الاسم عربي والأصل إسباني والعلم بريطاني!
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
كانت تسمى كالبي، وبعد أن اجتاز القائد الأموي طارق بن زياد المضيق إيذانا بفتح شبه جزيرة أيبيريا في عام 711، أصبحت تحمل اسمه، ومنذ مطلع القرن 18 دخلها البريطانيون ولا يزالون هناك.
إقرأ المزيد واشنطن و13 حليفا تفتت دولة بأكملها و"تحقن" أجيالا من شعبها باليورانيوممن المفارقات أن بريطانيا أصبح لها بحكم الأمر الواقع موطئ قدم في البحر المتوسط، وامتداد في شبه الجزيرة الأيبيرية التي تتكون من عدة دول هي أندورا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا ومنطقة جبل طارق التي تتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1981، في حين أنها تحت سيادة التاج البريطاني رسميا منذ 27 مارس عام 1713.
كيف وقع "جبل طارق" في قبضة البريطانيين؟
جبل طارق أو "جبرلتار" بالإنجليزية هو عبارة عن نتوء صخري يقع بسواحل المتوسط على الطرف الجنوبي من شبه جزيرة أيبيريا، وكان ضمن الإمبراطورية الإسبانية منذ عام 1462.
بدأت هذه الأحداث التاريخية المفصلية بتعيين الملك كارلوس الثاني، ملك إسبانيا قبل وفاته في عام 1700 فيليب تشارلز، دوق أنجو والابن الثاني للويس الخامس عشر ملك فرنسا، وذلك لأنه لم ينجب ورثة للعرش.
هذا القرار زاد من حدة نزاع داخلي على العرش في إسبانيا، واستغلت بريطانيا ودول أوروبية حليفة الفرصة واتحدت في مواجهة إسبانيا وفرنسا، ونزل جنود بريطانيون وهولنديون في عام 1704 إلى جبل طارق للسيطرة عليه وسد طريق الخصوم في البحر المتوسط.
في تلك الفترة التي تميزت بضعف الإمبراطورية الإسبانية جرى في عام 1713 توقيع معاهدة أوتريخت لـ"السلام وصداقة أبديين"، تنازلت إسبانيا عن عدة مناطق هامة لبريطانيا منها جبل طارق وجزيرة مينوركا، مقابل انسحاب بريطانيا الفوري من تلك الحرب. قطعت أوصال الإمبراطورية الإسبانية وبدأت الإمبراطورية البريطانية في التوسع.
في تلك الفترة فر السكان الإسبان خلال الحرب من جبل طارق إلى داخل بلادهم، وأصبحت شبه الجزيرة في معظمها عديمة الفائدة للحكومة الإسبانية.
بريطانيا بدورها قررت استخدام جبل طارق كقاعدة بحرية رئيسة، وفي السنوات التالية زاد عدد البريطانيين بين سكان هذا الإقليم الاستراتيجي الذي لا تزيد مساحته عن 6.7 كيلو متر مربع.
بعد فوات الأوان، تنبهت إسبانيا إلى أهمية المنطقة الاستراتيجية وخاصة القاعدة البحرية، وسعت ثلاث مرات لاستعادة الإقليم، إلا أن القوات البريطانية المتمركزة هناك منعتها من ذلك.
لاحقا، خلال حرب الاستقلال الأمريكية، سارعت إسبانيا بمساعدة الفرنسيين إلى قطع الطريق عن جميع الإمدادات إلى جبل طارق لمدة أربع سنوات في محاولة لاستعادة المنطقة، إلا أن البريطانيين بفضل أسطولهم القوي، تمكنوا من إيصال الأغذية والإمدادات عن طريق البحر.
بعد تلك الحرب، أعطى الإسبان الأولوية لفلوريدا، المستعمرة التي خسروها في أمريكا، وركزوا جهودهم لاستعادتها ولم يقوموا بأس محاولة لاستعادة جبل طارق، علاوة على أنهم كانوا فقدوا أيضا جزيرة مينوركا، حيث يعيش المواطنون الإسبان، لكنها في نفس الوقت بقيت تطالب بهذا الإقليم الاستراتيجي الهام في البحر المتوسط.
ظل الوضع في جبل طارق كما هو بين عامي 1783 – 1936، ثم اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية، وجرى إغلاق الحدود بسبب العدد الكبير من اللاجئين الذين يحاولون الهرب إلى بريطانيا. لندن بدورها عززت قبضتها على شبه الجزيرة.
الحكومة الإسبانية أعربت عن غضبها من الإجراء البريطاني، وكان الجانبان في السابق قد اتفقا على الاحتفاظ بمنطقة محايدة بين البلدين. بريطانيا لم تأبه لغضب الإسبان، وواصلت خططها وشيدت مطارا في المنطقة.
حين وصل الجنرال فرانشيسكو فرانكو إلى السلطة، أعلن عن تصميمه على استعادة جبل طارق. شجعه هتلر على هذا الأمر، ووعده بالمساعدة، إلا أن فرانكو رفض العرض حتى لا يتورط في تلك الحرب العالمية.
بعد انتهاء الحرب لعالمية الثانية، استعادت العديد من الدول الأراضي التي فقدتها في السباق. بهذا الشأن نظم استفتاء في عام 1967 لتحديد موقف سكان جبل طارق، وصوت أكثر من 99 ٪ من هؤلاء بطبيعة الحال لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة.
العلاقات الإسبانية البريطانية تحسنت بعد وفاة الجنرال فرانكو، وأعيد فتح الحدود، إلا أن الخلاف تواصل حول الأحقية في إقليم جبل طارق. لم يتغير الموقف منذ ذلك التاريخ، ولا يزال جبل طارق منطقة حكم ذاتي على المتوسط تحت السيادة البريطانية.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف جبل طارق جبل طارق فی عام إلا أن
إقرأ أيضاً:
صحفي بريطاني: بنيامين نتنياهو رجل مطلوب ولا يلومن إلا نفسه
قال صحفي بريطاني إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبح مطلوبا في أكثر من 100 دولة، وعليه تحمل ذلك.
وذكر الصحفي جوناثان فريدلان في مقال بصحيفة "الغارديان" إن استراتيجية التجويع التي يتخذها نتنياهو في قطاع غزة لن تكون مقبولة على الإطلاق. فبعد قرار المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع، يخاطر نتنياهو بتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة.
وتاليا الترجمة الكاملة للمقال:
يعود الفضل لنتنياهو في أن إسرائيل، التي كانت ذات يوم تحلم بأن تكون منارة تشع ضياء على الأمم، اتخذت خطوة في الاتجاه الذي يجعلها بين الأمم كما المصاب بالجذام. فرئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه الذي طرده قبل أسبوعين، يوغاف غالانت، باتا الآن مطلوبين للعدالة، فقد صدرت بحقهما مذكرات توقيف يوم الخميس من قبل المحكمة الجنائية الدولية، التي تتهمهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. من الآن فصاعداً، بات 124 بلداً مغلقاً فعلياً في وجههما.
لو وطأ نتنياهو أوغالنت بقدمه في أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية – والتي تتضمن بريطانيا ومعظم دول القارة الأوروبية – فسوف يواجهان خطر إلقاء القبض عليهما. ولقد قالت الحكومة البريطانية إنها سوف تطبق بالقانون، وفي ذلك ما يشير إلى التزامها باعتقال الرجلين فيما لو جاءا إلى هنا. بمعنى آخر، والتزاماً بالقانون الدولي، سوف ينبذان.
يغلي الوزراء الإسرائيليون وحلفاؤهم غضباً على المحكمة الجنائية الدولية، ويتهمونها بالانحياز وازدواجية المعايير لأنه وجهت تهماً ضد إسرائيل لم يسبق أن وجهتها ضد زعماء أي ديمقراطية غربية أخرى. إلا أن نتنياهو نفسه هو الملام على ذلك، لأن هذا التحرك، الذي يشير إلى عملية عزل جديدة تتعرض لها إسرائيل، كان يمكن تفاديه تماماً.
إبدأ بالقانون، واسأل لماذا لم تلاحق المحكمة الجنائية، لنقل، بريطانيا للاشتباه بارتكابها جرائم حرب في العراق، أو الولايات المتحدة للاشتباه بارتكابها أعمالاً مشابهة في أفغانستان، وسوف يقال لك إن المحكمة الجنائية الدولية تبقى خارج البلدان التي لديها نظام قضائي خاص بها يمكن الاعتماد عليه. يسمى هذا المبدأ القانوني "التكاملية"، والذي تقوم بموجبه المحكمة الجنائية الدولية بالإحالة إلى محاكم البلد المتهم، طالما أنها مقتنعة بأن هذه المحاكم سوف تقوم بواجب التحقيق في أي جرائم واتخاذ الإجراءات اللازمة.
كان الحل الأبسط بالنسبة لإسرائيل يتمثل في تشكيل هيئة تابعة للدولة للتحقيق في هجمات حماس يوم السابع من أكتوبر 2023 وما حدث بعد ذلك. والواقع أن ذلك كان مطلباً صارخاً داخل إسرائيل منذ ذلك اليوم الذي ارتكبت فيه الجريمة قبل ثلاثة عشر شهراً. إلا أن نتنياهو رفض السماح بذلك، إذ كان يخشى أن يفضي التحقيق إلى توجيه إصبع الاتهام إليه لأنه ترك إسرائيل عرضة لأكثر الهجمات فتكاً في تاريخها.
كان يمكن للتحقيق أن ينسف ادعاءه بأنه، ورغم أنه هو الذي احتل منصب رئيس الوزراء طوال معظم الخمسة عشر عاماً الماضية، إلا أنه لا يتحمل المسؤولية عن الإخفاق الرهيب – رغم أنه يتحمل بشكل تلقائي المسؤولية عن جميع النجاحات التي حققها الجيش الإسرائيلي. وبذلك، وخلافاً لكل السوابق الإسرائيلية، مازال لا يوجد تحقيق في السابع من أكتوبر أو في الطريقة التي تدار بها الحرب في غزة. وذلك هو الذي فتح الباب، انطلاقاً من مبدأ التكاملية، أمام إجراءات محكمة الجنايات الدولية.استحقاق نتنياهو للملامة أعمق من ذلك بكثير. ينص بيان المحكمة الجنائية الدولية بجلاء على أن جوهر قضيتها ضد زعماء إسرائيل يتعلق بتوريد المساعدات الإنسانية إلى غزة. تقول المحكمة الجنائية الدولية أن ثمة أسس معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت "حرموا سكان غزة المدنيين، عمداً وعن علم، من المواد التي لا غنى لهم عنها من أجل البقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الطعام والمياه والأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى الوقود والكهرباء".
يقول نتنياهو والمدافعون عنه إن مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية شنيعة لأنها تتجاهل وحشية حماس، عدو إسرائيل، وتسعى لتقييد أيدي إسرائيل عن الدفاع عن نفسها. ولكن الطريقة التي ضربت بها إسرائيل حماس ليست في القلب من قضية المحكمة الجنائية الدولية. بدلاً من ذلك، تتركز عريضة الاتهام على موضع المساعدات الإنسانية.
والآن، من الواضح أن السبب الأهم الذي كان ينبغي على إسرائيل من أجله ضمان دخول كميات كافية من المواد الأساسية هو سبب أخلاقي. ليس مبرراً إطلاقاً استخدام "التجويع أسلوباً في الحرب" كما عبرت عن ذلك المحكمة الجنائية الدولية. أما السبب الثاني فهو استراتيجي. وكما كتبت عن الحرب منذ وقت مبكر، حتى الشخصيات العسكرية الأمريكية الكبيرة المتعاطفة مع إسرائيل حاولت إقناع قيادة البلد بأن الحكمة كانت تقتضي أن تبين إسرائيل بكل وضوح أن حربها هي مع حماس وليس مع الفلسطينيين في غزة. كان ينبغي عليها أن تزود المدنيين في غزة بكل الطعام والأدوية التي يحتاجونها، وذلك من أجل ضرب إسفين بين حماس والناس الذين حكمتهم تلك المجموعة بقهر بالغ ولوقت طويل جداً. بدلاً من ذلك، جعلت إسرائيل الحياة القاسية التي يعيشونها أشد قسوة وزرعت الكراهية تجاهها في قلوب جيل جديد. كان ذلك فشلاً اسطورياً من الناحية الاستراتيجية.
ثم في النهاية تأتي المسائل القانونية. كان ينبغي أن يكون واضحاً لدى نتنياهو وحلفائه أنه بينما يصعب من الناحية القانونية إثبات التهم المتعلقة بالإدارة العسكرية للحرب، فإن الإغاثة سلعة أوضح وأسهل من حيث القياس. يكاد نتنياهو وغالانت أن يكونا هما من كتبا مذكرات التوقيف التي صدرت بحقهما، وذلك بسبب غياب التحقيق الإسرائيلي المحلي المكلف تحديداً بالتدقيق في سياسة الإغاثة، ناهيك عما رافق ذلك من تصريحات هوجاء حول القيام بفرض حصار تام – وهو التهديد الذي لم ينفذ بتاتاً، وإن كان قد طلا عملية غزة مباشرة بألوان "غير قانونية ومفرطة"، كما حدثني بذلك أستاذ القانون الدولي الإسرائيلي البروفيسور يوفال شاني.
سوف تدافع إسرائيل عن نفسها، وتسندها في ذلك الولايات المتحدة، وتقول إن المحكمة الجنائية الدولية تصرفت بشكل يجانب الإنصاف. وسوف يلاحظون أنه بينما اختارت المحكمة غض الطرف بهدف مساعدة بلدان مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة أو حتى فنزويلا من أجل تجاوز التكاملية، لم تتح لإسرائيل نفس تلك الفرصة. سوف يقولون إن إرسال المساعدات الإغاثية إلى غزة ليست مهمة يسيرة، ليس عندما تكون حماس أو رجال مسلحون آخرون، على أهبة الاستعداد لسرقتها لأنفسهم، كما حدث بالضبط هذا الأسبوع. سوف يقولون إن من الفظاعة أن تشتمل نفس مذكرة التوقيف الصادرة بحق نتنياهو وغالانت على أحد قادة حماس العسكريين، وكأنما من الممكن أن يكون هناك تكافؤ أخلاقي بين دولة ديمقراطية ومنظمة إرهابية (رغم أنهم ما كانوا ليوفروا المحكمة الجنائية الدولية، بل كان سيهاجمونها بشدة فيما لو غضت الطرف عن جرائم حماس). سوف يقولون إن المحكمة الجنائية الدولية لم تمنح إسرائيل وقتاً كافياً أو فرصة، وأن المدعي العام كريم خان ألغى رحلة مقررة إلى إسرائيل في شهر مايو (أيار) في اللحظة الأخيرة، وفضل إعلان التقدم بطلب إصدار مذكرات التوقيف عبر السي إن إن. سوف يقولون إن خان نفسه مفضوح لأنه هو الآخر قيد تحقيق داخلي حول مزاعم تتعلق بسلوك جنسي خاطئ.
سوف يتبنى كثيرون هذه الحجج، وخاصة تلك التي تتعلق بازدواجية المعايير المزعومة. وقد تسعى الولايات المتحدة ومعها المجر وبلدان أخرى إلى تخويف المحكمة والتهديد بقطع التمويل عنها أو بفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية. نددت إدارة بايدن بمذكرات التوقيف، ولا يتوقع من دونالد ترامب سوى أن يكون أشد صرامة.
إلا أن التهم لن تتلاشى. لقد تحدثت مع أربع شخصيات مختلفة من أصحاب الاختصاص في القانون الدولي حول حرب غزة، وأربعتهم جميعاً يعتقدون أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت بالفعل. والمهم في الأمر أن هؤلاء الأربعة أنفسهم يعتقدون كذلك بأن أخطر تهمة موجهة ضد إسرائيل – أي تهمة ارتكاب الإبادة الجماعية – لا يمكن إثباتها من الناحية القانونية. والذي يعزز هذا الرأي، بالمناسبة، هو قرار المحكمة الجنائية رفض تهمة واحدة سعى إلى توجيهها المدعي العام ضد الرجلين، ألا وهي تهمة ارتكاب جريمة "الإبادة".
عدد قليل من الناس يتوقعون رؤية نتنياهو في أي وقت قريب يقف في قفص الاتهام في لاهاي. بل على العكس من ذلك، لن يكون من شأن هذه الخطوة إلا تعزيز وضعه السياسي، تماماً كما أن مسلسل الإدانات المحلي بحق ترامب لم ينجم عنه سوى مساعدته. سوف يقول نتنياهو إنه ضحية غرباء يملأ الحقد قلوبهم، وأن إسرائيل تقف في مواجهة العالم وأنه هو وحده المؤهل للدفاع عنها، وأنه على أهبة الاستعداد للتضحية بحريته في سبيل بلده.
ولكن، عليكم أن تدركوا أن هذا سيكون له أثر كبير. لسوف يعزز ذلك من الدعوات إلى فرض حظر أسلحة على إسرائيل وإلى إجراء تحقيقات جنائية بحق الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية الأدنى رتبة. وسوف يسرع مسار إسرائيل نحو اعتبارها دولة منبوذة. وتذكروا أن ذلك بالضبط هو ما تمنته حماس من السابع من أكتوبر: ألا وهو دفع إسرائيل نحو الجنون حزناً وغضباً لدرجة أنها سوف ترد بطرق تفضي إلى تدمير شرعيتها الدولية. لقد أعطاهم نتنياهو بالضبط ما أرادوا. نصبت حماس له المصيدة – ومشى هو نحوها ووقع فيها.