بتجرد:
2024-11-26@11:17:49 GMT

“صلة رحم”.. عن الحياة التي تستحق أن نأتي إليها

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

“صلة رحم”.. عن الحياة التي تستحق أن نأتي إليها

متابعة بتجــرد: في محاولة منه لأن يسترضيها بعد أن علمت بمسألة تأجيره لرحم فتاة شابة، من أجل الحصول على ابن من زوجته التي فقدت رحمها؛ يهدي طبيب التخدير حسام/إياد نصار لأمه قلادة ذهبية منقوش عليها كلمتين مقدستين (مودة ورحمة)، وهما الصفتان اللتان تردان في الآية القرآنية التي تلخص، بحكمة إلهية، العلاقة الإنسانية والعاطفية والجسدية بين الرجل والمرأة، بين قوسي الحياة (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

هذه القلادة، بما كتب عليها، يمكن أن نعتبرها مفتاح قراءة ما هو أكثر من مجرد تناول قضية تأجير الأرحام، الشائكة دينياً واجتماعياً، وحتى على المستوى النفسي والإنساني، بل إننا في مجتمع يعاني من انفجار سكاني، وتذمر حكومي مستمر من ارتفاع نسبة المواليد، تبدو استماتة دكتور حسام وارتكابه للعديد من الجرائم، من أجل إحضار طفل للحياة يحمل اسمه، كأنه يحارب العالم كله، وليس فقط القوانين الوضعية أو الفتاوى التي تحرم مثل هذا الأمر.

يمكن القول إن مسلسل “صلة رحم”، تأليف محمد هشام عبية، وإخراج تامر نادي، يتخذ من قضية تأجير الأرحام إطاراً خارجياً، للحديث عن تقلبات المشاعر واختلاف ميول الأرواح في العلاقات العاطفية بين الرجال والنساء، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ثمة قصدية واضحة للخوض في غابة من الأسئلة الوجودية، التي تخص قدرة البشر على اختيار مصائرهم، أو الحق في الخطأ، أو مبدأ الفرصة الثانية، وهو ما يمكن رصده بصورة واضحة، لو تتبعنا الخطوط الفرعية للثنائيات التي يتشكل منها متن المسلسل ككل.

في البداية، يقوم النص بتحييد الجانب الديني في قضية تأجير الأرحام، عبر مشهد مطول مع الشيخ خالد الجندي، الذي يلتقي به حسام بالصدفة في حديقة المستشفى، يجزم الشيخ خالد بالتحريم، ولكن يصر حسام على المضي، على اعتبار أن الفتاوى متغيرة بتغير الزمن، وأن رغبته في الحصول على طفل من زوجته ليلى، والمشفوعة بشعور هائل بالذنب، لأنه تسبب في الحادث الذي أفقدها رحمها، كل هذا أكبر بكثير من انتظار أن تتغير وجهة نظر العلماء في تفسير آيات الكتاب.

ولا يفوت السيناريو أن يشير في معرض حديث الشيخ خالد، عن العنصر المهم بالنسبة للطرح الفكري والشعوري للنص، وهو مسألة القدر ومبدأ الجبر والاختيار والتسليم للقضاء، وهو العنصر الذي سوف تتكئ عليه غالبية صراعات شخصيات المسلسل، التي لا تمسها مسألة تأجير الرحم بشكل مباشر.

الثنائيات والطرف الثالث

يعتمد المسلسل على بناء درامي هندسي شهير، وهو المثلث المكون من رجل وامرأتان، أو رجلين وامرأة، فأزمة حسام وليلى تبدأ مع دخول طرف ثالث لعلاقتهما، وهي الدكتور جيهان حبيبته الأولى العائدة بشوق ومحبة جارفة، ورغبة دفينة في استعادته.

ويحشد النص مجموعة مصادفات في الحلقة الأولى لتفجير الأزمة، بناء على الفتيل المشتعل المسمى جيهان، ويستعيد حسام علاقته بها سريعاً، ويذهب لها في نفس الليلة التي تصاب فيها زوجته بأعراض الولادة، بعد فشل الحقن المجهري أكثر من مرة، ثم في محاولة اللحاق بها يتعرضون لحادث عنيف، تفقد على أثره الرحم.

صحيح أن هذا الحشد من الصدف لتفجير الأزمة لم يكن متين بالدرجة الكافية، وقد لوثته الميلودراما الفاقعة بمبالغتها المنفلتة، لكننا في النهاية أمام مثلث عاطفي سوف يصبح نموذج بنائي لبقية العلاقات في المسلسل، حيث ننتقل إلى حنان وعلاقتها الملتهبة بزوجها السابق فرج الصعيدي، المحتقن بالرغبة المحمومة والهستيرية في استعادتها، والتي لا يوازيها إلا رغبة دكتور حسام في تأجير رحمها لإنجاب طفل من بويضات زوجته، لنصبح أمام مثلث (حنان وفرج  وحسام)، والذي يتطور بصورة دراماتيكية جيدة، عندما يقرر حسام أن يتزوج حنان من أجل أن يؤمّن حملها بكل الوسائل الممكنة، بل ويتمكن من سجن فرج قبل أن يخرج ليقتله.

أما ليلى، الزوجة التي فقدت الرحم، وفقدت معه ثقتها الكاملة في حسام، بعد أن علمت بحكاية جيهان تصبح هي الأخرى طرفاً في مثلث جديد، مع ضلعين ذكوريين، هما يوسف عشيق زوجة أخيها، وحسام الذي يحاول استعادتها بكل طاقته، ويوسف نفسه، وهو شخصية ثانوية، إلا انه يشكل مع زوجة شقيق ليلى، وشقيقها نفسه، مثلث عاطفي صريح، خاصة عندما يورط ناريمان زوجة الأخ في لحظة مشحونة بالحميمية، ويصورها ويبتزها من أجل ان يحافظ عل علاقته بها، لكنه ينقل العطاء على ليلى عندما يجدها أكثر سخونة واستجابة خاصة في لحظات انهيارها العنيف نتيجة فشل علاقتها الدامي بحسام.

تشكل هذه الثنائيات داخل أطر المثلث العاطفي، البنية التحتية للحديث عن أشكال المودة والرحمة، التي يبدو النص واضعاً عينه الشعورية عليها، ويتمكن صناع العمل بمهارة نسبية أن يصيغوا من الصراعات العاطفية والنفسية الجانبية، دوافع وقرارات تحرك الترس الأكبر للحبكة، وهو ترس أزمة تأجير الرحم وملحقاتها من عمليات سرقة البويضات، وتزوير البطاقة الشخصية لحنان، وإدمان ليلى، وتعرض حسام للنصب والضرب، وعمليات الإجهاض التي يتورط بها مع زميله خالد/ محمد جمعة، وهو من أكثر الشخصيات الجدلية في المسلسل، وله منطقه الخاص في مسألة الرحمة والقدر والاختيار، وصولا إلى الطعنة القاتلة التي سوف يتلقاها حسام، بينما يرتكب أخر فعل عنيف، وهو قتل فرج بعد خروجه من السجن، قبل أن يحتضن ابنه في اللحظات الأخيرة.

آدم

في مشهد توافق حسام وليلى أخيراً على مسألة تأجير رحم حنان، ينطق الاثنان باسم الابن المنتظر الذي تحمله بين أحشائها، آدم، وهو الطفل الذي يحمله أباه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعد أن ضحى بكل شيء من أجل أن يُحضره إلى الحياة، وهو الطفل الذي سوف يظل رابطاً لصلة رحم لن تنقطع بين حنان وليلى، حتى بعد رحيل حسام، كما في المشهد الأخير من المسلسل.

وبالتالي لا يبدو اختيار اسم آدم لمجرد الوجاهة الفكرية، بل هو تلخيص وجودي وتكثيف حاد، لامتداد خط المودة والرحمة على استقامته، فالحياة هي أثمن ما في الوجود، وهي بكل المقاييس الدينية والإنسانية والفلسفية، تستحق أن تستمر وتعاش، ولولا المودة والرحمة لصارت الحياة جحيماً مكتمل اللهب، وبقعة احتراق للروح والجسد.https://cdn.iframe.ly/0NDDDkg

والعلاقات العديدة التي نراها في شكل ثنائيات أو مثلثات عاطفية، تناقش مبدأ المودة والرحمة، انطلاقاً من عدة زوايا، أبرزها الحق في ارتكاب الخطأ والعودة عنه، والحق في الفرصة الثانية، على سبيل المثال يرى طبيب الإجهاض خالد أنه يمنح الفتيات اللائي يأتين إليه فرصة ثانية في أن يصححن مسار حياتهن، بدلاً من أن يتعرضن للقتل على يد ذويهم، بعد خطأ الحمل غير المشروع، وهو ما تجسده شخصية مثل ريكو، التي يقبض عليه بسببها.

وحتى نورا نفسها تمنح حبيبها الشيطان فرصة ثانية، بعد أن أذلها وتسبب في إجهاضها، وتتزوجه في النهاية، بينما يرفض زياد أن يمنح زوجته ناريمان فرصة ثانية، وينتهي الأمر بينهم بالطلاق لتنهار علاقتهما، رغم اعترافها بخطأ ما ارتكبته مع يوسف، في حين تستقيم حياة حسام وليلى بعد أن يمنح كل منهما فرصة ثانية للآخر، فهو يتقبل مغامرتها الطائشة مع يوسف، ويحميها من أن تسقط نحو القاع، وفي المقابل، تغفر له مشاعره تجاه جيهان، وتتقبل وجود حنان كرحم بديل لابنها أدم.

إن آدم، الذي يحمل اسم أبو الحياة البشرية، هو محصلة الصراعات الدموية التي سبقت إحضاره إلى الحياة، آدم، هو السؤال والجواب في نفس الوقت، وهو الطفل الوحيد الذي يولد بالمسلسل، بعد أن فقدت أجنة كثيرة قبله أرواحها، كنتيجة طبيعية لغياب المودة والرحمة بين طرفي العلاقة التي شكلتهما، فقد سبق لحنان أن أجهضت جنينها من فرج بعد هروبها منه، ثم تلتها نورا متخلصة من حملها بعد أن تنكر لها يسري، وفقدت ليلى حملها بسبب غياب حسام، ثم الحادث الذي تسبب فيه نتيجة سكره، وحتى ريكو فتاة الليل التائبة، تتخلص من حملها لكي تمزق الصفحة الأخيرة من ماضيها الملوث، بينما يعترف دكتور خالد بأنه شارك في إجهاض أكثر من 100 جنين، لأنهم جميعاً لم يكونوا نتاج لمودة ورحمة حقيقية تستحق أن تحضرهم للحياة.

عزف منفرد

على الرغم من كونه ينتمي إلى الميلودراما الصريحة، والتي تعتمد أحياناً كثيرة في قيادة المشاعر وطرح الأفكار على قدر من المصادفات المفتعلة، إلا ان محصلة مستويات التأويل، وتماسك الحبكات الأساسية والفرعية، والقدرة على جذب مشاعر المتلقي وهز أفكاره وملاحقته بالأسئلة، تصب في خانات النضج والقوة والتأثير الخاص بتجربة “صلة رحم”.

وبينما تبدو الكثير من دراما مسلسلات الموسم الحالي  مصابة بالأنيميا الحادة، يأتي هذا العمل كمحاولة جادة في اختيار قضية لها أبعاد متشعبة، ودراسة بيئاتها ورسم الشخصيات، وتطوير الصراع، وخلق روح بصرية لها دور سردي حقيقي، وليس مجرد حليات شكلية من النور والظل، وهو ما يمكن اعتباره دليلاً على أن الصناعة لا تزال قادرة على تقديم منتج أصيل، بعيداً عن تشوهات الشعبوية، أو محاكاة النماذج الباهتة فنياً، أو تقليد الوارد من الخارج دون وعي أو دراية.

main 2024-03-26 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: المودة والرحمة فرصة ثانیة من أجل بعد أن

إقرأ أيضاً:

رئيس لجنة شؤون الأسرى لـ “الثورة نت”: مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد أو شرط

المرتضى: الطرف الآخر يستخدم ملف الأسرى ورقة ابتزاز سياسي بعيداً عن الجانب الإنساني المرتضى: محمد قحطان ذريعة يستخدمها الطرف الآخر للتنصل عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه والالتزام به المرتضى: تم تحرير أكثر من 6500 من أسرانا منهم 1350 في صفقتي تبادل عبر الامم المتحدة المرتضى: حريصون على تفعيل دور الوساطات المحلية لكن الجانب السعودي يمنع تنفيذ اي صفقة يتم الاتفاق عليها المرتضى: مؤخراً تم ارسال وسطاء محليين الى مأرب في محاولة منا لتقريب وجهات النظر وحل الاشكاليات فيما بيننا وحزب الاصلاح المرتضى: للأسف قيادة حزب الاصلاح رفضت كل المقترحات والحلول التي تقدم بها الوسطاء المرتضى: حزب الإصلاح يعطل دور الوسطاء المحللين بعد نجاحهم في تحرير مئات الأسرى من الطرفين المرتضى: نعلن الجاهزية والاستعداد للدخول في صفقة شاملة تشمل جميع الأسرى من كل الاطراف وبلا استثناء

الثورة نت../ خاص
قال رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى الأستاذ عبدالقادر المرتضى، إن ملف الاسرى يحظى باهتمام كبير جداً من قبل القيادة الثورة والقيادة السياسية وهناك متابعة مستمرة لعملنا من قبل قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ورئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط وقيادة وزارة الدفاع نظراً لأهمية هذا الملف وبُعده الإنساني والاجتماعي.
وأكد المرتضى في حوار خاص مع موقع ” الثورة نت” أن المفاوضات جارية بشكل مستمر من خلال التواصل واللقاءات المباشرة مع مكتب المبعوث الأممي، إلا أنه لم يحصل أي تقدم في المفاوضات منذ جولة الأخيرة للمفاوضات في مسقط في يوليو الماضي، نظراً للتعنت من قبل طرف العدوان ومرتزقته في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقع عليها برعاية الامم المتحدة ورفضهم لكل المقترحات والحلول التي تُقدم سواءً من قبل الامم المتحدة او من قبل الوسطاء المحليين الذين نقوم بإرسالهم بين الحين والآخر الى مأرب.
وفيما يلي نص الحوار:
•  لم تكل القيادة الثورية والسياسية عن السعي لتخفيف معاناة الشعب خاصة في ملف الاسرى حيث سعت خلال السنوات الماضية لإنجاح عمليات تبادل الاسرى رغم التعنت من قبل الطرف الآخر؟ ومن خلال عملكم على هذا الملف الإنساني، الى اين وصلت المفاوضات وما التقدم الذي تم احرازه في هذا الملف؟
اولاً نشكر موقع الثورة نت وصحيفة الثورة على اتاحة الفرصة للحديث عن ملف الأسرى هذا الملف الإنساني الهام والذي يهم الآلاف من الأسر اليمنية، طبعا هذا الملف يحظى باهتمام كبير جداً من قبل القيادة الثورة والقيادة السياسية وهناك متابعة مستمرة لعملنا من قبل قائد الثورة يحفظه الله ورئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط وقيادة وزارة الدفاع نظراً لأهمية هذا الملف وبعده الإنساني والاجتماعي.
المفاوضات في هذا الملف جارية بشكل مستمر من خلال التواصل واللقاءات المباشرة مع مكتب المبعوث الأممي إلا أنه لم يحصل اي تقدم في المفاوضات منذ جولة مسقط الاخير في شهر يوليو من العام الحالي وذلك نظراً للتعنت الحاصل من قبل طرف العدوان ومرتزقته في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوقع عليها برعاية الامم المتحدة ورفضهم لكل المقترحات والحلول التي تقدم سواءً من قبل الامم المتحدة او من قبل الوسطاء المحليين الذي نقوم بإرسالهم بين الحين والاخر إلى مأرب ولكن نحن لم نيأس فلا زلنا على تواصل مستمر بالأمم المتحدة ومع الطرف الآخر عبر الوسطاء في محاولة منا لإحراز أي تقدم من شأنه التخفيف من معاناة الاسرى واهاليهم من الطرفين.

•  كيف تتعاملون مع هذا الملف، لأهميته وحساسيته، وهو ملف إنساني بالدرجة الأولى؟

كما قلت بأن هذا الملف ملف انساني ونحن نتعامل معه من هذا المنطلق سواء ما يتعلق بالتعامل مع الاسرى الموجودين معنا من الطرف الآخر او ما يتعلق بالمفاوضات على هذا الملف، نحن نعمل بكل ما نستطيع على ان يبقى هذا الملف ملفا انسانيا بعيدا عن الحسابات السياسية والامنية والعسكرية ونحن منذ بداية العدوان نتعامل مع هذا الملف على هذا الأساس ولهذا أبرمنا المئات من صفقات التبادل تحرر فيها بعون الله آلاف الاسرى من الطرفين وكان ذلك اثناء التصعيد العسكري من قبل قوى العدوان ومرتزقته.

معوقات تنفيذ الاتفاقات

•  ما أبرز معوقات تنفيذ الاتفاق بناء على قاعدة «الكل مقابل الكل» الذي أقرته مفاوضات ستوكهولم حتى اليوم بعد كل هذه السنوات؟
طبعا إتفاق الكل مقابل الكل هو المبدأ الذي نؤمن به والذي نسعى اليه منذ اول مفاوضات من قبل الامم المتحدة وهو الحل الانسب والافضل لهذا الملف الانساني وهو ايضا ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات السويد نهاية العام 2018 إلا أنه اثناء تنفيذ الاتفاق اصطدم بالكثير من العوائق التي حالت دون تنفيذه ومن ابرز هذه العوائق ان الطرف الآخر عبارة عن مجموعة من الاطراف والاجنحة المتفاوتة والمختلفة لم نستطع الوصول معهم الى صيغة للاتفاق حول آليات التنفيذ كون كل طرف من هذه الاطراف لديه رؤية ومطالب تختلف عن رؤية ومطالب الاطراف الاخرى، كما انه لا يوجد لديهم قيادة واحدة تمثل جميع الاطراف في طاولة المفاوضات والفريق الذي نتفاوض معه هو لا يمثل جميع الاجنحة الموجودة في الميدان مما أعاق تنفيذ اتفاق الكل مقابل الكل بشكل كبير جداً، لكن بالنسبة لنا نحن طرف واحد ولدينا كامل الصلاحية في تنفيذ اتفاق الكل مقابل الكل وليس لدينا اي معوقات او اشكاليات تمنعنا من ذلك، أضف الى ذلك أن الاطراف الاخرى تتعمد وبشكل مستمر اخفاء المئات من اسرانا ورفض الكشف والافصاح عن مصيرهم.
•  كيف يمكن تجاوز إشكالية التعامل مع ملف الأسرى كورقة ضغط سياسية والتعامل معها من جانب إنساني؟

كما أوضحت سابقا ان هذا الملف ملف انساني ونحن منذ البداية نتعامل معه على هذا الاساس لكن للأسف بالنسبة للطرف الآخر يتعامل معه تعاملاً سياسياً بحتاً، ويستخدمه كورقة ابتزاز سياسي بعيدا عن الجانب الانساني سواء فيما يتعلق بتعاملهم مع الأسرى داخل سجونهم وما يمارسونه من اشكال التعذيب ضد أسرانا، او فيما يتعلق بتعاملهم مع المفاوضات التي يتعمدون فيها افشال عشرات الاتفاقيات المحلية والدولية لأسباب سياسية بحتة، وبلا مراعاة للحالة الانسانية التي يعيشها الاسرى وأهاليهم من كلا الطرفين، ونحن نعتبر هذا التصرف لا أخلاقي ولا انساني ولا قيمي ولا ديني لان ملف الاسرى يجب ان يتجرد فيه كل طرف عن كل الحسابات السياسية والعسكرية والامنية وان يراعى فيه البعد الانساني بشكل كامل.

التفاوض مع عدة أطراف

•  ما تأثير تعدد السلطات في طرف حكومة المرتزقة في هذا الصدد؟
بكل تأكيد ان تعدد الاطراف هي الاشكالية الاكبر التي نواجهها اثناء المفاوضات ونضطر في كل جولة الى التفاوض مع عدة أطراف يختلفون على كل شيء حتى في من يرأس فريقهم، فهم الى الآن لم يتفقوا على شخص او على رئيس لفريق التفاوض الذي يمثلهم، وإن حصل اتفاق نواجه اشكالية في التنفيذ على الواقع، لان كل طرف منهم لديه وجهة نظر مختلفة عن الآخر ولديه مطالب تختلف عن مطالب الطرف الآخر.
•  ثمة إصرار من قبل المرتزقة على بقاء ملف الاسرى مفتوحاً واستمرار استخدامه كورقة ضغط ومساومة سياسية، على الرغم من أنها مسألة إنسانية بحتة؟ برأيك لماذا هذا التعنت من قبل الطرف الآخر؟
في الواقع أن حكومة المرتزقة لا تمتلك القرار الذي تستطيع من خلاله تنفيذ كل الاتفاقيات وانهاء هذا الملف الانساني، إذ ان الجانب السعودي يتحكم في كل القرارات في هذا الملف وما الجمود الحاصل في ملف الاسرى منذ الجولة الأخيرة في مسقط  إلا بسبب الرفض السعودي لتنفيذ الاتفاقيات التي تمت بيننا وبين اطراف المرتزقة برعاية الامم المتحدة، لان هذه الاتفاقيات لم تشمل أسرى سعوديين، ولهذا صدرت الأوامر السعودية للمرتزقة بمنع تنفيذ اي من هذه الاتفاقيات بالإضافة الى منعهم المسبق من تنفيذ اي صفقات تبادل تمت بوساطات محلية وفي هذا الصدد قاموا بإيقاف وإلغاء عشرات الصفقات التي تم التوافق عليها بوساطات محلية.
مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات
•  في المقابل هناك من قد يقول أنكم كذلك تستغلُّون هذا الملف سياسياً.. ما رَدُّكم على ذلك؟
نحن نعتبر أن استخدام هذا الملف للابتزاز السياسي جريمة بحق الأسرى وبحق الإنسانية ولا يمكن أن نستخدم هذا الملف للابتزاز السياسي، لأننا نعتبر أن اسرانا امانة في اعناقنا واي استغلال سياسي لهذا الملف هو يعتبر خيانة للأسرى وأهاليهم وخيانة لدماء الشهداء.

ولهذا نحن نعلن عبر صحيفتكم أننا جاهزون ومستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد او شرط، كما نعلن جاهزيتنا واستعدادنا الدخول في صفقة شاملة تشمل جميع الأسرى من كل الاطراف وبلا استثناء، كما ندعو المشايخ والشخصيات الاجتماعية ممن لديهم القدرة في العمل كوسطاء محليين، إلى التحرك في هذا الملف ونحن سوف نكون لهم عوننا وسندا لأننا حريصون جدا على انهاء هذا الملف الانساني وإنهاء معاناة الاسرى بأي طريقة.
ومما يدلل على أننا لا نستغل هذا الملف الانساني سياسياً هي المبادرات الأحادية المتتالية التي نقوم من خلالها بأطلاق المئات من أسرى الطرف الآخر بدون أي مقابل، وهي تعتبر رسائل سلام إيجابية كان المفترض أن يستقبلها الطرف الآخر برد مماثل، لأن ذلك من شأنه تعزيز الثقة وتقريب وجهات النظر، لكن للأسف مع كل مبادرة نقوم بتنفيذها يقابلها الطرف الآخر بموقف سلبي ينبئ عن توجه سيء من قبلهم تجاه هذا الملف.
ذرائع للتنصل عن تنفيذ الاتفاق
•  في آخر جولة تفاوض في مسقط كنتم على وشك إتمامِ صفقة تبادل للأسرى. لماذا لم تنجح هذه الجولة؟ وما هي أبرز نقاط الاتفاق والاختلاف؟
في الحقيقة كان الطرف الآخر قبل الجولة يتحجج بأنه لا يستطع تنفيذ ما تم التوافق عليه مسبقاً كون الاتفاق لم يشمل محمد قحطان، ولهذا كنا حريصين على اسقاط اي عذر لهم، فوافقنا على ان يكون محمد قحطان ضمن هذه الصفقة لكن للأسف تفاجأنا أن موضوع محمد قحطان ليس إلا شماعة وذريعة يستخدمونها للتنصل عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه والالتزام به، وظهرت مطالب اخرى لم تكن ضمن الاتفاق، من ابرزها مطالبة السعودية بضم جميع الاسرى السعوديين بما فيهم الطيارين الى هذه الصفقة، ورغم ذلك لم يكن لدينا أي مانع من ضمهم شريطة ان يضم الاتفاق الاسرى الفلسطينيين من حركة حماس المعتقلين في السعودية منذ سنوات، لكن الطرف السعودي رفض ذلك.
كما كان من ضمن الاسباب ما تم ابلاغنا به من قبل الجانب السعودي ان هناك ضغوطات أمريكية عليهم لوقف اي تقدم في اي ملف من الملفات المتعلقة بالعدوان على اليمن. بالإضافة الى الاختلاف الكبير الذي وقع بين اطراف المرتزقة والذي أدى الى توجيه الاتهامات بالخيانة الى فريقهم المفاوض من قبل قيادات حزب الاصلاح حتى بمن فيهم رئيس حزب الاصلاح محمد اليدومي والذي قام بنشر بيان تخوين على حسابه بمنصة أكس.

مسألة صعبة

•  كيف تستطيعون التفاوض مع أكثر من ممثل في نفس الوقت.. أليس من الصعب التوافقُ مع كُـل الأطراف على طاولة واحدة؟
حقيقة هذا الموضوع يعد مسألة صعبة ونحن نعاني من هذا معاناة كبيرة جدا، ولكن لأننا حريصون على أسرانا وتحريرهم وانهاء معاناتهم، نضطر الى التفاوض معهم بهذا الشكل، والطريقة التي نتفاوض بها هي التفاوض مع كل طرف على حدة حتى في الجولة الواحدة التي برعاية الأمم المتحدة، كون التفاوض معهم مجتمعين يؤدي الى خلافات وانقسامات داخلية بينهم تؤدي في كثير من الاحيان الى افشال جولات التفاوض.

دور أممي جيد

•  ماذا عن موقف الأمم المتحدة في المفاوضات الأخيرة وهل مارست الضغط على الطرف الآخر لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟
الأمم المتحدة تقوم بدور جيد في تقريب وجهات النظر وصياغة الاتفاقيات كونها وسيط إلا انها لا تملك اي وسائل للضغط على اي طرف يتعنت ويرفض ويعرقل تنفيذ الاتفاقيات ولهذا نحن لا نعول عليها كثيرا في هذا المجال.

•  كيف تقيمون دور المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن تجاه ملف الأسرى؟
للأسف الشديد جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن لم تقم بأي دور يذكر في ملف الاسرى لا من ناحية تخفيف معاناة الاسرى وفضح الاطراف التي تقوم بارتكاب الجرائم والانتهاكات اللا إنسانية تجاه الاسرى رغم اننا ومنذ بداية العدوان نرفع لهم بملفات متكاملة عن كل الجرائم التي مارسها مرتزقة العدوان بحق الاسرى سواءً كانت اعدامات وتصفيات ميدانية او ما يرتكبونه من انتهاكات وتعذيب داخل سجوهم.
دور إيجابي للصليب الأحمر

•  ماذا عن دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الموضوع؟
بالنسبة للصليب الاحمر يقوم بدور إيجابي وجيد منذ بداية العدوان وحتى الآن، حيث تقوم اللجنة وبشكل مستمر بزيارة الاسرى داخل السجون لدينا، وتحاول اجراء الزيارات للأسرى في سجون الطرف الآخر، وهناك من يسمح لهم بزيارة السجون والاطلاع على احوال الاسرى وتطمين أهاليهم، لكن هناك من يمنع ويرفض إجراء مثل هذه الزيارات كماهو الحال في مأرب، إذ أن حزب الاصلاح ومن عشر سنوات لم يسمح للجنة الدولية للصليب الاحمر بزيارة أي سجن من السجون التي يديرها في مأرب، كما ان للجنة الدولية للصليب الأحمر دوراً كبيراً في ملف المفاوضات فهي شريك اساسي مع الأمم المتحدة في كل جولة من جولات المفاوضات وهي من تقوم بتقديم الدعم اللوجستي لتنفيذ أي اتفاق على صفقة تبادل، وقد قامت بدور جيد في دعم وتنفيذ الصفقتين اللتين تمتا عبر الامم المتحدة في الاعوام الماضية، وهي مشكورة على ذلك.
تحرير أكثر من 6500 أسير
•  ماذا عن عدد الأسرى الذين تم الافراج عنه خلال صفقات التبادل؟
منذ بداية العدوان حرصنا على العمل بكل الطرق والوسائل لتحرير أسرانا من سجون العدو سواءً عبر الامم المتحدة او عبر المفاوضات والتفاهمات المحلية وبعون الله وتوفيقه تم الى الآن تحرير أكثر من 6500 أسير من اسرانا منهم 1350 أسيراً في صفقتي تبادل عبر الامم المتحدة والبقية تم تحريرهم في صفقات عبر التفاهمات والاتفاقيات المحلية.
حلحلة الإشكاليات
•  هل تتوقع انعقاد جولة مفاوضات قادمة خلال الفترة القادمة؟
نحن على تواصل مستمر مع الامم المتحدة منذ انتهاء جولة المفاوضات الاخيرة في مسقط في محاولة لحلحلة كل الاشكاليات والعوائق التي تحول دون تنفيذ ما تم التوافق عليه، وهناك جهود جيدة تبذل من قبل الأمم المتحدة ومقترحات يتم طرحها بين الحين والآخر لتقريب وجهات النظر، ومع انها وللأسف الشديد تصطدم بتعنت الطرف الآخر، إلا اننا لم نيأس ولا زلنا نحاول وبكل الطرق ان نصل الى اتفاق لحلحلة كل هذه الإشكاليات، وفي حال استطعنا تجاوز الاشكاليات والعوائق التي يختلقها طرف العدوان ومرتزقته، فإن الامم المتحدة ستدعو إلى عقد جولة مفاوضات جديدة يتم التوافق فيها على آلية تنفيذ للاتفاقيات السابقة، ونحن حريصون على ان تكون اي جولة مقبلة حاسمة في هذا الموضوع بإذن الله.
رفض وتعنت حزب الاصلاح
•  ماذا عن الوساطات المحلية ألا يمكن ان يكون لها دورا ايجابيا في هذا الوقت خاصة أنه كان لها دور في السنوات الماضية؟
بكل تأكيد أن الوساطات المحلية لها دور ايجابي وكبير في هذا الجانب وقد اسهمت في ما مضى بإنجاح كثير من الصفقات، ونحن حريصون جداً على تفعيل دورها، لكن كما ذكرت سابقا أن هناك منعاً من الجانب السعودي لتنفيذ اي صفقات يتم الاتفاق عليها محلياً، وقبل ثلاثة اسابيع قمنا بإرسال ثلاثة من الوسطاء المحليين ممن لهم دور فاعل وبارز في هذا الجانب الى مأرب في محاولة منا لتقريب وجهات النظر وحل الاشكاليات فيما بيننا مع حزب الاصلاح لكن للأسف الشديد لم يتم التجاوب معهم مطلقاً ورفضت قيادة الاصلاح كل المقترحات والحلول التي تقدم بها الوسطاء لحل الخلافات وعاد هؤلاء الوسطاء خاليي الوفاض. ونحن نتأسف ان يتم تعطيل دور الوسطاء المحللين والتفاهمات المحلية بهذا الشكل لأنها كانت تعتبر متنفساً يتم من خلالها تحرير مئات الاسرى من الطرفين.
•  هل لكم من كلمة أخيرة؟
نؤكد وكما أسلفنا بأن هذا الملف ملف انساني ويجب على جميع الاطراف التعامل معه من هذا المنطلق، وندعو قوى العدوان ومرتزقتهم الى الكف عن استخدام هذا الملف للابتزاز السياسي والكف عن اختلاق الذرائع التي تعرقل تنفيذ ما تم التوافق عليه، وندعو الامم المتحدة الى الضغط على الطرف الآخر للوفاء بالتزاماتهم وتنفيذ جميع الاتفاقيات التي تمت برعايتها، ونحن من جانبنا نؤكد استعدادنا وجهوزيتنا لتنفيذ كل الاتفاقيات دون قيد أو شرط، كما نؤكد لأهالي أسرانا بأننا سنبذل قصارى جهدنا لتحرير من تبقى منهم دون كلل او ملل ولن نألو جهدا في العمل على ذلك، والله على ما نقول شهيد.

مقالات مشابهة

  • رئيس لجنة شؤون الأسرى لـ “الثورة نت”: مستعدون لتنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها برعاية الامم المتحدة دون قيد أو شرط
  • بوميل: “فخور بإعادة المولودية إلى المكانة التي تستحقها”
  • الليموري يترأس “طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع” التي ستخلف أمانديس
  • أليك تطلق “استراتيجية الروبوتات” التي تهدف إلى أتمتة 5٪ من أعمال البناء بحلول عام 2030
  • “الشويهدي” يناقش الصعوبات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني
  • ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية
  • “الحياة الفطرية” يعقد أول لقاء للمجلس الإشرافي لمحمية عروق بني معارض
  • “الأونروا”: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة السكان
  • أنسنة المنطقة المركزية بـ “تبوك”.. استثمار في جودة الحياة وخدمة الإنسان
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين