قد يواجه الفرد في حياته اليومية مجموعة من التحديات والمسؤوليات التي تفوق طاقته البدنية أو العقلية، مما يجعله يجد صعوبة في التعامل معها بشكل فعال. في مثل هذه الحالات، يصبح التبرير أمرًا ضروريًا لشرح سبب عدم القدرة على استجابة لهذه الأمور، ويمكن للتبرير أن يساعد في تخفيف الشعور بالضغط والإجهاد وتعزيز الشعور بالراحة النفسية.

في هذا المقال، سنستكشف بعض طرق التبرير التي يمكن استخدامها عندما تتجاوز الأمور قدرة الفرد.

١. الاعتراف بحدود القدرة الفردية:

يعتبر الاعتراف بحدود القدرة الفردية أول خطوة في عملية التبرير. من المهم أن يدرك الفرد أنه ليس بإمكانه فعل كل شيء وأن لديه حدودًا بدنية وعقلية. هذا النوع من التبرير يمكن أن يساعد الفرد في تقديم شرح واضح لما لم يستطع القيام به، دون أن يشعر بالذنب أو الضغط النفسي.

٢. تحديد الأولويات:

عندما يواجه الفرد عدة مهام أو مسؤوليات تفوق طاقته، يمكنه تحديد الأولويات والتركيز على الأمور الأكثر أهمية والتي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق الأهداف الرئيسية. بهذه الطريقة، يمكن للفرد تبرير عدم استجابته لبعض المهام غير الضرورية في وقت معين.

٣. طلب المساعدة والدعم:

يمكن للفرد تبرير عدم القدرة على استجابة للأمور التي تفوق طاقته من خلال طلب المساعدة والدعم من الآخرين. فالتعاون مع الآخرين والاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم يمكن أن يساعد في تقليل الضغط وتوزيع الأعباء بشكل أفضل.

٤. الاستماع إلى الجسم والعقل:

يعتبر الاستماع إلى إشارات الجسم والعقل هامًا جدًا في عملية التبرير. فعندما يشعر الفرد بالإرهاق الشديد أو الإجهاد النفسي، يمكنه تبرير عدم القدرة على القيام بالمهام المطلوبة بسبب حاجته إلى الراحة والاسترخاء لتجديد طاقته.

٥. الاعتراف بالإنجازات والجهود المبذولة:

يجب على الفرد أن يتذكر أنه بالفعل قام ببذل الجهود والمحاولات لمواجهة التحديات، وعليه أن يثني على نفسه ويتقبل أنه ليس بشرط أن يكون قادرًا على حل كل المشاكل بمفرده.

في الختام، يمكن أن تكون طرق التبرير مفيدة جدًا للفرد في التعامل مع الأمور التي تفوق طاقته، ويجب أن يفهم الفرد أن الاعتراف بعدم القدرة على الاستجابة للأمور الكبيرة ليس عيبًا، بل هو علامة على الوعي والذكاء والرعاية الذاتية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التحديات المسؤوليات القدرة عدم القدرة على التی تفوق یمکن أن

إقرأ أيضاً:

شعوبية ترامب وتشريس القيم الأمريكية

نقلت وكالات الأنباء أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما إن حل بالبيت الأبيض حتى بدأ في تنفيذ وعيده الانتخابي بإطلاق أكبر برنامج ترحيل في الولايات المتحدة الأمريكية، بل أطلق الرجل على المهاجرين غير النظاميين وصف «المجرمين»، وترامب يبدو سعيدًا بإيقاف دخول المهاجرين إلى بلاده حتى من سُمح لهم بذلك قبل توليه السلطة، وما صمته عن الإجراءات غير الإنسانية تجاه المهاجرين إلا دليل نشوة انتصار. هذا شأن الولايات المتحدة الأمريكية لكن ما يهمنا من هذه الشعوبية الجديدة في السياسة الأمريكية جانبها المتصل بالسياسات الثقافية، ولذا فإن عودة طبيعية إلى جوهر الفلسفة السياسية الأمريكية وبالتحديد إلى البراجماتية ومُنظّرها الأشهر جون ديوي ستكشف لنا كيف تعيش الحضارة الأمريكية أفولها المعلن، وديوي يقول إن أفضل طريقة لبناء المجتمع الحر هي اعتماد سياسة الاعتراف بالتنوع مع المساواة، ومن ثم دمجهما بشكل عملي، وهذه واحدة فتوحات الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (1859-1952م) كون بناء الفاعلية السياسية لا بد أن يقوم على أُسس الاعتراف بالاختلاف الثقافي وهو وحده الذي سيمكن المجتمعات الحديثة من قيام المصالح الإنسانية على ملاءمة بين الفردي والجماعي، بين الخصوصية والمشترك، وديوي الذي أُسيء فهمه وتم اختصار كل مجهوداته باعتبارها نظرية مخاصمة للتأمل الفلسفي، بل تقوم على دحض مؤكد لكل ما هو نظري، والحقيقة أن مشاغله انتهت إلى توفير عمليات دمج بين التأملي والعملي، وهذا بسبب تعدد اختصاصات الرجل، لكن ما يهمنا هنا، مسألة شديدة الأهمية تتعلق بالعلاقة المضطربة بين منظومة القيم والتنوع الثقافي، وبالتحديد في الحالة الأمريكية، والتي هي خلاصة مثمرة لديناميات فاعلة استطاعت بها الولايات المتحدة الأمريكية وهي تعبر طرقا كثيرة منذ الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر، وحتى اليوم أن تصنع مجتمعًا للتعايش يُعد الأعلى في تصور البناء الاجتماعي الحديث، لكن اليوم فإن أمريكا ترامب تضع مقدمات سياسية للقضاء على جوهر القيم الأمريكية، وفي هذا المقال الذي يدعي وجود خطر كبير على بلاد العم السام، فإنه لا يأتي إشفاقًا عليها، ولا شماتة فيها، فهذا أمر هزلي، بل هو محاولة لفهم جوهر القيم الأمريكية والذي جعلها تقود العالم، والتهديدات التي تنتظر العالم بأسره من وجود هذا الرجل على عرش أقوى دولة في العالم، دولة لا تستمد قوتها من ترسانتها الحربية فقط بل من نموذجها الاجتماعي المتعالي عن أي تجربة.إن مشكلة التنوع الثقافي ناتجة عن صراع بين نموذجين وهو أمر ينطبق على أغلب المجتمعات ذات التعددية العالية، فالنموذج الأول هو «روح الأمة» أو «قِيم الشعب» أو أي أسم آخر دال على التبشير بوجود قيم عليا ينبغي أن تحل محل كل تباين ثقافي/اجتماعي داخل أي أمة، والنموذج الآخر هو النموذج الليبرالي في نسخته الراهنة، والذي يعزز من الفردانية ويكرس جهوده لتمزيق أي ادعاء بحاكمية القيم على الفرد، ولعل النموذج الأول ارتبط ارتباطًا واضحًا بالروح الأمريكية، فهذه حضارة تفاخرت بأنها حققت النموذج الأعلى للتعايش، والحقيقة أنها نجحت إلى حد كبير في ذلك، لكن مشكلة التعايش ظلت واحدة من أكبر مفازع الليبرالية الجديدة، فالتعايش القائم على المساواة بديهي وشديد التجريد، فالظاهرة الاجتماعية وإن تبدت في سطحها حالة من توازن بين القانوني والإنساني، إلا أنها تصطدم بمشكلة أخرى هي من نِتاج استفحال القول بالمساواة الاجتماعية، وهي الخصوصية الثقافية لبعض أفراد المجتمع وتكويناته، وتعلمنا السيسيولوجيا الجديدة أن الفاعليات الاجتماعية التي تصل حدا عظيما من التجريد تنتج متاعبها الخاصة، وفي الحالة التي نناقش فإن المساواة تجرد الفرد من خصوصيته ومكانته وهويته وتوهمه بأن الاختلاف الثقافي يأتي ثانيًا بعد تعزيز قانونية الجماعية الاجتماعية، فالدفاع عن المساواة بين المواطنين يُلغي بالضرورة الاعتراف بتنوعهم، بتنوع قيمهم المشكلة لوعيهم، كونها تتحول من مجرد قانون رسمي إلى معايير للانتماء، وتدعي تكامليتها بهذه الرسملة للقيم، وتقوم بدافع من تعميم إلى ترسيخ فكرة وحدة السياق الاجتماعي، وهذا بدوره يعارض أي قول بالخصوصية الثقافية، بل يعارض أكثر إمكانية الاعتراف بالثقافات الفرعية للمجتمع، وهي ثقافات وظيفتها في حال أُفْسِح المجال لتمثيلها أن تقوم بتقوية المشترك الاجتماعي وتوسيع نطاقه.

إن التعددية الثقافية هي نقطة الاتصال بين المفرد والمشترك عند جون ديوي، ومن فرادته الفلسفية أن التفرد ليس معنى يؤسس لنشوء هوية ثابتة مغلقة بل إن الكيانات الفردية هي دائما ثمرة تاريخ خاضع لإعادة التشكيل، عبر استثمار مستمر بين البيئة الاجتماعية والتكوين الثقافي، فالكيانات الفردية لا تتكون على الإطلاق بفضل خصائصها الثابتة، بل من خلال تفاعلها المستمر، وأن من مقاتل الاجتماع الإنساني تركيب السياسة على رؤى من الاستبعاد دون الإيمان بالتركيب المتبادل داخل الظاهرة الاجتماعية.

إن الإندماج كسياسة ثقافية ناجحة في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مدى سنين طويلة قامت على تحويل الفردي إلى جماعي دون المساس بكيانية المجموعات الثقافية ، لكنها الآن في ظل رئاسة ترامب صائرة إلى شعوبية بغلاف وطني يستهدف أول ما يستهدف سياسة الاعتراف بالاختلاف الثقافي وإحلال نموذج العصبية الوطنية المؤسلبة لوحدة المجتمع، ففي الوقت الذي طوَّر فيه الفلاسفة البراجماتيون منذ ساندرس بيرس (توفي 1914م) وحتى جون ديوي نهجًا يربط بين التعددية الثقافية وبناء المشترك، وتحسينهم طُرق تجديد التجريب لصالح إحسان عمل الديناميات الاجتماعية، وبالخصوص أشغال ديوي التي انتهت إلى القول بأن الاعتراف بالتعددية الثقافية شرط للديمقراطية، وأنها المسألة الأم في البناء الديمقراطي كونها تكرّس أكثر لمطلب الاعتراف بالخاص وتدبيره بصورة موضوعية في العام، فإن مؤشرات عدة تقول بأننا أمام فلسفة معاكسة بالكامل لهذا التصور، فالرجل رسول الشعوبية الجديدة، شعوبية تستند إلى تحطيم أهم القيم الأمريكية «المساواة والحرية» وهي القيم التي أنتجها فلاسفة علم الاجتماع الأمريكي، فهل من مهدد أكبر من ذلك يواجه الولايات المتحدة الأمريكية والعالم بأسره تحت قيادة ترامب؟!.

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • بعد طرح البوسترات الفردية.. مسلسل العتاولة الأكثر بحثا على "فيسبوك"
  • شعوبية ترامب وتشريس القيم الأمريكية
  • بعد طرح البوسترات الفردية.. العتاولة الأكثر بحثا على "فيسبوك"
  • هل يُؤسر الوعي؟!
  • التشهير وتشويه السمعة!
  • سوني تلغي شرط تسجيل الدخول إلى PSN للألعاب الفردية
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • مؤسس «تلغرام» يكشف أسرار تفوق الصين بمجال «الذكاء الاصطناعي»
  • موقع يرجح ارتفاع نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي
  • “اللجنة” لصنع الله إبراهيم: كيف تسائل الرواية أنظمة القهر؟