تواصل إيران مساعيها لترسيخ وجودها في سوريا من خلال التغلغل في المنظومة التعليمية، مستغلة لتحقيق ذلك حاجة النظام السوري المادية من جانب، وعدم اعتراضه من جانب آخر على تدخلها في مراحل التعليم حتى ما قبل الجامعية منها، رغم أن هذا القطاع يعد من الأمور السيادية لدى كل الدول.

وفي إطار ذلك، جرى تشكيل فريق عمل مشترك بين النظام السوري وإيران، بهدف تطوير العلاقات الثنائية في المجال التربوي، وتعزيز تبادل الخبرات.



جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير التربية في حكومة النظام السوري محمد المارديني، مع السفير الإيراني حسين أكبري، في دمشق قبل أيام، بُحث فيه التعاون في مجال إعداد مذكرة لتنفيذ برنامج تنفيذي يخص العلاقات التربوية.



ولا يعد التدخل الإيراني في القطاع التعليمي السوري بالأمر الجديد، حيث سعت طهران منذ نهاية العام 2017، على حد تأكيد مدير مؤسسة الذاكرة السورية ومؤلف "كتاب البعث الشيعي في سوريا"، عبد الرحمن الحاج لـ"عربي21".

ويقول الحاج: "منذ ذلك الوقت ظهر اهتمام إيراني استثنائي بالمدارس والتعليم ما دون الجامعي في منطقة الجزيرة السورية وريف دمشق، على الطريق الاستراتيجي الواصل بين العراق وبيروت مرورا بدمشق أو حمص".

ويتابع الحاج أن "الحرس الثوري" الإيراني أسس وموّل عشرات المدارس، وقدم الإغراءات للأهالي بهدف إحداث تغيير مذهبي لتحقيق مصالح طويلة الأمد في سوريا حيث يتلقى آلاف الطلاب الصغار واليافعين تلقينا بالعقائد الشيعية يوميا.


وفي العام 2020، وقعت إيران مع النظام السوري على مذكرة بخصوص التعليم ما دون الجامعي، حيث تتيح هذه الاتفاقية أن تشرف إيران على تعديل المناهج الدراسية السورية وطباعتها في إيران، بالإضافة إلى نقل إيران تجاربها في مجالات التخطيط التربوي والمعدات التعليمية والكتب المدرسية والمحتوى التعليمي، إضافة الى بناء المدارس وإعادة تأهيلها، وإدخال اللغة الفارسية في التعليم، وإجراء دورات تدريبية للمعلمين.

وضغطت إيران على النظام للتوقيع على اتفاق حول التعليم العالي، كما يؤكد الحاج، مشيراً إلى المذكرة التنفيذية التي جرى توقيعها في عام 2022، حول تبادل المنح والمقاعد الدراسية للمرحلتين الجامعية الأولى والدراسات العليا "ماجستير ودكتوراه" وتنظيم زيارات مشتركة للطلاب الجامعيين للمشاركة في النشاطات العلمية والثقافية والرياضية والفنية.

ووفق المذكرة يتبادل الباحثين والأساتذة في مجال التعليم الطبي لإجراء البحوث العلمية والطبية لمؤسسات التعليم العالي بما فيها المستشفيات التعليمية وكذلك تبادل الكتب والدوريات العلمية المحكمة والمعلومات والخبرات والتدريب في مختلف التخصصات.

لكن بحسب الحاج، لم يحصل تقدم ملموس على ما يبدو في السنوات التالية، لذلك كان أحد بنود الاتفاقية التي وقعها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته لدمشق في العام 2023، مع رئيس النظام بشار الأسد "الخطة التنفيذية في مجال التعليم" قبل الجامعي.

وبذلك يضع الكاتب تشكيل "فريق العمل المشترك" مؤخراً، في إطار سعي طهران إلى تنفيذ الاتفاق الموقع عام 2020 والمؤيد باتفاق الرئيس رئيسي في 2023،  وقال: "بالتالي هذا يعد من المؤشرات على تباطؤ النظام في تنفيذ الاتفاقيات والتقدم فيه، ومن الواضح أن إيران تتابع ذلك لمواجهة تردد النظام".

ويستدل على ذلك، بإشارة أكثر من مسؤول إيراني إلى عدم التزام النظام بالاتفاقيات التي جرى توقيعها، وآخرهم نائب رئيس الغرفة المشتركة الإيرانية- السورية علي أصغر زبردست، الذي أكد قبل أيام أن النظام السوري لم يتخذ حتى الآن، أي خطوة لتنفيذ التزاماته ضمن الاتفاقيات التي توصل إليها مع طهران، خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلى سوريا، العام الماضي، والتي تنص على توسيع صادرات إيران إلى سوريا.

ما أهداف إيران؟
الكاتب والباحث المختص بالشأن الإيراني عمار جلو، يقول إن أساس المشروع الإيراني في سوريا والمنطقة عموماً هو الموضوع التعليمي، فهذا الجانب هو حامل المشروع بشقيه الديني المذهبي، والثقافي المتعلق باللغة الفارسية.

وأضاف لـ"عربي21"، أنه من دون الاختراق الثقافي في سوريا لا يمكن لإيران البقاء طويلاً، مشيرا إلى تجربة إيران في لبنان في هذا الجانب، وما يجري حاليا في اليمن، حيث تقوم إيران هناك بتعديل المناهج التربوية أيضا.

وقال جلو، إن طهران تحاول استقطاب طلبة سوريا للدراسة في جامعاتها ليكونوا سفراء لها، وكذلك تسعى لوضع بصمتها في المدارس والجامعات السورية، من خلال مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي توقعها تباعاً مع النظام السوري.


وخلال السنوات الماضية، وقعت إيران أكثر من اتفاقية تعاون مع الجامعات السورية الحكومية، ومنها دمشق وحلب وحمص.

وفي هذا الجانب، يؤكد المحلل السياسي فواز المفلح، أن إيران بدأت تولي الجانب الثقافي والتعليمي في سوريا أهمية كبيرة، بعد أن كانت تركز سابقاً على الشق العسكري.

وتابع في حديثه لـ"عربي21"، بأن إيران تسعى إلى خلق قاعدة شعبية موالية لها من خلال التدخل بالتعليم، وتعميم أفكارها المذهبية وحتى المتعلقة بالثورة الإيرانية، وكل ذلك في خدمة البقاء الطويل الأمد في سوريا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران سوريا إيران سوريا نظام الأسد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بروكسل تستضيف وزير الخارجية السوري.. وألمانيا تدعم سوريا بـ300 مليون يورو

عقب زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بروكسل لبحث آخر التطورات السياسية والاقتصادية، وقبيل انطلاق مؤتمر المانحين الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي، أعلنت ألمانيا عن تقديم مساعدات إضافية بقيمة 300 مليون يورو لدعم السوريين عبر الأمم المتحدة ومنظمات دولية مختارة.

اعلان

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم الإثنين، إن أكثر من نصف هذه المساعدات سيتم تخصيصها للأشخاص داخل سوريا، مؤكدة أن تنفيذ هذا الدعم سيتم دون التنسيق مع الحكومة الانتقالية في دمشق. وأضافت أن المساعدات تشمل توفير الغذاء والخدمات الصحية والمأوى الطارئ، إلى جانب إجراءات حماية للفئات الأكثر ضعفًا. كما ستتلقى مجتمعات اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان والعراق وتركيا جزءًا من هذه المساعدات.

وأكدت بيربوك مجددًا على أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل لضمان مستقبل سلمي في سوريا، داعية الحكومة الانتقالية في دمشق إلى فتح تحقيق في عمليات القتل الجماعي التي استهدفت مئات المدنيين في القرى العلوية، ومحاسبة المسؤولين عنها.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث مع وسائل الإعلام لدى وصولها لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في مبنى المجلس الأوروبي في بروكسل، الاثنين 17 مارس 2025.Virginia Mayo/Copyright 2025 The AP. All rights reserved.

وفي تطور لافت، يشارك وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في مؤتمر الاتحاد الأوروبي حول سوريا في بروكسل، ليكون بذلك أول ظهور رسمي للحكومة الانتقالية على الساحة الأوروبية منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ويجمع المؤتمر كبار المسؤولين الأوروبيين، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وكايا كالاس الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. وتركز المناقشات على الانتقال السياسي في سوريا، ودعم التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار بعد أكثر من 14 عامًا من الحرب الأهلية.٦

ووفقًا لمسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي، يسعى التكتل إلى الإعلان عن تمويل إضافي لمساعدة سوريا في "فتح صفحة جديدة من تاريخها"، ويجري النظر في دور محتمل لبنك الاستثمار الأوروبي (EIB) في تمويل جهود إعادة الإعمار، التي قد تصل تكلفتها إلى ما بين 230 و370 مليار يورو.

Relatedفانس: الهجرة غير الشرعية تهدد الغرب.. والسلام في أوكرانيا "على الطاولة""عدّت على خير".. الشرع يطمئن السوريين ويدعوهم للوحدة الوطنيةكاتس يحذر الشرع: "الجيش الإسرائيلي يراقبك من جبل الشيخ كل صباح"مخاوف أوروبية من تفاقم الأزمة الإنسانية وتصاعد العنف الطائفي

ومع استمرار معاناة السوريين من نقص حاد في الكهرباء والمياه واحتياجات إنسانية ملحّة، عبّر مسؤولون أوروبيون عن قلقهم من تأثير قرار الإدارة الأمريكية بتجميد المساعدات، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.

وفي خطوة لدعم الاستقرار الاقتصادي، قام الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي برفع عقوبات عن قطاعات حيوية تشمل الطاقة والنقل والقطاع المالي، بينما لم تتخذ الولايات المتحدة خطوات مماثلة حتى الآن.

وبرغم الدعم الأوروبي للحكومة الانتقالية، إلا أن تصاعد العنف الطائفي في مناطق الساحل السوري، معقل التأييد السابق للأسد، يثير مخاوف بشأن هشاشة الوضع الأمني.

وأفادت تقارير بأن جماعات مسلحة مرتبطة بالحكومة الجديدة نفذت إعدامات خارج إطار القانون راح ضحيتها أكثر من 800 شخص في ردّ على هجمات شنتها فلول قوات الأسد. وأكدت الأمم المتحدة مقتل 111 شخصًا في ما وصفته بـ"إعدامات طائفية" استهدفت مناطق ذات أغلبية علوية.

وأعلن أحمد الشراع، الرئيس الانتقالي لسوريا، عزمه تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لكشف ملابسات هذه الجرائم، في حين دعت بروكسل إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف ومحايد.

بارقة أمل لمستقبل جديد للشعب السوري ملؤه السلام والأمنهل يعود السوريون في المهجر إلى بلادهم؟

يتناول المؤتمر أيضًا مستقبل الشتات السوري في أوروبا وإمكانية عودتهم إلى وطنهم. ويدرس الاتحاد الأوروبي إطلاق برامج لزيارة استطلاعية تتيح للسوريين تقييم الوضع في بلادهم دون فقدان وضعهم القانوني في دول المهجر.

ووفقًا لمسح أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن 27% من اللاجئين السوريين خارج بلادهم أعربوا عن رغبتهم في العودة خلال العام المقبل، مقارنة بـ2% فقط قبل سقوط النظام السابق.

ومع استمرار المفاوضات في بروكسل، يراقب المجتمع الدولي عن كثب مدى قدرة الحكومة الانتقالية السورية على تحقيق الاستقرار ومعالجة التحديات السياسية والاقتصادية، وسط آمال بإعادة بناء البلاد بعد سنوات من الصراع والمعاناة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بين إعادة الإعمار وتحقيق العدالة... كيف يمكن للاتحاد الأوروبي دعم مستقبل سوريا؟ مجلس الأمن يدين "عمليات القتل" في سوريا ويطالب بحماية المدنيين التحقيق في مجازر الساحل: خطوة نحو العدالة أم مناورة لتجنب العقوبات؟ سورياألمانياالمفوضية الأوروبيةالاتحاد الأوروبيالمساعدات الإنسانية ـ إغاثةبلجيكااعلاناخترنا لكيعرض الآنNext هل اقتربت نهاية الحرب الروسية الأوكرانية؟ اتصال مرتقب بين ترامب وبوتين يوم الثلاثاء يعرض الآنNext التوتر يعود إلى الحدود.. الجيش اللبناني يرد على مصادر النيران في سوريا ويسلم دمشق جثامين 3 قتلى يعرض الآنNextعاجل. كوريا الجنوبية: تصادم بين مسيرة إسرائيلية الصنع ومروحية ولا إصابات يعرض الآنNext انتظار يائس للطعام أمام الجمعيات الخيرية في غزة.. الحصار الإسرائيلي يفاقم معاناة السكان يعرض الآنNext ردًا على ضربات ترامب.. الحوثيون يستهدفون حاملة الطائرات "هاري ترومان" للمرة الثانية خلال 24 ساعة اعلانالاكثر قراءة بعد معارك عنيفة.. أوكرانيا تؤكد انسحاب قواتها من سودجا الروسية مركبة سبيس إكس تصل محطة الفضاء الدولية وعلى متنها 4 رواد فضاء سيحلون محل الرائديْن العالقين منذ أشهر وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا تراجعت باريس عن موقفها بشأن المهاجرين الجزائريين مقدونيا الشمالية: حريق مروع في ملهى ليلي بكوتشاني يودي بحياة 59 شخصاً بعد خسارة بلدة سودجا.. لم تعد أوكرانيا تسيطر إلا على 10% من الأراضي الروسية اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلسوريادونالد ترامبفلاديمير بوتينالحوثيونبنيامين نتنياهولبنانقطاع غزةأبحاث طبيةحركة حماسغزةالصحةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • بهدف تقييم واقع مضخة المياه .. فريق من الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر العربي السوري يزور محطة العرشاني بريف إدلب الغربي.
  • مدير التعليم بالغربية يعقد لقاءً تحاوريًا حول مقترح نظام البكالوريا الجديد
  • عاجل | "التعليم" تمدد فترة التقديم على الوظائف التعليمية التعاقدية المكانية حتى 24 مارس
  • طائرات الاحتلال تستهدف مواقع لجيش النظام السوري السابق في حمص
  • محافظ الأقصر يبحث تعظيم الموارد من خلال حصر أصول الدولة
  • FA: كيف تستعد إيران للمواجهة مع ترامب.. وهل ستنقذ نفسها؟
  • العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران
  • وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في كلمة خلال مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين حول سوريا: الشعب السوري احتفل بالخلاص من نظام الأسد لكن المعاناة ما تزال مستمرة بسبب هذا النظام
  • وكيل التعليم بالجيزة يجري زيارة ميدانية لإدارةِ أطفيح التعليمية.. صور
  • بروكسل تستضيف وزير الخارجية السوري.. وألمانيا تدعم سوريا بـ300 مليون يورو