قبل تسع سنوات، وبالرغم من فهم الناس لحقيقة العدوان ضدّ اليمن، ولطبيعته كجزء من المعركة الواحدة ضدّ الغطرسة الأمريكية، عزّ على القلوب أن تكون الأداة المستخدمة ضدّ الأخ هي أخيه، في معايير الانتماء إلى أرض واحدة وقومية واحدة ودين واحد. ومع توالي السنوات تكشّف الحقائق، لم يعد الجرح من “ذوي القربى”، فالمواجهة تواصلت وتكثّفت لتصبح مواجهة مباشرة مع الرأس المدبّر، ما أسقط “جنسية” الأدوات المستخدمة من حسابات الميدان.
تسع سنوات متواصلة من الحصار القاتل، من منع الغذاء والدواء، من العدوان الوحشي، من انتهاك كلّ حقوق الإنسان، من ممارسة الإرهاب اليومي ضدّ شعب حرّ وبلاد عزيزة.. تسع سنوات واليمن ماردٌ يحمل جرحه ويقاتل.. يستولد العزم من القهر والقوّة من الحقّ والقدرة على المواجهة من الإيمان بالنصر، ويقاتل. تسع سنوات وأنصار الله في اليمن يكتبون التاريخ بالرصاص وبالدم، يذهبون في الحبّ إلى أقصاه فلا يلهيهم جرحهم الغائر عن جراح الأمّة، ولا يفقدهم الوجع وعيهم لطبيعة المعركة التي يخوضونها، وعزمهم على مواصلتها مهما كانت الأثمان باهظة، فهم يدركون جيّدًا منذ البداية أنّهم يدافعون عن الأمّة كلّها، وليس فقط عن عزّة اليمن.
تسع سنوات لم يكترث فيها المعتدون بأي شرعة أو وثيقة حقوقية، دينية أو مدنية، عربية أو دولية، ولم يمنعهم لا جهد دبلوماسي ولا فضائح إعلامية ولا استنكارات شعبية من مواصلة الحرب على اليمن، بالرغم ممّا تكبّدوا من خسائر في العتاد والأرواح، حتّى انكشف للعالم أنّهم في ذلك ليسوا سوى مرتزقة يقومون بعمل محدّد كلّفهم به مشغّلهم الأمريكي، والذي سعى إلى تدمير اليمن كي يزيد من استفراده بدول المحور المقاوم.
بكلام آخر، ارتكب الأميركي عدوانه هذا كي لا يصل اليمنيون إلى يوم يمكنهم فيه منع بواخره وبواخر حلفائه وربيبته “إسرائيل” من عبور البحر الأحمر.. ويكفي أن نقرأ عن بأس اليمن في البحر الأحمر لنلمس حجم الفشل الأمريكي وعجز عدوانه عن تحقيق أيّ هدف يُذكر، سوى ارتكاب المجازر وتدمير المنشآت والبنى التحتية وتجويع الأطفال في اليمن.
منذ تسع سنوات إلى اليوم، وبحسب الأرقام التي تحدّث عنها السيد الحوثي، في أثناء خطابه بمناسبة يوم الصمود، استهدف العدوان 2155 منشأة حكومية و417 مصنعًا، و397 ناقلة وقود و12534 منشأة تجارية، و484 مزارع للدجاج والمواشي وأكثر من 10 ألف وسيلة نقل، وأكثر من 1000 شاحنة غذاء، و712 سوقًا مرتكبًا فيها مجازر جماعية.
وبالرغم من كلّ ذلك، لم يتأخر أهل اليمن، أصل العروبة والعرب عن نصرة فلسطين: الحشود اليمنية التي تقف في يوم القدس العالمي من كلّ عام وحدها كفيلة بإظهار حقيقة اليمن التي تكبّد العدوّ مليارات الدولارات كي يخفيها، بالسلاح المعتدي وبالإعلام المكلّف ببثّ الدعاية المتواصلة حول العالم ضدّ أهل اليمن.
منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، أخجَل اليمن كلّ أحرار العالم بمسارعته إلى دخول ساحة المواجهة المباشرة مع رأس الأفعى: استهداف السفن الأمريكية والبريطانية المتجهة نحو فلسطين المحتلّة! ولو لم يقم اليمن بذلك فليس عليه لوم أو حرج، فهو البلد الواقع تحت نار عدوان لا يقل همجية عن العدوان الصهيوني على غزّة منذ سنين. مع ذلك، لم يتأخر اليمني عن نصرة أخيه، وعن تهديد رأس العدوان ومشغّله، وعن استهداف كلّ السفن الذاهبة إلى موانئ فلسطين كي ترفد العدوّ الصهيوني بما يحتاج لمواصلة عدوانه.
فعلها اليمن من دون منّة، من دون شعور لدى أهله أنّهم يتفضّلون على أحد، على العكس، في كلّ أدبياتهم، الرسمية أو تلك الكلمات الصادقة التي نتابعها عبر منصات التواصل، يبلغ بهم التواضع والحياء حدّ أنّ كلّ ما يقومون به هو القليل من الواجب تجاه فلسطين.
ذات مرّة، جمع أهل اليمن التبرعات المادية والعينية لإرسالها إلى غزّة. الخبر في ذلك اليوم لم يُقرأ إلّا بالدموع: أهل بلاد عزيزة مسّهم ضيم الحصار، جاعوا، عطشوا، مُنع عنهم الدواء، مُنعت عنهم المساعدات، عُزلوا، أُفقروا.. لكنّهم لم يفقدوا شيمة الكرم الأبيّ، فتقاسموا لقمتهم القليلة أصلًا مع أهل غزّة، ليس لشيء سوى أنّهم استحوا أن يكون في متناول أطفالهم قطرة ماء ليست في متناول أطفال غزّة..
بعد تسع سنين من العدوان الأمريكي الصهيوني بيد عربية، تكثر الأخبار والمشاهد التي تحكي عن سخاء اليمن بحقّ الأمّة كلّها، ولا يمكن لمقالة أو كتاب أن يتسّع لسردها، ولكن كلّها تُقرأ، في عيون طفل يمنيّ حافٍ، مُنع عنه الطعام والشراب والدواء، يقف وقفة يعجز عنها رجالٌ كثر في بلادنا، ويلقي تحيّة حبّ ملؤها العزّة على الأمّة كلّها.
موقع العهد اللبناني
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: تسع سنوات الأم ة
إقرأ أيضاً:
السجن 10 سنوات لنائب أردني سابق بتهمة تهريب أسلحة للضفة
أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية الأربعاء حكما بالسجن 10 سنوات بحق النائب السابق عماد العدوان بعد إدانته بمحاولة تهريب أسلحة من الأردن إلى الضفة الغربية المحتلة، حسب ما أفاد مصدر قضائي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "المحكمة أصدرت أيضا حكما بالسجن 15 سنة بحق متهم فارّ من وجه العدالة، وأحكاما بالسجن 10 سنوات لثلاثة موقوفين آخرين بعد إدانتهم في إطار القضية نفسها".
وأدين هؤلاء جميعا بتهمة "تصدير أسلحة بقصد الاستعمال على وجه غير مشروع".
وكان المدعي العام لمحكمة أمن الدولة وجّه في مايو/أيار 2023 التهمة إلى العدوان بعد رفع مجلس النواب الحصانة عنه.
وأعلنت وزارة الخارجية الأردنية في 23 أبريل/نيسان 2023 أن السلطات الإسرائيلية أوقفت العدوان على خلفية محاولته تهريب كميات من الأسلحة والذهب من الأردن إلى الضفة الغربية، قبل تسليمه للأردن.
والعدوان (36 عاما) كان أحد أصغر النواب سنا، وينتمي إلى إحدى أشهر القبائل في الأردن، وهو محام وكان عضوا في لجنة فلسطين بمجلس النواب الأردني وله مواقف سياسية معارضة للحكومة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية حينئذ أن الأمن الإسرائيلي أوقف العدوان على جسر الملك حسين (اللنبي) وضبط كميات من الأسلحة والذهب في سيارته خلال توجهه إلى الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
ولم تحدد آنذاك وجهة المهربات النهائية أو الغاية من تهريبها.
وتناقل إسرائيليون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك الحين مقطع فيديو لم يتسنّ التحقق من صحته يظهر أسلحة قيل إنها ضبطت في سيارة النائب السابق وتضم مسدسات وبنادق آلية.
يشار إلى أن الأردن تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل أبرمت في عام 1994.