الجزيرة:
2024-11-16@13:48:40 GMT

من يقف وراء أزمة السيولة وشح الكاش في غزة؟

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

من يقف وراء أزمة السيولة وشح الكاش في غزة؟

غزة – سؤال "وين راح الكاش؟" لا يجهل الغزيون إجابته، لكنهم يصرخون به ألما، فتداعيات شح السيولة النقدية تفتك بهم، وتزيد من تردي واقعهم المعيشي، في ظل حرب إسرائيلية ضارية ترافقها عزلة حادة وحصار خانق.

للشهر الثاني على التوالي لم تنجح محاولات أبي ناصر في سحب راتبه الشهري من الصراف الآلي في فرعين لبنك فلسطين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ويرجع هذا الموظف الحكومي في السلطة الفلسطينية السبب إلى الازدحام الشديد وعدم توفر السيولة النقدية الكافية.

وتوشك السلطة على صرف راتب شهر مارس/آذار الجاري لموظفيها في القطاع، في وقت يقول فيه أبو ناصر للجزيرة نت "لم أستطع سحب شيكل واحد من البنك في الشهرين الماضيين، وغيري له أكثر من ذلك، واضطررت في النهاية إلى سحب مبلغ من أحد تجار العملة مقابل 10% عمولة".

هذه نسبة كبيرة أليس كذلك؟ يبتسم الموظف الأربعيني ويقول "هذا التاجر صديق والدي، وهو يعتبر نفسه قد خدمني وأسدى لي معروفا، فغيره من التجار ومحال الصرافة يتقاضون أكثر من ذلك وتصل العمولة إلى 15%".

معركة الصراف

خلال الشهرين الماضيين، حاول أبو ناصر بكل السبل الوصول إلى الصراف الآلي، وفي كل مرة يفرغ من النقود قبل أن يأتيه الدور من شدة الازدحام، فمن يسبقونه إلى الصراف يغامرون بحجز أماكنهم منذ ساعات الفجر الأولى، وهو ما لم يفعله لمخاطر الخروج ليلاً في ظل التحليق المكثف للطيران الحربي للاحتلال.

وحتى من يخرجون ليلا فإن الحظ لا يحالف كثيرا منهم، ويقول "الحاجة إلى الصراف في ظل هذه الأوقات أشبه بخوض معركة من أجل البقاء، حيث تقع خلافات شديدة تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي، والأسوأ فئة من البلطجية وسماسرة الصراف أفرزتها الحرب".

ويشكو موظفون من هذه الفئة، وكذلك من تجار عملة وأصحاب محال صرافة يسحبون عمدا مبالغ كبيرة لإفراغ الصراف الآلي من المال، خاصة في فروع بنك فلسطين، الذي يستحوذ على العدد الأكبر من حسابات الموظفين في القطاعين العام والخاص وموظفي المنظمات الدولية في القطاع.

وبحسب أبي ناصر فإنه شاهد هؤلاء الذين يسحبون مبالغ كبيرة ويوظفون "بلطجية" للوقوف في الطابور بين الناس، ويتعمدون افتعال المشكلات من أجل "التخريب وإشاعة الفوضى، والاستحواذ على أكبر مبالغ ممكنة من الصراف من أجل خلق أزمة وابتزاز المواطن بلجوئه إليهم للحصول على راتبه في مقابل عمولة عالية".

أزمة السيولة تمس حياة أكثر من مليون و300 ألف من السكان والنازحين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة (الجزيرة) أين الكاش؟

إضافة إلى ما أشار إليه أبو ناصر من دور لمن وصفهم بـ"البلطجية وتجار العملة" في تعميق أزمة السيولة النقدية، فإن الاحتلال يتحمل المسؤولية بالتدمير الهائل لمقار بنوك وآلات الصرف الآلي، وامتناعه منذ ما قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن تزويد البنوك بالسيولة النقدية، وتحديدا من عملتي الشيكل والدولار الأكثر تداولا في القطاع.

والأحد الماضي، قالت سلطة النقد الفلسطينية إن عددا من فروع المصارف ومقارها تعرضت للتدمير، وتعذر فتح ما تبقى من فروع للقيام بعمليات السحب والإيداع في القطاع كافة بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.

ونجمت عن هذا الوضع، بحسب بيان سلطة النقد، أزمة غير مسبوقة في وفرة السيولة النقدية بين أيدي الغزيين وفي الأسواق، وتفاقمت الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة.

وتتابع سلطة النقد شكاوى السكان عن عمليات ابتزاز يقوم بها أشخاص وتجار وبعض أصحاب محلات الصرافة غير المرخصة باستخدام أجهزة الخصم المباشر في نقاط البيع، أو التحويلات المالية على التطبيقات البنكية، وقالت "هؤلاء يستغلون حاجة السكان إلى الكاش مع استمرار تعذر وصولهم إلى أفرع البنوك والصرافات الآلية، ويتقاضون نسبة تصل إلى 15% عن أي مبلغ يتم سحبه من حساب المواطن بواسطة البطاقات البلاستيكية أو الحوالة مقابل تسليمه الجزء المتبقي نقدا".

أدوات الاحتلال

ولم يشر بيان سلطة النقد إلى ما يتعرض له الغزيون في الآونة الأخيرة من إغراءات ليس معروفا على وجه الدقة إن كانت فردية أو منظمة، لكن هدفها سحب الكاش من أيدي المواطنين في مقابل فائدة تصل إلى 8% تودع في حساباتهم المصرفية.

ويروج هؤلاء لعروضهم المالية المغرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو بالوسائل التقليدية من شخص إلى شخص، ويستخدمون في سبيل تحقيق غاياتهم الترغيب بالفائدة الكبيرة، والترهيب من ضياع أموالهم جراء الحرب والنزوح.

وبرأي رئيس قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية الدكتور نائل موسى فإن من يقف وراء هذه الحملات لسحب السيولة النقدية من أيدي المواطنين هم "تجار الدم والحروب لإدراكهم القيمة التجارية العالية للكاش في زمن الحروب والطوارئ، وإذا كانت الحملات منظمة فقد يكون خلفها جهات أو شبكات ذات أهداف اقتصادية سياسية".

وساوى هذا الخبير الاقتصادي بين "المتخابر مع الاحتلال والمتاجر بدم شعبه في وقت الحرب"، وتساءل في حديثه للجزيرة نت "هل يوجد فرق بين من يساعد المحتل على قتل شعبه بالقصف وبين من يخنق شعبه ويحاربه في لقمة العيش؟".

وإلى جانب المسؤولية المباشرة للاحتلال، لا يستبعد الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور طارق الحاج أن تكون "أزمة الكاش" سببها "أيدٍ خفية، سواء من تجار الحروب، أو ربما من أدوات الاحتلال التي يستخدمها لمحاربة أهل غزة عبر تشديد الخناق المالي والحصار الاقتصادي".

وقال الحاج للجزيرة نت إنه بدا واضحا منذ بدايات الحرب أن إسرائيل تعمل على تدمير البنية التحتية لكافة مفاصل الحياة بما فيها الجهاز المصرفي، كما دمرت مقار العديد من البنوك وأجهزة الصراف الآلي، مثل بنك فلسطين الذي يستحوذ على 75% من العمل المصرفي الفلسطيني.

وبحسب جمعية البنوك الفلسطينية، ومقرها رام الله، يوجد على مستوى القطاع 56 فرعا و92 صرافا آليا تتبع لمختلف المصارف العاملة في الأراضي الفلسطينية، ولا تتوفر حتى اللحظة إحصائية دقيقة عن مستوى الدمار الذي حلّ بها بسبب الحرب.

وفي حالة مدينة رفح التي تؤوي حاليا زهاء مليون و300 ألف فلسطيني يمثلون أكثر من نصف تعداد السكان في القطاع، فإن بنك فلسطين وغيره من البنوك تواجه تحديات كبيرة في توفير السيولة النقدية التي تسد حاجة هذا العدد الهائل من السكان، وفقا للحاج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات السیولة النقدیة الصراف الآلی سلطة النقد فی القطاع

إقرأ أيضاً:

أزمة إنسانية تتعقد.. توقف خدمات المياه والصرف الصحي في خان يونس

أعلنت بلدية خان يونس، جنوبي قطاع غزة، السبت، توقف خدماتها الأساسية في قطاعات المياه والصرف الصحي، وذلك إثر انقطاع إمدادات الوقوف اللازم لتشغيل المرافق منذ نحو أسبوع.

وأوضحت البلدية في بيان، أن توقف إمدادات الوقود جاء في ظل "العراقيل التي يضعها الجانب الإسرائيلي على إدخال الوقود، أمام الجهات والمؤسسات الأممية".

ولفتت البلدية إلى أن توقف ضخ المياه وتشغيل الآبار، "يعني قطع الخدمة عن مليون و200 ألف نازح في خان يونس"، محذرة من "غرق أحياء بأكملها وخيام النازحين في مواصي خان يونس، وزيادة في انتشار الأمراض والأوبئة".

بلينكن يبحث مع نظيره الإسرائيلي مساعدات غزة والحل في لبنان بحث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، مع نظيره الإسرائيلي، جدعون ساعر، في اتصال هاتفي المساعدات الإنسانية إلى غزة والحل الديلوماسي في لبنان.

والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، قبل نهاية مهلة حددتها الإدارة الاميركية لزيادة المساعدات للفلسطينيين، والتي لا تزال منظمات غير حكومية تعتبرها غير كافية.

واعتبرت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أن إسرائيل لم تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها دعت إلى بذل مزيد من الجهد على هذا الصعيد.

وأدت الحرب بين إسرائيل و حماس التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 عقب هجوم غير مسبوق للحركة على إسرائيل، أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.

وأدت الحرب إلى دمار واسع في القطاع الفلسطيني المحاصر، وأزمة إنسانية كارثية تطال الغالبية العظمى من سكانه، الذين بلغ عددهم 2,4 مليون نسمة قبل الحرب.

وقالت وزارة الصحة في غزة، السبت، إن نحو 43799 فلسطينيا قتلوا، وأصيب 103601، منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر.

مقالات مشابهة

  • السودان يختنق بجرائم ميليشيا الدعم السريع.. والملايين يكتوون بنار الحرب
  • أزمة إنسانية تتعقد.. توقف خدمات المياه والصرف الصحي في خان يونس
  • تقرير: الحرب تزيد المخاوف من اندلاع أزمة طائفية في لبنان
  • قرار يفجّر أزمة بين الجيش الإسرائيلي وآلاف المتدينيين
  • دور مصر في التعامل مع أزمة السودان.. سخرت كل إمكانياتها لوقف الحرب
  • إجراء القرعة العلنية للوحدات السكنية بنظام الكاش بمدينة طور سيناء
  • النويري: السفارة الأمريكية تسعى لتقويض نجاح استقرار السياسة النقدية
  • الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة أزمة البطالة؟
  • "أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة: نقص حاد في المساعدات وتفاقم معاناة السكان"
  • قرار البنك المركزي بسحب 1.37 تريليون جنيه من السيولة.. كيف سيؤثر على التضخم؟