تأخر كثيرًا قرار مجلس الأمن بوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والذى جاء بعد قرابة ستة أشهر من بدء إسرائيل تنفيذ حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، وخرج القرار للنور بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت وعدم استخدامها لحق الفيتو لمناصرة الاحتلال اليهودى للمرة الأولى من تاريخها.
امتناع أمريكا عن التصويت ليس حبًا فى الشعب الفلسطينى ولا تصدى لجرائم الحرب التى يرتكبها المحتل فى غزة، وإنما بسبب خلافات بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية ظهرت على السطح خلال الأيام الماضية، وامتناع أمريكا عن التصويت، «قرصة ودن» لنتنياهو الذى أخذته العزة بالإثم فبدأ يغرد منفردًا بعد سيطرة اللوبى اليهودى على مراكز اتخاذ القرار الأمريكى.
القرار خطوة إيجابية تجاه تخفيض التصعيد فى منطقة الشرق الأوسط، والأهم حماية الشعب الفلسطينى من العدوان الغاشم لجيش الاحتلال، وقد يسهم فى وقف إطلاق نار دائم، كما أنه استرداد لدور وهيبة الأمم المتحدة فى حفظ السلام والأمن الدوليين، ويمثل إقرارًا بجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائیل بحق الفلسطينيين، والتى تعد ضد الإنسانية، ومؤشرًا على فضح الاحتلال أمام المجتمع الدولى.
إسرائيل وجدت نفسها لأول مرة تواجه العالم منفردة فى غياب الفيتو الأمريكى الداعم الأكبر والحامى لكل جرائمها على مر التاريخ، وأثار تمرير القرار غضب نتنياهو خاصة بعد امتناع واشنطن عن مساندة حليفتها تل أبيب، الأمر الذى دفع إسرائيل إلى إلغاء زيارة وفد لها إلى واشنطن لمناقشة العملية العسكرية التى تسعى لشنها على رفح الفلسطينية.
القرار فى مجمله انتصار للمقاومة الفلسطينية من غزة، ورسالة شديدة اللهجة إلى تل أبيب، مفادها بأن العالم لن يغمض جفنه عن الجرائم اللا إنسانية التى يرتكبها جيش الاحتلال فى حق الفلسطينيين، وإنها ملزمة بتنفيذ القرار ولا توجد لديها خيارات للمراوغة تجنبًا لتعرضها لعقوبات دولية قد تتضمن حظر تزويدها بالأسلحة.
وعلى الرغم من هجوم نتنياهو والعديد من المسئولين فى حكومته على القرار الذى لقى تأييدًا دوليًا وترحيبًا جماعيًا، إلا أن هناك ثغرة فى صيغة القرار قد تلجأ إليها إسرائيل للمراوغة ومواصلة الحرب، حيث إنه لم يحدد تاريخًا دقيقًا لوقف إطلاق النار، فإنه أشار إلى أن ذلك يجب أن يتم خلال شهر رمضان أى خلال 15 يومًا المتبقية فى الشهر الفضيل، وكان يفترض أن يكون ذلك مشروطًا بمدة زمنية محددة لتحديد بدء التنفيذ الفورى.
باختصار.. مجلس الأمن الدولى انتصر للفلسطينيين ولقضيتهم العادلة، وباتت إسرائيل فى غياب الدعم الكامل لحليفتها واشنطن فى وضع يصعب عليها الاعتراض على قرار وقف إطلاق النار أو عدم الالتزام به مهما كانت قوة الضربة الموجهة إليها، لأنه فى حال اعتراضها سوف تفعل الأمم المتحدة البند السابع لفرض عقوبات على إسرائیل ومن يتعامل معها.
تبقى كلمة.. الصفعة التى وجهتها أمريكا إلى إسرائيل أفقدتها توازنها، وجاء استجابة للضغط الدولى والعربى والإسلامى على واشنطن لدفع حليفتها لوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى.. والآن الدول العربية والإسلامية مطالبة بتكثيف الجهود فى عمليات الإنقاذ والإغاثة لإعادة الروح إلى قطاع غزة والأشقاء الفلسطينيين الذين واجهوا أكبر مجزرة بشرية فى العصر الحديث على يد جنود الاحتلال.. ألا إن نصر الله قريب.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ألا إن نصر الله قريب قطاع غزة الأشقاء الفلسطينيين الدول العربية والإسلامية مجلس الأمن الدولي باختصار
إقرأ أيضاً:
«أسوشيتدبرس»: إسرائيل تلاحق مواطنيها العرب المعارضين لحرب غزة
قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، إن القمع الذى تمارسه إسرائيل منذ عام ضد مواطنيها الفلسطينيين «عرب 48» الذين يهاجمون حربها على قطاع غزة دفع الكثيرين إلى فرض رقابة ذاتية خوفا من أن يتعرضوا للسجن أو مزيد من التهميش داخل المجتمع، فى الوقت الذى لا يزال فيه البعض يجد وسائل للتعبير عن المعارضة بحذر.
وتحدثت الوكالة عن أحمد خليفة، الذى قالت إن حياته انقلبت رأسا على عقب بعد اتهامه بالتحريض على الإرهاب لهتافه تضامنا مع غزة فى احتجاج ضد الحرب فى أكتوبر 2023.
وأشارت إلى أن خليفة، المحامى ومستشار المدينة من وسط إسرائيل المحتلة، قال إنه مكث ثلاثة أشهر صعبة فى السجن تبعها ستة أشهر أخرى محتجزا فى شقة. ولم يتضح متى سيصدر حكما نهائيا بشأن إدانته أو براءته. وحتى هذا الوقت، كان ممنوعا من مغادرة منزله من الغروب حتى الفجر.
وخليفة هو واحد من أكثر من 400 فلسطيني مواطنين فى إسرائيل المحتلة، والذين تعرضوا منذ بداية الحرب فى غزة لتحقيقات من قبل الشرطة إما بتهمة التحريض على الإرهاب أو التحريض على العنف، وفقا لمنظمة عدالة الحقوقية القانونية التي تعمل لصالح الأقليات. وأكثر من نصف من تم التحقيق معهم تم اتهامهم جنائيا أو اعتقالهم وفقا للمنظمة.
وقال خليفة فى مقابلة مع أسوشيتدبرس فى مدينة أم الفهم، التي تعد ثانى أكبر مدينة فلسطينية فى إسرائيل المحتلة، إن إسرائيل أوضحت أنهم ينظرون إليهم كأعداء أكثر من كونهم مواطنين.
ويوجد حوالى 2 مليون فلسطيني فى إسرائيل، ظلت عائلاتهم داخل الأراضى التي تم احتلالها لتقام عليها إسرائيل. وبينهم مسلمون ومسيحيون ويحتفظون بصلات عائلية وثقافية بالاراضى الفلسطينية فى غزة والضفة الغربية.
ورغم مزاعم إسرائيل بأن المواطنين العرب يتمتعون بحقوق متساوية، منها الحق فى التصويت والتمثيل الجيد فى العديد من المجالات، إلا أن الفلسطينيين يتعرضون لتمييز واسع فى مجالات مثل الإسكان وسوق العمل.
اقرأ أيضاًهيئة فلسطينية تحذر من انهيار منظومة العمل الإنساني في غزة
مئات الفلسطينيين ينزحون قسرًا من حي الشجاعية شرق مدينة غزة
وزير الخارجية: بوليفيا تدعم جهود مصر في وقف العدوان على غزة ولبنان