العملُ الذى سيكون فارقاً فى تحديد مصيرك فى الآخرة، قد لا يكون بالضَّرورة كبيراً فى حجمه أو كثيراً فى عدده بل قد يكون عملاً (واحداً) صغيــراً فى حجمه، لا تراه أنت ولا يراه الناس شيئاً جديراً بالذِّكر ولا يكون فيه كُلفة أو مشقَّة عليك (لكنَّه) خَرَجَ من قلبٍ مُتعلِّقٍ بالله – جل وعلا - حُباً وخوفاً وتعظيماً ورجاءً.
ربُّنا – سبحانه وتعالى – كريمٌ جوادٌ واسعُ العطاء يُبارك للعامِل فى عمله (أى يجعله كثيراً عظيماً فى الأجر، ثقيلاً فى الميزان)، سواءُ كان فى باب الصدقة أو غيره من الأعمال الصالحة، إذا رأى – سبحانه وتعالى - أنَّ ذلك العمل صدر من قلبٍ مـُخلصٍ مُحبٍّ يريدُ وجهه ولا يريد به أحداً (أو شيئاً) غير الله. قال الله تعالى: (الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) قال ابن كثير فى التفسير: أيْ أيكم خيرٌ عملاً ولم يقُل أيُّكم أكثرُ عملاً. لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً لا تدرى لعلك تقول كلمة خير أو تأمر بمعروفٍ أو تنهى عن منكرٍأو تبتسم فى وجه أخيك (مُخلصاً معظماً راجياً رحمةَ الله) فيُحرِّم الله عليك النار، ويكتب لك الجنة والرِّضوان وأنت فى مقامك ذلك فتمشى على هذه الأرض لا تدرى أنَّك فى كتاب الله من أهل الجنة. فاللـهَ اللـهَ لا يثبطنَّك الشيطان عن أيِّ عملٍ صالحٍ يفتح الله عليك بابه مهما يكن العمل صغيراً فليست العبرة بحجم العمل العبرة بحال القلب.
د. ياسين عثمان طه
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»
كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ الشتاء ربيع المؤمن ، وجعل الله تعالى في الشتاء فرص للعبادة، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «الشتاء غنيمة العابدين»، وكان الصحابة يفرحون بقدوم فصل الشتاء لما يتميز به من طول الليل فيعين ذلك على قيام الليل، ومن قصر النهار فيعين ذلك على صيام النافلة،
الشتاء ربيع المؤمنوأوصت دار الإفتاء المصرية، بالإكثار من الصيام في الشتاء، منوهة بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شبه الصيام في الشتاء بالغنيمة الباردة، وذلك خلال منشور لها عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.
واستشهدت الإفتاء في فتوى لها، بما رواه الترمذي في سننه عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: «ألا أدلكم على الغنيمة الباردة، قالوا: بلى، فيقول: الصيام في الشتاء».
وأوضحت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- شبه الصيام في الشتاء بالغنيمة الباردة، لأن فيه ثوابًا بلا مشقة، ومعنى الغنيمة الباردة: أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه.
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:
أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي»
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا:إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
سادسًا:إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا:إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».