نيويوركر: ما الذي فعله المحافظون ببريطانيا خلال 14 عاما؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
نشرت مجلة نيويوركر الأميركية مقالا طويلا للكاتب سام نايت تضمن جردا لإخفاقات حزب المحافظين البريطاني خلال الـ14 عاما الأخيرة، التي هيمن فيها على مقاليد الأمور في البلاد.
ووفقا للكاتب المقيم في العاصمة البريطانية لندن، فقد تجلت إخفاقات الحزب في انخفاض مستويات المعيشة، كما استنفدت مشاكل بعيدة المدى طاقة الدولة.
يُذكر أن المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون عادوا للسلطة في 2010، وشكلوا حكومة ائتلافية مع الديمقراطيين الأحرار.
أزمة دستورية نادرةومنذ عام 2015، انفرد المحافظون بالسلطة، إلا أن ما ميز تلك الحقبة أنها خلت من شخصية مهيمنة أو مشروع سياسي علني، وشهدت تقلبات متسارعة تمثلت في اعتلاء 5 رؤساء وزارة سدة الحكم، وجرت خلالها 3 انتخابات عامة، ووقعت أثناءها أزمتان ماليتان طارئتان وأزمة دستورية لا تحدث سوى مرة واحدة في القرن، وخيمت فيها مشاكل طويلة الأمد أثقلت كاهل البلاد، على حد تعبير المقال.
وقال نايت إن الاستفتاء الشعبي الذي نظم يوم 23 يونيو/حزيران 2016، وأسفر عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما عُرف باسم "بريكست"، تسبب في انقسام الرأي العام بين مؤيد ومعارض.
ووصف الكاتب القرار بأنه "نزوة" من نزوات المحافظين أو "كابوس"، إذ كان حافزا لبعض من أسوأ التيارات السياسية التي اتصفت بالسطحية والحنين إلى الماضي والميل لممارسة الألاعيب السياسية، الأمر الذي أنهك الطبقة السياسية البريطانية وجعلها غير مهيأة لمواجهة وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) والصدمات الاقتصادية المزدوجة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا ورئاسة ليز تراس القصيرة للحكومة التي لم تتجاوز 49 يوما.
من إمبراطورية إلى مستعمرةويصر بعض الناس على أن السياسة البريطانية على مدى العقد ونصف العقد الماضيين لم تكن مُرضية، بحسب نايت ناقلا عن الصحفي الأيرلندي فينتان أوتول -في كتابه "الفشل البطولي"- أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعد انحطاطا من مستوى "دولة إمبراطورية" إلى "مستعمرة محتلة" من قبل الاتحاد الأوروبي.
ومع إقراره بأن كل هذه التوصيفات صائبة تماما، إلا أن نايت أعرب عن خشيته من أنها تطمس حقيقتين أساسيتين حول التجربة البريطانية في ظل حكم المحافظين منذ عام 2010.
الحقيقة الأولى -من وجهة نظر الكاتب- هي أن بريطانيا ظلت منذ ذلك الحين تعاني بشدة، فقد كانت تلك سنوات من الضياع وهدر الفرص، ولم تتعاف البلاد بعد من الأزمة المالية التي بدأت عام 2008، حتى إنها أصبحت أسوأ فترة لنمو أجور العاملين في الدولة منذ الحروب النابليونية التي اندلعت في أوروبا في بواكير القرن التاسع عشر خلال فترة حكم نابليون بونابرت لفرنسا.
ومع ركود معدلات الأجور، تدهورت مستويات معيشة الناس، وهذه هي الحقيقة الثانية التي انجلت بوضوح في حياة البريطانيين طوال هذه الفترة، حسب اعتقاد نايت الذي ينحي باللائمة في ذلك على حزب المحافظين وحده.
ومن الدلائل التي يستند إليها مقال نيويوركر في تراجع الاقتصاد البريطاني، أن تمويل الحكومة المركزية للسلطات المحلية انخفض بنسبة 40% ما بين عامي 2010 و2020.
انحراف عن المسارولا تزال تأثيرات سياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة البريطانية ماثلة، فقد فاقم سحب شبكة الأمان الاجتماعي -الهادفة لتخفيف وطأة الإجراءات الاقتصادية على المجتمعات- والتي تضررت بالفعل من العولمة، من الإحساس بأن الدولة تنحرف عن مسارها.
وفي نظر كاتب المقال، فقد تبيّن أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان بمثابة "ثقب" أكثر منه "كارثة"، حيث حدث تراجع في حركة التجارة، وعودة البيروقراطية "المنسية" مع جيرانها القريبين، وهجرة الوظائف المالية من لندن، واختلال التوازن في العالم.
ومضى نايت إلى القول إن ريشي سوناك -وهو خامس رئيس وزراء محافظ، "وربما الأخير" منذ تولي حزبه مقاليد الحكم في 2010- يواجه انتخابات في وقت لاحق من هذا العام، التي يكاد يكون في حكم المؤكد أنه سيخسرها.
إضاعة فرص ثمينةوأضاف أن سوناك قوّض في سبتمبر/أيلول الماضي العديد من الأهداف الأساسية لسياسة البلاد فيما يتعلق بظاهرة تغير المناخ. وبعد بضعة أسابيع، ألغى ما تبقى من مشروع القطار السريع "إتش إس 2″، الذي كانت بريطانيا تراهن عليه ليصبح فخر السكك الحديدية وأكبر مشروع للبنية التحتية في أوروبا.
وأشار مقال نيويوركر إلى أن استطلاعا للرأي أُجري يوم 14 يناير/كانون الثاني الماضي، أظهر أن حزب المحافظين في طريقه لتكبّد هزيمة ساحقة في الانتخابات المزمع إجراؤها في وقت لاحق من العام الحالي.
ويبقى السؤال -في رأي الكاتب- هو: أي شكل من أشكال العلاقة السياسية المشتركة بين الحاكم والمحكوم سيتركه حزب المحافظين وراءه؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی حزب المحافظین
إقرأ أيضاً:
أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض
أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن تركيا هي الدولة الوحيدة والحليف الوحيد في الناتو الذي هزم تنظيمي "بي كي كي" و"داعش" الإرهابيين على الأرض.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك، الثلاثاء، مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في المجمع الرئاسي التركي بالعاصمة أنقرة.
وتطرق أردوغان إلى الملف السوري قائلا: "نتفق مع رئيسة المفوضية الأوروبية على ضرورة إنشاء إدارة تشاركية في سوريا وخاصة للحفاظ على وحدة أراضيها".
وأضاف: "نظام البعث الذي انهار بعد 61 عاما من القمع والظلم ترك خلفه حطاماً هائلاً، قُتل في سوريا قرابة مليون شخص، ونزح نصف سكانها، وهي منهكة من الصراعات المستمرة منذ 13 عاماً".
وأكد أردوغان أن الشعب السوري لا يمكنه أن يتحمل وحده هذا العبء الثقيل، وأن على سوريا أن تنهض بسرعة بدعم قوي من جيرانها والدول الصديقة والشقيقة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية.
وشدد الرئيس التركي على وجوب منع تحول الأراضي السورية إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية.
وأشار إلى أنه من المهم جداً أن يكون الدعم الأوروبي شاملاً ومستدامًا على المدى المتوسط والطويل، بما في ذلك الاستثمارات في البنية التحتية الأساسية في سوريا.
ولفت إلى أن تركيا لن تسمح بأي شكل من الأشكال أن يستعيد تنظيمي "بي كي كي" و"داعش" أنشطتهما في الأراضي السورية.
وعن علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي قال: "لا ينبغي لمصالحنا المشتركة أن تكون رهينة خطط عقيمة لبعض أعضاء الاتحاد".
وأعرب عن أمله في أن يتم اتخاذ قرارات في قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة بشأن تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتسريع عمليات منح تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك إلى أن يتم تحقيق الإعفاء الكامل.
وأضاف: "هناك حاجة إلى علاقة مؤسساتية أقوى بين تركيا والاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى ونحن كدولة مرشحة لدينا هذه الإرادة".
وتابع: "تظل عضوية الاتحاد الأوروبي هدفاً استراتيجياً لتركيا، ومن الواضح أن عضويتنا سوف تقدم مساهمات كبيرة للاتحاد وكذلك لبلدنا".
وأشار أردوغان إلى إمكانية تعزيز التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي على أساس صيغة مُربحة للجانبين والاحترام المتبادل.
وأردف: "آمل أن نرفع علاقاتنا إلى المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه من خلال عقد قمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في أقرب وقت ممكن".
كما تطرق أردوغان إلى الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، مؤكدا أنه شدد خلال لقائه فون دير لاين على وجوب إنهاء المجازر الإسرائيلية.
وتابع: "جميع الفلسطينيين الذين قتلوا في الهجمات الإسرائيلية، والبالغ عددهم 50 ألفًا تقريبًا، هم من الأطفال والنساء والمسنين. وخلال لقائنا مع فون دير لاين، لفتّ الانتباه إلى أهمية إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وضمان وقف دائم لإطلاق النار".
وشدد الرئيس أردوغان بهذا الخصوص على ضرورة ممارسة الأوروبيين ضغوطاً على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو