عربي21:
2025-02-07@14:35:02 GMT

نفاق الإدارة الأمريكية والصفاقة الإسرائيلية

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

إنه لمن العجيب حقاً أن تمتنع واشنطن لدى التصويت على القرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الماضي. فهو قرار يتناسب مع الموقف الأمريكي الرافض للدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، حيث لا يدعو سوى إلى «وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان» مضيفاً من باب الأمنية الطيبة أن ذلك سوف «يؤدي إلى وقف طويل الأمد وقابل للاستدامة» (لم يستخدم القرار بالإنكليزية تعبير «دائم» أي permanent، بل lasting الذي يشير إلى طول البقاء وليس إلى ديمومة نهائية).

لا بل بذلت الأطراف التي صاغت مشروع القرار جهداً خاصاً لاستخدام تعابير ومفاهيم من شأنها أن ترضي واشنطن بحيث يوفّق النص بين الموقف الأمريكي والموقف العربي. فشجب مشروع القرار «كافة أعمال العنف والاعتداءات على المدنيين، وكافة أعمال الإرهاب» مذكّراً بأن «احتجاز الرهائن محرّم في القانون الدولي».

فجاء القرار هذه المرة بحيث استطاعت بريطانيا ذاتها أن تؤيده، بعد أن بقيت حتى الآن متذيلة للموقف الأمريكي لا تتجرأ على مخالفته سوى بالامتناع مرة واحدة بدل ممارسة النقض مع واشنطن. أما ذريعة الإدارة الأمريكية في تبرير امتناعها يوم الإثنين بالإشارة إلى أن القرار لم يسمّ «حماس» فهي ذريعة واهية تماماً لا يمكن أن تنطلي على أحد حيث إن القرار لم يسمّ إسرائيل كذلك، حتى لدى الحديث عن ضرورة فسح المجال أمام دخول المعونات الدولية! ذلك أن تجنّب التسميتين شكّل إحدى المساومات التي قام عليها القرار. والحقيقة أن امتناع واشنطن جاء ليحاول تخفيف امتعاض الجانب الإسرائيلي بحيث لا تظهر واشنطن وكأنها مشاركة في إجماع مجلس الأمن الدولي على قرار ترفضه إسرائيل. والحال أن وزير الخارجية الصهيوني الليكودي، إسرائيل كاتز، كان قد اتهم الأمم المتحدة يوم السبت الماضي بأنها غدت تحت قيادة أمينها العام الحالي، أنطونيو غوتيريش، «هيئة معادية للسامية ولإسرائيل تحمي الإرهاب وتشجّعه»! وبذلك تكون سياسة إسرائيل المعهودة في وصف أي نقد لسياساتها بأنه معادٍ لليهود، قد وصلت إلى درك جديد من الانحطاط والابتذال.
الحكومة الصهيونية الفاشية تنوي استكمال النكبة الثانية باقتلاع الفلسطينيين من أرض فلسطين مرة أخرى، هذه المرة من أرض غزة
أما إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فقد بلغت من جانبها دركاً جديداً في نفاقها. إنها مستمرة في مدّ إسرائيل بالسلاح والعتاد كما بدأت تفعل على الفور منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الصهيونية الراهنة على غزة، بحيث غدت متواطئة تواطؤاً كاملاً في الحرب الجارية التي هي في الواقع أول حرب مشتركة بصورة كاملة بين الولايات المتحدة والدولة الصهيونية. وإذ ألغى بنيامين نتنياهو زيارة لواشنطن كان مزمعاً أن يقوم بها وفد برئاسة أحد مستشاريه في الشؤون الاستراتيجية، كان وزير «الدفاع» في حكومته، يوآف غالانت، وهو بالطبع عضو في حكومة الحرب المصغرة التي جرى تشكيلها عند بداية العدوان الراهن، قد وصل واشنطن يوم الإثنين، وزيارته أهم بكثير من تلك التي ألغاها نتنياهو. هذا وقد صرّح غالانت فور وصوله إلى العاصمة الأمريكية أن جيشه سوف يجتاح رفح لا محال. وقد جاء للتشاور مع إدارة بايدن على كيفية تغليف اجتياح رفح بحيث يستطيعون الادعاء أنهم راعوا الاعتبارات الإنسانية التي باتت بالغة الحساسية لدى الإدارة الأمريكية.

طبعاً، لا تنبع الحساسية المذكورة من وفاء للاعتبارات الإنسانية ذاتها، وكيف بها تنبع منها بعدما شاركت واشنطن بصورة كاملة في قتل ما يناهز أربعين ألف إنسان وجرح عشرات الآلاف الأخرى بينهم نسبة عالية من المصابين بجروح خطيرة، وفي تدمير قطاع غزة تدميراً لم يشهد التاريخ مثله بهذا الاتساع في مثل هذه المدة الزمنية، وفي تهجير الغالبية العظمى من سكان القطاع إلى منطقة رفح. وإذ تلقي واشنطن بعض صناديق المعونة الغذائية من الجو، فهي حركات أبعد ما تكون عن تحقيق رفع العتب الذي قصدته، إذ أكد جميع المسؤولين عن الإسعافات الإنسانية أنها طريقة مكلفة وعاجزة عن القضاء على المجاعة القاتلة التي أخذت تنتشر في صفوف الغزاويين، مشيرين إلى آلاف الشاحنات المصطفة على الجانب المصري من الحدود والتي تمنع إسرائيل دخولها بينما يكفي لواشنطن أن تمارس ضغطاً فعلياً على الدولة الصهيونية من خلال تهديدها جدّياً بوقف دعمها العسكري كي تفرض عليها فتح الأبواب أمام المعونة عبر البرّ، وهي الطريقة الوحيدة القادرة فعلاً على الحدّ من الأزمة الإنسانية والحؤول دون استشراء المجاعة وتفاقمها.

أما الميناء الذي يقومون بتشييده على ساحل غزة، فهو أيضاً ليس قادراً على حل الأزمة، بل من حقنا تماماً أن نشكك في النية الحقيقية الكامنة خلفه إذ قد يُستخدم لحثّ الغزاويين على الهجرة لو بقيت أبواب سيناء مغلقة في وجههم. والحال أن الحكومة الصهيونية الفاشية تنوي استكمال النكبة الثانية باقتلاع الفلسطينيين من أرض فلسطين مرة أخرى، هذه المرة من أرض غزة. وكانت نيتهم الأولى تهجيرهم إلى سيناء، لكن رفض نظام عبد الفتّاح السيسي للأمر (لاعتبارات أمنية وليست إنسانية) جعلهم يبحثون في تهجيرهم إلى شتى أنحاء العالم وقد قاموا باتصالات مع دول عديدة لهذا الغرض، حسب شهادة نتنياهو نفسه.

هذا وقد ارتفعت مؤخراً في إسرائيل أصوات تقترح حشد الغزاويين في زاوية من صحراء النقب على الحدود المصرية بحيث تتمكن الدولة الصهيونية من ضم قطاع غزة بوصفه عقاراً أكثر قيمة بكثير، لا سيما بسبب شاطئه. كل ذلك أقلق واشنطن وهو ما حداها على استدعاء بيني غانتس، عضو الحكومة الحربية المعارض لنتنياهو ولحكم الليكود، كي تتفاوض معه، كما استقبلت غالانت المعارض لنتنياهو هو أيضاً لكن من داخل الليكود. والإدارة الأمريكية قلقة من مشروع التهجير الذي يتناقض مع موقفها الداعي إلى الحفاظ على إطار أوسلو وجعل «السلطة الفلسطينية» تشرف على قطاع غزة من جديد تحت وصاية إسرائيلية بالدرجة الأولى، قد تترافق بنشر قوات إقليمية أو دولية.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة نتنياهو غزة نتنياهو طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أرض

إقرأ أيضاً:

عون: الاستقرار في الجنوب مرهون بانسحاب إسرائيل وتنفيذ القرار 1701

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن الاستقرار في الجنوب اللبناني مرتبط بإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها، وتنفيذ القرار الدولي 1701 بجميع بنوده. 

 

وخلال استقباله نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، شدد عون على أن "تحقيق الاستقرار يستدعي التزام إسرائيل بالانسحاب الكامل، وتنفيذ القرار 1701، بما يشمل مقتضيات اتفاق 27 نوفمبر الماضي"، لافتًا إلى أن "إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين جزء لا يتجزأ من هذا الاتفاق". 

 

وأضاف الرئيس اللبناني أن "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، بما في ذلك قتل المدنيين والعسكريين، وتدمير المنازل، وتجريف الأراضي الزراعية وإحراقها، يجب أن تتوقف"، مؤكدًا أن الجيش اللبناني "جاهز للانتشار في القرى والبلدات التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية"، على أن يتم الانسحاب وفق المهلة المحددة بحلول 18 فبراير الجاري. 

 

كما شدد عون على "استمرار التعاون مع القوات الدولية (اليونيفيل) بشكل بناء، بهدف تنفيذ القرار 1701 وتثبيت الاستقرار في الجنوب"، مضيفًا أن المناطق المحررة تحتاج إلى "خطة شاملة" تضمن الحد الأدنى من مقومات العيش لإعادة الحياة إليها تدريجيًا، 

 

وفي سياق آخر، تطرق الرئيس اللبناني إلى مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرًا إلى أن "المشاورات تكاد تصل إلى خواتيمها"، مؤكدًا أن الحكومة المرتقبة "يجب أن تتمتع بالانسجام والقدرة على تحقيق تطلعات اللبنانيين وآمالهم، وفق ما ورد في خطاب القسم".

تحذيرات إسرائيلية من تصعيد مع مصر بسبب مخطط تهجير الفلسطينيين 

 

حذّر الكاتب الإسرائيلي تسيفي برائيل، في مقال له بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، من احتمال نشوب صراع حاد بين إسرائيل ومصر، في حال أصرت تل أبيب وواشنطن على تهجير سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية. 

 

وأشار برائيل إلى أن الجهود التي تبذلها مصر والأردن لإحباط هذا المخطط قد تعرّض البلدين لضغوط أمريكية وتهديدات اقتصادية من واشنطن، لكنه لفت إلى أن المملكة العربية السعودية قد تتدخل لوقف هذه الخطط إذا وصلت الأمور إلى حد التصعيد. 

 

وأوضح الكاتب الإسرائيلي أنه إذا كانت دول الشرق الأوسط تُصنَّف حتى الآن وفق انتماءاتها الجيوسياسية، مثل المحور السني المعتدل أو المحور الموالي لأمريكا أو المحور الشيعي أو ما يُعرف بـ"محور الشر"، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال طرحه لمشروع التهجير، قد خلق محورًا جديدًا يضم الدول التي تخشى هذه الأفكار الصدامية، مما قد يدفعها نحو مزيد من التوحد ضد "الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية"، وفق تعبيره. 

 

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين مصريين، يوم الخميس، أن القاهرة أبلغت الولايات المتحدة بأن اتفاقية السلام مع إسرائيل قد تكون في خطر، بسبب خطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء. 

 

وأوضحت الوكالة أن مصر أكدت لإدارة ترامب وإسرائيل أنها ستعارض أي اقتراح من هذا القبيل، معتبرة أن اتفاقية السلام التي استمرت قرابة نصف قرن قد تتعرض للخطر إذا استمرت هذه المخططات. 

 

وقال أحد المسؤولين المصريين إن الرسالة المصرية الرسمية تم إيصالها إلى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية الأمريكية، وأعضاء في الكونغرس ، كما أكد مسؤول آخر أن التحذيرات المصرية وصلت أيضًا إلى إسرائيل وحلفائها في أوروبا، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا. 

 

من جانبه، كشف دبلوماسي غربي في القاهرة، طلب عدم ذكر اسمه، أن مصر بعثت برسائل "شديدة اللهجة" عبر قنوات متعددة تعارض فيها التهجير القسري للفلسطينيين، مشددًا على أن القاهرة تعتبر هذه الخطوة تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ولن تتهاون في مواجهتها.

مقالات مشابهة

  • عون: الاستقرار في الجنوب مرهون بانسحاب إسرائيل وتنفيذ القرار 1701
  • الخارجية الإيرانية ترد على قرار الإدارة الأمريكية ببيع النفط الخام
  • رفضت قرار المتعجرف ترامب بتصنيف أحرار اليمن بالإرهاب:القرار يخدم الأجندة الصهيونية.. وموقف اليمن المناصر للمقدسات وسام شرف في سجل التاريخ
  • شاهد | من أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة: إسرائيل والتطبيع
  • تناقضات الإدارة الأمريكية
  • تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية: ترامب يعتقد أن عملية إعادة إعمار غزة ستستغرق 15 عامًا
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض| تعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ظل الأزمات المتصاعدة