تزامنا مع تحركات يقودها الجيش، لتنفيذ عملية عسكرية في ولاية الجزيرة، نشرت منصات إعلامية تابعة لقوات الدعم السريع، معلومات عن تشكيل إدارة مدنية، لإدارة شؤون الولاية  الواقعة بوسط السودان.

وسيطرت قوات الدعم السريع على الجزيرة في ديسمبر الماضي، وأصدر قائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، قرارا بتعيين القائد الميداني أبو عاقلة كيكل حاكما عليها.

وأشار بيان لقوات الدعم السريع، إلى أن "ممثلين لمحليات ولاية الجزيرة شكلوا مجلسا باسم مجلس التأسيس المدني، من 31 عضوا، وأن المجلس انتخب صديق عثمان أحمد، رئيسا للإدارة المدنية بالولاية".

ولفت البيان إلى أن " الإدارة المدنية ستعمل على استعادة النظام الإداري وحماية المدنيين وتوفير الخدمات الأساسية، بالتنسيق مع قوات الدعم السريع".

تجربة مكررة

يرى عضو المكتب الاستشاري الخارجي لقائد قوات الدعم السريع، عمار صديق إسماعيل، أن "تشكيل مجلس التأسيس المدني في ولاية الجزيرة ليست خطوة جديدة، إذ سبق أن شكلت الدعم السريع مجالس مدنية في ولايات غرب دارفور وجنوب دارفور وكذلك وسط دارفور وشرق دارفور، بعد سيطرتها على تلك الولايات".

وقال إسماعيل لموقع الحرة، إن "قوات الدعم ظلت تعمل على توفير خدمات الكهرباء والمياه والصحة للمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، لكن العمل المدني وإدارة الولايات يحتاج إلى كوادر مدنية، وهو ما تسعى له قوات الدعم السريع".

وأشار إلى أن "التجربة ستنعكس إيجابيا على أوضاع المواطنين في ولاية الجزيرة، وستسهم في توفير الخدمات الضرورية لهم".

تسعة لاعبين و3 قضايا.. كيف تحول الساحل السوداني لمنطقة تنافس دولي؟ تبدي دول ومنظومات اقتصادية عدة، اهتماما متجددا بشرق السودان، وخاصة ساحل البحر الأحمر، ويسعى بعضها لإبرام اتفاقيات مع السلطات السودانية تضمن لها الوجود أو الاستثمار الاقتصادي أو العسكري في تلك المنطقة.

في المقابل يرى الخبير الاستراتيجي أمين مجذوب، أن  "قوات الدعم السريع تهدف من تشكيل الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، إلى إيهام الرأي العالمي، بأن مواطني الجزيرة يدعمونها ويقبلون وجودها بالولاية".

وقال مجذوب، وهو ضابط سابق بالجيش السوداني، لموقع الحرة، إن "الإعلان عن الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، مقصود منه غسل صحيفة الدعم السريع من الانتهاكات التي تورطت فيها ضد المدنيين في مدن وقرى ولاية الجزيرة".

وأشار إلى أن "الذين قبلوا أن يكونوا جزءا من الإدارة المدنية في ولاية الجزيرة، غير معروفين، ولا تأثير لهم في الحاضنة الشعبية بالولاية".

وقلل الخبير الاستراتيجي من جدوى الخطوة، وقال إن "قوات الدعم السريع سبق أن عيّنت حاكما على الخرطوم من المنتمين إليها، ولم يكن لذلك القرار أي تأثير في المجال التنفيذي أو المدني، وكان مجرد فرقعة إعلامية".

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عثمان المرضي، أن "الذين أشرفوا على تشكيل الإدارة المدنية، استفادوا من حالة السخط التي تشكلت لدى مكونات واسعة من مواطني الجزيرة، على الجيش بعد انسحابه من الولاية، بصورة مفاجئة".

وقال المرضي لموقع الحرة، إن "الجيش انسحب من الجزيرة ولم يواجه الدعم السريع، كما لم يعمل على استردادها، وترك المواطنين أمام انتهاكات الدعم السريع، مما أوجد حالة من عدم الرضا وسط المواطنين".

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن "الإدارة المدنية ربما تخدم مصالح مواطني الولاية في مسألة توفير الخدمات الأساسية، بخاصة في ظل انسحاب حكومة الولاية مع الجيش، مما أدى لحدوث فراغ إداري، أضرّ بمسألة توفير الخدمات للمواطنين".

وتوقع أن يؤدي تشكيل الإدارة المدنية إلى "وقوع خلافات مجتمعية وشعبية في الولاية"، مشيرا إلى أن "هناك مكونات ترفض التعايش أو التصالح مع الدعم السريع، وربما تتخذ موقفا معارضا ومناهضا للمجموعة الداعمة لفكرة الإدارة المدنية الموالية للدعم السريع".

المسار العسكري

تشكيل الإدارة المدنية لولاية الجزيرة تزامن مع أنباء كثيفة عن تحركات يقودها الجيش لاستعاد الولاية من قبضة الدعم السريع، فما تأثير الخطوة على المسار العسكري؟

يجيب مجذوب بأن "قوات الدعم السريع سعت من خلال تشكيل الإدارة المدنية لولاية الجزيرة، لقطع الطريق أمام تحركات الجيش المكثفة لاستردادها، وطرد عناصر الدعم السريع منها". 

وأضاف "تشكيل الإدارة المدنية لن يؤثر على خطط وتحركات الجيش الساعية لإنهاء سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، لأن الجيش حسم أمره، واتخذ قراره بعدم التفاوض مع الدعم السريع".

وكانت منصات إعلامية تابعة للجيش السوداني، نشرت مقاطع فيديو، تُظهر حشدا عسكريا من عناصر الجيش وهيئة العمليات بجهاز المخابرات وعدد من حركات دارفور المسلحة، في أم درمان، وقالت إن "الحشد يستعد لقتال الدعم السريع في الخرطوم وولاية الجزيرة".

في المقابل، يرى إسماعيل أن "تشكيل الإدارة المدنية لا علاقة له بالمسار العسكري، وأنه ليس مقدمة لانسحاب الدعم السريع من الولاية"، مؤكدا أن "قوات الدعم السريع لن تنسحب من أي موقع سيطرت عليه".

ولفت إلى أن "تشكيل الإدارة المدنية يدلل على صدقية الدعم السريع في مشروعها الداعي لتسليم السلطة للمدنيين، وابتعاد العسكر عن الحكم، والتفرغ للمهام العسكرية والأمنية".

وأضاف "قيام الإدارة المدنية سيجعل قوات الدعم السريع تتفرغ لدورها العسكري والأمني في الجزيرة وفي غيرها، وسيمكنها من تحقيق المزيد من الانتصارات في عدد من المحاور القتالية".

من جانبه، يشير المرضي إلى أن "تشكيل الإدارة المدنية ربما يلعب دورا في إيقاف العملية العسكرية التي ينوي الجيش وحلفاؤه من الحركات المسلحة، شنها على الدعم السريع في ولاية الجزيرة".

وأشار إلى أن "الإدارة المدنية يمكن أن تقود تفاوضا مع الجيش، يتوقف بموجبه عن الهجوم على الولاية، مقابل أن تنسحب منها قوات الدعم السريع".

وأضاف قائلا "المثير للقلق، أن الخطوة يمكن أن تضع ولاية الجزيرة والسودان أمام خطر التقسيم، ومن المتوقع أن يرفض الجيش الاعتراف بالمجالس المدنية التي أعلنتها الدعم السريع، وربما يتخذ خطوة مماثلة بإعلان حكومة في مناطق سيطرته، على نحو ما يحدث في ليبيا".

وكانت لجان المقاومة في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، اتهمت في بيان منتصف مارس، قوات الدعم السريع "بارتكاب فظائع وانتهاكات في مواجهة المدنيين بعدد من قرى ومدن الولاية".

ولفت البيان إلى "خروج كل المستشفيات بمدينة ود مدني وعدد من مدن الولاية عن الخدمة، عدا الطوارئ والنساء والتوليد التي تعمل بشكل جزئي، وسط انعدام وندرة بعض الأدوية، بعد إغلاق الصيدليات أبوابها خوفا من عمليات السرقة والنهب".

وبحسب وكالات الأمم المتحدة، أدى النزاع الذي يدور في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ 15 أبريل الماضي، إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 8 ملايين على الفرار من منازلهم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی ولایة الجزیرة توفیر الخدمات مدنیة فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن عن انتصارات جديدة و يستعيد بلدة التروس في الفاشر أخبار السبت 15 مارس 2025

وأفادت مصادر ميدانية وشهود عيان بأن قوات الجيش استعادت بلدة التروس الواقعة بين ولايتي النيل الأبيض وسنار، وأعلن الجيش في بيان، اليوم (الجمعة)، أنه يتقدم بمحور منطقة التروس بعد هزيمة الدعم السريع.

ولفتت المصادر إلى أن قوات الدعم السريع كانت تتخذ من بلدة التروس الحدودية مع جنوب السودان منطلقا لشن هجماتها على الجيش في سنار والنيل الأبيض.

وذكرت أن قوات الدعم السريع قصفت مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان لليوم السادس على التوالي، مؤكدة أن القصف تزامن مع وقت الإفطار واستهدف وسط المدينة.

وأفاد إعلام الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة الفاشر بأن الجيش مستمر في التقدم بالميدان بجميع محاور القتال.

وذكر أن الجيش نصب كمينا محكما بالمحور الشرقي للمدينة، تمكن خلاله من قتل 30 عنصرا من المليشيات.

وقال إن قواته دمرت 4 مركبات للدعم وقتلت عناصرها التي كانت بها. وأضاف أن الجيش بالتنسيق مع القوات المشتركة والشرطة والمخابرات وقوات العمل الخاص واصلوا عمليات التمشيط والهجوم المباغت على أوكار العدو في المحاور الجنوبية الشرقية والغربية للفاشر، التي أسفرت عن الاستيلاء على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر.

وحسب البيان، فإن طيران الجيش شن غارات استهدفت مطار نِيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وعدة مواقع إستراتيجية للعدو مكبداً إياه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفق البيان.

من جانبها، اتهمت مجموعة «محامو الطوارئ» قوات الدعم السريع بقتل 8 مدنيين بينهم سيدتان في أحياء بري اللاماب والجريف غرب، شرقي الخرطوم.

وأضافت المجموعة الحقوقية في بيان أمس أن قوات الدعم السريع نفذت خلال الأسبوع الماضي مداهمات واسعة لمنازل المدنيين في هذه الأحياء، وفرضت حصارا خانقا على أحياء البراري وامتداد ناصر ومنعت المدنيين من الخروج وسط نقص حاد في الغذاء والدواء وانقطاع الاتصالات، وهذا أدى لوفاة عدد من الأطفال جراء الجوع وانعدام الرعاية الصحية.

ودانت هذه الجرائم وطالبت بمحاسبة المسؤولين عنها وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء للمدنيين المحاصرين.

في غضون ذلك، حذرت مديرة برامج الطوارئ باليونيسيف لوشيا المي من أن أطفال السودان يمثلون واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية على وجه الأرض، مؤكدة أن الصراع والنزوح والجوع دمروا حياة الكثيرين.

وكشفت أن نحو 16 مليون طفل في السودان في حاجة للمساعدات، وأن 17 مليونا خارج مقاعد الدراسة لعامين، في حين يعاني 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، من بينهم 770 ألفا من الأطفال يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أشد أشكال الجوع فتكاً

مقالات مشابهة

  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • الدعم السريع يتوغل في جنوب السودان ويسيطر على حامية عسكرية بعد مقتل قائدها 
  • السودان.. الجيش يسيطر علي مباني ومواقع استراتيجية في الخرطوم
  • السودان.. «الدعم السريع» يهدد بالتصعيد ويحدد خريطة عملياته
  • تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم
  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • الجيش السوداني يعلن عن انتصارات جديدة و يستعيد بلدة التروس في الفاشر أخبار السبت 15 مارس 2025
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع