من الصمود اليماني إلى الإسناد الفلسطيني
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
يمانيون – متابعات
منذ يومنا الأول للعدوان السعودي الأمريكي واليمن تشهد حرباً مدمرة لا نظير لها في كل حروب الدنيا – وحشية الدمار- القتل الممنهج للأطفال والنساء – تدمير البنية التحتية – كل هذا بهدف تركيع وخنوع الشعب اليمني.
كان النظام السعودي والإماراتي ومن ورائهما أمريكا يراهن على حسم المعركة خلال أسابيع قليلة بعد أن تفاخرت بأنها قد دمرت مواطن “انصار الله” حسب زعمها متجاهلة حقيقة أن المجتمع اليمني القبلي بأفراده وأعرافه المتوارثة يشكل الركيزة الأساسية لقوة اليمن وانتصاراته، وأن لا عذر يقبل لتدمير اليمن، وتدخل خارجي عسكري لضرب قاعدة معينة في البلاد، ولهذا انطلق النفير العام لمواجهة التدخلات الخارجية وتوحدت اللحمة اليمنية رغم تبايناتها المتعددة منذ اللحظة الأولى للعدوان على اليمن، ليبدأ اليمنيون بتدوين أول صفحة من صفحات الصمود أمام أعتى حرب عبثية في العصر الحديث.
وبالرغم من وحشية العدوان السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني إلا أن قوى تحالف العدوان لم تحقق أي شيء من أهدافها المعلنة والسخيفة، حيث استطاع الشعب اليمني بتماسكه والتفافه حول قيادته الثورية والسياسية والعسكرية أن يقاوم ويصمد في وجه أعتى عدوان تاريخي إلى يومنا هذا.
وعند التأمل للحظة ما سر تماسك المجتمع اليمني، وصموده وبسالة أبنائه وثباتهم في مختلف جبهات الشرف تجد أن قيادتنا الحكيمة المتمثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي قد استطاعت أن تحوّل التحديات إلى فرص ثمينة لا يمكن تكرارها للبناء والتأسيس ليمن جديد.
فمثّل صمود شعبنا اليمني بوجه العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على مدى هذه السنوات، سابقة تاريخية منقطعة النظير سطر فيها اليمانيون الأبطال ملاحم خالدة على مستوى التصدي للعدوان الخبيث، وأكدوا أن الشعب اليمني ليس بحاجة لأن ينتظر المستقبل حتى يكشف له عن الهزيمة المرتقبة للمعتدين؛ فما تحقق على أرض الصمود المذهل يمكن البناء عليه بأن النصر سيكون حليف الشعب اليمني الذي ضرب أروع الأمثلة في الثبات والتصدي وتلقين الأعداء والغزاة دروسا قاسية لن ينسوها أبدا.
وكان كل الفضل في الصمود والصبر يعود إلى أبناء الشعب اليمني المتسلح بالوعي والإيمان والصبر، وبفضل قيادته الحكيمة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.
الخروج السنوي:
للدفاع عن الوطن وحريته واستقلاله وانتزاع كامل القرار السياسي، يخرج للساحات أبناء اليمن لتدشين عامهم الجديد من الصمود ليكون خروجهم رسالة للعالم بعزيمة وثبات اليمنيين حتى الانتصار، وهم أكثر ثباتاً وصموداً، وأكثر إصراراً وعزيمة يحدوهم الأمل والثقة بالله بأن الأيام القادمة ستكون بشرى الانتصار الكبير بعد أن استطاع شعبنا اليمني ومجاهدوه الأبطال كسر غطرسة وغرور العدوان الذي بات يترنح باحثا عن طوق نجاة.
وها هو اليوم في كل جمعة يخرج أبناء اليمن في أكثر من ساحة في صنعاء وباقي المحافظات اليمنية ليعبروا عن موقفهم الجهادي والتضامني بالقول والفعل لإخوانهم في قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع الجرائم من قبل جيش الاحتلال الصهيوني بمساندة من أمريكا الشيطان الأكبر.
فقد عبرت جميع المسيرات والتظاهرات منذ انطلاق العدوان على اليمن في 26 مارس 2015 وعلى قطاع غزة في ٧ أكتوبر 2023 عن الوحدة والتلاحم الوطني والشعبي بكل طوائفه وأحزابه لنقول للعالم نحن أبناء اليمن مهما اختلفنا سنظل يدا واحدة ضد قوى الاستكبار العالمي.
وحدة الصف
منذ اللحظة الأولى للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، سعى ذلك التحالف جاهداً إلى تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتفكيك دعائمه لإدخال اليمن في مستنقع الصراعات والفتن، وإشغاله عن مواجهة التحديات، والتصدي لعدوانه، إلا إن تلك المؤامرة قد تحطمت أمام تماسك اللحمة الوطنية لقبائل اليمن الشرفاء التي خرجت بكامل عتادها ورجالها للدفاع عن الأراضي اليمنية، وخصوصا عندما وقفت القيادة الثورية مع إخواننا في غزة لمنع السفن الاسرائيلية بالمرور من البحر الأحمر.
عوامل الصمود
إن العامل المهم من عوامل الصمود اليماني هي الإنجازات العظيمة التي أثمرت على الساحة الميدانية والعسكرية، والتي يحقّقها أبطال الجيش واللجان الشعبية بالانتصارات تلو الانتصارات.
ولا ننسى أيضاً المستوى العالي لخبرات التصنيع الحربي اليمني الذي استطاع أن يوصل الوجع إلى عمق دول العدوان عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وجعلهم يتباكون ويستنجدون بالعالم ويبحثون بخجل عن مخرج لحفظ ما تبقى من كرامتهم بعد أن فقدوا هيبتهم وعجزوا حتى هذه اللحظة عن تحقيق أي مكسب عسكرية على الأرض، بل إن اليوم وبفضل الله قد أصبحت القوات المسلحة اليمنية وبمناصرتها لإخوانها في قطاع غزة ومنع السفن الإسرائيلية أو التابعة للكيان الصهيوني المتجهة إلى فلسطين المحتلة قوة كبرى بعد ان ظهرت تطورات عسكرية جديدة ومتوالية عجزت قوى الاستكبار العالمي عن مواجهتها.
ولعل مظلومية أبناء الشعب اليمني من أهم عوامل الصمود الأسطوري – كما هو مظلومية أبناء فلسطين أيضاً وصمودها الأسطوري. إلا أن الاستسلام أمر غير وارد في اليمن وكذلك في فلسطين، وهذا ما أثبته الواقع والتحديات.
النهوض الاقتصادي
كان للحصار الخانق المفروض على اليمن برا وجوا وبحرا، وانقطاع الرواتب، آثر سلبية على حياة اليمنيين، إلا أن توجهات القيادة الثورية والسياسية كانت لها آثار إيجابية في إعانة المواطن اليمني في لقمه عيشه – حيث بادرت القيادتين إلى تبني العديد من الخطوات والخطط التنفيذية لتفعيل دور الزراعة والإنتاج المحلي لمختلف السلع والمواد الغذائية، وتقديم التسهيلات الكفيلة بتشجيع المزارعين على إحياء الأراضي وتفعيلها من جديد للحد من نسبة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية وعلى رأسها القمح.
التمكين العسكري والتصنيع الحربي
حاولت قوى الشر العالمي خلال الفترات الماضية وفي ظل الأنظمة الحاكمة السابقة على تدمير البنية العسكرية اليمنية – لتحويل اليمن إلى بلد عاجز عن الدفاع على أرضه ومقدراته، وما أن انبثقت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وانطلاق العدوان السعودي الأمريكي الغاشم على بلدنا، حتى أدرك أبناء الشعب اليمني حقيقة المؤامرة الخبيثة على أرض الحكمة والإيمان حتى حولوا المعاناة إلى فرص واقعية في التصنيع العسكري والقوة الصاروخية والطيران المسير والسلاح البحري وغيرها من الإمكانيات العسكرية حتى في الاكتفاء الذاتي.
وأمام هذه النقلة النوعية في مجال التصنيع والتسليح الحربي – استطاعت القوات العسكرية اليمنية أن تعيد للبلاد عزتها وكرامتها وبما يتوافق مع أهداف وتطلعات قيادات صنعاء وبشكل أصاب العالم بالذهول والدهشة.
انتصار ساحق
من خلال العدوان على اليمن أدرك الجميع قوى وأنظمة ومكونات ومليشيات عمالة وارتزاق أن الصمود اليمني صمود أسطوري بطولي ينتمي إلى التاريخ الإسلامي العريق.
وعليهم أن يدركوا أيضا أن اليمن اليوم غير الأمس فهو قوة مؤثرة فاعلة في شبه الجزيرة العربية، وقد أثبت ذلك بتدخله المباشر العسكري ضد قوى الاستكبار أمريكا وبريطانيا نصرة لإخوانهم في فلسطين والوقوف إلى جانبهم.
وفي الختام لا نستطيع القول إلا أن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة حفظه الله ونصره، بحكمته وبصيرته، بعد الله سبحانه وتعالى استطاع أن يغير المعادلة والموازين من العدوان على اليمن والعدوان الجاري على قطاع غزة إلى نصرا مشرفاً يفتخر فيه كل حر وشريف على هذا العالم.
السياسية |نى المؤيد
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعب الیمنی على الیمن قطاع غزة إلا أن
إقرأ أيضاً:
رسائل الخروج الجماهيري بعد شهر من العدوان الجديد.. اشتباكٌ مباشر مع استراتيجيات “الترهيب” الأمريكية
يمانيون/ تقارير شكَّلَ الخروجُ الجماهيري الكبير، أمس الجمعة، محطةً مهمَّةً من محطات هزيمة جبهة العدوّ الصهيوني الأمريكي في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة، حَيثُ جاء ذلك الخروجُ في توقيت حسَّاسٍ، بالتزامن مع العدوان الإجرامي الذي تشُنُّه إدارَةُ ترامب على اليمن والذي ترافقُه حربٌ إعلاميةٌ واسعة النطاق لكسر معنويات الشعب اليمني وثَنْيِه عن مواصلة معركة الإسناد في مرحلة حرجة من الصراع يعوِّلُ فيها العدوُّ على الاستفراد بغزةَ وتنفيذ خطة التهجير بتواطؤ وتخاذل كامل من قبل معظم الأنظمة العربية والإسلامية.
الخروج -الذي استأنف به الشعبُ اليمني احتشادَه الأسبوعي نصرةً لغزة بعد عودة الإبادة الجماعية الصهيونية- لم يحمل فقط رسائلَ التمسك بمبدأ مساندة الشعب الفلسطيني فحسب، بل وجّه رسائلَ تَحَـــدٍّ وتصعيد جديدة وبالغة الأهميّة، حَيثُ جاء مع اقتراب مرور شهر كامل على بَدء العدوان الأمريكي الجديد الذي شنته إدارة ترامب ضد اليمن في منتصف مارس الماضي، قبل أَيَّـام فقط من استئناف العدوان الصهيوني على غزة، كمحاولةٍ استباقية لتحييد حجم وفعالية التدخل الحتمي لجبهة الإسناد اليمنية، وقد اعتمدت الإدارةُ الأمريكية في هذا العدوان على استراتيجيات “ترهيبية” متنوعة، منها توسيعُ نطاق الاستهداف للمناطق المدنية، وشن حملة دعائية واسعة لتخويفِ الشعب اليمني ومحاولة صناعة “انتصارات” وهمية؛ بهَدفِ كسرِ المعنويات، وتفتيت تماسُكِ الموقف الجماهيري الذي كان له دورٌ رئيسي وبارزٌ في الدفع بالموقف العسكري والرسمي المساند لغزة إلى مستوياتٍ عليا خلال الجولة الماضية من المواجهة.
الخروجُ الجماهيري الكبير كان بمثابة تتويجٍ مشهودٍ ليس لفشل استراتيجيات الترهيب الأمريكية فحسب، بل لقصورِ رؤية قيادة جبهة العدوّ الأمريكي الصهيوني فيما يتعلَّقُ باليمن سواءٌ على مستوى المواجهة الحالية أَو على مستوى ما تبقى من مسار الصراع، فالاحتشادُ المليوني الواسع في ساحات الإسناد الشعبي في ظل الجرائم الأمريكية المتصاعدة والحرب النفسية المكثّـفة، برهن مجدّدًا أن كُـلَّ مسارات عمل العدوّ لتحييدِ الجبهة اليمنية والتأثير على فاعليتها، لا تخفقُ فقط في تحقيق الأهداف، بل تقودُ إلى نتائجَ عكسيةٍ، وهو ما أثبته الواقعُ خلال 15 شهرًا في جولة المواجهات السابقة؛ الأمر الذي يعني أن “التغييرَ” الذي علَّق عليه قادةُ جبهة العدوّ الأملَ في استراتيجيات هذه الجولة، لم تكن له أية قيمة، وهو ما يؤكّـد بدوره أن اليمنَ لا يزال وسيظل معضلةً استراتيجية خطيرة بالنسبة لكيان العدوّ ورعاته وشركائه، وهو ما كانت عملياتُ القوات المسلحة خلال الفترة الماضية قد أثبتته بشكل عملي.
ولم تقتصِرْ رسائلُ تحدِّي العدوانِ الأمريكي واستراتيجياته الترهيبية على الاحتشادِ الواسِعِ في الساحات فحسب؛ فقد تضمَّنَ الخروجُ الجماهيري أَيْـضًا تفاصيلَ أكثرَ مباشَرةً في الرد على العدوّ والاشتباك مع حربه النفسية، مثل ظهور نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات، اللواء عبد القادر الشامي، وتقديمِه لبيان المسيرة الجماهيرية المركزية في العاصمة صنعاء، بعد أن كانت وسائلُ إعلام العدوّ قد بثَّت الكثيرَ من الأخبار المزيَّفة حولَ استهدافه تارة، واعتقاله تارة أُخرى، وهو أمر يوجِّهُ ضربةً مؤثِّرةً للعدو الأمريكي الذي بات من الواضح أنه يعتمدُ بشكل أَسَاسي على التضليل الدعائي، ليس فقط لمحاولة التأثير على معنويات الشعب اليمني، بل أَيْـضًا لتعويضِ الفشل العملياتي الذريع في تحقيق الأهداف المعلَنة للعدوان على اليمن، في ظل الانتقادات المتصاعدة التي يتعرض لها، والتقييمات السلبية التي لا يتوقف الخبراءُ عن تقديمها استنادًا إلى واقع الميدان واعترافات مسؤولين أمريكيين.
ومما يزيد فعاليةَ تأثير وأهميّة الخروج الجماهيري الكبير، يوم أمس الجمعة، أنه جاء معزِّزًا لرسائلَ مهمةٍ كان قد وجَّهها السيدُ القائد عبدُالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير، يوم الخميس، فيما يتعلقُ بتصاعد مسار عمليات جبهة الإسناد اليمنية خلال المرحلة المقبلة، والتطورات الجديدة في القدرات العسكرية، وهي أمورٌ جاء الحديثُ عنها في ظل تأكيد الإصرار على مواصلة المعركة، ليس فقط بالصمود والاستمرار في المستوى الحالي من الموقف – برغم أهميته – بل بالتوجُّـه لمضاعفة الضغط على الأعداء بشكل أكبرَ مهما كانت النتائج والتضحيات، وهو خيارٌ يمثل الالتفافُ الشعبي حوله ضربةً كبيرةً لكل خططِ ورؤى العدوّ فيما يتعلَّقُ بالجبهة اليمنية.