مدينة كراسنوغورسك الروسية تتلقى رسالة تعزية من توأمها الألمانية بشأن هجوم "كروكوس"
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أرسلت مدينة هوشتات أن در آيش الألمانية، توأمة مدينة كراسنوغورسك بضواحي موسكو حيث وقع هجوم "كروكوس" الإرهابي، رسالة تعزية رسمية إلى سكانها.
وجاء في الرسالة التي وقع عليها العمدة الثاني للمدينة الألمانية وعدد من الشخصيات البارزة فيها:
"نكتب هذه السطور ببالغ الصدمة والحزن بسبب الهجوم الإرهابي الرهيب الذي استهدف مواطنين روسا أبرياء في قاعة كروكوس للحفلات الموسيقية في كراسنوغورسك مساء الجمعة 22 مارس 2024.
وأشارت الرسالة إلى أنه في الفترة من عام 1996، عندما أقيمت علاقة توأمة بين هوشتات أن در آيش وكراسنوغورسك، وحتى ربيع عام 2022، عندما تم تجميد هذه العلاقات على خلفية العملية الخاصة في أوكرانيا، قام أكثر من 500 من سكان المدينتين بزيارات متبادلة في إطار برامج توأمة المدارس والمدينتين، بهدف "تطوير التفاهم والعلاقات الودية".
إقرأ المزيدوتابعت الرسالة: "لا تزال كثير من الاتصالات الخاصة موجودة حتى اليوم، وبالتالي هي تؤثر فينا على المستوى الإنساني. إن أسر المدارس، وجمعية التوأمة، وشركة "مارتن باور" (التي تدير مصنعا لإنتاج شاي الأعشاب في كرسنوغورسك)، وجميع سكان مدينة هوشتات آن در إيش ينعون الضحايا".
وأشار الموقعون على الرسالة إلى أن لديهم "اعتقادا راسخا يستند إلى التجربة التاريخية، بأن الأعمال الإرهابية والحروب غير مبررة.. لا تخلق إلا مزيدا من الكراهية المتبادلة وتعمق الانقسام".
وفي تصريح لوكالة "نوفوستي" قال ممثل جمعية "دائرة أصدقاء هوشتات" الصحفي كلاوس شترينس الذي سبق أن زار كراسنوغورسك في إطار برامج تبادل أو ضمن وفود، إنه تلقى بعد مأساة "كروكوس" رسائل بريد إلكتروني، بما فيها من زملائه من المعلمين الأمريكيين الذين يعرفون أن لديه اتصالات في كراسنوغورسك، تعرب عن التعاطف مع سكان المدينة الروسية المنكوبة.
وفي وقت سابق أكد المستشار الألماني أولاف شولتس إدانة بلاده للهجوم الإرهابي على رواد قاعة "كروكوس"، الذي أدى إلى سقوط 139 قتيلا، حسب أحدث بيانات رسمية غير نهائية، إضافة إلى أكثر من 100 جريح.
المصدر: "نوفوستي"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الإرهاب موسكو هجوم كروكوس الإرهابي
إقرأ أيضاً:
ومضة المجد بين دفتي الرسالة
د. عبدالله بن سليمان المفرجي
في زمنٍ تلاشى فيه وهجُ القيمِ خلفَ أستارِ الضجيج، وانحسرت فيه المطامحُ الصادقةُ تحتَ ركامِ الشعاراتِ الزائفة، ينهضُ صاحبنا من بحر العطاءِ كرجلٍ لا يعرفُ الضحالة، ولا يُؤمنُ إلا بأنَّ الرسالةَ هي من تُعلي شأنَ صاحبها، لا اللقب ولا المنصب. وكأنما في صمته بيانٌ، وفي خُطاه نورٌ يشقُّ العتمةَ بلا ضجيج.
يقول غازي القصيبي: "القيادة مسؤولية، لا امتياز؛ وتكليف، لا تشريف." وهو كذلك، لم يحمل عبءَ الرسالةِ كعبءٍ وظيفيٍّ، بل كنذرٍ داخليٍّ، وكما قيل: "ما وُلّينا أمر الناس إلا لنكون خُدّامًا لهم، لا سادةً عليهم".
هو ذلك الرجل، الذي آمن أن الفكرَ أشرفُ من الزينةِ، وأنَّ العلمَ لا يُحملُ على الأكتافِ، بل على القلوبِ والضمائر. لا يتحدثُ عن نفسه؛ بل تتحدثُ عنه إنجازاته التي لا تُرصَدُ في تقاريرٍ جامدة، بل تُقرأُ في وجوهِ من ألهمهم، وفي خطواتِ من ساروا على هديه.
يقال: "الحكمةُ أساس الملك، والعدلُ عماده، والعلمُ نوره." فكان هذا الرجل مزيجًا من الثلاثة: حكمةٌ تُوزنُ بالأيام، وعدلٌ يَزِنُ به المواقف، وعلمٌ يُنيرُ به دروبَ الغافلين.
يؤمن بأنَّ التعليمَ ليس تلقينًا، بل إصلاحٌ للنفوسِ قبل العقول. وكما يقول المثل العربي: "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، كان يحفرُ في وجدانِ تلامذتهِ بأزاميلِ المحبةِ والنيةِ الصافيةِ، لا بالتكرارِ الآليِّ للعبارات.
لم يكن مهووسًا بالسلطةِ، بل كما قيل: "العلمُ سلطانٌ لا يُقهر، وسلاحٌ لا يُفلّ، من امتلكه ساد." وقد ساد صاحبنا القلوبَ لا بالكلماتِ الجوفاء، بل بالصدقِ والقدوة.
ففي فِكره منظوماتٌ تربويةٌ حديثةٌ تلتقي فيها نظرية "بندورا"، وتتآلفُ فيها مدارسُ التحفيزِ مع أصالةِ القيم. يرى في تلاميذه مشروعَ نهضة، وفي كلِّ سؤالٍ منهم بذرةَ فكرٍ، وفي كلِّ ترددٍ فرصةً للتماسكِ لا للضعف. يقال: "صلاح الأمة يبدأ من المعلم؛ فإذا صلح، صلح كل شيء"، وكان هو الدليلُ على صدقِ المقولة.
يستلهم من نموذج "SWOT" رؤيةً إداريةً توازنُ بين مكاشفةِ الذاتِ واستثمارِ الإمكانات، ويُذيبُ تهديداتِ الواقعِ في بوتقةِ الفرص، ليصوغَ منها أملًا، وكما قيل: "العقلُ نورٌ تُشعلُه المعرفة."
لم يعرفِ الرياءَ، ولا جثا على عتباتِ المنابر، بل عاش على مبدأ أن "الأوطانَ ليست أبنيةً وأعلامًا، بل أرواحٌ تعملُ، وأفكارٌ تثمر." وهو من تلك الأرواح، التي تعملُ وإن لم تُصفَّق، وتثمرُ وإن لم تحتفِ.
صوته في قاعة المحاضرات والتدريب ليس صوتَ المعلِّمِ التقليديِّ؛ بل هو هُتافُ الضميرِ، يُوقظُ العقولَ، ويزرعُ الأسئلةَ، ويُربّي على الفضيلةِ لا الانقياد. وكما قيل: "الطالب يُربَّى على الخُلقِ قبلَ أن يُعلَّمَ العلمَ".
استقى من الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي صلابته في المبادئ، ومن أبي مسلم البهلاني عزيمته في وجه الزمان وتكالب الأيام، ومن سيبويه قناعته بأنَّ المعنى سابقٌ على اللفظ. فكان في تعليمه حريةٌ تُحرِّرُ لا تُقيد، وتفكيرٌ يُبدعُ لا يُقلد.
وإذا سألته عن إنجازه، لا يُريك شريحة عرضٍ أو جدولَ مؤشرات، بل يذكّرك بالمقولة: "المعلمُ الحقّ من يجعلُ طلابَه يحبون السؤالَ لا الإجابة، الرحلةَ لا الوصول، الحقيقةَ لا التصفيق."
فهو مربٍ في زمنِ التزييف، وواعٍٍ في عصرِ الزحام، لا يسكنُه اللقب، بل تسكنه الرسالة. يمشي بثباتٍ، وإن أخفتهُ الأضواء، ويُنجزُ بعطاءٍ، وإن لم يُذكر في تقارير. بل يكتبُ اسمه في قلوبِ العارفين، لا في سطورِ المجاملين.
فليس كل من نالَ المنصبَ قائدًا، ولا من تكلَّمَ واعيًا؛ بل من حملَ هذا الفكر، هو القائدُ الحقُّ، والمُعلمُ الخالد، وإن لم يُمنح لقبًا، فهو يستحقُّ ذاكرةً تحفظُه، وتاريخًا يُخلِّده.