المؤسسات الوقفية العامة.. تحديات مرحلة التأسيس
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
في فبراير عام 2022م، وفي إطار التحضير لبرنامج (الوقف حياة) الذي بثته القناة العامة بتلفزيون سلطنة عمان في رمضان 1443هـ، والذي هدف للتعريف بالوقف وإسهاماته في الحياة الثقافية والاجتماعية والدينية، من خلال استعراض نماذج وقفية في سلطنة عمان، مع ذكر أمثلة تاريخية من العالم الإسلامي، وتجارب عالمية معاصرة، أجريتُ عددا من الاتصالات مع بعض المؤسسات الوقفية العامة التي أنشئت إلى ذلك الحين، لأعرض عليهم المشاركة في البرنامج وعرض تجربتهم، إلا أنني لم أوفق في كثير من الاتصالات، وتبين لي من خلال حديث بعض أعضاء مجالس إدارات تلك المؤسسات جانبا من التحديات التي تواجهها المؤسسات الوقفية العامة المعلنة حديثا في سلطنة عمان.
مع صدور القرار الوزاري رقم 633/ 2015، أُضيف إلى اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف فصل ثامن بعنوان المؤسسات الوقفية (المواد 28-54)، والذي يُعَدُّ بحق نقطة مفصلية وانطلاقة لمرحلة مهمة من مسيرة الأوقاف في سلطنة عمان، إذ أسس هذا الفصل للإدارة الوقفية الحديثة المتمثلة في إنشاء المؤسسات الوقفية، فأُنشئت على إثر صدوره عدد من المؤسسات الوقفية العامة والخاصة في مختلف محافظات البلاد، والتي يؤمل منها أن تقود عملية تطوير العمل الوقفي خلال السنوات القادمة، ولتكون عنصرا فاعلا في التنمية المستدامة، وتحقيق بعض مستهدفات «رؤية عُمان 2040».
منذ أن أُشهرت أول مؤسسة وقفية عامة في سلطنة عمان عام 2018م، حتى عام 2023م أنشئت أكثر من عشر مؤسسات وقفية عامة، تتفاوت أعمارها اليوم بين سنتين إلى أربع سنوات فقط، وهو ما يعني أن معظمها لا تزال في مرحلة التأسيس ووضع القواعد الأساسية للانطلاق نحو تحقيق الأهداف المرجوة منها، فمن المعلوم أن المؤسسات الوقفية تختلف عن المؤسسات الخيرية الأخرى في أنها لا تُنفق على كلفتها التشغيلية، وتغطية النفقات التي وقفت من أجلها من الدعم المباشر الذي يصلها من الواقفين، فما يصل إليها من مال إنما هو وقف، أي سيكون من ضمن أصول المؤسسة التي لا تدخل ضمن الإنفاق، وإنما يجري العمل من قبل إدارة المؤسسة على تثميرها، وتعظيم العائد منها، ثم بعد ذلك يتم الإنفاق من الأرباح العائدة من تثمير تلك الأصول، ولذلك فهي تحتاج إلى فترة تأسيس طويلة نسبيا حتى يتحقق العائد المرجو من الأصول الموقوفة.
كشف الحديث مع بعض أعضاء مجالس إدارات تلك المؤسسات الوقفية العامة جانبا من التحديات التي كانت تواجه تلك المؤسسات، ولا تزال تواجهها -بحسب اطلاعي- إلى اليوم، والتي تحتاج إلى دعم مجتمعي أولا، ورسمي ثانيا لمواجهتها في مرحلة التأسيس، حتى تقف على قدميها، وتجتاز المرحلة الأصعب نحو الانطلاقة الفاعلة، إذ تعاني تلك المؤسسات من ضعف الدعم المجتمعي لها، وبالتالي ضعف الأصول الوقفية التي استطاعت أن تجمعها، لا سيما أنها أنشئت في مرحلة مرت بها البلاد بظروف اقتصادية صعبة، تلتها مرحلة جائحة كورونا التي أثقلت كاهل الدولة والمجتمع على حد سواء، كما تواجه تلك المؤسسات إشكالات أخرى تتمثل في صعوبة توفر الكادر الذي يتمتع بمهارات القيادة في القطاع الوقفي، كما أن إدارة المؤسسة تحتاج إلى تفرغ، وتفرغ الكادر المتخصص الماهر يحتاج إلى كلفة مادية عالية نسبيا مقارنة مع مقدرة المؤسسة الناشئة التي إن امتلكت رأس مال ضعيف، فهي لا تمتلك العائد المجزي القادر على تحمل كلفة تشغيل تلك القيادات المدربة، إضافة إلى ذلك تواجه بعض المؤسسات العامة تحديات التعامل مع الإرث الوقفي المتمثل في الحصر وإثبات الملكية وإعادة إدخاله إلى سوق الاستثمار، إلى جانب تحديات أخرى يطول الحديث في بيانها.
شكلت تلك التحديات، عائقا كبيرا أمام انطلاقة تلك المؤسسات الانطلاقة الحقيقية المرجوة، وحالت دون ظهورها بفاعلية في الولايات التي تأسست فيها، الأمر الذي يستدعي وقفة اجتماعية جادّة، ورسمية مساندة تتمثل في الدعم المالي من قبل المجتمع والجهات الرسمية معا، كما يتطلب الأمر من الجهات الرسمية إعداد البرامج التدريبية المتخصصة لبناء الكفاءات القيادية وتأهيلها في مجال فقه الأوقاف، والإدارة، والاستثمار، وإدارة المخاطر، والتسويق، والمحاسبة في القطاع غير الربحي، وغير ذلك مما تحتاجه الإدارة المؤسسية المحترفة التي يؤمل منها القيادة الواعية القادرة على استقطاب الأموال وإدارتها وفق مقتضيات الشرع، وضوابط المؤسسة.
* قائمة المؤسسات الوقفية العامة والخاصة بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية:
https://waqf.mara.gov.om/ar/services/establishment#
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی سلطنة عمان تلک المؤسسات
إقرأ أيضاً:
«استشاري الشارقة» يناقش تطوير المشاريع الوقفية
الشارقة: «الخليج»
ترأس الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، اجتماعاً موسعاً للجنة المتابعة في مقر المجلس، بهدف مناقشة عدد من القضايا المهمة المرتبطة بتطوير المشاريع الوقفية في الإمارة، بحضور طالب المري، المدير العام لدائرة الأوقاف.
شهد الاجتماع بحثاً مستفيضاً في سبل تعزيز المشاريع الوقفية، بما يسهم في تحقيق الاستدامة المالية لهذه المشاريع ويعزز دور الأوقاف في خدمة المجتمع، وفق توجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي يولي اهتماماً خاصاً بدعم الأوقاف وتطويرها بما يخدم الأهداف المجتمعية والإنسانية. تناول الاجتماع الذي عقد في مقر المجلس، مناقشة مجموعة من المقترحات الرامية إلى وضع آليات عمل مشتركة بين المجلس الاستشاري ودائرة الأوقاف، لضمان تنفيذ المشاريع الوقفية المستقبلية بفاعلية وكفاءة عالية.
وتطرق إلى أهمية ابتكار حلول مستدامة تضمن تحقيق الاستفادة القصوى من الأوقاف، بتطوير الأصول الوقفية القائمة، أو استحداث مشاريع جديدة تتماشى مع احتياجات المجتمع ومتطلبات التنمية الشاملة في الإمارة.
حضر الاجتماع من المجلس الاستشاري عيسى الزرعوني، رئيس لجنة المتابعة والمهندسة جميلة الشامسي وعبيد المازمي وعبد العزيز بن خادم، نائب مدير إدارة الشؤون البرلمانية في الأمانة العامة للمجلس.
وأكد الدكتور النعيمي، أهمية تضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية لتطوير العمل الوقفي وتعزيز دوره في دعم المشاريع الخيرية والاجتماعية، بما يتماشى مع تطلعات إمارة الشارقة نحو الريادة في مختلف المجالات التنموية.
كما تناول ضرورة تفعيل الشراكات المجتمعية لضمان استدامة العوائد الوقفية، وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها الأوقاف، بإدارة رشيدة تعزز فاعلية هذه المشاريع.
واستعرض طالب المري أبرز المشاريع الوقفية القائمة وخطط الدائرة المستقبلية، مؤكداً أن تطوير الوقف ركيزة أساسية لدعم الجهود التنموية والخيرية في الشارقة مع أهمية التعاون المستمر بين المجلس الاستشاري ودائرة الأوقاف لضمان تحقيق أفضل النتائج. وشهد الاجتماع تبادل وجهات النظر في بعض التحديات التي تواجه المشاريع الوقفية، مع اقتراح حلول مبتكرة لتعزيز استدامتها وتعظيم أثرها في المجتمع.
واتفق الحاضرون على أهمية وضع خطة تنفيذية واضحة للمشاريع الوقفية المستقبلية، تتضمن آليات للمتابعة والتقييم لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
وفي ختام الاجتماع، أكد الدكتور النعيمي أن المجلس سيواصل إيلاء ملف الأوقاف الأهمية اللازمة، بجانب التنسيق مع الجهات المختصة لضمان تنفيذ المشاريع الوقفية وفق أعلى المعايير، تحقيقاً لرؤية إمارة الشارقة في أن تكون نموذجاً رائداً في الإدارة الوقفية، بما يخدم المجتمع ويعزز التكافل الاجتماعي بين أفراده.