أحد أكبر موانئ الولايات المتحدة.. التداعيات الاقتصادية لانهيار جسر بالتيمور
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أوقف انهيار جسر "فرانسيس سكوت كي" في بالتيمور بولاية ماريلاند الأميركية، سير العمل في أحد أكثر الموانئ ازدحاما في الولايات المتحدة، إلى أجل غير مسمى.
والثلاثاء، اصطدمت سفينة شحن ضخمة بالجسر أثناء إبحارها من بالتيمور في الساعات الأولى من الصباح، ما أدى إلى سقوط سيارات وأشخاص في النهر وإغلاق الميناء الذي يقع على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إنه يريد أن تدفع الحكومة الاتحادية تكاليف إعادة بناء الجسر.
وأضاف "أوجه فريقي لبذل كل الجهود الممكنة لإعادة فتح الميناء وبناء الجسر في أسرع وقت ممكن".
وجسر فرنسيس سكوت كي هو الطريق الرئيسي الرابط بين نيويورك وواشنطن لمن يريد تجنب وسط مدينة بالتيمور، وهو واحد من ثلاثة طرق لعبور ميناء بالتيمور، وتمر عليه 31 ألف سيارة يوميا أو 11.3 مليون مركبة سنويا.
What we know about the bridge collapse in Baltimore
• Ship appeared to lose power before striking the support
• Work crews were on the bridge at the time of the collapse
• Sonar has detected multiple vehicles in water which is ~50 feet deeppic.twitter.com/eraMucSDzY
ومن المتوقع أن يؤثر انهيار الجسر على تدفق التجارة في الولايات المتحدة، وفق مصادر متطابقة.
يذكر أن حاكم ولاية، ماريلاند، المتاخمة للعاصمة واشنطن دي سي، ويس مور، أعلن حالة الطوارئ بعد أن اصطدمت سفينة، قال إنها أصدرت نداء استغاثة، بالجسر ليل الثلاثاء.
وكان الجسر الذي يبلغ عمره عقودًا من الزمن بمثابة وسيلة نقل رئيسية تساعد في ربط واشنطن وبالتيمور وفيلادلفيا ونيويورك.
تبعات الانهيار الجزئي ساعات بعد الحادثقال وزير النقل في ولاية ماريلاند، بول ويديفيلد، للصحفيين، الثلاثاء، إنه من السابق لأوانه تحديد المدة التي سيتم فيها إغلاق الميناء.
وأفادت وكالة رويترز أن ما لا يقل عن 10 سفن تجارية متجهة إلى بالتيمور اضطرت إلى الرسو في المياه القريبة الثلاثاء بعد تعليق حركة المرور في الميناء.
وقد يعني انهيار الجسر قبل عيد الفصح حركة مرور أسوأ من المعتاد لكل من العائلات والشاحنات المسافرة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وذكرت وكالة بلومبرغ أن عددًا من الشركات الكبرى -بما في ذلك أمازون وفيديكس وبي أم دبليو - لديها أيضًا مستودعات توزيع ومرافق أخرى في منطقة صناعية في الطرف الشمالي من الجسر.
ويمكن أن يؤدي الازدحام وتعطل الحركة جراء انهيار الجسر إلى تحفيز التحول إلى نقل البضائع عبر موانئ الساحل الغربي، وفقا لذات الوكالة.
وفي بيان صدر بعد انهيار الجسر، قدرت الجمعية الأميركية للنقل بالشاحنات أن حوالي 4900 شاحنة يوميا تحمل ما متوسطه سنويا من البضائع بقيمة 28 مليار دولار سيتعين إعادة توجيهها "على حساب شركات الشحن والمستهلكين في نهاية المطاف"، وفق تقرير لشبكة "أن.بي.سي. نيوز".
وقالت الجمعية "يعد جسر كي وميناء بالتيمور مكونين حاسمين في البنية التحتية وسلسلة التوريد في بلادنا، وبصرف النظر عن المأساة الواضحة، سيكون لهذا الحادث آثار كبيرة وطويلة الأمد على المنطقة".
وأشارت إلى أن التأثير الأكبر من المرجح أن يكون على شحنات المواد الخطرة، مثل وقود الديزل، والتي لا يسمح بنقلها عبر الأنفاق.
وقالت إن الإغلاق "سيضيف تكلفة كبيرة في الوقت والوقود والتأخير للشاحنات التي تسافر عبر المنطقة، علاوة على الاضطراب الذي سيلحقه إغلاق ميناء بالتيمور باقتصادنا".
وشددت على أن نقل السيارات والشاحنات من وإلى الولايات المتحدة سيكون أكثر تكلفة على المدى القصير بسبب التأثير الكبير على ميناء بالتيمور".
وقالت إميلي ستوسبول، محللة السوق لدى مجموعة الشحن زينيتا، في حديث لـ"إن.بي.سي. نيوز" إن بالتيمور هي أيضًا ميناء السيارات رقم 1 في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تكون موانئ الساحل الشرقي الأخرى قادرة على تحمل بعض شحنات السيارات المتجهة إلى بالتيمور، ما قد يحد من التأثير على الشحن العالمي.
وكتبت ستوسبول في مذكرة للعملاء "مع ذلك، لا يوجد سوى القليل من المساحات بالموانئ المتاحة وهذا سيترك سلاسل التوريد عرضة لضغوط إضافية".
وقال متحدث باسم ميناء نورفولك بولاية فيرجينيا -وهي محطة رئيسية أخرى على طول الساحل الشرقي- إن فريقه يعمل مع شركات النقل البحري التي كانت سفنها متجهة إلى بالتيمور لمعرفة كيفية تغيير مسارها جنوبًا.
وتابع وفق ما نقلت عنه ذات الشبكة "يتمتع ميناء فيرجينيا بقدر كبير من الخبرة في التعامل مع الزيادات الكبيرة في شحنات الاستيراد والتصدير، وهو على استعداد لتقديم كل مساعدة ممكنة للفريق في ميناء بالتيمور".
شريان حيويتم افتتاح جسر فرانسيس سكوت كي في عام 1977، وهو المعبر الخارجي لميناء بالتيمور، وفقًا لهيئة النقل في ماريلاند.
ويعد هذا الجسر بمثابة شريان حيوي ومحور رئيسي للشحن على طول الساحل الشرقي.
وبالنظر إلى دور الجسر في تسهيل التجارة بين الولايات الأميركية وموقعه كجزء من طريق I-695، وهو رابط رئيسي في شبكة الطريق السريع 95، فإن التعطيل سيؤدي إلى إعاقة حركات الشحن وخلق تحديات لوجستية، وفق مجلة "فوربس" الأميركية، مما يؤدي إلى تأخيرات قبل عطلة عيد الفصح (31 مارس).
يسهل موقع الميناء، حيث الجسر، التوزيع الفعال للبضائع إلى منطقة وسط المحيط الأطلسي الحيوية اقتصاديا، وخارجها.
وبعد توسيع قناة بنما (ممر مائي اصطناعي يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ) في عام 2016، أصبحت السفن الأكبر القادمة من آسيا قادرة على التحرك عبر قناة الشحن في ميناء بالتيمور، والتي يبلغ عمقها 50 قدمًا في بالتيمور والرسو في نهاية المطاف.
وكان هذا الامتداد من الطريق، I-695، طريقًا بديلاً للمركبات كبيرة الحجم وكذلك المواد الخطرة التي لا يُسمح لها بالمرور عبر نفق ميناء بالتيمور لأسباب تتعلق بالسلامة.
ميناء بالتيمور بالأرقاميعد ميناء بالتيمور أكبر ميناء في الولايات المتحدة وممرا رئيسيا لواردات وصادرات السيارات والشاحنات الخفيفة، وفقًا وفقا لمكتب الحاكم مور، الذي وصف الميناء بأنه "أحد أكبر المولدات الاقتصادية" في الولاية.
كما أنه يحتل المرتبة التاسعة بين الموانئ الأميركية من حيث الحمولة والقيمة الدولارية للبضائع الأجنبية التي تمر عبره.
في عام 2023، تعامل ميناء بالتيمور مع رقم قياسي بلغ 52.3 مليون طن من البضائع الدولية، بقيمة حوالي 80.8 مليار دولار، وفقًا لأرشيف الولاية.
ويدعم الميناء أكثر من 15 ألف فرصة عمل مباشرة وأكثر من 139 ألف فرصة عمل غير مباشرة متصلة بالميناء، مما يدر ما يقرب من 3.3 مليار دولار من إجمالي الدخل الشخصي.
وأدى انهيار الجسر إلى إعاقة حركة المرور على الأرض وترك بعض السفن في وضع حرج.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الولایات المتحدة الساحل الشرقی انهیار الجسر
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان؟
في 4 شباط/ فبراير 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في فترته الرئاسية الثانية، أمرا تنفيذيا بقطع أي تعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مشيرا إلى "انحياز مزمن ضد إسرائيل" وفشل المجلس في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل عادل. هذا القرار، الذي جاء بعد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يعكس عودة إلى سياسة "أمريكا أولا"، رافضا المؤسسات الدولية التي لا تتماشى مع المصالح الأمريكية أو حلفائها. الانسحاب يعني قطع الدعم المالي والسياسي، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على النظام العالمي لحقوق الإنسان.
أهمية مجلس حقوق الإنسان:
إن المجلس، الذي تأسس عام 2006 بقرار الجمعية العامة 60/251، يضم 47 دولة منتخبة ويعمل كمنصة أممية لتعزيز حقوق الإنسان عبر مراقبة الانتهاكات، ومناقشة قضايا مثل حرية التعبير وحقوق اللاجئين وقضايا حقوقية أخرى، وتقديم توصيات كأداة رئيسية للضغط على الدول للامتثال للمعايير الدولية، موفرا حوارا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية.
لكن من الواضح أن فعالية المجلس تثير جدلا واسعا بسبب طبيعته غير الملزمة قانونيا واعتماده على الإرادة السياسية بدلا من الإلزام، إذ يقتصر دوره على "تقديم المشورة" دون سلطة تنفيذية. فعلى سبيل المثال، دعا قرار المجلس (A/HRC/RES/46/1، 2021) إسرائيل لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 49)، لكن إسرائيل رفضته ووصفت المجلس بـ"التحيز" دون تبعات. كذلك، وثّق تحقيق أحداث غزة في 2014 (A/HRC/29/52) انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي، مما أنتج ضغطا دوليا رمزيا لم يغير السياسات الإسرائيلية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها
قانونيا، لا تُعادل توصيات المجلس الالتزامات الملزمة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، لكنها تكمله كأداة رقابية. إجمالا، يساعد المجلس على احترام حقوق الإنسان بقدر ما تسمح ديناميكيات القوة الدولية، لكنه يظل محدودا بدون عقوبات فعلية، مما يجعل تعاون الدول الكبرى حاسما، وانسحاب دولة كالولايات المتحدة حدثا مؤثرا.
انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان: انقسامات دولية وردود فعل متباينة
كشف خروج الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان عن انقسامات حادة في المشهد الدولي، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أسفه في بيان رسمي، مشددا على أهمية الدور الأمريكي في تعزيز حقوق الإنسان، ومحذرا من أن الانسحاب قد يؤدي إلى تراجع التقدم الدولي في مواجهة الأزمات العالمية، مثل تغير المناخ والصراعات المسلحة. كما ذكّر بموقفه في 2018 عندما وصف المجلس بأنه "هيكل حيوي" لحماية الحقوق الأساسية.
ومن جهته، أكد رئيس مجلس حقوق الإنسان، فيديريكو فيليغاس، استمرار المجلس كمنصة رئيسية للدفاع عن القضايا الحقوقية، ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي للحفاظ على مصداقية المجلس، مستندا إلى تصريحات سابقة لـفويسلاف سوك في 2018 حول أن المجلس يبقى "المكان الأمثل" لمعالجة انتهاكات الحقوق، رغم الإقرار بتحديات متزايدة مثل تنامي نفوذ الصين في المجلس بعد الانسحاب الأمريكي.
تباينت ردود الفعل العربية، حيث أعربت مصر عن قلقها إزاء تأثير الانفصال عن المجلس على قضايا حساسة مثل فلسطين، لكنها حافظت على نهج حذر نظرا لاعتمادها السياسي والعسكري على الولايات المتحدة، بينما وصف الأردن القرار بـ"ضربة للقضية الفلسطينية"، وفق ما أعلنه وزير الخارجية أيمن الصفدي، مشيرا إلى أن الانسحاب يضعف آليات محاسبة الاحتلال الإسرائيلي. أما السعودية فاتخذت موقفا حياديا، داعية إلى "إصلاح المجلس"، في إشارة ضمنية إلى تحفظاتها القديمة حول تسييس بعض قراراته، فيما نددت فلسطين بالقرار، معتبرة أنه "تخلٍ عن الضحايا"، مستندة إلى القرار الأممي (A/HRC/RES/46/1) الذي يعترف بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، في حين أعربت جامعة الدول العربية عن أسفها للقرار، داعية إلى تعزيز دور المجلس لمواجهة التحديات الحقوقية في المنطقة والعالم.
وعلى الصعيد الدولي، عبرت ألمانيا عن أسفها العميق، محذرة من أن الانسحاب سيفتح المجال أمام تزايد نفوذ الصين وروسيا داخل المجلس، مما قد يؤدي إلى إضعاف التركيز على قضايا الحريات الأساسية والديمقراطية، بينما رحبت الصين ضمنيا يوم بالقرار، حيث صرّحت وزارة خارجيتها بأن الانسحاب سيسمح بـ"عمل أكثر فعالية دون تدخلات أحادية". من جانبها، دعمت إسرائيل القرار وأعلنت انسحابها أيضا من المجلس، حيث وصف جدعون ساعر المجلس بـ"المنحاز ضد إسرائيل". أما منظمة هيومن رايتس ووتش فحذرت من أن الانسحاب الأمريكي قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، خاصة في قضايا مثل فلسطين.
روسيا رحبت ضمنيا بالانسحاب الأمريكي، إذ أشارت موسكو إلى أن ذلك "يُقلل التدخل الأحادي"، مما يتماشى مع موقفها ضد هيمنة الغرب في المجلس، بينما اكتفت الهند بموقف حذر، داعية إلى "إصلاح شامل" دون إدانة مباشرة، مع تركيزها على دورها كوسيط في الجنوب العالمي.
سيناريو محتمل هو أن تستغل روسيا والصين الفراغ لتعزيز نفوذهما، ربما بتمويل مشروط يُركز على قضايا مثل "الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23)، بينما قد تقود الهند تحالفا مع دول أفريقية لدعم المجلس، لكن بموارد محدودة (0.8 في المئة من الميزانية)، مما قد يُبطئ الاستجابة للأزمات الدولية.
تكشف ردود الفعل هذه عن انقسام عالمي حاد، حيث عبرت الأمم المتحدة وأوروبا عن قلقهما من تداعياته على النظام الحقوقي الدولي، بينما رحبت الصين وروسيا وإسرائيل بالخطوة لأسباب تتعلق بنفوذهما داخل المجلس. المواقف العربية تباينت بين رفض مباشر من الأردن وفلسطين، وتحفظ حذر من مصر والسعودية، ما يعكس الحسابات السياسية لكل طرف. في المقابل، حذرت المنظمات الحقوقية من أن الانسحاب قد يشجع دولا أخرى على تقليص التزاماتها الحقوقية، مما يضعف آليات المساءلة الدولية.
قطع التمويل يهدد موارد مجلس حقوق الإنسان:
تعتبر الولايات المتحدة، أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، تقدم نحو 22 في المئة من الميزانية الأساسية للمنظمة (حوالي 3.4 مليار دولار سنويا في 2022) و27 في المئة من ميزانية عمليات حفظ السلام (تقارب 6.5 مليار دولار)، وفقا لتقارير الأمم المتحدة. بالنسبة لمجلس حقوق الإنسان، لا تُخصص له ميزانية مستقلة كبيرة، لكن موارده تعتمد على الميزانية العامة التي تشكل الولايات المتحدة جزءا رئيسا منها، إلى جانب تكاليف البرامج المرتبطة مثل الأونروا، التي تلقت 343 مليون دولار من الولايات المتحدة في 2022 قبل توقف التمويل.
والأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب في 4 شباط/ فبراير 2025 يوقف التمويل المباشر وغير المباشر للمجلس والأونروا، مما يهدد بتقليص الموارد المتاحة لعمليات مثل التحقيقات الميدانية ودعم المقررين الخاصين بنسبة قد تصل إلى 20-30 في المئة من إجمالي ميزانية المجلس المعتمدة على الدعم الغربي. هذا التخفيض يضع ضغطا كبيرا على الدول الأوروبية، مثل ألمانيا والسويد، لتعويض النقص، أو قد يتيح لدول مثل الصين وروسيا فرصة زيادة نفوذها عبر توجيه التمويل وفق أجنداتها، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
الآثار القانونية والسياسية
ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي
إن ابتعاد الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان، بقرار ترامب الثاني، يحمل آثارا قانونية وسياسية عميقة تهدد النظام الحقوقي العالمي. قانونيا، لا يُلغي التزاماتها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) لحماية الحريات (المادتان 19 و21) أو اتفاقية جنيف الرابعة (1949) بشأن المدنيين، لكنه يُقوّض دورها في صياغة قرارات مثل إدانة إسرائيل بالأراضي المحتلة (A/HRC/RES/46/1) 2021 أو دعم تحقيقات كميانمار (A/HRC/RES/34/22) 2017 التي وثّقت جرائم ضد الإنسانية، مُضعفا آليات الرقابة الدولية رغم رفضها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (ICC).
سياسيا، تعكس "عقيدة ترامب" تفضيل العمل الأحادي أو تحالفات محدودة كالناتو وإسرائيل على المؤسسات متعددة الأطراف، مُفاقما التوترات مع حلفاء كفرنسا وألمانيا (اللتين دعتا للإصلاح في 2018)، ومُعقدا التعاون في مكافحة الإرهاب عبر "الائتلاف ضد داعش" أو دعم الأونروا للاجئين. هذا يُقلّص الضغط على المُنتهكين، خاصة مع صعود الصين وروسيا -اللتين عرقلتا قرارات غب سوريا (2011-2025) للهيمنة على المجلس بدعم قرارات تُبرر القمع كـ"الحق في التنمية" (A/HRC/RES/37/23) 2018، مُهددا مصداقيته كمنصة عالمية ومُشجعا دولا على التخلي عن التزاماتها منذ الإعلان العالمي (1948)
فبدون ثقل الولايات المتحدة (22 في المئة من ميزانية الأمم المتحدة)، تتراجع فعالية الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، تاركة ضحايا كالروهينغا والفلسطينيين بلا صوت قوي. العالم قد يستجيب بقيادة أوروبية (ألمانيا 6.1 في المئة، فرنسا 4.4 في المئة من الميزانية) لسد الفراغ كما في أوكرانيا (2022)، أو تحالفات جنوبية (الهند 0.8 في المئة) لاستقلالية المجلس، أو إصلاحات تُقلّص عضوية المُنتهكين، لكن الانقسامات قد تُحيله إلى منصة رمزية ما لم تُوجد إرادة جماعية.