفة العمالة، وهو ما يجعلها قادرة على خلق وظائف أكثر من الوظائف في قطاعات الوقود الأحفوري التقليدية، كما أن نمو الاستثمارات المتوقعة في هذا القطاع، التي تقدر ب 630 مليار دولار بحلول سنة 2030، تعني توفير 20 مليون فرصة عمل إضافية في قطاع الطاقة المتجددة.
كما تشير تقديرات أخرى لمنظمة العمل الدولية إلى أن الاستثمار في المهارات الوظيفية اللازمة للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر يمكن أن تسهم في توليد 24 مليون وظيفة على مستوى العالم في إطار الاقتصاد الأخضر بحلول عام 2030، ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومكتب الإحصاء للاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد شكلت العمالة في الصناعات الخضراء في الاتحاد الأوروبي عام 2010، ما يمثل 1.5% من إجمالي العمالة في أوروبا.
وعلى الرغم من هذا التفاؤل في خلق الوظائف الخضراء، فإن للتغير المناخي آثارًا سلبية كبيرة على التوظيف عمومًا في الدول النامية، لا سيما أن الوظائف الجديدة التي تنشأ في قطاعات الغذاء والزراعة وإعادة التدوير نتيجة لتغير المناخ والبيئة لا تلبي التوقعات، ولا يمكن اعتبارها وظائف لائقة.
ويؤثر التغير المناخي أيضًا بشكل سلبي في الوظائف ببعض المجالات، فمن المرجح أن تشهد القطاعات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والموارد الطبيعية تراجعًا في فرص العمل. فالتغير المناخي يؤدي دورًا في تدمير سبل العيش للملايين، وخاصة الأشخاص الفقراء في الدول النامية. وبالتالي، فإنه يلزم تحقيق انتقالات عادلة نحو فرص عمل ودخل مستدام للأشخاص المتأثرين بالتغيرات المناخية.
استعرض المقال السياسات والمبادرات الدولية والشراكات الداعمة للانتقال إلى الوظائف الخضراء والتي جاء من بينها: (1- المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التي أطلقتها مصر بموجب القرار رقم 2738 لعام 2022، في إطار التحضير لمؤتمر الأطراف كوب 27 في شرم الشيخ، وتهدف إلى معالجة آثار التغيرات المناخية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق تنمية مستدامة، وتشمل مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة لإشراك الأفراد والمؤسسات وكيانات الدولة في العمل المناخي. وتسهم هذه المبادرة الرئاسية في جهود مصر لتنفيذ استراتيجيتها للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030 "، والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي 2050. وقد تم اختيار 154 مشروعًا موزعة على أساس 6 مشاريع في كل محافظة من محافظات مصر ال 27 تغطي فئات مختلفة، وقد تم الإعلان عن فوز 18 مشروعًا تم تكريمها من جانب رئيس الوزراء. ولا شك في أن هذه المبادرة تؤدي دورًا كبيرًا في تشجيع إقامة مشروعات خضراء تفتح الباب لفرص عمل خضراء في مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، 2- الإعلان في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للتغيرات المناخية في دبي عن عدة مبادرات من بينها مضاعفة إنتاج الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050 ، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة الطاقة، وتعزيز الاستدامة، بالإضافة إلى إطلاق الإمارات صندوقًا للاستثمار المناخي تحت اسم «ألتيرّا »، يركز على اجتذاب التمويل الخاص وتحفيزه، كما أعلن البنك الدولي عن زيادة قدرها 9 مليارات دولار سنويًا) للعامين 2024 ، و 2025 (لتمويل المشروعات المتعلقة بالمناخ، وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى عن زيادة إضافية في الدعم المقدَّم للعمل المناخي بقيمة تتجاوز 22.6 مليار دولار)، وتمثل هذه الإعلانات والمبادرات-عند تنفيذها- دعمًا تمويليًا ضخمًا يتركز في قطاعات يتولد منها فرص عمل خضراء بشكل مركز.
وتناول القسم الثالث من العدد مستقبل الوظائف في التحولات العالمية من خلال عدد من المقالات التي جاء منها مقالًا للوزير المفوض الدكتور منجي علي بدر المفكر الاقتصادي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة بعنوان "تأثير العولمة والتجارة الدولية على الوظائف المحلية والعالمية"، حيث أوضح أن العولمة والتجارة الخارجية جاءت بمزيج من الفوائد والسلبيات للاقتصاد العالمي. فمن ناحية، أدت إلى زيادة هائلة في حجم وقيمة التجارة الدولية، مما أتاح المزيد من فرص العمل ورفع مستويات المعيشة للعمال. كما زادت إمكانية الوصول إلى الأسواق والتقنيات الجديدة، ممّا حفّز الابتكار والإنتاجية، وزاد توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي في العديد من الدول، وتحسين مستوى المعيشة للكثيرين.
ومع ذلك، لا تُعدّ العولمة حلًا سحريًا لمشاكل العالم الاقتصادية، فكما هو الحال مع أي نظام، تُلقي بظلالها من الآثار السلبية، والتي يمكن معالجتها من خلال سياسات حكيمة، فعلى سبيل المثال، يمكن فرض ضرائب تصاعدية لضمان توزيع أكثر عدالة للمكاسب، ونشر شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، والاستثمار في برامج التعليم لرفع مهارات القوى العاملة. وتؤدي هذه السياسات دورًا مهمًا في ضمان مشاركة الجميع في فوائد العولمة، ومنع تفاقم الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية.