لجريدة عمان:
2024-07-03@04:33:59 GMT

نحو حوكمة شركات المحافظات المقفلة

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

نشاهد من حين لآخر إعلانات للاكتتاب في تأسيس شركات مساهمة مقفلة في المحافظات، يتم الترويج لها على نطاق واسع بغية تشجيع الأفراد وأصحاب رؤوس الأموال من أهالي تلك المحافظات على الاستثمار فيها، وخلال فترة الترويج لها يتم الحديث عن مجموعة من الأهداف والمشروعات التي تعتزم الشركات الاستثمار فيها، وغالبا ما تكون القطاعات المستهدفة للاستثمار قطاعات عامة مثل النفط والغاز والمعادن والسياحة والخدمات اللوجستية وغيرها من القطاعات الأخرى، وهي نقطة مهمة سنتحدث عنها لاحقا.

الفكرة بشكل عام جيدة، غير أن معظم هذه الشركات لا يتم تأسيسها وفقا لمبادئ الحوكمة، ولا يقدم المؤسسون أي ضمانات لصغار المستثمرين تحفظ حقوقهم. ونحن نعلم أن الكثير من الشركات تتعرض لتحديات عديدة في السنوات الأولى من تأسيسها وقد لا تحقق أي أرباح في السنوات الثلاث الأولى من تأسيسها، وقد تتعرض لخسائر تؤثر على سيولة الشركة ورأسمالها وبالتالي يتم تحميل هذه الخسائر للجميع بما فيهم صغار المستثمرين، وفي نظرنا أن هذه الخسائر ينبغي أن يتحملها مؤسسو الشركة، فهم الذين نادوا بالفكرة ودعوا أهالي المحافظة للاستثمار فيها، وأكدوا أنها ستكون شركة ناجحة ولديها القدرة على تحقيق أهدافها.

والغريب أن هذه الشركات لا توجد لديها نشرة إصدار توضح سعر السهم وحجم رأس المال المطروح للاكتتاب لأهالي المحافظة ومقدار مساهمة المؤسسين في رأسمال الشركة والفترة المحددة للاكتتاب وكيف ستقوم الشركة باستثمار رأس المال وغيرها من القضايا الأخرى المهمة لأي مكتتب، ويتم الاكتفاء بتحديد سعر السهم وعلاوة الإصدار ضمن الاستمارات التي يوقعها المكتتب، وحتى النظام الأساسي للشركة هو مجرد نسخة قانونية تنطبق على كثير من الشركات وليس على شركة معينة، ولا يمكن اعتباره نظاما يكفل حماية حقوق المساهمين في هذه الشركات.

ومن القضايا المهمة التي يمكن مناقشتها في هذا الإطار أن القطاعات الاستثمارية التي تستهدفها هذه الشركات هي قطاعات عامة مثل النفط والغاز والسياحة والمعادن وغيرها من القطاعات الأخرى وهذا يشير إلى أن هذه الشركات بدون هوية ولا توجد لديها رؤية حقيقية لكيفية استثمار أموالها، وإنما تعوّل على الفرص المتاحة في هذه القطاعات دون أن تتخصص في قطاع معيّن وهو ما يقلل من فرص نجاحها وقدرتها على استثمار أموالها بالشكل الذي يحقق طموحات المكتتبين فيها، والغريب أن مقر الشركة الرئيسي -كما تشير إليه المواقع والمنصات الإلكترونية الخاصة بهذه الشركات- هو محافظة مسقط وليس المحافظة التي تنتمي إليها الشركة، وهو أمر لا ينسجم مع الهدف العام الذي تنطلق منه فكرة تأسيس شركة مقفلة خاصة بأهالي هذه المحافظة أو تلك.

إن تأسيس شركات في مختلف محافظات سلطنة عمان مهم جدا لتنشيط اقتصاد المحافظات، وتوفير مجالات رحبة لاستثمار مدخرات أصحاب الأموال في هذه المحافظات، غير أن التوسع في إنشاء هذا النوع من الشركات بنظام الاكتتاب العام لأهالي أي محافظة ينبغي أن يتم وفقا لأسس ومبادئ الحوكمة خاصة للشركات التي يزيد رأسمالها عن مليون ريال عماني، انطلاقا من أهمية المحافظة على هذه الأموال، والصيغة التي أراها مناسبة لمثل هذه الشركات هو أن يقوم المؤسسون بتأسيس الشركة في البداية من أموالهم الخاصة وبعد 3 أو 4 سنوات من تأسيسها ونجاحها يمكنها طرح جزء من الأسهم للاكتتاب العام لأهالي المحافظة أو رفع رأسمال الشركة وتخصيص أسهم زيادة رأس المال لأهالي تلك المحافظة أو الولاية، ويمكن في هذه الحالة أن تضاف علاوة إصدار مناسبة على القيمة الاسمية للسهم كما هو الحال في الشركات التي تتحول من مساهمة مقفلة إلى مساهمة عامة، ولا مانع من أن يقتصر الاستثمار فيها على أهالي محافظة أو ولاية معينة، ولكن لا بد من تطبيق مبادئ الحكومة منذ الخطوات الأولى لتأسيس الشركة للمحافظة على حقوق المساهمين فيها وتمكين الشركة من تحقيق أهدافها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه الشرکات فی هذه

إقرأ أيضاً:

مُبادرة البريمي.. مُلهمة للمحافظات الأخرى

 

د. عبدالله باحجاج

تشهدُ قضية الباحثين عن عمل الآن زخمًا وطنيًا مُتجدِّدًا، ويفتح الآفاق للحلول الوطنية- الدائمة والمُؤقتة- أكثر من أي وقت مضى، بعد تقرير اللجنة المؤقتة للباحثين عن عمل التابعة لمجلس الشورى، وقبل هذا التقرير مبادرة المجلس البلدي لمحافظة البريمي؛ فالإحصائيات الواردة في تقرير الشورى عن فرص العمل في القطاع الخاص، ومطالبة اللجنة بتطبيق منفعتي الباحثين عن عمل وربات البيوت، تفتحُ كل بوابات التفاؤل.

كما إننا نعتبر مبادرة المجلس البلدي لمحافظة البريمي النموذج المثالي لدور اللامركزية في المساهمة في حل قضية الباحثين من المنظور المحلي بكل محافظة؛ مما يُحتِّم علينا تعزيز هذه التوجهات الوطنية، وإنضاج أفكارها ومساراتها. كما إن التقرير والمبادرة يُعززان رهاناتنا على اللامركزية في الحل من منظور تصفير العدد التراكمي للباحثين عن عمل المُقدر بأكثر من 100 ألف باحث عن عمل.

وعملية التصفير بمثابة هدف أعلى مُستهدف خلال فترة زمنية قصيرة باعتماد آليات وزارة العمل كالتدريب والتأهيل والإحلال والتعمين، حتى لا تتأثر الإنتاجية بهذه النقلة في الكوادر البشرية. بالتالي لم تعد قضية الباحثين عملًا مركزيًا حصريًا، وإنما أصبحت من صلاحيات سُلط متعددة مركزية ولامركزية بعد تبنِّي نظام المحافظات عام 2022؛ حيث إن المادة (6) من النظام تمنح كل محافظة صلاحية البحث وصناعة فرص العمل، وهذا ما يُقدم عليه المجلس البلدي بمحافظة البريمي؛ حيث إنه لا ينتظر صناعة الفرص فحسب، وإنما يبحث عنها في القطاعات الاقتصادية والتجارية القائمة في مجتمعه المحلي لأبناء المحافظة. وقد رصدنا هذا خلال اجتماعه السادس الذي استضاف فيه عددًا من المختصين من إحدى الشركات لمناقشة آلية التوظيف فيها.

لم يحظ هذا النهج ونتائجه بالاهتمام الإعلامي والصحفي المُستحق في حجمه وزمنه، واكتفي بخبر مقتضب، رغم أن طبيعة مرحلتنا الوطنية تُحتِّم مناقشة وتحليل مثل هذه الخطوات العملياتية لكي تصل رسائلها الى المجتمع. وهذا لم يحدث ربما بسبب الاعتماد على الإعلام الحكومي المركزي المُنشغِل بكامل التراب الوطني، وهنا تدعو الحاجة الوطنية إلى إعلام لا مركزي يدعم توجهات ونتائج اللامركزية، إذ إن كسب المجتمعات المحلية غاية سياسية مُلحّة كذلك، وفيها التدرج للشمولية، والبنية التحتية للإعلام المحلي جاهزة، وقد كُنّا منذ بضعة سنوات ضمن فريق عمل ضم مديري عموم في الإعلام برئاسة سعادة ناصر السيباني نائب رئيس الهيئة العامة للإذاعة التلفزيون (سابقًا) قبل تقاعده، وقمنا بزيارة الكثير من محافظات البلاد؛ بما فيها محافظة البريمي لتجهيزها لمثل هذه المهام المحلية الوطنية، وذلك بصفتنا خبير إعلامي في مكتبه.

ولا شك أن نقل تجربة المجلس البلدي للبريمي ومتابعة نتائجها المتحققة أولًا بأول؛ سواءً كأخبار أو تحقيقات أو متابعات، سيُعزِّز الثقة المجتمعية في المسير، وترفع المعنويات، وتكون هذه التجربة عابرة للمحافظات الأخرى. وهنا لا ننفي مثيلاتها في بقية المحافظات، لكنها لم تظهر فوق السطح؛ فتصوراتنا لتجربة البريمي أنها تصُب فعلًا في تطبيقات نظام اللامركزية؛ إذ يلتقي الأعضاء المُنتَخَبون والمعيَّنُون للمجلس البلدي برئاسة سعادة المحافظ مع رؤساء ومختصي الشركات المحلية؛ لبحث توفر فرص عمل والاتفاق على آلية التوظيف وفق مسارات وسياسات الدولة. ولنتصور مشهد تعميم هذه التجربة في كل محافظات البلاد، من خلال قيام كل محافظة أولًا بحصر عدد الباحثين فيها، ومن ثم إجراء لقاءات مع الشركات المتواجدة في حيزها الإداري، والاتفاق على توظيفهم أو على الأقل عدد منهم.

هذه خطوة نراها أولية قبل تطبيق منفعتي الباحثين وربات البيوت، وذلك لمعرفة العدد المتبقي من الباحثين عن عمل الذين ستشملهم المنفعتان. والرهان ينبغي أن ينحصر أولًا على توفير فرص العمل للباحثين تفعيلًا للامركزية، مع التذكير بأنَّ يكون هناك نصيب مُخصَّص للمحافظات التي تقل فيها الأنشطة الاقتصادية والتجارية، وهذه العملية ستعطي زخمًا وطنيًا وشعبيًا كبيرين ومستدامين أكبر لو اقترن الحدث بمنفعة الباحثين. صحيحٌ أن هذه المنفعة ستصنع هذا الزخم، لكن مداها سيكون قصيرًا لدواعٍ كثيرة؛ أبرزها كون المنفعة لا تمثل حلًا مُستدامًا، وإنما وسيلة مؤقتة.

وآلية تنفيذ مقترحنا في التصفير أو على الأقل تخفيض العدد يكون من خلال نظام المحافظات، واستحداث منصب وزير دولة مُكلَّف بملف التصفير. وعادة منصب وزير دولة تلجأ إليه الدول من أجل تعيين تكنوقراطيين بهدف معالجة ملفات وطنية مُهمة مؤقتة أو دائمة، ويكونون تابعين لمجلس الوزراء، ومُنسِّقين مع الوزارات المعنية والجهات المختصة؛ وذلك لضمان التنفيذ، والتنسيق بين المحافظات للحرص على سيادة المفهوم الوطني لتطبيق هذا المقترح. وعندما ذكرنا في مقدمة المقال أن رهاناتنا على التصفير قد تعززت بعد تقرير اللجنة المؤقتة للباحثين عن عمل بمجلس الشورى، فإن ذلك تدعمه الإحصائيات والأرقام الرسمية الواردة فيه؛ فنسبة التعمين في القطاع الخاص منخفضة جدًا مقارنة بالقطاع الحكومي، فقد انخفضت في عام 2023 الى 21.5% مقارنة مع عام 2021 عندما بلغت 25.3%؛ وذلك يرجع الى ارتفاع اعداد العمالة الوافدة بمقدار 7%، رغم حالة التعمين المُخطَّطة. وكشف التقرير أن عملية التوظيف في القطاع الخاص غير متوازنة وتسير ببطء، مقارنة مع عدد الباحثين عن عمل وعملية التوظيف بالقطاع الحكومي؛ إذ يقوم القطاع الخاص بتوظيف أكثر من 6 وافدين مقابل كل عُماني، كما إن ارتفاع العمالة الوافدة بمعظم الأنشطة دليل على وجود فرص وظيفية يُمكن إحلال العمانيين فيها. وحسب التقرير فإن الوظاف الجديدة في عام 2022 كانت من نصيب الوافدين، ما عدا 4% منها فقط!

ومهما يكن؛ فهي نسبة منخفضة، وتفتح مجالات التوظيف عن طريق سياسات وآليات وزارة العمل؛ كالتدريب والإحلال والتعمين، وهنا نُقدِّمُ سيناريو اللامركزية الذي يُمكن أن ننطلق منه لتحقيق هدف التصفير كغاية عُليا، من خلال: إنشاء لجنة الباحثين عن عمل في كل مجلس بلدي، تتولى مهمة القيام بحصر عدد الباحثين والشركات في كل محافظة، وحصر بيانات العاملين في كل شركة حسب المجموعات المهنية والقطاعية، لمعرفة نسب التعمين فيها من عدمها، في ضوء ما توصل إليه التقرير عن وجود علاقة عكسية بين أعداد العمالة الوطنية والعمالة الوافدة؛ أي أنه كلما زاد عدد العمالة الوافدة انخفض عدد العمالة الوطنية أو ارتفعت بنسب ضئيلة جدًا، والعكس صحيح. على أن يسبق إنشاء اللجنة مباركة حكومية لهذا التوجه، ومن ثم يعقد كل محافظ لقاءات مع رؤساء الشركات لإقناعهم بهذا التوجه الوطني، وقد فتحنا حوارات مع بعض كبار المسؤولين في الشركات، واعتبروا اقتراحنا مُمكِنًا إذا ما كان مُقترنًا بمباركة حكومية من مجلس الوزراء.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • اليقظة الإستراتيجية وشركات التكنولوجيا.. لقاء السحاب
  • محافظ أسيوط يستعرض عددًا من الملفات الحيوية ومعدلات إنجاز المشروعات التنموية
  • محافظ أسيوط يستعرض الملفات الحيوية ومعدلات إنجاز المشروعات التنموية
  • أبرزها "امتلاك عدد كافٍ من السيارات".. النقل توضح ضوابط عمل شركات "التكسي"
  • ابناء هذه المحافظة هم الافضل والاروع من بين كل المحافظات اليمنية
  • مُبادرة البريمي.. مُلهمة للمحافظات الأخرى
  • البرلمان لا يرى فيها مخالفة.. الشركات الأجنبية تهيمن على مشاريع العراق والمحلية ميتة
  • البرلمان لا يرى فيها مخالفة.. الشركات الأجنبية تهيمن على مشاريع العراق والمحلية ميتة- عاجل
  • أشرف عطية: أسوان شهدت سلسلة من الإنجازات المتتالية فى مختلف القطاعات (صور)
  • البحيرة: تحرير 65 محضرا للمخابز لإنتاجها خبز مخالف للمواصفات