أصبحت السياحة العلاجية أحد مصادر الدخل القومى للعديد من الدول، حيث تقدر جمعية السياحة العلاجية (MTA) عدد الباحثين عن العلاج خارج الحدود بحوالى ١٤ مليون شخص، وصناعة تقدر بحوالى ١٠٠ مليار دولار سنويًا.
خريطة الدول التى حققت طفرة كبيرة فى عدد المرضى وفى الدخل القومى من عائدات السياحة العلاجية تتوزع على قارات العالم.
فى هذا المقال نحاول أن نتعرف على متطلبات تنمية السياحة العلاجية، وماهى التجارب الدولية الرائدة فى هذا المجال؟
أولا: متطلبات تنمية السياحة العلاجية،
باستطلاع رأى المرضى حول الأسباب التى دفعتهم للبحث عن علاج خارج بلدانهم، جاءت الأسباب كالتالي:
١-الحصول على علاج بجودة عالية.
٢- البحث عن أرخص الأسعار.
٣-الحصول على علاج غير متوفر فى بلدانهم.
٤- تلقى العلاج فى أسرع وقت ممكن ودون أنتظار قوائم الانتظار.
كيف ننمى السياحة العلاجية فى مصر؟
إذا أردنا أن ننمى السياحة العلاجية فى مصر، فعلينا العمل على تحقيق هذه العوامل الأربعة، وهى الجودة العالية، والتكلفة المنخفضة، والتميز فى مجال غير متوفر فى منطقتنا، وسرعة استقبال المرضى وذويهم.
مصر تمتلك كل الإمكانيات المادية والبشرية للنهوض بهذا المجال فى فترة وجيزة، حيث يتوفر بها المستشفيات والمراكز الطبية الحديثة المجهزة بأحدث التجهيزات، والأطقم الطبية المؤهلة دوليًا وصاحبة الخبرة الطويلة فى مجالات دقيقة مثل جراحات القلب والصدر وزرع الأعضاء، والموقع الجغرافى الممتاز، والطقس المعتدل والاستقرار السياسي، بإلاضافة إلى عدد من مناطق الاستشفاء الطبيعية مثل واحة سيوة، وحمامات فرعون وعيون موسي. ولكن ينقصنا العمل بسرعة والاستفادة من تجارب الدول الاخرى التى حققت طفرة كبيرة فى هذا المجال.
ثانيًا: التجربة الهندية،
تعد تجربة الهند فى تنمية السياحة العلاجية من أهم التجارب على المستوى العالمي، حيث أصبحت الهند من أكبر الدول فى هذا المجال، وتستقبل أكثر من ٢ مليون مريض سنويًا، وتحقق حوالى ٧ مليار دولار، ومعدل نمو حوالى ٢٥٪ سنويًا.
فكيف استطاعت الهند أن تحقق ذلك؟.. الإجابة تتلخص فى تخطيط محكم وشراكة كاملة بين القطاعين العام والخاص.
أ- دور الدولة:
تلخص دور الدولة فى إعطاء تسهيلات للقطاع الخاص لبناء سلسلة من المستشفيات حسب أحدث المعايير الدولية وتجهيزها بأحسن التقنيات واشترطت أن تكون هذه المستشفيات حاصلة على الاعتراف الدولى JCI . معظم المستثمرين الذين استعانت بهم الهند جاءوا من دول الخليج العربي.
ب- الأطباء المؤهلون فى الغرب،
استدعت الهند أحسن الأطباء الهنود العاملين فى أوروبا وأمريكا الشمالية، وسمحت لهم بتملك أسهم فى المستشفيات التى التحقوا بها، بل أشركتهم فى مجالس الإدارة وأعطتهم نسبة من الأرباح التى تحققها المستشفيات.
ج- تسهيل الاجراءات وتوفير اللوجستيات،
قامت الشركات الهندية بعمل دعاية عالمية تحت عنوان "أفضل علاج بأقل التكاليف" لتشجيع العلاج فى الهند، وسهلت إجراءات دخول الهند من خلال الحصول على الفيزا للعلاج من خلال الإنترنت، On line Visa.
وشكلت إدارة متخصصة داخل كل مستشفى لاستقبال المرضى وذويهم فى المطار، يتحدثون نفس لغتهم، ويحجزون لهم الإقامة فى الفنادق القريبة من المستشفيات. الملفت للنظر أن الفنادق كانت جزء من المستشفيات بحيث يتلقى المريض العلاج داخل المستشفى ويقيم المرافقون داخل الفندق التابع للمستشفى.
أعتقد أن مصر تمتلك كل الإمكانات المادية والبشرية، وتتمتع بالاستقرار السياسي، والموقع الجغرافى المتميز، والعلاقات الطيبة مع كل دول العالم، مما يجعلها مؤهلة لكى تجتذب أعدادًا أكبر من المرضى الأجانب الراغبين فى العلاج فى مصر. فقط ينقصنا إطار قانونى وتنظيمي، وإرادة سياسية داعمة، وشراكة بين مختلف القطاعات، العام والخاص والأهلى للنهوض بالسياحة العلاجية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السياحة العلاجية السياحة العلاجية فى مصر الجودة العالية الهند المستشفى السیاحة العلاجیة هذا المجال فى هذا
إقرأ أيضاً:
الدواء المغشوش.. سم قاتل !
أعظم نعمة قد يغفل عنها الناس هي الصحة، فإن كنت تنام بسلام دون الحاجة للأدوية، وتستيقظ دون ألم، وتتقلب بحرية دون معاناة، وتمشي دون عون، وتستمتع بتناول الطعام والشراب بحرية، فاعلم أنك في نعمة عظيمة. فلا تنسَ أن تشكر الله على هذه الهبة الغالية.
الصحة لا يشعر بقيمتها إلا المرضى، وكما قيل قديما «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء»، فدائما وأبدا علينا أن نحمد الله سبحانه وتعالى بأننا قادرون على العيش دون «عناء أو ألم أو وجع»، ومن لم يجرّب رحلة العلاج الطويل والمواظبة اليومية على تناول الأدوية فلا يشعر بـ«المعاناة التي يعانيها المرضى»، حتى وأن تخيل بأنهم بصحة وعافية فهو لا يعلم كيف كانت حالته قبل بزوغ يوم جديد.
تعتقد بأن المرض هو مجرد حالة عابرة تنتهي بأخذ «حبة دواء أو شربة منه»، لكن ما لا يعرفه الكثير من الناس بأن المرض الذي يلازم المرضى لسنوات حياتهم في الدنيا أمر ثقيل للغاية ومؤلم لأبعد الحدود.
ومع المرض تنشأ رحلة أخرى تتمثل في البحث عن الأدوية الأكثر فعالية في قهر المرض والقضاء عليه أو التخفيف من آثاره، ومع كل ذلك يبقى الدواء له آثاره الجانبية على صحة المرضى، بمعنى أنك تعالج جانبا، وينشأ من هذا العلاج مرض آخر جديد!
لذلك، لا تظن أن الأمر بسيط، خاصة بالنسبة لأولئك المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، والذين يحتاجون بشكل دائم إلى الأدوية في مراحل حياتهم المختلفة. قد تعتقد أن الدواء متوفر بسهولة، رخيص الثمن، وفعّال في كل مكان، ولكن الحقيقة أن هذا ليس بالضرورة الحال، فالأدوية ليست دائمًا متوفرة بسهولة، وقد تكون باهظة الثمن أو غير متاحة في بعض الأماكن، مما يضيف عبئًا إضافيًا على المرضى.
يشهد العالم نقصًا في كميات الأدوية بشكل مستمر، وأحيانًا يستمر هذا النقص لفترات طويلة. في بعض الأحيان، لا يستطيع الناس العثور على الدواء في الأسواق، وإذا توفرت الأدوية فجأة، فإنها تظهر بأسعار جديدة ومختلفة، حيث تشهد بعض الأدوية قفزات هائلة في أسعارها قد تصل أحيانًا إلى الضعف أو أكثر. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدوية التي لا تتوفر في المؤسسات الصحية الحكومية، مما يضطر المرضى إلى اللجوء لشرائها من الخارج لضمان استمرار علاجهم وتجنب تفاقم حالتهم الصحية.
يواجه بعض المرضى صعوبة كبيرة في الحصول على الأدوية التي تساعدهم على الصمود أمام معاناتهم من أمراض عضوية أو نفسية، خاصة خلال فترات نقص الأدوية في الصيدليات ولأسباب مختلفة. إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة الارتفاع الجنوني المستمر في أسعار الأدوية، ما يزيد من الأعباء المالية على المرضى. والأخطر من ذلك هو انتشار الأدوية المغشوشة في الأسواق والمواقع الإلكترونية، والتي غالبًا ما تأتي من مصادر مجهولة، مما يعرض صحة المرضى للخطر ويزيد من تعقيد حالتهم الصحية.
في صناعة الأدوية، يُلاحظ وجود اختلاف واضح في أسماء الأدوية رغم تطابقها في التركيبة العلاجية وكفاءتها في معالجة المرض، هذا الاختلاف يعود إلى تعدد الشركات المصنعة، حيث تقوم كل شركة بتسمية أدويتها باسم تجاري يميزها عن غيرها من الشركات، رغم أن التركيبة الفعّالة تبقى واحدة.
بعض الشركات التي تتمتع بعلامات تجارية معروفة تبيع منتجاتها بأسعار مرتفعة، بينما توجد في السوق بدائل أو أدوية موازية لعلاج نفس المرض من شركات أخرى أقل شهرة عالمية وبأسعار أقل بكثير، هذا الأمر يعتبر معترفًا به قانونيًا وطبيًا، حيث يتم التأكد من أن الأدوية البديلة تحقق نفس الفاعلية والجودة.
بعض المرضى يحجم عن شراء الأدوية من بعض الشركات غير المشهورة، رغم أن الدواء معترف به عالميا ومصرح بتداوله، لكن سبب عدم الإقبال هو انتشار الصورة النمطية بين المرضى بأن أدوية الشركات غير المعروفة على نطاق واسع هو منتج «قليل الفاعلية ولا يفي بالغرض المطلوب»، بعكس ما تقدمه الشركات الكبرى المتعارف عليها دوليا حتى وإن كان سعره مرتفعا، وحتى هذه اللحظة لا يزال هناك جدل واسع حول هذه النقطة ما بين «مؤيد ومعارض»، فبعض المرضى يقبل على شراء الدواء البديل والرخيص نسبيا بسبب ضعف إمكانياته المادية التي تمنعه من شراء الدواء من شركة كبرى.
إذن مشكلة الدواء ليس في «وجوده أو سعره وإنما في جودته» في بعض الأحيان، فسوق الدواء في العالم به «أدوية مغشوشة» أو لا تتوافق مع الشروط والمواصفات المطلوبة فهو دون المستوى المطلوب، ومع ذلك أصبحت تجارة الأدوية المغشوشة تحقق أرباحا خيالية بشكل سنوي وعالمي شأنها كشأن البضائع المغشوشة مثل قطع غيار المركبات وأدوات التجميل والأدوات الأخرى، باختصار «هوس المال على حساب الأرواح».
وبحسب ما هو موثق، فإن الأدوية الأكثر تزويرًا في الدول الغنية هي أدوية «نمط الحياة» باهظة الثمن، مثل الهرمونات والمضادات وغيرها، أما في الدول النامية أو كما يطلق عليه «العالم الثالث»، فقد تستخدم هذه الأدوية في علاج الأمراض التي«تهدد الحياة»، مثل الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز».
وفي نهاية العام الماضي، استضافت سلطنة عُمان حلقة عمل سلطت الضوء حول زيادة الوعي بالتهديدات التي تشكلها المنتجات الطبية دون المستوى (المغشوشة) وذلك بحضور٥٠ مشاركا من 22 دولة من دول إقليم الشرق المتوسط.
كان هدفها الفعلي هو استهداف مسؤولي التنسيق المعنيين بنظام المنظمة العالمية لترصد المنتجات الطبية متدنية النوعية ورصدها في إقليم الشرق المتوسط، وأيضا سعت إلى تعزيز القدرات الوطنية لإدارة المنتجات الطبية المغشوشة، وفتح سبل التعاون وتبادل المعلومات بين الهيئات الرقابية المختلفة في المنطقة، وعرض الاستراتيجية التي تتبعها منظمة الصحة العالمية للوقاية والكشف والاستجابة للمنتجات الطبية غير الآمنة والإبلاغ عنها.
كما ناقشت جلسات الحلقة دور أنظمة التيقظ الدوائي، عبر الإبلاغ عن المخاطر كإخطار سحب المنتجات المغشوشة على المستوى الوطني وإصدار التنبيهات، وتنفيذ حملات التوعية، وتنبيهات المنتجات الطبية العالمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية مع عرض نتائج التعلم والدعم المطلوب.
اختتم المشاركون في حلقة العمل بتقديم عدد من التوصيات المهمة، التي شملت تعزيز النظام الرقابي بشكل عام، وتأكيد دور الرقابة الفعّالة على الأسواق. كما تم التأكيد على أهمية التفتيش والمراقبة المبنية على تحليل المخاطر، بالإضافة إلى ضرورة تكثيف الجهود في مراقبة الحدود لمنع دخول المنتجات الطبية المزورة.
بناءً على ذلك، يواجه قطاع الأدوية في العالم تحديات متعددة، سواء كانت في الجوانب التصنيعية أو الاحتيالية، وهذه التحديات تمثل عوائق كبيرة تؤثر سلبًا على نفسية المرضى، مما يزيد من معاناتهم في الحصول على الدواء المناسب.