الشعبة البرلمانية الإماراتية: السلام ركيزة البقاء وطريق المستقبل
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أكد الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس مجموعة الشعبة البرلمانية الإماراتية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، أن الكثير من الدول أدركت أن السلام لا يمثل نهاية الطريق، بل هو الطريق نحو المستقبل، ونحن اليوم الذين نعيش في عصر العولمة الشاملة، فإن السلام لم يعد مفهوماً للتعايش فحسب، بل هو ركيزة البقاء، والسلام لم يعد غياباً للحرب فحسب، بل هو أساس للعدالة الاجتماعية والاحترام المتبادل بين الثقافات والديانات.
جاء ذلك في كلمة الشعبة البرلمانية الإماراتية التي ألقاها الدكتور علي راشد النعيمي خلال مشاركته في اجتماع الجمعية ال148 للاتحاد البرلماني الدولي المعقودة في جنيف.
حضر الاجتماع وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية الذي يضم كلاً من: سارة محمد فلكناز نائب رئيس المجموعة، وأحمد مير هاشم خوري، والدكتورة سدرة راشد المنصوري، ومروان عبيد المهيري، والدكتورة موزة محمد الشحي، وميرة سلطان السويدي، أعضاء المجلس الوطني الاتحادي.
وقال الدكتور النعيمي في بداية كلمته: «يطيب لي باسم الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة أن أتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير للاتحاد البرلماني الدولي وأمانته العامة، لحسن التنظيم وتوفير البيئة المناسبة لبرلمانات العالم للالتقاء والتشاور والتعاون حيال الكثير من القضايا المرتبطة بمصالح وتطلعات بلداننا وشعوبنا، بل وبأجيالنا القادمة وعلى المستويات الوطنية والإقليمية والدولية».
وأكد أن الاتحاد البرلماني الدولي يمثل طموحات وتطلعات وآمال شعوب العالم.
وقال أود تأكيد حقيقتين شكّلتا وما زالتا تشكلان ركيزة الحضارة البشرية، وأساس بقاء الإنسان، وهما: أولاً أن الاختلاف، أو التباين الثقافي، أو الحضاري، أو الديني بين شعوب الأرض لم يكن يوماً، ولن يكون، إلا سبباً لديمومة نمو البشرية واستقرارها.
وثانياً أن الحوار، لاسيما الحوار من أجل السلام، لا يجب أن يراه البعض تنازلاً من طرف لطرف آخر، أو فوزاً لطرف على الآخر، بل هو فرصة لتأكيد القوة والثقة بالهوية الوطنية.
وأكد علي النعيمي أننا مطالبون بتعزيز دور الدبلوماسية البرلمانية لنجد من خلالها سبل نشر وترسيخ ثقافة التعايش المشترك والتسامح، لتكون مدخلاً أساسياً لمعالجة صراعات العالم.
على صعيد متصل، شارك أحمد مير هاشم خوري، والدكتورة سدرة راشد المنصوري عضوا مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي في اجتماع اللجنة الدائمة للأمن والسلم الدوليين.
وشارك مروان عبيد المهيري عضو مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، في اجتماع اللجنة الدائمة للديمقراطية وحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، التقى الدكتور علي راشد النعيمي رئيس مجموعة الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي في الاتحاد البرلماني الدولي، روجر مانسيان رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية سيشيل، وجرى خلال اللقاء التأكيد على عمق علاقات الصداقة الممتدة والشراكة الاستراتيجية الوثيقة التي تربط دولة الإمارات وجمهورية سيشيل الصديقة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات المجلس الوطني الاتحادي الإمارات الشعبة البرلمانیة الإماراتیة مجموعة الشعبة البرلمانیة
إقرأ أيضاً:
محمد بشاري يكتب: بناء الوعي الوطني.. الركائز والتحديات وآفاق المستقبل
يُعتبر الوعي الوطني العمود الفقري لأي مجتمع يسعى للحفاظ على هويته وتعزيز استقراره، إذ يمثل الإدراك العميق للفرد بانتمائه لوطنه واستيعابه لمسؤولياته وحقوقه في إطار هذه الهوية. في ظل التغيرات العالمية المتسارعة والتحديات المتزايدة التي تواجه الدول، بات تعزيز الوعي الوطني ضرورة ملحة لضمان تماسك المجتمعات وقدرتها على مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية والسياسية. الوعي الوطني ليس مجرد شعور عاطفي أو انتماء رمزي، بل هو منظومة معرفية وسلوكية تشمل إدراك التاريخ، والتفاعل مع الحاضر، والمساهمة في صياغة المستقبل.
يتشكل الوعي الوطني من خلال عدة أبعاد مترابطة، أهمها البعد التاريخي الذي يرسخ فهم تطور الأمة ومساراتها، والبعد الثقافي الذي يعزز القيم الوطنية واللغة والتراث، والبعد السياسي الذي يؤطر مفهوم المواطنة والمسؤوليات، إضافة إلى البعدين الاقتصادي والاجتماعي اللذين يعكسان دور الأفراد في بناء الدولة وتنميتها. هذه الأبعاد مجتمعة تشكل أساسًا قويًا لولاء الفرد لوطنه، وتجعله جزءًا فاعلًا في مجتمعه وليس مجرد متلقٍ سلبي للواقع.
تُعد المؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية والاجتماعية أدوات رئيسية في ترسيخ الوعي الوطني وتعزيزه. فالتعليم، على سبيل المثال، يلعب دورًا جوهريًا في تنشئة الأجيال على قيم الانتماء والمسؤولية، ليس فقط من خلال المناهج الدراسية التي تتناول التاريخ والثقافة الوطنية، بل أيضًا عبر الأنشطة اللامنهجية التي تربط الطلاب ببيئتهم ومجتمعهم. الإعلام بدوره، سواء كان تقليديًا أو رقميًا، يُمثل ساحة مؤثرة في تشكيل آراء الناس ومواقفهم تجاه قضاياهم الوطنية، فإما أن يكون عنصرًا بنّاءً يعزز الوحدة والانتماء، أو يصبح أداة تضليل وتفكيك حين يُستغل لنشر الشائعات وبث الفُرقة. المؤسسات الدينية كذلك تؤدي دورًا محوريًا في دعم الهوية الوطنية، حيث يساهم الخطاب الديني الوسطي في تعزيز روح التسامح والتعايش، بينما يُشكّل التوظيف السياسي للدين خطرًا يهدد استقرار المجتمعات. أما الأسرة والمجتمع المدني، فلهما دور تكميلي في نقل القيم الوطنية وتعزيز الانتماء عبر التربية والتوجيه والمشاركة في المبادرات المجتمعية.
لكن رغم أهمية هذه الركائز، يواجه بناء الوعي الوطني تحديات كبيرة، أبرزها تأثير العولمة وما تفرضه من أنماط ثقافية قد تؤدي إلى تآكل الهويات الوطنية، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الأفراد عرضة لأفكار واتجاهات متنوعة، بعضها قد يتعارض مع الهوية والقيم الوطنية. إضافة إلى ذلك، يُمثّل التطرف الفكري خطرًا حقيقيًا على المجتمعات، سواء كان تطرفًا دينيًا يسعى إلى تهميش مفهوم الدولة لصالح أيديولوجيات دينية متشددة، أو تطرفًا علمانيًا يستهين بالقيم الدينية والموروث الثقافي للأمة. كلا النموذجين يُضعفان التماسك الاجتماعي، ويُعززان حالة الاستقطاب داخل المجتمع.
ضعف المحتوى الإعلامي الوطني يمثل تحديًا آخر، حيث إن كثيرًا من الدول تعاني من غياب خطاب إعلامي وطني قوي يعزز الوعي الوطني، ما يجعل الشباب أكثر انجذابًا إلى وسائل إعلام أجنبية أو محلية ذات توجهات خاصة، تُقدّم صورة مشوهة عن قضاياهم الوطنية. كما أن الأنظمة التعليمية في بعض الدول العربية لا تزال تعاني من نقص في المحتوى الذي يعزز القيم الوطنية بشكل متوازن، إما بسبب تقديم تاريخ مشوه، أو ضعف المناهج التي تركز على الهوية الوطنية.
لمواجهة هذه التحديات، من الضروري تبني استراتيجيات شاملة تهدف إلى إعادة بناء الوعي الوطني على أسس متينة. يتطلب ذلك تحديث المناهج التعليمية بحيث تركز على تعزيز الفهم العميق للتاريخ الوطني، وتنمية روح المواطنة الإيجابية، وليس مجرد حفظ الحقائق التاريخية. كما يجب تطوير المحتوى الإعلامي ليكون أكثر جذبًا وتأثيرًا، مع تعزيز دور الإعلام الوطني في نشر الوعي، ومكافحة التضليل الإعلامي الذي يهدف إلى تشويه الحقائق وإثارة الفتن.
دعم المبادرات الشبابية يُعد أحد الحلول الفعالة لتعزيز الشعور بالانتماء، حيث إن إشراك الشباب في العمل التطوعي والمشاريع الوطنية يُشعرهم بأنهم جزء من عملية بناء الدولة، وليس مجرد متفرجين على الأحداث. كذلك، لا بد من مواجهة الفكر المتطرف من خلال نشر خطاب ديني معتدل يربط الدين بالقيم الوطنية، ويدعم مفهوم الدولة بعيدًا عن التفسيرات الضيقة التي تروج لها بعض الجماعات ذات الأجندات السياسية.
الثقافة والفنون تلعبان دورًا مهمًا في هذا السياق، إذ يمكن استثمار الإنتاج السينمائي والمسرحي والأدبي في تعزيز الهوية الوطنية، وتسليط الضوء على الإنجازات التاريخية والنماذج الوطنية التي تلهم الأجيال الجديدة. كذلك، تشجيع المهرجانات الثقافية والفنية التي تحتفي بالتراث الوطني يُسهم في ربط الأفراد بتاريخهم وهويتهم.
بناء الوعي الوطني ليس مجرد خطاب يُلقى في المناسبات الرسمية، بل هو عملية مستمرة تتطلب تكاتف الجهود بين مختلف المؤسسات والمجتمع بأسره. الدولة مسؤولة عن توفير البيئة التي تتيح للأفراد الشعور بالانتماء والكرامة والعدالة، بينما يقع على عاتق المواطنين واجب المشاركة الإيجابية في تنمية وطنهم، والحفاظ على وحدته واستقراره. الوطنية ليست مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، بل هي التزام يومي يُترجم في سلوك الأفراد وحرصهم على خدمة مجتمعهم، واحترامهم لقيمهم الوطنية، واستعدادهم للدفاع عن وطنهم في مواجهة كل التحديات.