لجريدة عمان:
2025-01-27@04:05:00 GMT

الدبلوماسية العمانية وقرار مجلس الأمن

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بداية من هجوم السابع من أكتوبر من قبل المقاومة الفلسطينية وشن الكيان الصهيوني حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وكل مقومات الحياة الإنسانية وعلى مدى أكثر من ستة أشهر والعالم يبذل جهودا سياسية كبيرة لإجبار الكيان الصهيوني على وقف العدوان الهمجي على المدنيين في قطاع غزة. وسيسجل التاريخ الحديث بأن الدبلوماسية العمانية كانت هي الأعلى صوتا على الصعيد العربي والإقليمي وحتى الدولي، وهذه ليست مبالغة أو نبرة عاطفية وطنية ولكنها الحقيقة الساطعة، حيث كان الموقف الرسمي العماني ومن خلال خطابات جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- واضحة ومعبرة بكل مصداقية حول ضرورة وقف العدوان الصهيوني الغاشم وهو الأمر الذي ترجم بشكل صحيح من خلال التحركات الدبلوماسية واسعة النطاق التي قامت بها وزارة الخارجية ممثلة في معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وكبار المسؤولين في الوزارة وسفراء سلطنة عمان في العالم، ومن خلال الاتصالات المكثفة مع الدول الكبرى المؤثرة خاصة الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأيضا على صعيد دول الاتحاد الأوروبي، ومن خلال الزيارات المتعددة لمعالي السيد وزير الخارجية.

وقد كان الموقف الرسمي العماني المشرف والصادق متماشيا مع الموقف الشعبي الذي عبر عنه الشعب العماني بوقوفه وتضامنه مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومع المقاومة الباسلة والتي ألحقت بالكيان الصهيوني هزيمة كبيرة على صعيد المواجهة العسكرية العربية الإسرائيلية خلال السبعة عقود الأخيرة قياسا بالفترة الزمنية للحرب التي تجاوزت ستة أشهر أو من خلال التوازن العسكري، حيث إن الجيش الإسرائيلي يملك إمكانات كبيرة ودعم أمريكي وغربي كبيرين مقابل مقاومة فلسطينية محدودة الإمكانيات ولكن كان إيمانها كبيرا بضرورة وقف الغطرسة الإسرائيلية على مدى ٧٥ عاما من الانتهاكات والقتل للمدنيين من الأطفال والنساء وسرقة الأراضي في ظل مجتمع دولي متردد، وأحيانا منحاز للرواية الصهيونية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والتي شاركت فعليا في العدوان على الشعب الفلسطيني. وعلى ضوء ذلك فإن موقف سلطنة عمان قيادة وشعبا كان موقفا مع الحق والعدل والمطالبة المتواصلة بوقف العدوان الصهيوني والاحتكام إلى حل الدولتين.

إن صدور قرار مجلس الأمن الأخير والذي ينص على وقف فوري في قطاع غزة وإطلاق المحتجزين من الجانبين الفلسطيني والصهيوني وإدخال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزه جاء بجهود كبيرة من المجتمع الدولي، وخاصة من الدول خارج منظومة مجلس الأمن.

ولا شك أن التحركات الدبلوماسية العمانية النشطة والمتواصلة مع الدول الغربية تحديدا كان لها الأثر الإيجابي في ظل الاحترام الواسع النطاق والمصداقية التي تتمتع بها مواقف بلادنا سلطنة عمان، ومن هنا كان الصوت العماني يصدح بالحق وهو يدعو المجتمع الدولي إلى وقف الإبادة في قطاع غزة بسبب العدوان الصهيوني الظالم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين.

ومن هنا فإنه لا يمكن الفصل بين جهود الدبلوماسية العمانية والاتصالات المكثفة مع دول العالم شرقا وغربا وما نتج عن صدور القرار الدولي وامتناع واشنطن عن التصويت، وهي إشارة إمريكية واضحة بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو أصبح غير موثوق به، كما أن الداخل الإسرائيلي يعيش مشكلات وجدلا كبيرا قد يعصف بنتانياهو والذي لا يريد وقف العدوان؛ لأن استمرار الحرب يعني إنقاذ مستقبله السياسي والهروب من المحاكمات حول التهم الموجهة إليه بسبب قضايا الفساد.

إننا كمتابعين ومواطنين نعتز كثيرا بالمواقف المشرفة لبلادنا سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وفي ظل التحركات الإيجابية للدبلوماسية العمانية والتي تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلي وإيصال المساعدات للشعب الفلسطيني وإيجاد الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإنهاء الحروب والصراعات في المنطقة وأن تعيش شعوب المنطقة بسلام. وعلى ضوء ذلك تشعر القيادات في الغرب بأن نتانياهو وحكومته المتطرفة أصبحا عبئا على الغرب في ظل المعارضة الشعبية في الغرب والعالم ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم ضد الشعب الفلسطيني الذي استشهد منه عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وقصف المؤسسات الصحية وتدمير البنية الأساسية لقطاع غزة. وعلى ضوء ذلك فإن قرار مجلس الأمن الدولي هو صفعة قوية للغطرسة الإسرائيلية ولنتانياهو وعصابته التي تحكم الكيان الصهيوني، كما أن الداخل الإسرائيلي يعيش مرحلة فارقة وهناك هجرة كبيرة واسعة لليهود في ظل مناخ الحرب وعدم الاستقرار.

إن نتانياهو وحكومته المتشددة سقطت أخلاقيا وقانونيا وتمت تعريتها وفضحها إعلاميا وقبل ذلك تلقت الهزيمة الأقسى في تاريخ الكيان الإسرائيلي. ومن هنا فإن عدم تنفيذ الكيان الإسرائيلي قرار مجلس الأمن بوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة يعني أن هذا الكيان الصهيوني أصبح منبوذا بشكل أكبر على صعيد المجتمع الدولي وأن مزيدا من الضغط الدبلوماسي على الكيان الإسرائيلي لا بد أن يتواصل فيما يخص تقديم مزيد من ملفات جريمة الإبادة في قطاع غزة وتقديم نتانياهو وعصابته للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية وأيضا على مستوى إدانة سلوك الكيان الإسرائيلي الإجرامي في محكمة العدل الدولية. كما أن دور جنوب إفريقيا والجزائر يعد محوريا وحتى على صعيد عدد من الدول الغربية التي أبدت استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية كإسبانيا وإيرلندا وغيرهما من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والتي ضاقت ذرعا بسلوك نتانياهو السلبي في ظل بداية حمى المعركة الانتخابية بين الحزبين الديموقراطي والحزب الجمهوري للوصول إلى البيت الأبيض في ظل عودة المنافسة الشرسة بين الرئيس الأمريكي الديمقراطي بايدن وتحفز المرشح الجمهوري والرئيس الأمريكي السابق ترامب.

وأمام هذا المشهد السياسي المعقد والصادم الذي شاهده العالم في فلسطين وخاصة في قطاع غزة نوجه تحية وطنية للدبلوماسية العمانية على جهودها المخلصة والمقدرة والتي كان لها الأثر الإيجابي في الخطوات الدولية نحو وقف العدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني في ظل التوجيهات السديدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي يقود نهضة سلطنة عمان المتجددة بكل رسوخ وثبات وحكمة داخليا وعلى صعيد العلاقات الإقليمية والدولية بما يعزز مكانة بلادنا سلطنة عمان في المحافل الدولية، لتبقى عاصمة الوطن مسقط هي المحطة الأساسية نحو إيجاد حلول التسوية لعدد من الملفات المعقدة خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وأيضا ملف الأمن والاستقرار في المنطقة وإيجاد الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية على ضوء حل الدولتين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الدبلوماسیة العمانیة العدوان الإسرائیلی الکیان الإسرائیلی الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی الدول الغربیة وقف العدوان فی قطاع غزة مجلس الأمن سلطنة عمان من الدول على صعید مع الدول من خلال على ضوء

إقرأ أيضاً:

المقاطعة الشاملة: هل تُغيِّرُ قواعد اللعبة الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي؟

أنس عبدالرزاق

في عالم تتحكم فيه الاقتصادات بمصير الحروب، لم تعد المقاطعة مُجَـرّد شعارات يُهتف بها في الميادين، بل تحوّلت إلى سلاحٍ يعيد تشكيل خريطة النفوذ. فمنذ أن أغلقت الشعوب العربية أبوابها أمام بضائع الاحتلال الإسرائيلي رداً على النكبة عام 1948، وحتى الحملات الرقمية التي تستهدف شركات “ستاربكس” و”ماكدونالدز” اليوم، تشهد المنطقة صراعاً اقتصاديًّا غير مُعلن. لكن، هل نجحت هذه المقاطعة الشاملة – بجبهتيها الشعبي والمؤسّساتي – في تحويل الاحتلال إلى عبءٍ اقتصادي لا يطيق الكيان حمله؟

قوة الرفض الشعبي… عندما يُحوِّل المواطن عربة التسوق إلى سلاح!

لا يحتاج المواطن إلى دبابة ليُدين الاحتلال؛ فرفضه لعلبة “تمور المستوطنات” في السوبرماركت قد يكون كافياً. هكذا تعمل مقاطعة الأفراد، التي حوّلت الاستهلاك اليومي إلى معركة:

– أرقام تُنذر بالخطر: وفقاً لدراسة أجرتها منظمة “وول ستريت جورنال” (2023)، خسر الكيان الإسرائيلي 45 % من صادراتها الزراعية إلى أُورُوبا خلال عامين، بعد حملات مقاطعة استهدفت منتجات مثل “النبيذ الاستيطاني” و”مستحضرات البحر الميت”.

– “لم أعد أشتري أي منتج إسرائيلي، حتى لو كان أرخص، لأن ضميري لا يُسامحني”، تقول، مُشاركة في حملة “بضائع-الاحتلال-مرفوضة” التي اجتاحت منصات التواصل عام 2023. هذا الرفض الأخلاقي حوّل علامات مثل “أهافا” إلى “وصمة عار” في أسواق أُورُوبا، وفقاً لتحليل نشرته مجلة فوربس.

المؤسّسات الكبرى تنسحب… هل فقدت إسرائيل بريقها الاستثماري؟

لم تكن مقاطعة الأفراد وحدها في الميدان؛ فالقرارات الجريئة لصناديق الثروة السيادية والبنوك العالمية تُضاعف الخسائر:

– النرويج تُشعل الشرارة: عندما أعلن الصندوق السيادي النرويجي (أكبر صندوق في العالم) سحب استثماراته من شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية عام 2020، كان الرسالة واضحة: “لا مكان للاستثمار في الدم”. لم تكن النرويج وحدها؛ فـ 12 دولة أُورُوبية قلصت استثماراتها في إسرائيل بنسبة 30 % منذ 2021، بحسب تقرير البنك الدولي.

– الشركات تفرّ من الساحة: لم تستطع شركات مثل “AXA” الفرنسية و”HSBC” البريطانية تحمّل ضغوط الرأي العام، فانسحبت من تمويل المستوطنات. حتى “غوغل” و”مايكروسوفت” بدأتا مراجعة تعاونهما مع شركات صهيونية في مشاريع المراقبة الإلكترونية، كما كشفت **وثائق مسربة لـ “الويكيليكس” (2023).

الأرقام لا تكذب… ماذا خسر الاحتلال الإسرائيلي حقاً؟

وراء الخطابات السياسية المُزيّفة، تكشف الأرقام عن اقتصاد يترنح:

– انكماش النمو: تراجع الناتج المحلي الصهيوني من 5. 6 %إلى 2. 9 % خلال عام واحد (2022-2023)، وهو الأسوأ منذ جائحة كورونا، وفقاً لـ صندوق النقد الدولي.

– أزمة “الهايتك”: قطاع التكنولوجيا، الذي يُشكّل عمود الاقتصاد الصهيوني، يشهد نزيف استثمارات. 20 %من شركات الهايتك الصهيونية أبلغت عن صعوبات في اجتذاب مستثمرين جدد، بحسب تقرير “ستارت أب نايشن” (2023).

– الاحتلال يُكلّف أكثر: كشفت وثيقة سرية لوزارة المالية الإسرائيلية (نُشرت في “هآرتز”) أن تكلفة الحفاظ على المستوطنات ارتفعت إلى 23 مليار شيكل سنوياً، بينما تُخفّض المقاطعة الإيرادات بوتيرة متسارعة.

لماذا لا ينهار الكيان الإسرائيلي؟ الجبهة المضادة للمقاطعة

رغم الضربات الموجعة، ما زال الاقتصاد الصهيوني صامداً، وهذا بعض أسباب ذلك:

– الدعم الأمريكي اللامحدود: تُضخ واشنطن 3. 8 مليار دولار سنوياً في الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى قوانين تجريم BDSفي 35 ولاية، والتي تُهدّد أي شركة تدعم المقاطعة بغرامات تصل إلى 1 مليون دولار.

– الشركات الوهمية: يعيد الكيان تصدير منتجات المستوطنات عبر دول مثل قبرص ورومانيالخداع قوائم المقاطعة، كما ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

– التحالفات الجديدة: الاستثمارات الهندية (مثل ميناء حيفا) والصينية (مشاريع البنية التحتية) تُعوّض جزئياً عن خسائر أُورُوبا.

-دعم المنتج المحلي.

هل تُكتب النهاية الاقتصادية للاحتلال؟

المقاطعة الشاملة ليست عصاً سحرية، لكنها نجحت في تحويل الاحتلال من “مصدر قوة” إلى “مصدر تهديد” للاقتصاد الصهيوني. الأرقام تشهد أن الاحتلال الإسرائيلي يدفع رويداً إلى زاويةٍ ضيقة: فإما أن تدفع ثمن استمرار احتلالها عبر خسارة مكانتها كـ”واحة استثمارية”، أَو تُعيد حساباتها.

لكن المعركة الحقيقية ليست اقتصادية فحسب، بل هي معركة وعي. فكل علبة تموُّر يُرفض شراؤها، وكل سهم يُسحب من البورصة، هو إعلان بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى. ربما لا تنهار الصهيونية غداً، لكن انهيار شرعيتها الاقتصادية بدأ… والمقاطعة هي الوقود!

مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على عدة مدن فلسطينية مساء اليوم
  • المقاطعة الشاملة: هل تُغيِّرُ قواعد اللعبة الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي؟
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 47 ألفا و306 شهداء
  • العدوان الإسرائيلي سلب من أعمار سكان غزة 35 عاما
  • صحة غزة تنشر أحدث إحصائية لأعداد شهداء العدوان الإسرائيلي
  • فيما هي الداعم والممول الأول له في العالم:أمريكا تتلاعب بالإرهاب ليواكب مصالحها ومصالح الكيان الإسرائيلي
  • الكيان الصهيوني باق في لبنان بدعم أميركي!
  • سيناريو غزة يتكرر.. تفاصيل العدوان الإسرائيلي على جنين خلال 5 أيام
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يستعرض كتابا لكاتب فرنسي يهودي يفضح الكيان المحتل
  • أونروا: 14500 طفل فلسطيني استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة