لجريدة عمان:
2025-03-17@22:32:49 GMT

العالم وأزمة القيم والمبادئ

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

العالم وأزمة القيم والمبادئ

يعاني العالم اليوم من أزمات كثيرة بعضها بنيوي يهدد العالم في وجوده أو على الأقل في مساره الآمن نحو المستقبل.. ورغم التقدم الهائل الذي يشهده عالم اليوم فإن أخطر أزماته ليست تكنولوجية كما قد يتصور البعض إلا أن أخطر أزمة حقيقية يعيشها العالم اليوم ألا وهي أزمة القيم والمبادئ. وما يجعل أزمة القيم والمبادئ أحد أخطر الأزمات هو أنها مرتبطة بجميع مسارات الحياة لذلك فإن تأثيرها قوي وأساسي على كل الأزمات الأخرى سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.

لقد كرّست الأزمة الأخلاقية والقيمية في العالم وجود بيئات تزدهر فيها المعلومات المضللة، كما همّشت بشكل كبير حقوق الإنسان، وسهّلت أمر التشكيك في معايير وأخلاقيات المؤسسات العلمية والطبية. وإذا كانت الثورة التقنية والتكنولوجية التي يشهدها العالم بسبب تطبيقات الذكاء الاصطناعي يفترض أن تشعر العالم بالفخر على هذه الإنجازات نجدها تبث الخوف والتحذيرات والأمر عائد في مجمله إلى الجانب القيمي والأخلاقي الذي قد يتسبب غيابه إلى فناء البشرية نتيجة التطور الهائل للذكاء الاصطناعي.

وتعزى أزمة القيم والمبادئ في مختلف المجتمعات في العالم إلى أسباب كثيرة في مقدمتها تدهور دور الأسرة والنظم التربوية وحدوث تغيرات جوهرية في الكثير من المفاهيم الاجتماعية، إضافة إلى التأثيرات الناتجة عن ثقافة العولمة التي كرست في المجتمعات رغم اختلاف الكثير من المقاييس والمفاهيم، إضافة إلى زراعة ثقافة الاستهلاك في مختلف المجتمعات في العالم.

ورغم أهمية هذه الأسباب إلا أن أحد أسباب أزمة المبادئ في العالم تعود إلى تراجع أو غياب دور النخب المثقفة في العالم، وبشكل خاص العالم العربي. كانت النخب الثقافية تقوم بدور تنويري كبير، وتقوم بصياغة القيم والمبادئ داخل المجتمعات، وكانت مسؤولة عبر التاريخ في توجيه الرأي العام نحو المثل العليا، لكن الكثير من هذه النخب تخلت عن دورها لأسباب كثيرة من بينها التغيرات الثقافية والاجتماعية في المجتمعات وكذلك الضغوطات الاقتصادية والسياسية، ونتج عن هذا التخلي أو تآكل الدور الذي كان للنخب، ضعف في مختلف مفاصل المجتمعات.

إن العالم الذي نعيش فيه في أمس الحاجة إلى بناء فهم أعمق للثقافة والتاريخ والأخلاق حتى نستطيع تجاوز الكثير من التحديات والمنزلقات التي ينزلق العالم نحوها كل يوم.

وعلى النخب الثقافية تحمل مسؤولياتها في مواجهة التحديات المعاصرة، مثل العولمة والتكنولوجيا الجديدة، بروح من النقد البناء والابتكار، مع الحفاظ على الهوية الثقافية والقيم المجتمعية.. وهذا يتطلب مواجهة موجات التضليل والأخبار الزائفة وتعزيز ثقافة النقاش العقلاني والموضوعي.. وهذا بالضرورة يعني أن لا تكون النخب الثقافية متورطة بنفسها في هذه الموجات الزائفة.

ويمكن للنخب الثقافية أن تقوم بدور فعّال في التوسط بين الثقافات المختلفة والمساهمة في بناء جسور الحوار والتفاهم المتبادل تعزيزا لقيم التعايش والسلام.

ومع أن دور النخب الثقافية مهم وأساسي في طريق تجاوز الأزمة الأخلاقية والقيمية التي يعيشها العالم إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن العالم في حاجة ماسة، أيضا، للقيادة الأخلاقية سواء في الدول أو حتى في المنظمات الدولية بهدف نشر القيم المشتركة بدلا من التركيز فقط على قيمة المساهمين.

لقد تآكلت عبر العقود الماضية الكثير من القيم التي كان النظام العالمي يتكئ عليها أو أنه حصل على مشروعيته منها مثل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والسياسة الواقعية المتمثلة في التعامل مع الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية.

وسقطت الكثير من هذه القيم والمبادئ حتى إن النظام الغربي القائم على فكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان أصبح ليس فقط في موضع النقد وإنما في موضع الرفض، وقد تحرض الكثير من الأزمات والحروب التي يشهدها العالم بما في ذلك الحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية والحرب الأهلية في السودان وانتشار الفكر الشعبوي في العالم الغربي على حركة عالمية كبرى لإسقاط النظام العالمي القائم الآن؛ لأنه يثبت كل يوم فشله الذريع.. وهذا كله بسبب أزمة الأخلاق والقيم في العالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم الکثیر من

إقرأ أيضاً:

تسونامي إدمان المخدرات

#تسونامي #إدمان #المخدرات
فايز شبيكات الدعجة

يشير الواقع إلى تمدُّد ظاهرة المخدرات واتساع رقعة الإدمان، بغضِّ النظر عن البيانات والتصريحات المخالفة لهذه الحقيقة المحسوسة، التي لا تخفيها محاولاتُ التصغير الإعلاميِّ المضلِّل لتشويه المشهد الاجتماعيِّ المريض.

مكافحةُ هذه الظاهرة عملٌ أمنيٌّ بحت، يخضع بالدرجة الأولى للمعايير الإدارية، ويتأثر بمن يمسك بالمقود القياديِّ، حيث يُحدِّد الاتجاه العامَّ للظاهرة، سواء بالمدِّ أو الجَزْر. وفي المجتمعات المستورِدة لهذه المواد تقوم الجيوش بالمساعدة في منع التهريب في سياق واجباتها لحماية البلاد من العدوان العسكريِّ الخارجي. ووفقًا لهذه القاعدة الراسخة، فإنَّ مكافحة المخدرات تُعَدُّ واجبًا فرعيًّا لا يقع ضمن إطار مهامِّها الرئيسية، إذ تحرص على تماسك وحدتها القتالية، ولا يمكنها تشتيت جهودها في عملٍ جنائيٍّ يخصُّ مؤسسات الأمن الداخلي.

يُعَدُّ فقدانُ حلقةِ تتبُّعِ حركة التهريب بالأساليب الاستخبارية من دول المنشأ وحتى وصولها إلى البلاد، بالإضافة إلى عدم كفاية وسائل الملاحقة الداخلية السببَ الرئيسَ وراء تفشِّي الظاهرة، واستفحالها بهذا الشكل المتنامي الذي بات يبعث على الفزع، ويؤدِّي في النهاية إلى فشلٍ ذريعٍ في التصدِّي لها.

مقالات ذات صلة حربٌ تلفِظ أنفاسها الأخيرة 2025/03/16

ثمَّةَ تذمُّرٌ وشكوى اجتماعيةٌ صامتةٌ من الإدمان الشعبيِّ العام، حيث يدفع الخوفُ من الملاحقة القانونية، وارتباطُ الإدمان بالعيب الاجتماعيِّ بالمواطنين إلى إخفاء مشكلاتهم العائلية، مما يؤدِّي إلى صمتٍ مريب يُخفي الجزءَ الأعظمَ من المشكلة. ويؤكِّد المتابعون وذَوُو الاختصاص الأمنيِّ أنَّ المشكلةَ لا تكمن في أجهزة مكافحة المخدرات، التي تعمل بكامل إمكانياتها، وتبذل جهودًا كبيرةً لتحقيق أهدافها، وإنَّما تتجسَّد التحدياتُ في منغِّصات العمل، وعلى رأسها ضعفُ الإمكانيات، وافتقارُها إلى الدعم من الجهات الأمنية العليا.

تسونامي إدمان يضرب الشباب وقصص عائلية تجعل الولدان سيبا ناجمة عن الانشغالُ بالواجبات والمهامِّ الثانوية، على حساب قضايا بالغةِ الأهمية كالمخدرات،ما يُعَدُّ خللًا قياديًّا واضحًا يستوجب الرصدَ، وإعادةَ التقييم، والتعمُّقَ في فحص المرجعيات المسؤولة عن هذه الملفات.

عندما تستقرُّ ظاهرةُ المخدرات في حالةِ مدٍّ دائم، ترتفع وتيرةُ خداع القيادات العليا عند رفع التقارير وتقديم الإيجازات، التي تتحدَّث عن إنجازاتٍ وبطولاتٍ غيرِ موجودة، في حين أنَّ الشمس هنا تكشف الحقيقة، ولا يمكن تغطيتُها بـ”لا” النافية، التي تُستخدَم بكثرةٍ في سياق إنكار الحجم الكبير لهذه الظاهرة.

هذا هو الحال في كلِّ المجتمعات التي يعصف بها الإدمان.

مقالات مشابهة

  • رانيا محمود ياسين: «قشر البندق» بوابة دخولي للفن.. وتعلمت الكثير من والدي
  • كيف يقبض ملك الموت أرواح الكثير من البشر في وقت واحد؟.. الإفتاء توضح
  • تسونامي إدمان المخدرات
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • القيم والتقاليد عند مفترق الطرق.. كيف ندير التغيير؟!
  • وزير التربية: دعم النخب والكفاءات في مجال الرياضيات
  • نائب ترامب: غزونا للعراق دمر أحد أعظم المجتمعات المسيحية في العالم
  • تحدث عن غزو العراق.. نائب ترامب: سنحمي الأقليات في سوريا
  • نائب ترامب: غزونا للعراق دمّر أحد أعظم المجتمعات المسيحية التاريخية في العالم
  • ترامب: أزمة أوكرانيا كانت تدفع العالم نحو حرب عالمية ثالثة