قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرته الرمضانية الثالثة عشرة: المسلم في ظروف الجهاد في سبيل الله ومواجهة كل التحديات والأخطار عليه أن يلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أهم ما يحتاج إليه المقاتل في الميدان هو الروح المعنوية فهي في مقدِّمة العوامل الأساسية للانتصار
الثورة/
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
من أهم وأبرز الأحداث في سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي تاريخ المسلمين: غزوة بدرٍ الكبرى، التي وقعت في السابع عشر من شهر رمضان المبارك، من السنة الثانية للهجرة، وكذلك من أهم الأحداث في شهر رمضان، والتي وقعت فيما بعد بسنوات: فتح مكة، والذي كان في السنة الثامنة للهجرة النبوية، ولغزوة بدرٍ وفتح مكة الأهمية الكبيرة جداً- كما قلنا- في سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي جهاده، وأيضا في تاريخ المسلمين؛ باعتبار ما لكل منهما (من فتح مكة، وغزوة بدر) من تأثير كبير في واقع المسلمين يمتد إلى قيام الساعة.
عندما نعود إلى غزوة بدرٍ الكبرى، نحن نعود إلى سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، الذي هو لنا الأسوة والقدوة، والذي عندما نعود إلى سيرته باعتبارها جزءاً مهماً مما نعود إليه في ديننا، ولاستلهام الدروس والعبر من المعلم والقدوة والأسوة، الذي منحه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” النور، والهداية، والحكمة؛ ليعلمنا، وينقذنا، ويهدينا، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عندما قال لنا في القرآن الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب: الآية21]، كان ذلك أيضاً في سياق الجهاد في سبيل الله، ومواجهة أعداء الله، والتصدي للأخطار والتحديات، مع أنه الأسوة والقدوة في كل أمور ديننا، فعودتنا إلى سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” مسألة مهمة لنا في ديننا ودنيانا، ونستفيد منها على كل المستويات، ولها أهميتها بالاعتبار الإيماني، وباعتبار الواقع.
في هذه الظروف المهمة، والحساسة، والخطيرة، التي تعاني فيها أمتنا، وهي أمةٌ مستهدفةٌ من أعدائها بكل أشكال الاستهداف، ومن ذلك على المستوى العسكري، ليس هناك أمة استهدفت عسكرياً، وتستهدف حالياً، فيما بين الأمم القاطنة على كوكب الأرض مثلما هو حال المسلمين، أعداؤهم يغزونهم إلى عقر ديارهم، يحتلون أوطانهم، ينهبون ثرواتهم، يستبيحونهم ويقتلونهم بشكلٍ مستمر، لم تتوقف حالة القتل والاستهداف والإبادة للمسلمين، من حربٍ إلى أخرى، من غزوٍ إلى آخر، من استهدافٍ في هذا البلد إلى استهداف في ذلك البلد، من هجومٍ يباشره الأعداء بأنفسهم، بجيوشهم، بإمكاناتهم؛ أو من خلال مؤامرات يهندسونها هم، ويثيرون من خلالها الفتن بين أبناء الأمة، ويشغِّلون البعض من أبناء الأمة ضد البعض الآخر، وهكذا، نحن أمةٌ مستهدفة شئنا أم أبينا، ونحن بحاجة إلى أن نعود إلى سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وإلى جهاده، من خلال ما قدَّمه القرآن الكريم، ومن خلال ما هو صحيحٌ وثابتٌ في كتب السِّيَّر والتاريخ؛ لنستفيد منه في واقعنا، فذلك يعنينا أيضاً، سواءً بحساب الانتماء الإيماني والديني، أو بحساب ما نواجهه وما نعانيه من تحديات وأخطار في واقعنا.
الأهمية الكبيرة جداً في غزوةٍ بدرٍ الكبرى: في كيفية قيام الأمة الإسلامية وانتصارها، ومواجهتها للتحديات والأخطار آنذاك، ونشوء وامتداد نور الإسلام، وكذلك في انتصار المسلمين، وفي تغيير الواقع الجاهلي الظلامي في الجزيرة العربية، وما تبع ذلك أيضاً في الأخير من امتدادٍ لنور الإسلام إلى أرجاء واسعة في الأرض، وإلى انتشاره عالمياً.
ولذلك أتت التسمية في القرآن الكريم لغزوة بدرٍ الكبرى تسميةً مميزة، وذات أهمية كبيرة، وتُلَخِّص لنا الفكرة عن مستوى الأهمية التي قد لا نستوعبها لتلك الغزوة، حينما سمَّها الله بيوم الفرقان، قال “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[الأنفال: من الآية41]، وهو يومٌ فارقٌ فعلاً، فارقٌ، ما بعده اختلف تماماً عمَّا قبله، ولمصلحة المسلمين، لمصلحة الرسالة الإلهية، لمصلحة قيم الخير والعدل والحق، ولطمس تلك الحالة من الخرافة، والجاهلية، والظلام، والباطل، والشرك، والكفر.
فيوم الفرقان نعمة كبيرة، امتدت آثارها ونتائجها المهمة عبر الأجيال، وهو محطة مهمة لاستنهاض الأمة؛ لأن الأمة في هذه المرحلة، في ظل ما تواجه من تحديات تُشكِّل خطورةً بالغةً عليها، والخطر الكبير هو: في جمودها، وقعودها، وتخاذلها، أمام تلك الأخطار التي تستهدفها، والتي لا ينفع معها التجاهل، ولا التنصل عن المسؤولية، ولا حالة الغفلة التي يصر البعض على البقاء فيها، فالأمة بحاجة إلى الاستنهاض، وبحاجة إلى استلهام الدروس والعبر، وأي دروس وعبر أبلغ من دروس وعبر نستفيدها من سيرة رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”!
عندما نأتي إلى يوم الفرقان، فيما قبله (ما قبل غزوة بدرٍ الكبرى)، بدءاً بالمرحلة المكية، قبل هجرة النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” من مكة، ومنذ أن بعثه الله بالرسالة فيها، تحرك “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” لتبليغ رسالة الله، وإيصال نوره إلى الناس، الرسالة التي بها الإنقاذ للبشرية، والإنقاذ ابتداءً لذلك المجتمع نفسه، ولمحيطه في الجزيرة العربية بكلها، الإنقاذ من الشرك، من الخرافة، من الباطل، من الضلال، من الكفر، من الظلم؛ الإنقاذ من نار جهنم، الإنقاذ من الخسارة الكبرى في الدنيا والآخرة، الإنقاذ من ذلك الواقع الجاهلي الظلامي السيء، الذي هبط بالقيمة الإنسانية للناس أنفسهم، عندما تحوَّلوا إلى عُبَّاد للأوثان والأصنام الحجرية والخشبية، وغيرها من الأوثان التي يصنعونها بأنفسهم، أو يشترونها من الأسواق بقيمتها، ثم يعكفون حولها كآلهة، ويعبدونها كآلهة، ويخضعون لها كآلهة، فيحصل مثل هذا الخلل الرهيب جداً في معتقداتهم، وفي المرتكز الأول والأساس في العقائد، يؤلِّهون تلك الأوثان والأحجار، والتي يصنعونها أيضاً من مواد متنوعة ومختلفة، ومع ذلك الانتشار الهائل للمفاسد الأخلاقية، للظلم للطغيان، الضياع في هذه الحياة بدون هدف، وضعية سيئة، كانت أيضاً منعكسةً على ظروف حياتهم بكل ما فيها، بكل ما فيها، والتفاصيل تطول عن هذا الأمر، تحدث عنها القرآن الكريم، فيما كانوا عليه من معتقدات، من ممارسات ممتلئة بالظلم، ممتلئة بالتوحش، إلى درجة قتل بناتهم، ووأد بناتهم وهُنَّ أحياء على قيد الحياة، وغير ذلك من الخرافات والمفاسد الرهيبة جداً، والممارسات السيئة للغاية، فالإسلام إنقاذ، إنقاذٌ وشرفٌ عظيم، يسمو بالإنسان؛ ليكون بمستوى إنسانيته.
مع حركة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” لتبليغ الرسالة في مكة، واجهه معظم قريش بالتكذيب، والكفر، والصد، والإساءة، والحملات الدعائية؛ بهدف تشويهه، وتشويه القرآن، وتشويه الرسالة الإلهية، بالرغم من وضوحها، وقوة حجتها وبرهانها، وانسجامها مع الفطرة، ولكنهم كانوا يعاندون؛ لأنهم ارتبطوا بمجموعة من الطغاة، المجرمين، المستكبرين، والملأ الذين لهم دوافعهم، دوافعهم الشخصية، التي هي مبنية على الأنانية، والأحقاد، والأطماع، والكبر، والغرور، والمحافظة على النفوذ الذي هو مبنيٌ على ذلك، ومرتبطٌ به ما يمارسونه من الظلم والطغيان، ويريدون أن يكون الأمر مستمراً على ما هو عليه، فالإسلام بعدله، ونوره، وهديه، لا ينسجم مع تلك الأطماع والأهداف الشخصية، والأنانيات والممارسات الظالمة التي هم عليها، فوجدوا أنفسهم في تباينٍ مع نور الإسلام وعدله وهديه، وقيمه العالية والراقية، ومع ذلك كانوا يحاولون أن يمنعوا الناس من الإسلام، ولا سيَّما المستضعفين، من ليس له سند، ولا حماية عشائرية، توفر له الحماية من شرهم، بل البعض من العشائر والبيوتات كانوا هم الذين يتوجهون لممارسة الاضطهاد، والقمع، والظلم، تجاه من يُسلِم منهم، فعاش المسلمون عاشوا حالةً من الاضطهاد والظلم والمعاناة في مكة؛ لدرجة أن اضطر البعض منهم إلى الهجرة إلى الحبشة، فسار عددٌ منهم للهجرة هناك، وبقوا هناك؛ ليسلموا تلك الحالة من الاضطهاد.
وتزايدت حالة التكذيب، والمعارضة، والاضطهاد، ومحاولة إقناع الوفود التي تأتي إلى مكة للحج، أو للتجارة، بعدم الاستماع للنبي، ولا الإصغاء إليه، ولا الاستماع لرسالته، ولا التَّقبل لها، والمبادرة بالصد والتشويه ما قبل ذلك: ما قبل لقاء الناس بالرسول، أو سماعهم له “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”.
من بعد وفاة عم النبي (أبو طالب)، الذي كان له دورٌ أساسيٌ في حماية النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في مكة، بما له من نفوذ وتأثير، ومعه عشيرته (بنو هاشم)، ازداد الاستهداف للنبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي المرحلة الأخيرة أصبحت هناك مؤامرات لاستهدافه بالقتل؛ ولذلك أذن الله لرسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بالهجرة، بعد أن وصل الوضع في مجتمع مكة إلى مرحلة لا يؤمَّل منهم أن يهتدوا للإسلام، ويتحركوا كحاضنة للإسلام، تحمل راية الإسلام، وتنشر نور الإسلام إلى بقية محيطها في الجزيرة العربية، أصبح أكثرهم- باستثناء القليل، وإلا القليل منهم- يتجهون في إطار معارضة الإسلام، ومحاربته، والصد عنه؛ ولذلك يقول الله عنهم في القرآن الكريم: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[يس: الآية7]، ووصل الحال إلى مساعيهم لاستهداف النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بالقتل، كذلك هيأ الله البديل الجديد، وهم الأنصار، الذين سيتحركون كحاضنة لمشروع الرسالة الإلهية، ولحمل راية الإسلام، ولنيل هذا الشرف العظيم؛ فأذن الله لرسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بالهجرة إليهم.
هاجر النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” إلى يثرب، إلى المدينة، إلى الأنصار، وبدأ مرحلةً جديدةً هناك، وانزعج المشركون في مكة انزعاجاً شديداً؛ ولذلك بدأوا تحركاتهم ما بعد هجرة النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في عدة اتجاهات، منها:
عقد تحالفات وتنسيقات مع بقية القبائل العربية، التي هي قريبة من المدينة، أو في الطرق إلى المدينة، أو ما بين مكة والمدينة.
إضافةً إلى التنسيق السري ما بينهم وبين اليهود أيضاً.
وكل هذا في إطار العمل لمحاربة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والاستهداف للمسلمين، بدءاً بالتضييق الاقتصادي عليهم، اتفقت قريش مع كثيرٍ من القبائل أن يمنعوا المسلمين من أسواقهم، ومن المرور بأي نشاط تجاري أو حركة اقتصادية في مناطقهم، وكذلك بدأوا التحضيرات لمرحلة الغزو العسكري، والهجوم العسكري، والاستهداف العسكري للرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” إلى المدينة؛ ولهذا الهدف أرسلوا قافلةً كبيرة- تعتبر من أكبر قوافلهم التجارية- أرسلوها إلى الشام؛ من أجل أن يحققوا مكاسب ضخمة، وقرروا في مكة، قرر مجتمع قريش أن يخصص عائدات وأرباح تلك القافلة، لتمويل هجومٍ عسكريٍ وعمليةٍ عسكرية، تستهدف النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ومن معه من المسلمين في المدينة المنورة.
رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” كان على اهتمام مستمر، يرصد تحركات الأعداء، لم يكن في حالة غفلة، وكان يسعى إلى تهيئة المسلمين، وتحضيرهم في إطار هذه المرحلة الجديدة، التي سيدخلون فيها في مواجهات عسكرية وجهادٍ عسكري، فكان يسعى إلى رصد تحركات الأعداء، وإلى تنشيط المسلمين بدءاً بسرايا، سرايا (مجموعات) استطلاعية، تُنَفِّذ مهام استطلاعية، وتتحرك أيضاً لتكون المسألة مسألة مقبولة في الساحة، ولا تكون الحالة التي يبقى المسلمون فيها في المدينة حالة انكماش، وجمود، وقعود، تؤثِّر عليهم هم على المستوى النفسي، وتهيئ بيئة مغلقة في وجوههم في محيطهم؛ فأراد رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” للمسلمين أنفسهم، أن يكونوا هم متعودين على التحرك والخروج في تلك السرايا الاستطلاعية، وأن ينفِّذوا تلك المهام، التي هي مهام تهيئهم ذهنياً ونفسياً لما بعد ذلك من المواجهة مع الأعداء، وتنشِّطهم، وفي نفس الوقت تهيئ الساحة أمامهم؛ لتكون متقبلة لهذا التحرُّك، ولا تكون ساحةً مغلقةً في وجوههم.
عندما علم رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بتلك الترتيبات والاستعدادات لدى قريش، والتي تهيئ لمهمة عسكرية لاستهداف المسلمين في المدينة، تحرَّك رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” وقت عودة تلك القافلة، قد أصبحت تلك القافلة آتية وعائدة من الشام، وعلى رأسها أبو سفيان، فرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” جمع من انطلق معه واستجاب له من المسلمين في التحرك لاستهداف تلك القافلة، وكان من الوارد ابتداءً أن هذه الخطوة قد يقابلها المشركون بتحركٍ عسكريٍ عاجل من مكة، كان هذا الاحتمال وارداً منذ البداية؛ ولذلك خرج النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بنفسه في هذه المهمة، وعلى رأس هذه المهمة، وفي نفس الوقت خرج بمن استجاب له من المسلمين، بأكثر من ثلاثمائة شخص، في بعض الروايات (ما بين ثلاثمائة، إلى ثلاثمائة وأربعة عشر شخصاً)، وهؤلاء هم الذين استجابوا له في الخروج معه “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”.
وقدَّم لنا القرآن الكريم عرضاً مهماً، عرضاً مهماً جداً لتسلسل تلك الأحداث، وقدَّم (سورة الأنفال)، التي هي بكلها تعرض من أولها إلى آخرها، وعرضاً مميزاً جداً، أحداث غزوة بدر، عرضاً مليئاً بالدروس والعبر، يبني الأمة فيما بعد ذلك، سواءً في عصر رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، أو ما بعده؛ لتكون في مستوى القوة، والمنعة، والتحرك الفاعل في مواجهة المخاطر التي تهددها.
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج: الآية39]، أتى الإذن من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” للنبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” وللمسلمين بالتحرك العسكري، كانت هذه الآية- بعد تواجدهم في المدينة، واستقرار وضعهم فيها- هي الإعلان عن بداية المرحلة الجديدة، التي سيتَّجه المسلمون فيها لمواجهة الأعداء، إلى هذا المستوى: لمواجهة التحديات والمخاطر التي تستهدفهم عسكرياً.
ثم عندما أتى التحرك– كما قلنا- في وقت حركة تلك القافلة وعودتها، وهي قافلة خُصِّصت عائداتها للترتيب للاستهداف للمسلمين بعملية عسكرية، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}[الأنفال: 5-6]، نجد أنَّ الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الذي أمر رسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بالتَّحرُّك، لم يكن ذلك التَّحرُّك عبارة عن رأيٍ شخصيٍ من النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، أو من بعض المسلمين؛ وإنما كان أمراً من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في إطار تدبيره وتوجيهاته وتعليماته، وهذا درسٌ مهمٌ لنا نحن المسلمين في هذا العصر، الذين نتقاعس عن التحرك حتى بعد أن يدهمنا الخطر إلى عقر ديارنا، نجد أنَّ رسول الله تحرَّك حركةً مسبقة، لم يبقَ هو والمسلمون معه، الذين استجابوا له، في المدينة، ويقررون أن يجلسوا حتى يأتي العدو، وحتى يهجم العدو، وحتى يدخل إلى ديارهم وبيوتهم، ثم يوافقون على التحرك.
تربية الإسلام، وهدي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يربي الأمة إلى أن تكون هي مبادرة، وسبَّاقة، وتتحرك لمواجهة الخطر قبل أن يدهمها الخطر، فتتحرك حركةً مسبقة في التصدي للأعداء؛ ولهذا نجد أنَّ رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” أمره الله بالخروج، وخرج، وتحرَّك بمن استجاب له من المسلمين، مع أنَّ البعض منهم كانوا كارهين للخروج في تلك الظروف؛ نظراً للوضعية الصعبة التي يعاني منها المسلمون، كانوا في ظروف صعبة على المستوى الاقتصادي، كانوا في واقع صعب مقارنة فيما بينهم وبين إمكانات وظروف أعدائهم، الأعداء يحيطون بهم من كل مكان، وهم أتوا بالرسالة الإلهية ليتحركوا في ظل ظروفٍ وبيئةٍ معادية، ومحاربة، وغير متقبِّلة للإسلام، فهم في ظروف صعبة، وعزلة كبيرة، ومعاناة شديدة، وإمكانيات- كذلك- متواضعة، فكانوا من حيث الإمكانات، من حيث العدد، من حيث العدة، في ظروف صعبة جداً، وبالمقارنة مع واقع أعدائهم: أعداؤهم لديهم الإمكانات الضخمة على المستوى العسكري، على المستوى المادي، ولديهم العدد والعدة؛ ولذلك كان البعض قلقين جداً من التَّحرُّك في خروج النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، إلى درجة قال عنهم: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}[الأنفال: من الآية6]، يعني: البعض كان فاقداً لأمله بالنصر، يرى النصر أمام تلك الظروف، وفي ظل تلك الوضعية الصعبة، والإمكانات المتواضعة، وكأنه شيءٌ من المستحيلات، وكأن ذلك الخروج نتيجته الحتمية هي الانتهاء بالموت، كأنه انتحار كما يقولون، انتحار وخروج لا يمكن أن يعود بنجاحٍ وظفرٍ ونصر.
رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بالرغم من كل ذلك تحرك، بالظروف الصعبة، مع قلة العدد والعدة، مع الإمكانات المحدودة جداً، ولم يقبل بتلك الاعتراضات، أتى الأمر من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولذلك لم يقبل باعتراض من اعترض، ولم يتقبَّل مساعي من حاولوا اقناعه بعدم التحرك والخروج، ولا اكترث أيضاً للآخرين: للمنافقين والذين في قلوبهم مرض، الذين سعوا بالإرجاف، والتهويل، والتخويف، {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: الآية49].
من جانبٍ آخر أيضاً: بلغ الخبر إلى المشركين في مكة، أنَّ رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بدأ بالتحرك من المدينة، ومن معه من المسلمين؛ لاستهداف تلك القافلة، وهم من الجهة الأخرى قاموا بالخروج، وأعدوا العدة، وحشدوا إمكاناتهم، وتحركوا عسكرياً، بقوة عسكرية من مكة؛ لاستهداف النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، خرجوا جيشاً قريباً من الألف مقاتل، ومعهم إمكانيات ضخمة، البعض منهم يمتلك سيفين، ودرعين، وساقوا معهم العدد الكبير من الإبل، وكذلك كان معهم العدد الضخم من الفرسان، فكانوا يمتلكون الخيول، التي هي ذات أهمية كبيرة في القتال آنذاك، خرجوا كما قال الله عنهم: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[الأنفال: من الآية47]، هم اعتبروها فرصة أصلاً، اعتبروها فرصةً للخروج لتحقيق هدفين بالنسبة لهم:
الهدف الأول: ما كانوا يتوقَّعونه ويظنونه هم، من أنهم سيتمكنون من القضاء على النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ومن معه من المسلمين.
والهدف الثاني: أن يعززوا بذلك من نفوذهم، وهيبتهم، وتأثيرهم في بقية الجزيرة العربية، وأمام بقية القبائل العربية.
فخرجوا بطراً، استعراض بما لديهم من إمكانات ضخمة مادية، لديهم أموال، خرجوا ولديهم مظاهر تلك الثروة، والإمكانات، والسلاح، والعتاد، والعُدة، والعدد، وأمام الناس كذلك كما قلنا، ومهمتهم التي يركِّزون عليها هي: الصد عن سبيل الله.
ما هي مشكلتهم مع النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ومن معه من المسلمين؟ مشكلتهم هي في الإسلام، هم يَصُدُّون عن سبيل الله، يسعون إلى إطفاء نور الله، يحاولون أن يعملوا على إنهاء الإسلام، ووأد هذا المشروع الإلهي؛ كي لا يظهر في الساحة أبداً، ولا تقوم له قائمة أبداً، فمشكلتهم كانت هي الصد، وهدفهم ومشكلتهم مع النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” ومن معه من المسلمين هي هذه.
أصبح هناك تحرُّك من جهة النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” ومن معه، من الذين استجابوا له من المسلمين، وَتَحَرُّك من مكة: جيش المشركين الذي قد خرج بإمكاناته، وعتاده، وعُدَّته، والقافلة التي كانت تتحرك أيضاً باتجاه مكة.
في تلك الظروف نفسها، والرسول يتحرك بمن معه من المسلمين، أتى الوعد من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” للمسلمين: بالتمكين من إحدى الطائفتين؛ فذلك الخروج خروجٌ منتصرٌ حتماً، وسيحقق نتيجةً بوعد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، نتيجة مهمة للمسلمين، ولكن لا تزال في البداية مجهولة بالنسبة للمسلمين، ما الذي سيتحقق لهم؟ لأن الله وعدهم إحدى الطائفتين:
إمَّا القافلة العائدة بالأموال التجارية، التي خُصِّصت لتمويل هجوم على المسلمين.
وإمَّا الجيش العسكري، الذي قد خرج من مكة.
يقول الله “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}[الأنفال: من الآية7]، كانت الرغبة النفسية لدى المسلمين، هي: أن يتمكنوا من القافلة؛ ليستفيدوا منها مادياً، وليتفادوا الاصطدام العسكري والقتال، يعني: لم تكن عندهم رغبة بالقتال، هم يريدون نصراً بارداً، ليس فيه قتال، وأن يتفادوا الاصطدام والقتال العسكري، ويريدون أن يستفيدوا من القافلة تلك، من إمكانياتها المادية؛ نظراً لما هم فيه من ظروف صعبة جداً، وإمكانية الاستفادة من تلك الأموال أيضاً، في تطوير وتوفير متطلبات يحتاجون إليها حتى في الصراع العسكري؛ فكانت الرغبة شيئاً، ولكن التدبير الإلهي كان لشيءٍ آخر.
فيقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[الأنفال: 7-8]، النتائج الأكثر أهمية، والتي لها تأثير مهم جداً للإسلام والمسلمين، هي: بالتمكين من الجيش العسكري، وإحراز نصرٍ عسكري، هذا الذي ستكون له نتائج مهمة، أكثر أهمية بكثير من أن يظفروا بالقافلة، وأن يتمكنوا من القافلة العائدة بالمال، وهذا درسٌ للمسلمين، فيما يتعلق بالخيارات والأهداف الأكثر أهمية، وذات التأثير الأكثر أهمية أيضاً في واقعهم؛ ولذلك اتَّجه الطرفان وقد فاتت القافلة بعد ذلك، فاتت القافلة، وأصبح الخيار واضحاً أنه سيكون هناك صدام عسكري، وهناك وعد مسبق من الله، وعدٌ مسبقٌ للمسلمين وعدهم الله به.
وصل الطرفان: جيش المشركين الذي خرج من مكة، والنبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” ومن معه من المسلمين، الذين كانوا اتَّجهوا من المدينة، وكانوا يسعون إلى اللحاق بتلك القافلة، وصل الطرفان إلى بدر، موقع بين مكة والمدينة، فيه بئر ووادٍ هناك، كل طرف وصل إلى الجهة المحاذية له، جيش المشركين وصل في الجهة التي هي إلى مكة، محاذية لهم، والمسلمون وصلوا في الجهة من الوادي التي هي الأقرب إلى المدينة، محاذيةً لهم؛ ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الأنفال: الآية42].
أتت التهيئة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لالتقاء المسلمين بالجيش العسكري، بالقوة العسكرية التي خرجت لقتالهم من مكة، وعندما وصلوا هناك إلى بدر في اليوم الأول، قبل اليوم الذي وقعت فيه غزوة بدرٍ الواقعة، كانوا على المستوى الجغرافي في انتشارهم وفق ما ورد في الآية المباركة: أولئك في الجَنَبَة من الوادي المحاذية لهم، والمسلمون في الجَنَبَة الأخرى، التي هي باتجاه المدينة، ومن تلك اللحظة أصبح واضحاً أنه سيكون هناك قتال، واصطدام عسكري، وأنَّ المسلمون سيخوضون هذه المعركة، التي كان الكثير منهم لا يرغب أصلاً في أن يخوضها، بالنظر إلى حالهم، وظروفهم، وقلة عددهم، وقلة إمكاناتهم، فكانت حالة القلق من نتائج تلك المعركة مؤثِّرة على الكثير منهم، ولكن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أمدهم بما هيَّأهم حتى ما قبل المعركة.
في اليوم الأول، وقبل أن يأتي اليوم الثاني، الذي وقعت فيه المعركة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: 9-10]، هم التجأوا إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهذه مسألة مهمة جداً: في كل أحوال الإنسان المسلم، في ظروف الجهاد في سبيل الله، وفي مواجهة كل التحديات والأخطار، عليه أن يلتجئ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يستغيث بالله “جَلَّ شَأنُهُ”، والله استجاب لهم، ووعدهم هذا الوعد: استجاب لهم، ووعدهم بأن يمدهم بعدد كبير من ملائكته: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، والهدف من دور الملائكة “عَلَيْهِمُ السَّلَام”، ومن هذا العدد، وهذا التعزيز والمدد الذي سيأتي من ملائكة الله: ما سيقومون به من دورٍ مهمٍ جداً:
على مستوى رفع الروح المعنوية:
فتواجدهم بين المسلمين سيضفي حالة السكينة، ولديهم طريقتهم هم في رفع الشعور المعنوي لدى المسلمين، فتكون الحالة المعنوية حالة مرتفعة، وأهم ما يحتاج إليه المقاتل في الميدان هو: الروح المعنوية، وفي مقدِّمة العوامل الأساسية للانتصار: الروح المعنوية، إذا كانت عالية؛ فلها أهميتها الكبيرة جداً على مستوى الثبات، على مستوى الأداء القتالي، ثم وصولاً إلى النتائج المهمة للمعركة.
التأثير أيضاً في نفوس الأعداء، التأثير من جوانب متعددة:
مهمة الملائكة الذين أنزلهم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مدداً لعباده المؤمنين في معركة بدر، لم تكن ليقوموا بالقتال نيابةً وبدلاً عن المسلمين؛ ليبقى المسلمون جالسين وقاعدين، وأولئك يقاتلون بدلاً عنهم، بل كانت المهمة في القتال للمسلمين، عليهم أن يؤدوا هذا الدور، وهذه المهمة، ولكن الملائكة هم إسناد معنوي من جهة، يسندهم على مستوى الروح المعنوية من جهة، وهناك أيضاً تأثيرات أخرى، تأثيرات على مستوى الأداء، على مستوى الفاعلية، زيادة مستوى الفاعلية في أداء المسلمين، وكذلك في التأثير على نفسيات الأعداء، فكان هذا من التأييد الإلهي المهم جداً، والذي يعد الله به المؤمنين، ليس فقط في تلك الغزوة، أو في تلك المعركة، هذا وعدٌ مفتوحٌ لعباد الله المؤمنين، الذين يتحركون حركة الإسلام في رسالته، في أهدافه، في تعليماته، في تشريعاته.
أيضاً كان مما أمد الله المسلمين به تلك الليلة، ليلة صبح الواقعة: النعاس، قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}[الأنفال: من الآية11]، وهو يدل على حالة السكينة والاطمئنان التي منحهم الله إيَّاها؛ لدرجة أن يصيبهم النعاس، والنعاس هو بداية النوم، أو النوم الخفيف الذي يحصل للإنسان، وكان بدرجة لا يخرجون بها عن حالة الانتباه واليقظة، وفي نفس الوقت يشعرون معها بالاطمئنان، والسكينة، والأثر الإيجابي على أعصابهم، وعلى نفسياتهم.
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}[الأنفال: من الآية11]، فكان ضمن المدد الإلهي أيضاً: المطر، الماء، وكانوا بحاجةٍ إلى الماء؛ لأن المشركين سبقوهم إلى البئر التي في تلك المنطقة، والمسلمون بحاجة إلى الماء للشرب، وبحاجة إلى الماء أيضاً للأرض، الأرض كانت رملية، وإذا لم يُلَبِّدهَا الماء؛ فستكون عملية القتال فيها صعبة؛ نظراً للوضع الرملي للمقاتل عندما تنغرز رجله بين الرمل، يصعب عليه سرعة الحركة، التنقل، الحركة القتالية التي تحتاج إلى خفة، إلى مبادرة، إلى سرعة انتقال… وغير ذلك، فالله هيَّأ لهم بالمطر:
أولاً على مستوى توفير حاجتهم من الماء، وهم عملوا حوضاً يجمع لهم الماء فيه.
وأيضاً من جانبٍ آخر: يغتسلون، يحسون بالنشاط، يرتاحون، يشعرون بالانتعاش والحيوية.
وكذلك أيضاً يستفيدون في تثبيت المنطقة الرملية التي يقاتلون عليها.
فنجد كيف كان التأييد الإلهي، والله وعد عباده المؤمنين بالتأييد، يأتي التأييد بأشكال كثيرة، مما يساعدهم على أداء مهمتهم، فنجد كيف حصلت تهيئة نفسية، وتهيئة- كذلك- في الواقع وفي الميدان، وكل هذا لمصلحة المسلمين.
نكتفي بهذا المقدار، ونستكمل- إن شاء الله- ما بقي في المحاضرة القادمة.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی القرآن الکریم الجزیرة العربیة الروح المعنویة سیرة رسول الله على المستوى نور الإسلام المسلمین فی إلى المدینة فی المدینة الإنقاذ من ع ل ى آل ه بحاجة إلى على مستوى ظروف صعبة سبیل الله یقول الله ت ع ال ى س ب ح ان ه البعض من نعود إلى غزوة بدر فی إطار التی هی فی ظروف من الله وقعت فی ص ل و ات ذلک من فی تلک من مکة ما بین ما قبل فی هذه فی مکة ما بعد
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتجلى في الممارسات الإجرامية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني
يمانيون |
أكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتجلى في الممارسات الإجرامية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.. مشيرا إلى أن المنظمات الدولية تشهد على المجاعة في قطاع غزة ونفاد القمح والطحين من المخابز التي كانت توزع الخبر لأبناء الشعب الفلسطيني.
وأشار السيد القائد في كلمته اليوم بتدشين الدورات الصيفية وحول آخر التطورات والمستجدات، إلى أن العدوان الأمريكي على اليمن هو جزء من المعركة التي يشترك الأمريكي فيها مع العدو الإسرائيلي.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي لم يتمكن من إيقاف العمليات العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني ولا توفير الحماية للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
مؤكدا مواصلة التصدي للأمريكي الذي يشترك مع العدو الإسرائيلي ويسنده ويحميه ويشاركه في عدوانه على فلسطين وضد شعوب الأمة.
العدوان الصهيوني على غزة:
وأوضح أن العدو الإسرائيلي لأكثر من شهر وهو يمارس جريمة التجويع ومنع الغذاء والدواء عن الشعب الفلسطيني في غزة، كما استأنف الإبادة الجماعية ويلقي القنابل الأمريكية على الشعب الفلسطيني في خيامهم وأطلال منازلهم المدمرة.. مبينا أن العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا.
وأفاد بأن العدو الإسرائيلي لا يلتزم بالقوانين ولا بالاتفاقيات ولا قيم ولا أخلاق ويرتكب أبشع الجرائم بكل توحش.. مؤكدا أن العدو الإسرائيلي يركز على محاربة الجانب الإنساني في كل ما يتعلق به من إعدامات ومنع كل مقومات الحياة، ويرتكب كل أنواع الجرائم في غزة بتشجيع أمريكي ويقدم له السلاح لقتل الأطفال والنساء.
وذكر السيد القائد أن الأمريكي يتبنى بشكل معلن وصريح ما يفعله العدو الإسرائيلي، وعندما استأنف عدوانه أكد البيت الأبيض دعمه لكل ما يقدم عليه الإسرائيلي.. وقال” ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية يهدف إلى التهجير وما حصل في جنين نكبة كاملة”.
وأشار إلى أن المسجد الأقصى مستهدف باستمرار بالاقتحامات وتحركات بن غفير تظهر الاستهداف والتصعيد ضد مقدس من أعظم المقدسات الإسلامية.. لافتا إلى أن الأمة أمام خطري جرائم العدو الإسرائيلي وما يهدف إليه من تصفية القضية الفلسطينية بدعم أمريكي شامل.
وبين أن العدو الإسرائيلي يخرق الاتفاق في لبنان ولم تتوقف انتهاكاته وغاراته وصولا إلى بيروت في استباحته للأراضي والدم اللبناني، ومستمر في عمليات القصف الجوي في دمشق وباقي المحافظات السورية وقسم الجنوب السوري إلى ثلاثة تصنيفات فيما الأمريكي يتوغل في ريف دمشق بحراسة من مسلحين محليين.
وأضاف” الجماعات التكفيرية في سوريا لا هم لها ولا شغل إلا قتل المدنيين المسالمين العزل الذين لا يمتلكون السلاح، تتفرج على ما يفعله العدو الإسرائيلي من قتل وغارات وتدمير دون أي توجه جاد وعملي للرد عليه”.. مبينا أن العدو الإسرائيلي يسعى فعليا لتثبيت معادلة الاستباحة لهذه الأمة بشراكة أمريكية.
وأفاد قائد الثورة بأن الخطة الإسرائيلية التي كشف عنها كبار المجرمين الصهاينة هي أنهم يريدون أن يتجهوا إلى تقطيع أوصال قطاع غزة.. موضحا أنه ومع تقطيع وعزل بقية القطاع عن بعضه وإطباق الحصار يفتح العدو لما يسمونه بالهجرة الطوعية.
وتساءل” أي هجرة طوعية والقنابل الأمريكية تلقى على الشعب الفلسطيني في خيامه وعلى أطلال منازله المدمرة وهو يجوع؟!”.. مشيرا إلى أن ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضفة بمثل ما فعله في مخيم جنين هل هي هجرة طوعية أو تهجير قسري؟.
كما تساءل” إن لم يكن التهجير القسري بإطلاق القنابل الأمريكية القاتلة المدمرة على النازحين في مخيماتهم في الخيم القماشية فكيف هو التهجير القسري؟.. لافتا إلى أن الدور الأمريكي هو الأساس لأنه الممول والحامي والشريك والمتبني حتى لمسألة التهجير بنفسها.
وقال” لا يجوز أبدا ان يتحول كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني إلى حالة روتينية يشاهدها الناس ويكتفى بالبيانات”.
وأكد السيد القائد أن صمت وتجاهل الشعوب العربية إزاء ما يجري في فلسطين انقلاب على كل المبادئ والقيم والأخلاق والقوانين والشرائع، ولابد من العودة للنشاط العالمي والتحرك بمثل ما كان عليه وأكثر في الـ15 شهرا في معركة طوفان الأقصى.
وأضاف” ينبغي أن يكون هناك نشاط واسع في مختلف البلدان على المستوى العالمي للضغط على الحكومات لتتبنى سياسات داعمة إنسانيا للشعب الفلسطيني، وأن يكون هناك عزل للعدو الإسرائيلي وللعدو الأمريكي في توجههما الوحشي المنفلت الهمجي الإجرامي، ولا ينبغي أن تتحول المسألة هذه المرة إلى حالة صمت يعم البلدان بكلها”.
وأشار إلى أن هناك ضغط أمريكي على الجاليات وعلى الناشطين في الجامعات إلى درجة الترحيل لبعضهم، وهناك ضغط أيضا في البلدان الأوروبية للتضييق على الناشطين والتهديد بترحيلهم.
ولفت إلى أن السلطات في ألمانيا تحذو حذو الأمريكيين في التضييق أكثر على الناشطين بل والبدء في ترحيل بعضهم.. مشددا على أهمية أن يكون هناك نشاط واسع لأن هناك خطر يتهدد الإنسانية والضمير الإنساني والقيم الإنسانية في كل العالم.
وأكد قائد الثورة أن الأمريكي والإسرائيلي يتجهان بالمجتمع البشري نحو الغابة والحيوانية والتنكر التام لكل شيء.. مشيرا إلى أهمية تذكير المؤسسات الدولية بمسؤولياتها وإقامة الحجة عليها والضغط عليها لتبني مواقف أكثر جدية.
وتساءل: “لماذا لا تقوم الأمم المتحدة بطرد العدو الإسرائيلي منها، وهي قد ارتكبت جرما عظيما وتحملت وزرا كبيرا يوم اعترفت بالكيان الإسرائيلي الغاصب لفلسطين”.. وقال” مجلس الأمن ولو أنه مجلس أمن المستكبرين وليس ضمن اهتماماته إطلاقا العناية بالمستضعفين لكن ينبغي أن يكون هناك تحرك”.
وذكر أن العدو الإسرائيلي ينزعج عندما يكون هناك تحرك من المنابر والجهات والمنظمات لمواقف أكثر، ومن واجب الجميع أن يذكر أبناء العالم الإسلامي بمسؤوليتهم الدينية والإنسانية والأخلاقية وباعتبار أمنهم أيضا القومي كأمة.
وأضاف” يجب أن يذكر الجميع بهذه المسؤولية ويجب الاستنهاض للجميع فحالة الصمت خطيرة وهي بحد ذاتها وزر وذنب تجاه ما يجري”.. مؤكدا أن تجاهل الأمة لما يجري في فلسطين لا يعفيها أبدا من المسؤولية بل تتحمل وزر التجاهل والسكوت.
وأشار السيد القائد إلى أن تحرك الأمة بأكثرها رسميا وشعبيا ليس في مستوى الموقف والحالة العامة حالة تخاذل وتجاهل وتفرج.. وقال” لو اتسعت المقاطعة للبضائع الإسرائيلية والأمريكية لكان لها تأثير كبير”.
وأضاف” يجب أن يكون هناك نشاط واسع في أوساط الشعوب على مستوى التبرع والإنفاق في سبيل الله، ويجب أن تتجه الأنظمة إلى خطوات عملية في المقاطعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية للعدو الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن وسائل الإعلام على المستوى الرسمي العربي يجب أن تغير من سياستها السلبية تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين.. مشددا على أهمية أن تتغير وسائل الإعلام على المستوى العربي في أدائها المتردي تجاه العدو الإسرائيلي.
وأشار إلى أن التفريط في المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية له عواقب خطيرة في الدنيا والآخرة.
موقف اليمن الرسمي والشعبي:
وأكد السيد القائد أن اليمن رسميا وشعبيا أعلن موقفه منذ أن قام العدو الإسرائيلي بمنع دخول الغذاء والدواء وعاد إلى التجويع من جديد للشعب الفلسطيني.
وقال” عدنا بالعمليات البحرية وحظر الملاحة على العدو الإسرائيلي ثم كذلك الاستئناف لعمليات القصف إلى عمق فلسطين المحتلة، ومنذ استئناف العدو الإسرائيلي الإبادة الجماعية من جديد على قطاع غزة عاد شعبنا العزيز إلى التحرك في مختلف الأنشطة”.
وأضاف” ما بعد شهر رمضان ستعود كل الأنشطة الشعبية ويتم استئناف الخروج المليوني إن شاء الله من الأسبوع القادم”.. لافتا إلى أن الشعب اليمني تحرك فيما يتعلق بالتعبئة رسميا وشعبيا مع الشعب الفلسطيني على كل المستويات.
وأشار قائد الثورة إلى أن العدو الأمريكي يسعى مع العدو الإسرائيلي إلى تكريس معادلة الاستباحة لأمتنا والاستفراد بالشعب الفلسطيني.
وأكد أن التحرك بالموقف الكامل والشامل من اليمن في نصرة الشعب الفلسطيني أغاض العدو الأمريكي والإسرائيلي.. مبينا أن الأمريكي اتجه للعدوان على بلدنا في إطار اشتراكه مع العدو الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني.
وجدد التأكيد على أن العدوان الأمريكي على بلدنا هو جزء من المعركة يشترك الأمريكي فيها مع العدو الإسرائيلي.. وقال” المعركة هي ما بيننا وبين العدو الإسرائيلي ونحن أعلنا موقفنا الكامل ومنه الدعم العسكري لإسناد الشعب الفلسطيني”.
وأضاف” موقفنا موجه ضد العدو الإسرائيلي، والأمريكي لأنه مشترك مع العدو الإسرائيلي أعلن عدوانه على بلدنا وبدأ هو ابتداء عدوانه على بلدنا”.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي بكل همجية وإجرام يصعد ويستهدف الأعيان المدنية، مبينا أن الأمريكي والإسرائيلي مشتركان في المشروع الصهيوني.
فشل العدوان الأمريكي على اليمن:
وأفاد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بأن الأمريكي يرتكب الجرائم وهو في حالة عدوان على بلدنا ليس له أي مستند أبدا.. موضحا أن الأمريكي في عدوانه على بلدنا هو في حالة تصعيد ولذلك يستخدم طائرات الشبح وقاذفات القنابل ويحاول تكثيف غاراته.
وذكر أن غارات واعتداءات الأمريكي تصل في بعض الأيام إلى أكثر من 90 غارة، ورغم تصعيد العدوان الأمريكي لكنه فشل والحمد لله ولا أثر له على القدرات العسكرية.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي لم يتمكن من إيقاف العمليات العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني ولا هو تمكن من توفير الحماية للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
وأوضح أن العدوان الأمريكي لم يتمكن أيضا من تنفيذ أهدافه فيما يسميه بتصفية القيادات والقضاء على أحرار اليمن.. وقال” الأمريكي فاشل وسيفشل باستمرار بإذن الله تعالى ولن يتمكن في المستقبل من تحقيق الأهداف المشؤومة”.
وأضاف” شعبنا يتوكل على الله ويعتمد عليه وله مسيرة طويلة في الجهاد في سبيل الله تعالى”.. مؤكدا أن الغارات الجوية والاستهداف المكثف للبلد ليست حالة جديدة والأمريكي أشرف بنفسه وأدار العدوان على بلدنا على مدى 8 سنوات.
وقال” مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية اعترفوا بفشلهم فيما يتعلق بتدمير القدرات العسكرية ولم يحققوا النجاح الذي يريدونه”.. مشيرا إلى أنه وأمام هذا العدوان الأمريكي والبلطجة الأمريكية، شعبنا العزيز له مسيرة طويلة في الجهاد في سبيل الله.
وتابع” نحن في العام العاشر في وضع جهاد ومواجهة للطغيان الأمريكي ومواجهة لكل من يتحالف معه في العدوان على بلدنا، والمهم بالنسبة لنا أننا وصلنا إلى درجة المواجهة المباشرة فيما بيننا وبين الإسرائيلي والأمريكي وهذا ما كنا نحرص عليه”.
ولفت قائد الثورة إلى أنه ” خلال كل المراحل الماضية كانت أمنيتنا الوحيدة ولا تزال أن يكف العرب عنا وأن يتركونا في المواجهة المباشرة بيننا وبين العدو الأمريكي والإسرائيلي”.. مبينا أن المعركة القائمة الآن هي معركة ما بيننا وبين العدو الإسرائيلي، والأمريكي هو جزء من هذه المعركة.
وقال” لسنا كالذين يتفرجون على جرائم العدو الإسرائيلي ويسكتون فنحن نؤدي مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى، وما يهمنا هو أن يرضى الله عنا وأن ننجو من سخط الله وغضبه ولعنته وانتقامه وفي نفس الوقت يرضي ضميرنا الإنساني”.
وأضاف” ندرك أننا في موقف نعمل كل ما نستطيع ولا نتردد في أي شيء نستطيعه مما هو في إطار مسؤوليتنا الدينية”.
ومضى قائلا” لا ترهبنا أمريكا ولا نعتبرها مهيمنة على العالم فهي تنجح تجاه من يرضخون لها أما من يعتمدون على الله فالمسألة مختلفة”.. وأضاف” لسنا معتمدين على مستوى قدراتنا وإمكاناتنا تأتي في إطار الأسباب، واعتمادنا كليا هو على الله تعالى”.
وتابع” نحن في حالة انتصار على مدى كل العشرة الأعوام ولسنا في حالة هزيمة وهذه نعمة علينا من الله سبحانه وتعالى، وسنواصل إسنادنا للشعب الفلسطيني ومعركتنا وموقفنا المتكامل ضد العدو الإسرائيلي”.
موقف اليمن فاعل ومؤثر:
وجدد السيد القائد التأكيد على مواصلة التصدي للأمريكي الذي يشترك مع العدو الإسرائيلي ويسنده ويحميه ويشاركه في عدوانه على فلسطين وضد شعوب أمتنا.. وقال” نحن في إطار موقف فعال ومؤثر ونتصدى للعدوان الأمريكي ببسالة وفاعلية”.
وأشار إلى أن القوات الصاروخية تؤدي واجبها وكذلك الطيران المسيرة والدفاع الجوي.. مبينا أن الدفاع الجوي تمكن بفضل الله من إسقاط 17 طائرة من نوع إم كيو تسعة وهذا عدد كبير وحالة فريدة لا نسمع بمثلها.
ولفت إلى أن هناك بفضل الله على المستوى الشعبي حالة ثبات عظيم ومعنويات عالية وليس هناك أي التفات إلى أصوات المرجفين والمثبطين والمخذلين.. وقال” نحن في موقف متقدم على المستوى البحري وحاملة الطائرات ترومان هي في حالة هروب باستمرار والمطاردة لها مستمرة”.
وبين قائد الثورة أن الأمريكي يعتمد في تصعيده هذه الأيام على طائرات الشبح وقاذفات القنابل التي تأتي من قواعد أخرى من غير حاملة الطائرات “ترومان” أما الأخيرة فهي في حالة مطاردة باستمرار وهي تهرب في أقصى شمال البحر الأحمر.. مؤكدا أن اليمن في موقف قوي ومتقدم والأمريكي يعترف بفشله والواقع يثبت فشله أيضا.
التعاون مع الأمريكي هو إسناد للعدو الصهيوني:
وخاطب السيد القائد الأنظمة العربية والدول المجاورة قائلا” العدوان على بلدنا هو عدوان سافر وظالم ويستهدف الأعيان المدنية في إطار الاشتراك مع العدو الإسرائيلي، ونحن لا ننتظر ولا نتوقع أي موقف مساند لنا كشعب يمني عربي مسلم، فأنتم خذلتم الشعب الفلسطيني”.
وأضاف” لا ننتظر منكم شيئا بموجب الانتماء العربي، فمن خذل فلسطين سيخذل غيرها من شعوب هذه المنطقة”.
كما خاطب تلك الأنظمة قائلا ” العدوان علينا يشكل خطرا على الأمن القومي للعرب جميعا وعلى المنطقة العربية بكلها، نحن لا نتوقع منكم لأن يكون لكم أي موقف إيجابي أو مساند أو متضامن لأنكم تخليتم عن فلسطين”.
وقال” ننصح ونحذر كل الأنظمة العربية والبلدان المجاورة لليمن على المستوى الأفريقي وغيره ألا تتورطوا مع الأمريكي في الإسناد للإسرائيلي”.. مشيرا إلى أن ” العدو الأمريكي هو في عدوان على بلدنا إسنادا منه للعدو الإسرائيلي والمعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي”.
وأضاف” لا تتورطوا في الإسناد للعدو الإسرائيلي، يكفيكم الخزي والعار الذي قد تحملتموه وزرا فظيعا يبقى في الأجيال وتحملونه يوم القيامة في الخذلان للشعب الفلسطيني”.
ودعا الأنظمة العربية والدول المجاورة بألا تتورط في الإسناد للعدو الإسرائيلي ولا تحارب معه.. وقال” أي تعاون مع الأمريكي في العدوان على بلدنا بأي شكل من الأشكال هو إسناد للعدو الإسرائيلي”، مؤكدا أن “معركتنا هي من أجل فلسطين ومنع تهجير شعبها والضغط لوقف الإبادة ضده”.
وأردف السيد القائد مخاطبا الأنظمة العربية والدول المجاورة:” إذا قمتم بأي تعاون مع الأمريكي إما بالسماح له بالاعتداء علينا من قواعد في بلدانكم أو بالدعم المالي أو الدعم اللوجستي أو الدعم المعلوماتي فهو دعم وإسناد للعدو الإسرائيلي”.. مؤكدا أن معركة الأمريكي ضدنا هي معركة إسناد للعدو الإسرائيلي ولا نريد منكم أي شيء”.
وأضاف” كفوا أذاكم وشركم عنا واكتفوا بالتفرج بما يحدث من جرائم ضد أبناء الشعب اليمني، أنتم خذلتم فلسطين لكن لا تشاركوا في إسناد العدو الإسرائيلي، يكفيكم الخزي والعار الذي سيبقى عبر الأجيال بخذلانكم للشعب الفلسطيني وسيكون وزرا رهيبا عليكم”.
وتابع” لا تدعموا العدو الإسرائيلي ضدنا ولا تقفوا مع الأمريكي في إسناده للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا، ولا تشتركوا في الدفاع عن العدو الإسرائيلي وحمايته ومحاربة من يحاربه واتركونا وشأننا”.
وقال السيد القائد” نحن مستعينون بالله في مواجهة العدو الإسرائيلي والأمريكي وواثقون بالله ومعتمدون عليه، ونخوض هذه المعركة بكل شرف وعزة وإيمان واعتماد كلي على الله سبحانه”.
وأكد أن السياسة الأمريكية عدوانية واستعمارية ومتكبرة وتوجه الأمريكي في هذه المرحلة هو توجه مستفز لكل دول العالم، والأمريكي والإسرائيلي في أسوأ مرحلة من الانعزال العالمي والسياسات العدوانية والتصرفات الهمجية والسياسات الرعناء والحمقاء.
وقال” لا ينبغي للعرب في مثل هذا الظرف أن يتجهوا للمزيد من الانبطاح للأمريكي والإسرائيلي”.. مشيرا إلى أن السياسات الترامبية معروفة في التعرفة الجمركية التي مثلت ضربة اقتصادية وابتزازا لحلفاء أمريكا وكبار شركائها.
وذكر السيد القائد أن كل الأوروبيين يصيحون ومن يتابع تصريحاتهم يعرف مدى تأثير السياسات الأمريكية المستفزة وابتزازها.. موضحا أن القرارات الترامبية والأمريكية لم تراع حلفاءها الأوروبيين وهم أقرب للأمريكيين من العرب والمسلمين.
ولفت إلى أن الأمريكي يتخذ سياسات اقتصادية مؤثرة سلبا على حلفائه الأوروبيين بما لها من تأثيرات على الشركات والمصانع، كما أن الأمريكي ليس عنده مشكلة تجاه كل التأثيرات السلبية لحلفائه بل ويمارس فيما يتعلق بحلف الناتو الأمريكي ابتزازا غير مسبوق.
أضاف” الأوروبيون يدركون أن عليهم أن يهتموا بما يوفر لهم الحماية لأنفسهم من أنفسهم والدول العربية لديها تفكير كيف تحظى بالحماية الأمريكية!!”.
وأشار إلى أن على الدول العربية أن تأخذ الدروس مما يحدث في أوروبا وما يفعله الأمريكي فيما يتعلق بسياساته الاقتصادية انقلب فيها حتى على مبادئ الرأسمالية.. مبينا أن السياسة العدوانية الأمريكية استفزت كل دول العالم والكل يرى أمريكا بصورتها الحقيقية فيما هي عليه من طغيان وتكبر وعدوانية وابتزاز.
وأوضح قائد الثورة أن ” المسؤولية على الجميع وفي الحد الأدنى أن تكف الأنظمة شرها عن الفلسطينيين ومن يقف معهم أو يدعمهم”.
الدورات الصيفية تحصين للجيل الناشئ:
وأكد قائد الثورة أن الدورات الصيفية تأتي في إطار الاهتمام بالجيل الناشئ لأن التعليم والمعرفة والتربية من الحاجات الأساسية لهذا الجيل.. مشيرا إلى أن هذه الدورات هي للتحصن في مواجهة الحرب العدوانية المفسدة المضلة التي يطلق عليها الحرب الناعمة.
ولفت إلى أن الدورات الصيفية تهدف إلى تربية الجيل الناشئ والتمسك بهويته الإيمانية وتنويره بالهدى والوعي والبصيرة والمعرفة والعلم النافع، كما تهدف إلى تنشئة الجيل على مكارم الأخلاق وعلى العزة الإيمانية والشعور بالمسؤولية.
وقال” نهدف لتنشئة جيل مؤمن قرآني عزيز كريم حر ينهض بدوره في تغيير الواقع نحو الأفضل وفي مواجهة التحديات والأخطار، ومن يتأمل في واقع الأمة بشكل عام يدرك أن هناك مخاطر كبيرة وفي ذات الوقت فرصا كبيرة”.
وذكر السيد القائد أن هناك مخاطر تتعلق بالسياسة المتبعة في كثير من البلدان نتيجة للتوجه الذي عليه أنظمتها وهو المزيد من تدجين الأجيال لأعدائها.. موضحا أن حال الأمة بشكل عام يتجه إلى توارث حالة تدجين الأمة للأجيال القادمة للخضوع للأعداء والذل والاستسلام والجمود.
وأكد أن توارث حالة التدجين من جيل إلى جيل هو انحدار نحو الحضيض وظلم للجيل الناشئ.. مشيرا إلى أن التحريف للمفاهيم والقيم والإسقاط فيما يسمى بالحرب الناعمة خطر كبير بكل ما تعنيه الكلمة.
وأفاد بأن بعض الأنظمة تتجه بالولاء للأمريكي والإسرائيلي لتؤقلم مناهجها الدراسية ونشاطها التثقيفي فتتجه بالجيل نحو الضياع.
وقال” من يتم إسقاطهم في الحرب الناعمة بالإضلال والإفساد هم في حالة قتل لإنسانية الإنسان ولشرفه ولمستقبله وهو أخطر من قتله وتصفيته جسديا”.. مؤكدا أن الخسارة الأكبر هي إسقاط الملايين من الجيل الناشئ ومن شباب أمتنا عبر الحرب الناعمة ممن فرغوهم من محتواهم الإنساني.
وتطرق قائد الثورة إلى واقع الأمة، موضحا أن الأمة في هذه المرحلة بشكل عام تعاني من الوهن والحالة العامة التي نراها تجاه غزة هي الوهن، وهي حالة خطيرة جدا على أمتنا.. مبينا أن الأمة في حالة مخزية ووهن وضعف ليس فيها عزة ولا كرامة ولا حرية ولا استقلال، في حالة استباحة بكل ما تعنيه الكلمة.
وأضاف” انظروا كيف هي أمة الملياري مسلم في مواجهة عشرة مليون يهودي صهيوني بضعفها وعجزها ووهنها”.. مؤكدا أن الحالة الخطيرة على الأمة شجعت الأعداء عليها وهي حالة غير طبيعية وليست سليمة ويجب التخلص منها والعمل على الخروج منها.
وأشار إلى أن بقاء الأمة غثاء كغثاء السيل يعني مداسة يدوسها الأعداء بأقدامهم.. وقال” أزمة الثقة بالله هي أم المشاكل التي تعاني منها أمتنا وتفرع عنها الخلل الكبير على مستوى الرؤية والبصيرة والوعي والقيم والأخلاق”.
وأفاد السيد القائد بأن من أهم ما تحتاج إليه أمتنا وجيلها الناشئ تعزيز العلاقة بالقرآن الكريم ككتاب هداية وأن نتعلم منه معرفة الله وترسيخ الشعور بعظمته.. مبينا أن تعزيز الأمة لعلاقتها بالقرآن تستعيد به فاعليتها وتخرج من الحالة الرهيبة من انعدام الفاعلية والوزن إلى النموذج الأصيل المغيض للكفار.
وأشار إلى أن ” كل بناء للجيل الناشئ لا يعتمد على القرآن الكريم وأسسه وهدايته ونوره لن يغير من الواقع شيئا بل يسهم في السقوط أكثر وأكثر”.. مؤكدا أن البناء القرآني العظيم الفعال والمؤثر المغير نحو الأفضل في هذه المرحلة الحساسة سيكون امتدادا للنموذج الأصيل.
وذكر السيد القائد أن مستوى الاستفادة من الدورات الصيفية يتطلب اهتماما من جميع الجهات ذات العلاقة على المستوى الرسمي والقائمين على الدورات الصيفية.. وقال ” من يمتلك الخلفية الثقافية والعلمية في التدريس عليه أن يساهم في الدورات الصيفية بجد ومثابرة وهذا إسهام عظيم في تربية الجيل الناشئ”.
وأكد أن تربية الجيل الناشئ وتعليمه وإكسابه المهارات اللازمة هو جزء من الجهاد في سبيل الله.. معبر عن الآمل من الجميع الاهتمام بالدورات الصيفية والمجتمع له دور أساسي ومهم في ذلك.