صحيفة التغيير السودانية:
2024-12-25@20:12:15 GMT

إدوارد سعيد: مثقف في الهرج

تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT

إدوارد سعيد: مثقف في الهرج

عبد الله علي إبراهيم

ما تزال قضية فلسطين عندنا حقاً مضاعاً لا نعززه بمعرفة به من فوق علم دقيق بمن أضاعه. لن تجد “الجزيرة” أو “الحدث” تنتحي في سيل أخبارها بمختص بالتاريخ والثقافة ليلقي الضوء على قضايا تثيرها الحرب من جديد فوق نار شعواء. وددت طوال تتبعي للمعارك وخبرائها و”المعلقين على الأنباء” أن تأتي هذه القنوات بمن يناقش موضوع العداء للسامية الذي يقرض الآن في قماشة الديمقراطية الامريكية كما لم تُقرض منذ المكارثية.

بل أن تدعو هذه القنوات هؤلاء العلماء لتقليب الرأي حول تهجير الفلسطينيين الذي بدا وكأنه مما اضطرت له إسرائيل بسبب الحرب، أو هي التي تزعم ذلك. مع أنه خطة مبيتة من اليمين الديني اليهودي ك”الحل النهائي”، في مصطلح النازية، منذ صعود نجمه في الحكم في إسرائيل كما جاء في كتابات أخيرة للصحافي اليهودي بيتر بينيت. بل استحق المستمع العربي أن يعلم خلفيات إعفاء الهيرديم من الخدمة العسكرية بواسطة بن غورين المعدود علمانياً حداثياً لأنه ظن أنهم جماعة منقرضة آجلاً أو عاجلاً فلا ضرر ولا ضرار من تجنيبهم الخدمة العسكرية حتى يرحل آخرهم. وهو الإعفاء الذي فيه يختلفون الآن اختلافاً عظيماً.
في معرض نعيي للبروفسير إدوارد سعيد في 2003 عرضت لمساهمته في “تثقيف” المسألة الفلسطينية وتقعيدها في مخيال الغرب التاريخي والسياسي. فالقضية عنده ليست حقاً أندلسياً سليباً آخر. هي الغرب بطريقة أخرى.

قال الشيخ محمد فضل الله إننا لم نعلم عن اسرائيل كثير شيء على أننا لم نعرف سواها لنصف قرن من الزمان. فقد أعمانا حقنا الصريح في فلسطين عن الإحاطة الدقيقة بهذا العدو اللئيم. فالحق عندنا يعلو ولا يعلى عليه وما ضاع حق وراؤه مطالب. ولكن سيبقى السؤال إن كنا قد تصفحنا أوراق حقنا هذا لا كعقيدة وطنية وقومية ودينية مجردة، بل كثقافة نسربها إلى العالم فيصبح حقنا جزءاً من وعي العالم بذاته ومن احترامه لآدميته وغضبته للحق.
ولذا قال المرحوم إدوارد سعيد إن فلسطين هي قضية العالم. ولم تكن هذه القضية في أحسن حالاتها نبلاً ومصداقية مثل يوم أجازت الأمم المتحدة قراراً أدخل الصهيونية في العقائد المعادية للجنس البشري. مثلها مثل النازية ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ثم انحدرنا تدريجياً من هذه القمة إلى سفح انكمشت فيه القضية الي حجم عربي أو فدائي بالأحرى لا صدى مذكوراً له في جنبات العالم.

من المعلوم أن فلسطين شاغل عربي محرج وقديم. ولكني لا اعرف إن كنا جعلناها محوراً للتعليم المدرسي أو العام عندنا. وهو تعليم يتجاوز إلحاحنا على حقنا فيها لمعرفة أدق بالعالم الذي تمخض عن إسرائيل فولد مصيبة.

اقتحمتني هذه الأفكار المراجعة وأنا أقرأ كتاب المرحوم إدوارد سعيد “مسألة فلسطين” بعد وفاته في العام الماضي لأول مرة. وتحسرت على تباطؤي في قراءته. فقد قرات له “الاستشراق” و”الإمبريالية والثقافة” وغيرها من الكتب النظرية في وقتها. وقدرت أنني استبعدت كتبه عن فلسطين لأنني ربما اكتفيت بالمعلوم بالضرورة من حقنا المغتصب فيها.

وعلمت من الكتاب بعد قراءته لا عن هذا الحق المغتصب فحسب، بل عن منطقه الغلاب أيضاً الذي إن بلغ العالم بالحكمة والموعظة الحسنة لهدى العالم الي الأقوم. فمن رأي سعيد أن إسرائيل هي من عمل العالم والغرب بالطبع. فهي بالنسبة للغرب استثمار مزدوج. فمن جهة هي استثمار في الماضي في تلك الأرض المقدسة التي لم يهدأ للغرب بال وهي في يد العرب أو المسلمين. وهي من الجهة الأخرى استثمار في المستقبل. فالغرب اراد ان يجعلها وطناً لليهود ممن أخذوا بثقافته ومناهجه حتى تكون منارة غربية ديمقراطية في صحراء العرب المسكونة بالاستبداد الشرقي.

وهنا ينبه سعيد بذكاء الي “تحالف” عجيب بين الماضي والمستقبل لقتل الحاضر. ففي فلسطين، في قول سعيد، شحنة خيالية وعقائدية غربية ثقيلة حولت فلسطين من حقيقة إلى شبح ومن حضور إلى غياب. فإسرائيل عنده هي تأويل للماضي ورجم بالمستقبل ولم يحفل مهندسوها بالحاضر الفلسطيني. فهي في نظر سعيد التأويل الذي غطى على النص الذي هو الفلسطينيون. وقول سعيد هذا في عمومه معروف لدي معظمنا، ولكن بربك أنظر كيف أحكم سعيد تأطيره بحيث يسوغ لكل ذي نظر وفؤاد.

أعجبني أيضاً قول سعيد إن إسرائيل مستعمرة من نوع جديد. فالمعلوم عن الاستعمار بالضرورة أن الأهالي المستعمرين هم جزء من مشروعه الحضاري المزعوم. فهو يريد أن يأخذ بيدهم في مراقي التحديث والتمدين. خذ مثلاً مشروع الجزيرة. فهو قد قام لخدمة مصلحة إنجليزية معلومة، ولكن السودانيين كانوا مادة مهمة فيه. أما إسرائيل فهي مستعمرة ليس الأهالي (الفلسطينيون) في حسبانها. فليس في مشروعها إدخالهم في أي “حظوة” تمدينية كما قد فعل الإنجليزفينا كما تذيع صفوة البرجوازية الصغيرة.

فهي وطن لليهود، وبس. وقد حال ذلك دونها ودون الاستثمار في مستقبل الأهالي الذين استولت على ديارهم. كان الأوربيون قساة على الأهالي الذين ينكصون عن السير الي المستقبل المرسوم لهم متذرعين بالتراث ومتمسكين بالماضي. أما إسرائيل فتقسو على الفلسطينيين الذين ينقدون مشروعها الذي لا سند له سوي الماضي والحجة الإنجيلية. فهي في الاستعمار لا تشبه إلا روحها.

إن فقد سعيد لفقد والله. فقد خلق الله قلمه الذكي لمنعطف الهرج والخنا والتبذل العربي الراهن. وهو منعطف أصبح فيه التهافت على إسرائيل عادة علنية. وأصبح الاصطلاح معها حق شرعي. فأنت تسمع أليس من حقي أن اصطلح إذا اصطلح فلان. ومن يقرأ سعيد يعلم أن خصومة إسرائيل التي تاجها الظفر، باسم الله، لم تبدأ بعد.

الوسومعبد الله علي إبراهيم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: عبد الله علي إبراهيم إدوارد سعید

إقرأ أيضاً:

تعرف على نوع الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي استهدف منطقة يافا اليوم ؟

يمانيون |

أعلنت القوات المسلحة عن تنفيذ عملية ضد هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة.

وأوضحت القوات المسلحة في بيان صادر عنها اليوم، أن القوة الصاروخية استهدفت هدفاً عسكرياً للعدوِّ الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين 2.. مشيرة إلى أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وأكدت القوات المسلحة أنها ومعها كل الأحرار من أبناء الشعب اليمني على أتمِّ الجهوزية والاستعداد لمواجهة العدوان الإسرائيلي الأمريكي البريطاني، وأنها مستمرة في تأدية واجبها الديني والأخلاقي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم وذلك بإسناد المقاومة في غزة بالمزيد من العمليات العسكرية حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.

وفيما يلي نص البيان:

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم

قال تعالى: {وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ } صدقَ اللهُ العظيم

انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ ومجاهديه ورداً على جرائمِ العدو الإسرائيلي بحق إخوانِنا في غزة

استهدفتِ القوةُ الصاروخيةُ بعونِ اللهِ تعالى هدفاً عسكرياً للعدوِّ الإسرائيليِّ في منطقةِ يافا المحتلةِ وذلك بصاروخٍ باليستيٍّ فرط صوتيٍّ نوع فلسطين 2

وقد حققتِ العمليةُ أهدافَها بنجاحٍ بفضلِ الله.

إنَّ القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ ومعها كلُّ الأحرارِ من أبناءِ الشعبِ اليمنيِّ العظيمِ على أتمِّ الجهوزيةِ والاستعدادِ لمواجهةِ العدوانِ الإسرائيليِّ الأمريكيِّ البريطانيِّ وإنها بعونِ اللهِ تعالى مستمرةٌ في تأديةِ واجبِها الدينيِّ والأخلاقيِّ والإنسانيِّ تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِّ المظلومِ وذلك بإسنادِ المقاومةِ في غزةَ بالمزيدِ من العملياتِ العسكريةِ حتى وقفِ العدوانِ على غزة ورفعِ الحصارِ عنها.

واللهُ حسبُنا ونعمَ الوكيل، نعمَ المولى ونعمَ النصير

عاشَ اليمنُ حراً عزيزاً مستقلاً

والنصرُ لليمنِ ولكلِّ أحرارِ الأمة

صنعاء 23 من جمادَى الآخرة 1446 للهجرة

الموافق للـ 24 ديسمبر 2024م

صادرٌ عنِ القواتِ المسلحةِ اليمنية

# القوات المسلحة اليمنيةفرط صوتي

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: الحوثيون سيتعلمون الدرس الذي تعلمته حماس وحزب الله
  • كيف تخنق إسرائيل اقتصاد فلسطين بقوانينها؟
  • عبد المنعم سعيد: الحروب العالمية الحالية ليست استثنائية
  • تعرف على نوع الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي استهدف منطقة يافا اليوم ؟
  • هل يؤثر القصف الأمريكي الذي استهدف صنعاء على قدرات أنصار الله؟
  • أصيبوا بشلل في المعدة.. نجوم سقطوا في خدعة حقن التخسيس
  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • حركة فتح: نتمنى أن يكون هناك صحوة في ضمير العالم تجاه فلسطين
  • بالفيديو.. "فتح": نتمنى أن يكون هناك صحوة في ضمير العالم تجاه فلسطين
  • فتح بهولندا: نتمنى أن يكون هناك صحوة في ضمير العالم تجاه فلسطين