السلطة الجديدة في السودان: لا عسكرية ولا مدنية
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
تبقى الأولوية الأولى للسودان بعد الحرب هي الأمن ثم الأمن ثم الأمن وهذا شأن لا قبل للأحزاب السياسية والقوى المدنية به وهي على هذا القدر من قلة الحيلة قبل الحرب وبعدها بسبب ارتهان بعضها وتداعي هياكل بعض آخر منها وتشرذمها أو بسبب قلة حيلة متأتية لدى بعض آخر من اجترار خطاب سياسي لا رجاء كثير منه لمعضلات ما بعد الحرب.
والحال كذلك فإن القوى المدنية التي عرفها الناس شخوصًا ومؤسسات لا تملك وعدا بجديد. فحمدوك قد سقط في امتحان القيادة يوم باركته الملايين قبل أن تعرفه و(شكرته) قبل أن يفعل فكانت الحرب حصاد فشله في أن يكون قائدا وقد آثر أن يكون عضوا في لجنة اقتصادية يترأسها حميدتي.
وكان المرء يظن بالقوى المدنية (اللاجئة) أن تحسن الظن بنفسها وكوادرها فتأتي برجل غير مثقل بالتبعات والأخطاء كحمدوك لكنها قلة الجرأة وقلة الحيلة مع تعلق مرضي بالسلطة. هل يسمح الشعب السوداني بأن يعيش تجربة أخرى في التيه السياسي تنتهي به إلى محرقة؟ هل يفعل ذلك منخدعا تحت التأثير السحري لعبارات من شاكلة (التحول الديمقراطي) و(الانتقال الديمقراطي) و(الحكم المدني) وهي مطالب صحيحة في سياقها الصحيح أي البيئة القابلة لاستنباتها وهي ذاتها أعني المطالب يمكن أن تكون مطايا لحكم مدني فاسد لا يستوفي من شروط الديمقراطية إلا الجانب الشكلاني منها: ترشيح وانتخاب وحملات وصندوق انتخاب و رمز الفأس الذي يقطع الشجرة.
التجربة السياسية لما بعد الحرب يجب أن تكون أمرًا جديدًا لا يشبه ما كان قبله وأن تكون بحثا عن وجوه جديدة، عن قادة حقيقيين (لا يجعلون من ممارسة السياسة وسيلة لكسب العيش).
ورغم إيماني العميق بحق الشعب في حكم مدني ديمقراطي فإنني أشد ما أكون ايماناً بضرورة أن يكون الجيش هو المسؤول عن إدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة.
مرحلة يقودها ضباط وطنيون غير مرتبطين بأي أجندة خارجية، ضباط يحبون هذه البلاد ويحلمون بغدها الزاهر كما يحلم المدنيون الزاعمون لأنفسهم وطنية مبرأة من كل عيب.
قيادة جديدة لا برهان ولا العطا ولا كباشي ولا جابر فيها، فهؤلاء جميعا مسؤولون عن الحرب وعن الدماء التي سفكت تماما كمسؤولية حميدتي وقوات دعمه السريع.
ولكن لا سلطة للجيش بلا تعهدات غلاظ تنهي سلطته بعد سنوات خمس تكمل خلالها الأحزاب والقوى المدنية (واجباتها الوطنية المؤجلة سواء داخل أحزابها أو تجاه عموم الشعب). فتعيد إصلاح وترتيب بيوتها الخربة وتصفي صراعاتها بعيدا عن أجهزة الدولة، وتنصرف إلى واجباتها السياسية فتنتشر في الريف السوداني تقعد مع الناس في الواطة تحدثهم عن الثورة وعن الانتقال الديمقراطي والتحول الديمقراطي وأزمة (الحاكورة) في مقابل (الحوكمة) قبل أن تعود راشدة إلى الحكم وقد قويت الثقافة الديمقراطية في نفوس الناس ووقع (الاختبار والنخل) في الطامحين إلى تمثيل الجماهير حتى يكون تمثيلا لهم لا تمثيلا بهم.
إن الديمقراطية ليست فروقا في (الزي) بين أصحاب البزات العسكرية وبين أصحاب البدل والكرفتات والعمم والشالات؛ إنها عملية تاريخية سياسية/ثقافية/اجتماعية معقدة تقوم على حامل فكري يشكل عقيدة الغالبية العظمى للشعب في قضية الحكم.
وخلاصة القول إن (تجربة الأحزاب والقوى المدنية وتراثها السياسي في زمن السلم) لا يزكيها بأي حال أن تكون قائدة وحدها للبلاد في واقع السودان بعد الحرب.
هذه مسؤولية وطنية يجب ان يتم التعاطي معها خارج التصنيف الدارج : حكم مدني/حكم عسكري. تلك طريق مطروقة وتوصيف سهل لا ابداع فيه.
حاجة البلاد اليوم إلى شراكة وطنية راشدة تدخل فيها القوى كافة عسكرية ومدنية حديثة ومدنية تقليدية.. لأن الساعة ليست بساعة صراع على السلطة بل المهمة الكبرى هي إنشاء السلطة نفسها،، هي لملمة كيان الدولة المبعثر.. وهذا عمل السودانيين جميعا بلا استثناء جيشا ومدنيين مع سلطة للجيش أعظم يحتمها واقع ما بعد الحرب.
ملحوظة: هذا البوست يرحب بالببغاوات والدجاج الملون (البلدي) والدجاج الكورالي ذي السمت الواحد(دجاج المزارع) وترحيب خاص بالمجترين المقولات .
فوزي بشرى
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: فوزي بشرى بعد الحرب أن تکون
إقرأ أيضاً:
إجراء القرعة السابعة على الأراضي التي تم توفيق أوضاعها بالعبور الجديدة
قال المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، إنه تم إجراء القرعة العلنية اليدوية السابعة لتسكين العملاء الذين قاموا بسداد المقدمات المطلوبة للمساحات التي تم توفيق أوضاعهم بها حتى يوم الخميس 12 سبتمبر 2024، وذلك في نطاق جمعية الأمل "سابقاً" بمدينة العبور الجديدة.
وأشار وزير الإسكان، إلى أن ذلك يأتي في إطار تكثيف الجهود المبذولة لتسريع إجراءات تقنين الأراضي المضافة لأحوزة عددٍ من المدن الجديدة، وضمان إتمام عمليات التقنين بسلاسة وفقاً للمعايير القانونية، ضمن خطة الدولة التي تهدف إلى تلبية احتياجات المواطنين من الأراضي السكنية، وتوفير المسكن الملائم وفقاً لرؤية التنمية المستدامة.
وأوضح الدكتور مهندس أحمد إسماعيل جبر، رئيس جهاز تنمية مدينة العبور الجديدة، أن هذه القرعة تأتي كخطوة هامة لتسكين العملاء ضمن شرائح المساحات المتاحة التي تشمل (209م2 - 276م2 - 350م2 - 400م2 - 450م2 - 500م2 )، وتمثل جزءاً من الجهود المتواصلة التي يبذلها الجهاز لتحقيق العدالة والشفافية في توزيع الأراضي على المواطنين، وحرص الجهاز على تسليم الأراضي للمواطنين المستحقين بأسرع وقت ممكن.
ولفت رئيس جهاز تنمية مدينة العبور الجديدة إلى أنه تم توفير جميع المتطلبات الأساسية لضمان جاهزية الأراضي وتسليمها للمواطنين في أسرع وقت ممكن.
ومن الجدير بالذكر أن القرعة أقيمت في مقر جهاز مدينة العبور الجديدة بحضور المحاسب إيهاب المراكبي، مساعد نائب رئيس الهيئة لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والمهندسة عزة رمضان، رئيس الإدارة المركزية لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والمحاسب محمد عبد الحميد، رئيس الإدارة المركزية لقطاع الشئون العقارية والتجارية، والمستشار مؤمن محمود، ممثل مجلس الدولة، والدكتور أحمد رضا عمارة، مدير عام العقود وتسوية المنازعات، والمحاسب محمد خيري معروف، معاون نائب رئيس الهيئة لقطاع الشئون العقارية، وعدد من المسئولين والعاملين في القطاع العقاري برئاسة الهيئة.
وشهدت القرعة حضور عددٍ كبيرٍ من العملاء الذين تابعوا عملية السحب وتلقوا إخطارات التخصيص بعد انتهاء القرعة في أجواء مليئة بالفرحة والتفاؤل، حيث أشاد المواطنون بالجهود التي بذلها الجهاز لتنفيذ القرعة بهذا المستوى من الشفافية والعدالة، معبرين عن رضائهم وثقتهم في أداء الهيئة.