بوابة الوفد:
2025-02-23@10:38:18 GMT

والله نستطيع.. «الأخيرة»

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

من أبشع ما يواجه أى إنجاز حضارى ونجاح اقتصادى هو تقييم القشور اللامعة، دون تفنيد النتائج الحقيقية بعمق وحياد، ولعلى فندت فى مقال الأسبوع الماضى هذا العوار الذى شاب النهضة الصناعية التى حاول الضابط الألبانى محمد على تحقيقها فى مصر ما بين عامى 1805: 1848، وكان السلطان العثمانى قد أرسله على رأس جيش لمصر تحت زعم مساعدة المصريين فى طرد قوات نابليون بونابرت، فإذا به يستوطن مصر ويستولى على السلطة.

تعامل محمد على مع مصر كأنها «عزبة» خاصة به، وهو خطأ بشع يقع فيه أى والٍ أو حاكم فى العالم، فهذا التصور جعله يتصرف فى شئون مصر بصورة منفردة تعود على شخصه بالعظمة والشهرة أمام العالم، دونما النظر إلى مصلحة مصر نفسها أو الشعب الذى أصبح يئن تحت وطأة الفقر والحاجة، رغم المشروعات الضخمة التى نفذها بأموال الدولة حتى أفرغ خزانتها، فقد كانت تلك المشروعات احتكارية وغير ربحية للخزانة ولا للشعب، لأن كل هدفه هو أن يلتصق اسمه فقط بتلك المشروعات الضخمة، وبهذا لم ينجح فى توطين الصناعات فى مصر، فلم تلعب الصناعة المصرية الخالصة دورًا فعالًا فى تحقيق التنمية بتوافر المنتج الوطنى ودفع عجلة الاقتصاد بما يسد باب الاستيراد، ويزيد من معدلات الصادرات ويفتح مجالات العمل للقضاء على الفقر والبطالة، واستقطاب المستثمر الأجنبى بما يحقق أرباحًا للناتج القومى.

لهذا عندما تولى بعده الخديو إسماعيل ولاية مصر، وجد خزانة الدولة فارغة، والمشروعات الصناعية البراقة لا تعود بربحية على الخزانة ولا الشعب، فسلك طريق الاستدانة، وجر مصر إلى الديون الخارجية.

وأسرف بدوره فى إقامة مشروعات ضخمة تتسم بمظاهر العظمة، وأقام لها الاحتفالات ببذخ وسفه ليشهد العالم على قشور إنجازاته، وأغرق مصر فى القروض، مما أدّى إلى تدخّل الأجانب فى الشأن المصرى اقتصادياً وسياسياً، فيما ازداد الشعب فقرًا.

فى الواقع تجربة محمد على ومن بعده إسماعيل، يختلف فى تقييمها المؤرخون، لكن خبراء الاقتصاد المحايدون يعتبرونها فاشلة بالمعايير الربحية ومعايير التنمية المستدامة، ومعايير توطين الصناعة عن حق فى مصر، ولو قارنا مشروع محمد على، بمشروعات تبنتها دول أخرى فى العالم فى أزمنة لاحقة، على غرار الصين مثلا، اليابان، سنغافورة، وكلها دول آسيوية كانت تعانى أوضاعاً اقتصادية قاسية قبل أن تنفذ خطط الانطلاق الاقتصادى فى الخمسينات، حيث اعتمدت أولاً على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، لمعالجة مشاكل الفقر والبطالة.

وكانت هذه المشروعات حجر الزاوية فى بناء ودعم المشروعات الكبرى التى لا أقول سارت على التوازى، ولكن جاءت فى فترة لاحقة وبصورة سريعة من إرساء الأساس للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقدمت البنوك الوطنية فى تلك الدول قروضًا ومساعدات مالية للمشروعات الصغيرة بفائدة بسيطة تشجيعًا لأصحاب هذه المشروعات، كما نشطت بيوت المال والخبرة فى دعم أصحاب المشروعات بالخبرات اللازمة وتقديم التدريب لإنجاح المشروعات حتى تحقق الربحية وتعود بالخير على أصحابها، وتبنت الحكومات فى نفس الوقت إنشاء مراكز وطنية لتنشيط التجارة والصادرات لمنتجات تلك المشروعات، بجانب عمل دراسات للأسواق العالمية لتوجيه أصحاب المشروعات لهذه الأسواق، أى أعطت المواطن «سنارة» وعلمته الصيد، وفتحت أمامه الأسواق لترويج منتجه، ولم تلقى به فى بحر القروض وتركته يسبح وحده ضد ألف تيار حتى يغرق أو يكل فيتوقف ويفشل.

وفى ظل تنفيذ تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتلك الدول، كان هناك الإعفاءات الضريبية وتيسير الإجراءات، والرقابة الإدارية الصارمة العقوبات لمواجهة أى فساد إدارى يحول دون نجاح تلك المشروعات، إجمالا للقول، نجحت تلك الدول لتصبح من عمالقة الدول الصناعية ذات التنمية الاقتصادية المستدامة انطلاقا من مشروعات صغيرة، ثم مشروعات كبرى، وليس العكس، وتم التركيز على تنمية البشر قبل الحجر، فانعكس ذلك بالإيجاب على الشعب وخزانة الدولة، هنا يمكننا القول انهم حققوا نهضة صناعية واقتصادية حقيقية وليس مجرد قشور لمشروعات عملاقة لمجرد أن ترتبط باسم الحاكم دون جدوى ملموسة فيما الشعب مطحون بالفقر والبطالة واللا أمل فى المستقبل.

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فكرية أحمد النهضة الصناعية مصلحة مصر تلک المشروعات محمد على

إقرأ أيضاً:

لا “دولار” ولا “يورو”..” الريال” جاي دورو

تعزز السعودية مكانتها بين دول العالم الكبرى، في سباق محموم مع الزمن لها قصب السبق فيه– ولله الحمد – وفق رؤية مدروسة بدقة؛ لتتبوأ مكانتها المستحقة بين الدول العظمى في العالم.
وهذا سعي مهم من القيادة الرشيدة؛ لنيل استحقاق كبير، يعكس مكانة المملكة العالمية، وليس على المستوى الإقليمي- وحسب. فهي تحتل المرتبة السادسة عشرة بين أكبر 20 اقتصادًا عالميًا من حيث الناتج الإجمالي المحلي، وتتقدم الجميع من حيث مؤشر التنافسية، والدولة الأكثر أمنًا بين دول المجموعة.
جميع هذه المعطيات التي تؤكدها المؤشرات الدولية المعتمدة، تشير- بما لا يدع مجالًا للشك- أن المملكة تستحق بجدارة، أن تكون ضمن مصاف الدول العظمى، وهذا بالطبع إلى جانب الدور السياسي الكبير، الذي تضطلع به المملكة في ترسيخ السلام العالمي، وردم هوة الخلافات حتى بين الدول العظمى، والدور المهم الذي تلعبه في دعم السلام في المنطقة في أكثر قضاياها حساسية وتأثيرًا، عمل كبير يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء– حفظهما الله– بهدوء كبير، وحكمة سياسية لا مثيل لها في ممارسة دور المملكة القيادي والمؤثر، دون الالتفات للأصوات النشاز.
وامتدادًا لكل هذا الحضور الدولي والإقليمي البهي للمملكة ولقيادتها الحكيمة بعيدة الرؤية، يأتي اعتماد خادم الحرمين الشريفين لرمز عملة الريال السعودي، الذي لم يهدف إلى تعزيز هوية العملة الوطنية- وحسب- بل لتأكيد هذه المكانة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العظيمة للمملكة دوليًا، ويحق لنا بصفتنا شعب طويق العظيم، وأبناء هذه القيادة العظيمة، أن نقول بكل فخر:” لا دولار ولا يورو.. الريال جاي دورو”، ليس (هياطًا)، ولكن لأن النتائج تقرأ من مقدماتها، وكل المقدمات التي بدأنا نرصدها منذ العام 2015م، تؤكد– بإذن الله– أن المستقبل لنا؛ مثلما هو الحاضر لنا باقتدار- والحمدلله- على نعمة السعودية، وعلى نعمة قيادتها الرشيدة المخلصة لشعبها.
أيها العالم حاولوا اللحاق بنا.. ودمت بألف خير يا وطني.

مقالات مشابهة

  • برلماني: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الحل الأمثل لتقليل البطالة وتحقيق التنمية الاقتصادية
  • لا “دولار” ولا “يورو”..” الريال” جاي دورو
  • أبو الغيط: نتطلع لموقف برلماني عربي موحد لدعم الشعب الفلسطيني
  • العسكرية في سوريا: حكايات رعب وهروب.. وجنون النظام في الساعات الأخيرة
  • حماس للجامعة العربية: لا تمرروا أي مشاريع ضد الشعب الفلسطيني 
  • مسلسل لحظة غضب.. الحلقة الأخيرة تتصدر التريند
  • الاتحاد: يجب أن تلتف الدول العربية حول موقف واحد لدعم إقامة الدولة الفلسطينية
  • الرئيس البرازيلي: ترامب انتُخب ليحكم أميركا لا العالم
  • الحلقة الأخيرة
  • مـا هـي الحضـارة الحقيقيـة؟