دكارـ "الرئيس ديوماي فاي يتمسك بالمصالحة الوطنية"، "الورشات الكبرى لديوماي"، "ديوماي يلتزم"، عينة من أبرز عناوين تغطية الصحافة السنغالية لخبر فوز المرشح المعارض باسيرو ديوماي فاي في الانتخابات الرئاسية.

صورة واسم الرئيس الشاب تصدرت الصفحات الأولى في الصحف السنغالية، كما تصدرت واجهات المواقع الصحفية، وتقاربت زوايا تناول خبر الفوز، ومضامين الخطاب الأول لباسيرو بعيد الانتخابات التي أعادت لفت أنظار العالم إلى السنغال كنموذج أفريقي راسخ للممارسة الديمقراطية في التناوب على السلطة.

وعود الرئيس

وركزت الصحف السنغالية الصادرة اليوم (الثلاثاء) في عناوينها الرئيسية على أول خطاب للرئيس الجديد بعد تأكيد فوزه في الانتخابات.

وعنونت صحيفة "لو سولايْ" صفحتها الرئيسية بعنوان جاء فيه "أول ظهور للرئيس المنتخب باسيرو ديوماي فاي: ألتزمُ بـ…"، وفي ثنايا تغطيتها ذكرت الصحيفة أن الرئيس الجديد أثنى على موقف الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال والذي كان قد هنأ باسيرو بالفوز واعتبر أن فوزه "انتصار للديمقراطية السنغالية"، وأشارت إلى "قلب الصفحة والانطلاق في العمل"، واقتبست وعد الرئيس الجديد بأنه سيمارس السلطة "بتواضع ونزاهة".

أما يومية "والفجر" فتصدر غلافها عنوان: "المصالحة الوطنية، مكافحة الفساد، خفض تكلفة المعيشة.. الورشات الكبرى لديوماي"، وفي تناولها لهزيمة مرشح الائتلاف الحاكم آمادو با في الانتخابات، اعتبرت الصحيفة أن "تعثر" الائتلاف الحاكم بدأ منذ عام 2014، فيما لمحت إلى خيبة الأداء الانتخابي لكل من عمدة داكار السابق خليفة سال، والوزير الأول الأسبق إدريس سك.

وكتبت يومية "لو كوتوديان" في عنوانها الرئيسي "أول ظهور للرئيس الخامس: ديوماي يقدم مشروعه"، واقتبست الصحيفة من الرئيس الجديد قوله إن "الشعب السنغالي اختار القطيعة"، كما أشارت إلى إشادته بحليفه المعارض السنغالي عثمان سونكو.

"ساعدوا باسيرو!"

وفي تعليق على تفاصيل الظهور الأول لرئيس السنغال الجديد، عنونت صحيفة "سورس آ" بعنوان جاء فيه "كل شيء مدون في كتاب.. لنساعد باسيرو!"، في إشارة إلى أن الخطاب الأول للرئيس الشاب كان مكتوبا ومعدّا سلفا ولم يتمرن على إلقائه بما يكفي.

وتحت عنوان "باسيرو ديوماي دياخار فاي.. معارض في السلطة!"، كتبت الصحفية في موقع "داكار أكتو" اندي ماتي ديانغ مقالا افتتحته بالقول "عيد ميلاد سعيد عزيزي الرئيس"، في إشارة إلى تصادف يوم إعلان نتائج الانتخابات مع ذكرى ميلاد ديوماي فاي.

وتمضي الكاتبة للقول "حتى في أبعد أحلامه، لم يدر قط ببال طفل ندياغانياو أنه سيقود يوما مصير السنغال!"، وتشير إلى نشأة فاي في عائلة متواضعة، وإلى كونه "نتاجا خالصا" للمدارس العمومية السنغالية، وتتطرق لدور رفيقه سونكو في صناعة مساره السياسي وتصديره للمنافسة في الرئاسيات.

وتنقل الكاتبة عن الرئيس الجديد قوله "لم أكن أنوي الانخراط في السياسة، فعندما يكون لك أب سياسي، فإنك للوهلة الأولى تكره السياسة لأنك ستلاحظ ضيق وقته.. صعوبة الالتزام والغياب المتكرر للأب".

الصحفي السنغالي تيرنو بشير: التغطية الصحفية لفرز الأصوات كانت متأنية في إعلان فائز بالجولة الأولى (الجزيرة) متابعة حذرة

ويرى الصحفي السنغالي تيرنو بشير أن الصحافة واجهت تحديا رئيسيا في تغطية الانتخابات الرئاسية، يتمثل في "حساسية الظرفية"، موضحا أن البلاد خارجة لتوها من أزمة حادة، وبالتالي أصبح لزاما على الصحافة أن تتفادى بحذر شديد إحداث أي "ثغرة" قد تفضي إلى اندلاع أزمة جديدة.

ويشير إلى أن الصحافة السنغالية كانت على وعي بهذا التحدي في تغطيتها للانتخابات، لاسيما في مرحلة فرز الأصوات وإعلان النتائج، ويضيف بشير "نحن في زمن يتصاعد فيه انتشار الأخبار المغلوطة خاصة على وسائط التواصل الاجتماعي".

ويؤكد أن التغطية الصحفية لفرز الأصوات كانت متأنية في إعلان فائز بالجولة الأولى، وكانت تكتفي بمواكبة النتائج الأولية لحظة بلحظة إلى أن تبين فوز ديوماي فاي، ويعتبر أن تغطية الصحافة السنغالية للانتخابات الرئاسية كانت "مناسبة"، مضيفا "جميع الوسائل كانت متاحة وكانت الأجواء هادئة ومستقرة".

أما الصحفي السنغالي محمد الأمين غي فيلفت الانتباه إلى أن ارتفاع نسبة المشاركة في هذه الانتخابات مقارنة بانتخابات 2019 نال حيزا في تغطية الصحف السنغالية، مشيرا إلى أن بعض الصحف اعتبرت أن هذا المؤشر يجعل الرئيس الجديد "أكثر شرعية في نظر السنغاليين" كما يؤكد "ارتفاع نسبة الوعي السياسي في صفوف الناخبين".

ويلاحظ محمد الأمين غي أن "الصحف اليومية لم تولِ اهتماما واسعا للنتائج الضئيلة التي حصل عليها المرشحون الخاسرون رغم تراجع البعض كإدريس سك وخليفة صال على مستوى قواعدهما السياسية".

الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي يلقي خطابه الأول بعد الفوز (وكالة الأناضول) الخطاب الأول

ويعكس اهتمام الصحف السنغالية بمضامين الخطاب الأول للرئيس المنتخب ورسائله السياسية للداخل والخارج، حالة الترقب التي تطبع المشهد العام في السنغال، في ظل الانتقال الجاري للسلطة أو ما سماه الرئيس الجديد "القطيعة"، وصعود أصغر رئيس سنغالي إلى سدة الحكم، وهو ترقب يشي بالأمل والحذر معا في بلد يموج محيطه الإقليمي منذ سنوات بتحولات كبرى على مستوى أنماط الحكم والتحالفات وتوجهات السياسة الخارجية.

ويبدو من خلال الصورة العامة لمواكبة الصحافة السنغالية للانتخابات الرئاسية الفارقة في تاريخ البلاد، أن وجود صحافة مستقلة ركيزة أساسية في التقاليد الديمقراطية التي صنعت من السنغال نموذجا لافتا للتناوب السلمي على السلطة في أفريقيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الرئیس الجدید باسیرو دیومای الخطاب الأول فی السنغال دیومای فای إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الأمريكي الجديد وإيران وأوروبا.. معضلة طهران الدبلوماسية.. وهل يمكن أن يؤدي الاتفاق مع ترامب إلى التغيير؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تقف إيران عند مفترق طرق فى سياستها الخارجية، مع اكتساب المناقشات زخمًا بين بعض المسئولين فى طهران حول إمكانية التعامل مع دونالد ترامب بعد إعادة انتخابه. وعلى الرغم من العلاقة المتوترة تاريخيًا، بما فى ذلك انسحاب ترامب من الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥، والعقوبات، وحتى اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثورى الإيراني.

يرى الكثيرون فى إيران أن إعادة انتخاب ترامب فرصة محتملة للتغيير الدائم فى العلاقة المتوترة بين إيران والولايات المتحدة. يتعمق هذا التقرير فى الآراء المنقسمة داخل القيادة الإيرانية والدوائر الخبيرة حول ما إذا كان التفاوض مع ترامب يمكن أن يؤدى إلى اتفاق عملى ودائم يخدم مصالح إيران.

تحويل التركيز

فى الأسبوع الذى أعقب فوز ترامب، بدأت الأصوات المؤثرة فى إيران تدعو إلى التجاوب. ونشرت صحيفة "الشرق" الإصلاحية افتتاحية حثت فيها الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان على تبنى "سياسة عملية ومتعددة الأبعاد" فى التعامل مع الولايات المتحدة. ويعتقد المسئولون الحكوميون المقربون من بزشكيان، أن استعداد ترامب للتوسط فى الصفقات قد يمنح إيران فرصة فريدة لتأمين اتفاقيات دائمة، وخاصة بسبب نفوذه الكبير على الحزب الجمهوري.
حث حميد أبو طالبي، المستشار السياسى السابق للحكومة الإيرانية، بزشكيان على تهنئة ترامب وتحديد نبرة جديدة للدبلوماسية العملية، واصفًا إياها بـ"الفرصة التاريخية" لإعادة تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. ويزعم هؤلاء المؤيدون للمشاركة أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يتماشى مع مصالح إيران، خاصة فى ضوء التحديات الاقتصادية المتزايدة التى تواجهها إيران فى ظل العقوبات.

المقاومة المحافظة

ومع ذلك، لا تزال القرارات الحاسمة فى إيران خاضعة لسلطة المرشد الأعلى آية الله على خامنئي، الذى حظر المفاوضات مع ترامب خلال ولايته الأولى. ويعارض العديد من المحافظين، بما فى ذلك المتشددون داخل فيلق الحرس الثوري، بشدة أى حوار مع الولايات المتحدة. ولا تزال هذه الفصائل تعانى من حملة "الضغوط القصوى" التى شنها ترامب واغتيال الجنرال قاسم سليماني، الشخصية الرئيسية فى استراتيجية إيران الإقليمية. ولا تزال الخطابات فى وسائل الإعلام المحافظة، مثل صحيفة "همشهري"، تصور ترامب بشكل سلبي، حتى أنها تشير إليه باعتباره "قاتلًا".
اعترف رضا صالحي، المحلل المحافظ، بالصعوبة السياسية المتمثلة فى التعامل مع ترامب، لكنه ألمح إلى وجهة النظر البراجماتية القائلة بأن مثل هذه المفاوضات قد تخدم مصالح إيران. وزعم أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يكون أقل ضررًا لإيران مقارنة بالموقف العدوانى الذى تبناه أسلافه. بالنسبة لصالحي، فإن إنهاء الحروب وتجنب الصراعات الجديدة يمكن أن يُنظر إليه على أنه مفيد لكلا الجانبين، وخاصة فى منطقة متقلبة.

دور آية الله خامنئى 

فى حين قد تميل حكومة الرئيس بزشكيان نحو الدبلوماسية، فإن موافقة آية الله خامنئى فى نهاية المطاف أمر بالغ الأهمية. إن دعم خامنئى الطويل الأمد لدور إيران فى الصراعات الإقليمية بالوكالة، وخاصة مع الجماعات المسلحة فى غزة ولبنان، يشكل عقبة كبيرة أمام أى ذوبان دبلوماسي. فى الوقت نفسه، فإن الضغوط الاقتصادية على إيران، والتى تفاقمت بسبب ارتفاع التضخم والسخط الواسع النطاق، قد تدفع حتى الفصائل المحافظة إلى إعادة النظر فى موقفها.
وفقًا للمحللين فى طهران، تواجه إيران معضلة: الاستمرار فى تحدى الضغوط الأمريكية من خلال تعزيز ميليشياتها بالوكالة أو التعامل مع ترامب للسعى إلى مستقبل اقتصادى أكثر استقرارًا. سلط محمد على أبطحي، نائب الرئيس السابق، الضوء على النقاش الداخلى المتزايد فى إيران، حيث يرى البعض أن إعادة انتخاب ترامب فرصة لمواصلة الدبلوماسية النشطة. ولكن آخرين، مثل رحمن قهرمانبور، يحذرون من أن الاتفاق الشامل يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة الدبلوماسية للحفاظ على الدعم المحلى فى حين يتم التفاوض مع قوة معادية تاريخيًا.
على الرغم من الأعمال العدائية السابقة، فإن نهج ترامب فى السياسة الخارجية يظل نقطة محتملة للتفاوض. إن رغبته المعلنة فى إنهاء الصراعات، مثل تلك التى فى غزة ولبنان وأوكرانيا، تتوافق مع بعض مصالح إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف ترامب "أمريكا أولًا" قد يقلل من اهتمامه بإشراك الولايات المتحدة بشكل أكبر فى شئون الشرق الأوسط، مما يوفر فرصة للمنفعة المتبادلة.
ومع ذلك، يلاحظ المحللون أن أى اتفاق من المرجح أن يتوقف على استعداد إيران للحد من دعمها للجماعات التى تعمل ضد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة المدللة. وبالنسبة لإيران، يمثل هذا المنهج موازنة دقيقة للغاية، ذلك أن أى تنازل من هذا القبيل من شأنه أن يخاطر بتنفير الفصائل الرئيسية فى الداخل فى حين تسعى طهران إلى الإغاثة الاقتصادية والاعتراف الدولى الذى قد يجلبه مثل هذا الاتفاق.

صفقة براجماتية

بالنسبة لإيران، يظل الطريق إلى الأمام محفوفًا بعدم اليقين. وفى حين أن احتمال التوصل إلى اتفاق مع ترامب يقدم بعض الأمل فى تخفيف نظام العقوبات القاسية، فإنه يفرض أيضًا مخاطر كبيرة على الصعيدين المحلى والجيوسياسي. ومن المرجح أن تحدد القرارات المقبلة، وخاصة فيما يتصل بتورط إيران فى الصراعات الإقليمية وموقفها من التطوير النووي، ما إذا كانت هذه المرحلة الجديدة فى العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران قادرة حقًا على تحقيق سلام دائم أم مجرد تحول سياسى مؤقت.

وتشير أصوات الخبراء فى إيران إلى انقسام فى الاستراتيجية: أحدهم يدعو إلى التحدى والقوة العسكرية، والآخر يدفع نحو الدبلوماسية لضمان مستقبل أكثر استقرارا. وبينما تكافح إيران مع تحدياتها الداخلية وضغوطها الخارجية، فإن الوقت وحده هو الذى سيخبرنا ما إذا كانت إعادة انتخاب ترامب تقدم حقا فرصة للتغيير أم أنها ستؤدى فقط إلى تعميق الجمود القائم.
 

مقالات مشابهة

  • حزب اليسار بقيادة الرئيس السريلانكي الجديد يحقق فوزاً ساحقاً في البرلمان
  • الشرعية والشعبية.. ملامح صدام بين الرئيس والوزير الأول في السنغال
  • الانقسام يضرب الأعلى الليبي.. ما التأثير على المشهد العام والدولي؟
  • لماذا وقف النار قبل انتخاب الرئيس؟
  • الرئيس الأمريكي الجديد وإيران وأوروبا.. معضلة طهران الدبلوماسية.. وهل يمكن أن يؤدي الاتفاق مع ترامب إلى التغيير؟
  • الزعيم الجديد للجمهوريين بمجلس الشيوخ: الشعب رفض سياسات بايدن
  • انتخاب جون ثون زعيما للأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي
  • وزير الخارجية: نرفض أن يكون انتخاب الرئيس اللبناني شرطا لوقف إطلاق النار
  • الرئيس الألماني يتحدّث عن موعد الانتخابات البرلمانية
  • قانون الإعلام الجديد وحرية الصحافة