الجيش يقصف الدعم السريع في الخرطوم وواشنطن تتطلع لمحادثات بعد رمضان
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
قالت مصادر عسكرية للجزيرة إن الجيش السوداني قصف اليوم الثلاثاء بالمدفعية الثقيلة أهدافا تابعة لقوات الدعم السريع بمنطقة الكدرو شمالي الخرطوم، في حين أعربت واشنطن عن رغبتها في استئناف محادثات السلام بعد شهر رمضان.
وأضافت المصادر أنه تم تدمير 9 عربات قتالية تتبع الدعم السريع بمنطقة الكدرو العسكرية.
ويأتي هذا التطور في ظل استمرار الاشتباكات المتقطعة بين الطرفين في عدة محاور بالخرطوم الكبرى.
وقبل أيام، دارت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في محيط سلاح الإشارة بمنطقة بحري شمالي العاصمة.
وشهدت المعارك تطورا لافتا قبل نحو أسبوعين عندما استعاد الجيش مقر الإذاعة والتلفزيون بمدينة أم درمان، وذلك بعد تراجعات شملت الانسحاب من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط البلاد.
وقد ألحقت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دمارا واسعا بسوق الشهداء ومحيطه وسط أم درمان، حيث كانت محطة المواصلات الرئيسية بالمدينة.
وكشفت جولة لكاميرا الجزيرة حجم الدمار والتخريب الذي طال محطة المواصلات الرئيسية، والمحال التجارية والصيدليات والسيارات في الطرق الرئيسية بمنطقة الشهداء.
وقالت مصادر عسكرية للجزيرة إن منطقة الشهداء كانت تمثل منطقة سيطرة رئيسية لقوات الدعم السريع في أم درمان القديمة، حيث تمركز جزء كبير من تلك القوات، ووجود مخازن أسلحة في هذه المنطقة.
وخلال الشهر الحالي، تمكن الجيش السوداني من السيطرة على كامل أحياء أم درمان القديمة بعد معركة كبيرة مكّنته من بسط سيطرته على مباني الإذاعة والتلفزيون.
كما كشفت كاميرا الجزيرة عن دمار طال سوق أم درمان الكبير وتخريبه جراء المعارك التي دارت بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويعد سوق أم درمان من أكبر وأعرق الأسواق في السودان، ويحتوي على محلات تجارية في كافة المجالات
في الأثناء، أعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو اليوم عن أمله في استئناف طرفي الصراع في السودان محادثات السلام بعد شهر رمضان، والعمل لمنع اندلاع حرب إقليمية أوسع رغم فشل المفاوضات السابقة.
وقال بيرييلو للصحفيين في واشنطن، بعد عودته من جولة شملت 7 دول، إنه أكد خلال جولته أن المحادثات بين الأطراف المتحاربة ينبغي أن تكون شاملة، وأن تضم الإمارات ومصر والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي.
وأضاف أن المحادثات التي ستشارك السعودية في قيادتها قد تنطلق في 18 أبريل/نيسان المقبل، مشددا على أن الطريق ليس ممهدا لأي من طرفي الصراع لتحقيق انتصار واضح.
وتابع المبعوث الأميركي أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول تبحث حوافز يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الحرب.
والأحد استبعد مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق ياسر العطا إجراء مفاوضات أو هدنة مع قوات الدعم السريع، وأكد القادة السودانيون أنه يتعين أولا انسحاب قوات الدعم من المناطق المدنية والمؤسسات العامة قبل الدخول في أي حوار.
وأسفر الصراع المسلح، الذي اندلع في السودان قبل نحو عام، عن مقتل ما لا يقل عن 14 ألف شخص، ونزوح أكثر من 8 ملايين، بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الدعم السریع فی فی السودان بین الجیش أم درمان
إقرأ أيضاً:
أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
اتهم السودان الإمارات بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" في شكوى تقدّم بها الخميس أمام محكمة العدل الدولية، في خطوة تسلّط الضوء على دور مفترض للدولة الخليجية في الحرب المدمّرة التي يشهدها منذ نحو عامين. ولطالما اتهمت الخرطوم وأطراف أخرى أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ العام 2023، وهو ادعاء لطالما نفته الإمارات. فأي دور للإمارات في السودان، وما هي علاقتها بقوات الدعم السريع؟
ما أهمية السودان للإمارات؟
يُعد السودان، إحدى أكبر دول أفريقيا، غنياً بالموارد الطبيعية بما في ذلك الأراضي الزراعية الشاسعة والغاز. كما أنه ثالث أكبر منتج للذهب في القارة. ويتشارك السودان حدوداً غربية طويلة مع ليبيا حيث تدعم الإمارات موالين لها في بنغازي، ويطل شرقاً على البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي للنفط.
وفي العام 2021، استولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطة في السودان، بعد تنفيذ انقلاب مع نائبه حينها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع. وبعد عامين، اندلعت الحرب بين البرهان وحميدتي، وسط اتهامات لقوى عدة، بما في ذلك الإمارات ومصر وتركيا وإيران وروسيا، بدعم أحدهما أو الآخر.
ويقول الباحث المتخصص في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط أندرياس كريغ إنّ الهدف الأساسي للإمارات في السودان "يتعلق بالتأثير السياسي في بلد استراتيجي يكتسي أهمية كبيرة للغاية". وتنظر شركات مرتبطة بالإمارات إلى السودان باعتباره مركزاً للاستثمار في الموارد والمعادن والتجارة، بحسب كريغ.
من جهته، يقول الباحث السوداني حميد خلف الله إنّ "دولة الإمارات الصحراوية مهتمة بالموارد الطبيعية التي تفتقر إليها بما فيها المعادن والأراضي الصالحة للزراعة". ويضيف أنه من ليبيا إلى الصومال، "تتّبع الإمارات نمطاً للعمل مع القوات شبه العسكرية" لاستغلال موارد القارة.
وقدّرت منظمة "سويس إيد" في تقرير العام الماضي أنّ 66,5% من صادرات الذهب الأفريقية إلى الإمارات في العام 2022 تمّت عن طريق التهريب. وتُعد الإمارات، وهي مركز رئيسي لتجارة الذهب، المشتري الأكبر عالمياً لهذا المعدن الثمين من السودان، وهو قطاع يسيطر عليه دقلو إلى حد كبير.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ترييستي الإيطالية فيديريكو دونيلي أنّ حصر اهتمامات الدولة الخليجية بالذهب هو أمر "تبسيطي للغاية". وأضاف أنّ الإمارات تسعى أيضاً إلى "مواجهة النفوذ السعودي" في السودان و"منع انتشار الإسلام السياسي" الذي ترى فيه تهديداً لأمنها.
ما علاقة الإمارات بـ"الدعم السريع"؟
ترتبط دول خليجية بعلاقات مع الجيش السوداني منذ انضمام الخرطوم إلى التحالف الذي تقوده السعودية منذ العام 2015 لدعم الحكومة اليمنية في مواجهة جماعة الحوثيين. وقاد البرهان السودانيين الذين قاتلوا تحت مظلة السعودية، بينما قاتلت قوات الدعم السريع إلى جانب جنود من الإمارات، بحسب دونيلي.
منذ ذلك الحين، نشبت خلافات بين الحليفين الخليجيين التقليديين. ويشرح دونيلي أن دعم الإمارات دقلو، رغم نفيها ذلك، يهدف إلى "تحدي أهداف السعودية". من جهته، يرى كريغ بعداً أيديولوجياً للعلاقة، موضحاً أن الإمارات "اعتمدت على قوات الدعم السريع لاحتواء الشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين"، في حين يُربط بين الجيش وقيادات إسلامية من عهد النظام المخلوع للرئيس عمر البشير.
وواجه الجانبان مزاعم بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليوناً. وفي يناير/ كانون الثاني 2025، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بـ"الإبادة الجماعية" لارتكابها القتل والاغتصاب الجماعيين بحق جماعات عرقية.
وخلال الشهر نفسه، قال المشرعون الأميركيون إنّ الإمارات "خرقت" وعودها بوقف الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. وتُدار الشؤون المالية الخاصة بدقلو من الإمارات، وفق كريغ، مضيفاً أنه بات رهن علاقة "اعتماد متبادل" مع أبوظبي. كما حصلت قوات الدعم السريع على دعم حيوي من الإمارات، بما في ذلك شحنات أسلحة عبر تشاد المجاورة، بحسب دبلوماسيين ومحللين ومنظمات حقوقية. وتنفي الإمارات تلك الاتهامات.
أي تأثير لشكوى السودان على الإمارات؟
رفع السودان، أول من أمس الخميس، شكوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، على خلفية "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض للدعم السريع. وندّدت الإمارات بالشكوى التي وصفتها "حيلة دعائية خبيثة" مؤكدة أنها ستعمل على ردّها.
وتُعد قرارات محكمة العدل، التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً، ملزمة قانوناً، لكنها لا تملك وسائل لفرض تنفيذها. لكن من شأن الخطوة أن تضرّ بسمعة الإمارات بحسب دونيلي الذي قال لوكالة فرانس برس إنه بات يُنظر لأبوظبي بشكل متزايد على الصعيد الدولي، وفي أفريقيا، على أنها "جهة مزعزعة للاستقرار". لكنه يضيف أن "الأهمية المالية والسياسية" التي اكتسبتها الدولة الخليجية خلال العقد الماضي "ستحميها على الأرجح من أي عواقب خطرة".
(فرانس برس)