فقر وصراعات.. لماذا يختار مواطنو طاجيكستان الهجرة إلى روسيا؟
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
المتهمون الأربعة في مذبحة موسكو هم مواطنون من طاجيكستان، وهم بعض من الآلاف الذين يهاجرون إلى روسيا سنويا من أفقر الجمهوريات السوفيتية السابقة ليتخلصوا من حياتهم الصعبة.
وإلى جانب الفقر المدقع، تعاني طاجيكستان من التوترات الدينية.
وكان الإسلاميون المتشددون إحدى القوى الرئيسية التي عارضت الحكومة في الحرب الأهلية التي اندلعت في التسعينيات ودمرت البلاد.
وتقول أسوشيتد برس إن المسلحين الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن مذبحة موسكو التي أسفرت عن مقتل 139 شخصا يتبعون فرع تنظيم "داعش" في أفغانستان المجاورة، الذي يجند أعداد كبيرة من طاجيكستان.
وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.5 مليون مهاجر طاجيكي يعيشون في روسيا، فرارا من الفقر والبطالة التي تعاني منها بلادهم الجبلية، غير الساحلية.
وطاجيكستان غنية بالعديد من الموارد المعدنية، لكن الصناعة لم تتطور بسبب تراجع الاستثمار الأجنبي وضعف البيانات الجيولوجية، من بين عوامل أخرى.
ورغم أن أغلبية سكانها، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، مسلمون، تظل التوترات المرتبطة بالإسلام شائعة.
وكان الإسلاميون معارضين رئيسيين خلال الحرب الأهلية، التي دارت رحاها بين عامي 1992 و1997، التي قتلت خلال السلطات ما يصل إلى 150 ألف شخص، ودمرت الاقتصاد.
وعندما انتهت الحرب، اتخذ الرئيس الطاجيكي، إمام علي رحمن، خطوات لتقييد الحريات الدينية، إذ حدت الحكومة من عدد المساجد التي يمكن بناؤها، ومنعت النساء والأطفال دون سن 18 عاما من ارتياد المساجد على الإطلاق، وحظرت التعليم الديني للأطفال خارج المنزل.
ويقول المنتقدون إن القيود شجعت الناس على اللجوء إلى الفصائل الإسلامية السرية والمتطرفة عبر الإنترنت.
وأكبر المتهمين في مذبحة موسكو هو داليردزون ميرزوييف (32 عاما)، الذي ظهر جالسا في قفص زجاجي بقاعة المحكمة ووجهه مصاب بكدمات. كان ميرزوييف يعيش في روسيا بشكل غير قانوني، وقد كانت لديه إقامة مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر في مدينة نوفوسيبيرسك، بجنوب روسيا، لكنها لم تعد سارية، بحسب وكالة ريا نوفوستي.
وفي مقطع فيديو لاستجوابه تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، قال إنه كان يعيش مؤخرا في موسكو مع أحد المشتبه بهم الآخرين. وقالت المحكمة إنه متزوج وله أربعة أطفال، لكن لم يتضح ما إذا كان يعمل.
والمتهم الثاني هو سعيدكرامي مورودالي راشاباليزودا (30 عاما) وهو عاطل عن العمل. وقد أبلغ المحكمة أن لديه وثائق تسجيل روسية، لكنه لا يتذكر مكانها.
أما المتهم شمس الدين فريدوني (25 عاما)، فكان يعمل بشكل رسمي في مصنع بمدينة بودولسك الروسية، ويبدو أنه كان يتمتع بحياة مستقرة في كراسنوجورسك، في ضاحية موسكو التي وقعت بها عمليات القتل، وقال أثناء استجوابه إنه عُرض عليه مبلغ 500 ألف روبل (حوالي 5425 دولارا) لتنفيذ الهجوم، أي ما يعادل حوالي عامين ونصف من متوسط الأجر في طاجيكستان.
أما محمد سوبير فايزوف (19 عاما)، الذي شوهد جالسا على كرسي متحرك أثناء مثوله أمام المحكمة، فقد كان عاطلا عن العمل، وكان يعمل قبل ذلك بمحل حلاقة في إيفانوفو، بشمال شرق موسكو.
مقاطع "تعذيب" للمتهمين في مجزرة موسكو.. والكرملين يرفض التعليق رفض الكرملين التعليق على مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لتعرض المشتبه بهم الأربعة في اعتداء موسكو الدامي للتعذيب، ومن بينها مقطع يظهر قطع أذن متهموالهجمات في روسيا قبل سنوات كان يرتكبها الانفصاليون الشيشانيون، مثل الهجوم على مدرسة بسلان، عام 2004 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، وتفجيرات الشقق السكنية عام 1999.
لكن الهجمات بعد عام 2015، أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها، أو نسبت إليه، وكانت مدفوعة بمعارضة التدخل الروسي في سوريا.
وبعد أن أعلن "داعش" قيام الخلافة في مناطق بسوريا والعراق، في يونيو 2014، وفد آلاف الرجال والنساء من جميع أنحاء العالم للانضمام إلى التنظيم، من بينهم المئات من طاجيكستان.
ومن أبرز الشخصيات التي انضمت إلى التنظيم، جولمورود حليموف، الذي كان ضابطا في القوات الخاصة الطاجيكية قبل أن ينشق وينضم إلى "داعش" في سوريا، عام 2015.
وفي عام 2017، أعلن الجيش الروسي مقتله في غارة جوية روسية في سوريا.
وأعلن "داعش" مسؤوليته عن تفجير طائرة روسية عام 2015 كانت تقل سياحا من منتجع شرم الشيخ المصري. وبعد ذلك بعامين، أعلن أنه وراء التفجير الانتحاري الذي استهدف قطار أنفاق في سان بطرسبرغ، أدى إلى مقتل 15 شخصا.
وقبل أسبوعين من مذبحة مسرح موسكو، قال مسؤولون روس إنهم قضوا على أعضاء خلية تابعة للتنظيم كانت تخطط لمهاجمة كنيس يهودي.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
لماذا اختارت إيران روسيا لإطلاق القمرين الاصطناعيين هدهد وكوثر؟
طهران- في أول خطوة من نوعها، أطلق القطاع الخاص الإيراني قمرين اصطناعيين بواسطة حاملة الأقمار الاصطناعية الروسية "سويوز"، التي انطلقت فجر اليوم الثلاثاء من قاعدة "فوستوتشني" شرق موسكو إلى الفضاء، وذلك في ثالث تجربة تعاون في مجال الفضاء بين طهران وموسكو الخاضعتين للعقوبات الأميركية.
وحمل صاروخ "سويوز" الروسي القمرين هدهد وكوثر المصنعين في شركة "أميد فضاء" الإيرانية رفقة 53 قمرا اصطناعيا آخر، ووضعهما بنجاح في مدار يبعد 500 كيلومتر من سطح الأرض، وذلك بعد أن وضع الصاروخ الروسي في فبراير/شباط الماضي قمر "بارس 1" وفي أغسطس/آب 2022 قمر "خيام" الإيرانيين في مداريهما المنخفضين.
وسبق أن أعلنت شركة "أميد فضاء" الناشطة في القطاع الخاص الإيراني أنها بدأت العمل على تصميم وإنتاج قمر كوثر عام 2019، وتمكنت من إنجازه في غضون 4 أعوام، ومن خلال التجربة التي اكتسبتها في مشروعها الأول فقد استطاعت إنجاز مشروع قمر هدهد خلال عام واحد.
ويتزامن إطلاق القمرين كوثر وهدهد الإيرانيين على متن صاروخ "سويوز" الروسي مع الانتخابات الرئاسية الأميركية من جهة، ومع الاستعدادات النهائية لتوقيع اتفاقية التعاون الشاملة بين طهران وموسكو من جهة أخرى.
مواصفات ومميزاتأوضحت الشركة في تقارير نشرتها في قناتها الرسمية على منصة "إيتا" الإيرانية، أن قمر كوثر يزن 30 كيلوغراما، وقادر على التقاط صور ملونة عالية الجودة مناسبة لرسم الخرائط والاستخدام في مسح الأراضي ومجال الزراعة وإدارة الموارد الطبيعية والكوارث ورصد البيئة، ويبلغ عمره المداري نحو 3 أعوام.
وبالنسبة للقمر هدهد المخصص للاتصالات، فإن وزنه يبلغ 4 كيلوغرامات، ويستخدم في عدة مجالات منها خدمات إنترنت الأشياء والنقل والبيئة، فضلا عن قدرته على مسح الأراضي والزراعة، ويتوقع أن يبقى في مداره 4 أعوام.
وبحسب تقارير شركة "أميد فضاء"، فإنها تأسست عام 2018 على يد مجموعة من الشباب الإيرانيين أعمارهم بمعدل 25 سنة، بهدف تطوير منظومات الأقمار الاصطناعية ضمن القطاع الخاص، وتعاونت مع بعض الشركات الناشئة الأخرى لإنجاز القمرين كوثر وهدهد، وذلك بدعم من المعاونية العلمية في الرئاسة الإيرانية.
مراحل تجهيز القمرين هدهد وكوثر قبل الإطلاق إلى الفضاء (الصحافة الإيرانية) أهداف وهواجسويأتي إطلاق القمرين كوثر وهدهد فجر اليوم بعد تأخير استمر أكثر من عام، إذ يرجع المدير العام لشركة أميد فضاء الدكتور حسين شهرابي سبب التأجيل المتكرر لإطلاق القمرين الإيرانيين إلى التنسيق مع الشركة المشغلة لحاملة الأقمار الروسية.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح شهرابي أن القمرين والعشرات غيرهما من الأقمار الاصطناعية الأخرى التي أطلقت للفضاء فجر اليوم تعد فرعية، وأن الصاروخ الروسي "سويوز" انطلق من أجل قمرين روسيين يمثلان الحمولة الأساسية لتجربة الإطلاق هذا اليوم، موضحا أن القمرين الروسيين لم يكتملا في المواعيد المحددة مسبقا مما توجب التأجيل أكثر من مرة.
وعن سبب اتخاذه قرارا بإطلاق القمرين بواسطة الصاروخ الروسي رغم التجربة التي تمتلكها بلاده في إطلاق الأقمار الاصطناعية إلى المدارات المنخفضة عن سطح الأرض، يوضح شهرابي أن الصاروخ سويوز يعتبر من أكثر الحاملات للأقمار أمنا ومهارة، وأنه لا يمكنه القبول بالمجازفة بشأن نجاح تجربة الإطلاق من عدمها لأول منتجات شركته الخاصة.
وأضاف أن شركته هي الأولى من نوعها في القطاع الخاص بإيران، وأنها تخطط لخوض سوق خدمات الأقمار الاصطناعية على المستوى الدولي، ولذلك اختارت أن تكون أولى تجاربها تتناسب ورؤيتها المستقبلية، متجاوزة بذلك الإمكانات والطاقات المحلية.
طموحات فضائيةمن ناحيته، يصنف الباحث الإيراني في الشؤون التقنية بوريا آستركي، إطلاق القمرين هدهد وكوثر كـ"أول تجربة ناجحة للقطاع الخاص الإيراني في مجال الفضاء"، وأنها تمثل مؤشرا جادا لنشاط الشركات الخاصة في الصناعة الفضائية ببلاده.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال آستركي إن قمر كوثر للمراقبة والاستشعار وقمر هدهد للاتصالات يتبعان معيار النماذج المكعبية للأقمار الاصطناعية، مما يسهم في اختصار الوقت والتكاليف في بنائهما، موضحا أن برنامج بلاده الفضائي مر بـ3 مراحل: بدأ في المؤسسات العسكرية، وتوسع على يد الأوساط الأكاديمية، وتوج أخيرا بمساهمة الشركات الخاصة.
وأشار الباحث الإيراني إلى أن منظمة الفضاء الإيرانية قد وضعت تدشين قاعدة "تشابهار" الفضائية جنوب شرقي البلاد على جدول أعمالها خلال المرحلة المقبلة، لتسهيل إطلاق الأقمار للشركات الخاصة العاملة في مجال صناعة الأقمار المدنية، معتبرا إنجاز مشاريع فضائية أخرى في القطاع الخاص الإيراني تقدما كبيرا لبرنامج طهران الفضائي.
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات عام 2019 على وكالة الفضاء الوطنية ومركز أبحاث الفضاء والمعهد الوطني لأبحاث الملاحة الفضائية في إيران، مؤكدا أن بلاده تمكنت من الحصول على الدورة الكاملة لتكنولوجيا الفضاء رغم الضغوط الأوروبية والأميركية عليها.
ورأى أن العقوبات الأميركية على برنامج طهران الفضائي تهدف إلى تقويضه، من خلال تهديد الأوساط العلمية الأجنبية من التعاون مع طهران، مضيفا أنه رغم الإنجازات الفضائية التي حققتها الأوساط العلمية في إيران فإن العقوبات قد تكون عرقلت وتيرة التطور في الصناعة الفضائية الإيرانية.