لماذا ارتفعت القيمة السوقية لمنصة ترامب تروث سوشل؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
بينما كان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، على أعتاب أزمة مالية، نتيجة الدعاوى القانونية العديدة، وعلى هامش السباق نحو ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقبلة، حصل على مساعدة مالية من مصدر غير متوقع: منصته الاجتماعية المتعثرة "تروث سوشل".
الجمعة الماضي، وافق مستثمرون على خطة لطرح شركة Truth Social للاكتتاب العام، ما زاد صافي ثروته بمليارات الدولارات، وفق تقرير لمجلة تايم.
وكان ترامب مدينا لولاية نيويورك بنحو نصف مليار دولار في قضية "احتيال مدني"، قبل أن تتم مراجعة المبلغ وتخفيضه إلى 175 مليون دولار .
وبدأت الشركة التداول في بورصة ناسداك الثلاثاء.
أطلقت مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، المالكة لمنصة التواصل الاجتماعي "تروث سوشل"، رحلتها التي طال انتظارها كشركة عامة، عند جرس الافتتاح الثلاثاء تحت رمز السهم "DJT"، وفق شبكة "سي.أن.أن".
وارتفع السهم بنسبة 56٪ تقريبًا عند الافتتاح إلى 78 دولارًا، وتوقف التداول لفترة وجيزة بسبب التقلبات.
واستقرت أسهم ترامب ميديا حول 70 دولارًا، ثم بحلول جرس الإغلاق، أنتهى سهم ترامب ميديا عند 57.99 دولارًا، بارتفاع أكثر تواضعًا بنسبة 16% خلال اليوم.
على الرغم من الانخفاض الذي حدث في وقت متأخر من الثلاثاء، لا تزال وول ستريت تمنح شركة ترامب ميديا تقييمًا مذهلًا يقارب 11 مليار دولار - وهو سعر يحذر الخبراء من أنه غير مرتبط بالواقع.
وارتفعت أسهم شركة Digital World Acquisition Corp، التي أصبحت "ترامب ميديا" صباح الثلاثاء، بأكثر من 200٪.
ويتضمن ذلك زيادة بنسبة 35٪ الاثنين بعد إغلاق الصفقة.
وارتفعت الأسهم مرة أخرى في بداية التداول الثلاثاء، وهي أول فرصة للمستثمرين لتداول الأسهم بعد الدمج، تحت مؤشر DJT الجديد.
"وضع غير عادي"تعليقا على ذلك، قال أستاذ المالية في كلية وارينغتون للأعمال بجامعة فلوريدا، جاي ريتر، للقناة الأميركية "هذا وضع غير عادي للغاية.. سعر السهم منفصل إلى حد كبير عن أساسيات الميدان".
وقال ريتر إن أقرب تشابه مع ما يحدث مع "تروث سوشل" سيكون GameStop و AMC وغيرها مما يسمى بأسهم meme التي ارتفعت بشكل كبير خلال جائحة كورونا مع تراكم جيش من تجار التجزئة.
وقال إن "ترامب ميديا" كانت ستبلغ قيمتها حوالي 2 دولار للسهم فقط – وليس بالقرب من سهم إغلاقها، سعر 58 دولارا.
وبعد إصدارها في أوائل عام 2022، اكتسبت بسرعة عددا من المستخدمين.
وفي آخر إحصاء، سجل حوالي 8.9 مليون شخص في التطبيق. لكن من غير الواضح كم عدد المستخدمين النشطين.
يقول تقرير لموقع شركة "ذا ماتلي فوول" المختصة في الرؤى الاستثمارية والنصائح المالية، إن الاعتماد على مؤشرات الأداء الرئيسية لـ"تروث سوشل" مثل المستخدمين النشطين ومتوسط الإيرادات لكل مستخدم "يمكن أن يحول التركيز عن التقييمات الإستراتيجية في ما يتعلق بالتقدم ونمو أعمالها" بالتالي يعطي صورة غير حقيقة عن حقيقة تطورها.
وحتى البيانات المالية لشركة ترامب لا تظهر سوى القليل من الأدلة على وجود أعمال مزدهرة بقيمة 4.7 إلى 5.6 مليار دولار من القيمة السوقية المعلن عنها الاثنين.
وخسرت مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، التي تمتلك شركة Truth Social، أموالا العام الماضي، وفقا للمجلة ما يطرح التساؤل حول حقيقة القيمة التي بلغتها "تروث سوشل"؟
لماذا هذه القيمة المرتفعة إذن؟يقول التقرير إن التقييم العالي للمنصة "ليس علامة على أن المستثمرين في وول ستريت منبهرون بمنصة ترامب بقدر ما هم متفائلون بشأن فرص عودته إلى البيت الأبيض".
وتقول الخبيرة المالية، كريستي مارفن، "في حديث للمجلة إن القيمة هذه إنما تعطي ترامب مقياسا لكيفية أدائه في الانتخابات. "هناك بالتأكيد أشخاص يحبون ترامب ويريدون دعمه، ومن المحتمل أنهم يشترون الأسهم لأجل ذلك، وربما هناك أشخاص آخرون يفكرون ماذا لو فاز بالرئاسة؟".
ومع تحقيق ترامب انتصاراته الأولية في الانتخابات التمهيدية خلال فصل الشتاء، أصدرت شركة الاستحواذ (SPAC) التي تم إنشاؤها للاندماج مع منصة التواصل الاجتماعي الناشئة (Truth Social)، ملايين الأسهم الجديدة
وفي أوائل يناير، كان لدى شركة Digital World Acquisition Corporation (DWAC) 163 سهمًا وأغلقت عند 17.32 دولارًا.
وبعد فوز ترامب في الانتخابات الحزبية في ولاية أيوا، كان لدى الشركة 8 ملايين سهم وأغلقت عند 22.35 دولار.
وشهد الأسبوع التالي مزيدا من النمو، بعد فوز ترامب في نيو هامبشاير، إذ كان لدى DWAC 29.5 مليون سهم وأغلقت عند 49.69 دولار.
لكن مراقبين يخشون أن يسجل المستثمرون خسائر فادحة إذا باع ترامب أسهمه، خاصة قبل الانتخابات.
واجهة تروث سوشل، منصة التواصل الاجتماعي المملوكة لترامبوتقول مارفن إن الطرح العام الأولي الأسبوع الماضي كان بمثابة إشارة إلى أن المستثمرين يعتقدون أن شركة "تروث سوشل" ستجذب مزيدا من المستخدمين وترتفع قيمتها إذا فاز ترامب على الرئيس جو بايدن في انتخابات نوفمبر.
ويتقدم ترامب حاليا على بايدن في بعض استطلاعات الرأي الوطنية والولايات المتأرجحة التي من المرجح أن تحدد نتيجة الانتخابات المقبلة.
لكن لا تزال هناك ثمانية أشهر على موعد الانتخابات، وقد حقق بايدن مكاسب في طريقه، وليس من الواضح أيضًا أن منصة "تروث سوشل" ستصبح منصة منتشرة في كل مكان حتى مع وجود ترامب في البيت الأبيض.
ولا يزال لدى ترامب طرق أخرى لإيصال رسالته للناخبين "وليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الأميركيين من غير أنصاره، سيشتركون في التطبيق" وفق مجلة تايم.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: دولار ا
إقرأ أيضاً:
اللغة التي يفهمها ترامب
ما اللغة التى يفهمها الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو؟!
الأول يفهم لغة المصالح، والثانى يفهم لغة القوة، والاثنان لا يفهمان بالمرة لغة القانون الدولى وحقوق الإنسان والمحاكم الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
هل معنى ذلك أن الرؤساء الأمريكيين، وكذلك رؤساء الوزراء الإسرائيليون السابقون كانوا ملائكة ويقدسون لغة القانون والشرعية الدولية؟!
الإجابة هى لا. جميعهم يفهمون ويعرفون لغة القوة والمصالح، لكن تعبيرهم عن ذلك كان مختلفا وبدرجات متفاوتة، وكانوا دائمًا قادرين على تغليف القوة الخشنة بلمسات ناعمة وقفازات حريرية ملساء والقتل والتدمير بعيدًا عن كاميرات وعيون الإعلام. والدليل أن المذابح والمجازر الإسرائيلية مستمرة منذ عام 1948 حتى الآن، وخير مثال لذلك كان رئيس الوزراء الأسبق شيمون بيريز.
نعود إلى ترامب ونقول إنه يصف نفسه أحيانًا بأنه مجنون ومن يعرفه يقول عنه إنه يصعب التنبؤ بأفعاله، وأنه لا ينطلق من قواعد معروفة. هو لا يؤمن بفكرة المؤسسات، والدليل أنه همش حزبه الجمهورى، وهمش وسائل الإعلام وتحداها. كما يزدرى المؤسسات الدولية، بل إنه ينظر مثلًا إلى حلف شمال الأطلنطى باعتباره شركة مساهمة ينبغى أن تعود بالعوائد والأرباح باعتبار أن الولايات المتحدة هى أكبر مساهم فى هذه الشركة أو الحلف.
تقييم ترامب لقادة العالم يتوقف على قوتهم وجرأتهم وليس على التزامهم بالأخلاق والقيم والقوانين.
حينما علق على خبر قيام إيران برد الهجوم الإسرائيلى، نصح إسرائيل بتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وقبل فوزه بالانتخابات الأخيرة نصح نتنياهو أن ينهى المهمة فى غزة ولبنان بأسرع وقت قبل أن يدخل البيت الأبيض رسميًا فى 20 يناير المقبل.
وإضافة إلى القوة، فإن المبدأ الأساسى الذى يحكم نظرة وقيم ومبادئ ترامب هو المصلحة. ورغم أنه يمثل قمة التيار الشعبوى فى أمريكا، والبعض يعتبره زعيم التيار المحافظ أو اليمين المتطرف، فلم يعرف عنه كثيرًا تعصبه للدين أو للمبادئ. هو يتعصب أكثر للمصالح. وباعتباره قطبًا وتاجر عقارات كبير، فإن جوهر عمله هو إنجاز الصفقات.
وانطلاقًا من هذا الفهم فإنه من العبث حينما يجلس أى مسئول فلسطينى أو عربى مع ترامب أن يحدثه عن قرارات الشرعية الدولية أو الحقوق أو القانون الدولى. هو يعرف قانون المصلحة أو القوة أو الأمر الواقع.
ويحكى أن وزير الخارجية الأسبق والأشهر هنرى كسينجر نصح وزيرة الخارجية الأسبق مادلين أولبرايت قبل أن تلتقى الرئيس السورى الأسد، وقال لها: «إذا حدثك الأسد عن الحقوق والشرعية قولى له نحن أمة قامت على اغتصاب حقوق الآخرين أصحاب الأرض، وهم الهنود الحمر، وبلدنا تاريخها لا يزيد على 500 سنة، وبالتالى نؤمن بالواقع والقوة وليس القانون».
هذا هو نفس الفكر الذى يؤمن به ترامب، لكن بصورة خشنة وفظة. هو يتعامل مع أى قضية من زاوية هل ستحقق له منافع وأرباح أم لا.
وربما انطلاقًا من هذا المبدأ يمكن للدول العربية الكبرى أن تقدم له لغة تنطلق من هذا المبدأ. بالطبع هناك أهمية كبرى للحقوق وللشرعية وللقرارات الدولية والقانون الإنسانى، ومن المهم التأكيد عليها دائمًا، لكن وإضافة إليها ينبغى التعامل مع ترامب باللغة التى يفهمها. أتخيل أن اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية يمكنها أن تتفاوض مع ترامب بمجرد بدء عمله فى البيت الأبيض. بمنطق أنه إذا تمكن من وقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين ولبنان فسوف تحصل بلاده على منافع مادية محددة، أما إذا أصرت على موقفها المنحاز?فسوف تخسر كذا وكذا.
بالطبع هذا المنهج يتطلب وجود حد أدنى من المواقف العربية الموحدة، ولا أعرف يقينًا هل هذا متاح أم لا، وهل هناك إرادة عربية يمكنها أن تتحدث مع الولايات المتحدة وإسرائيل بهذا المنطق الوحيد الذى يفهمونه أم لا؟
الإجابة سوف نعلمها حتمًا فى الفترة من الآن حتى 20 يناير موعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض
خصوصًا أن تعيينات ترامب المبدئية كلها لشخصيات صهيونية حتى النخاع، وهى إشارة غير مبشرة بالمرة.
أما عن نتنياهو فكما قلنا فهو لا يفهم إلا لغة القوة. وقوته وقوة جيشة وبلاده مستمدة أولًا وثانيًا وثالثًا وعاشرًا من قوة الولايات المتحدة، وبالتالى سنعود مرة أخرى إلى أن العرب والفلسطينيين يقاتلون أمريكا فعليًا وليس إسرائىل فقط.
(الشروق المصرية)