الأزهر للفتوى يقدم قصة كتاب «مقاصد الصوم» للعز بن عبدالسلام
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في إطار مشروعه التثقيفي «حكاية كتاب» قصة كتاب «مقاصد الصوم» لسلطان العلماء/ العز ابن عبد السَّلام (577هـ -1181م/ 660هـ - 1262م).
مُؤلف الكتابهو أبو محمد عزّ الدّين عبد العزيز بن عبد السَّلام بن أبي القاسم بن حسن السُّلَمي نسبًا، والدمشقي مولدًا ونشأةً، والمصري إقامةً ومرقدًا، والشافعي تدريسًا ومذهبًا، أحد علماء الإسلام الأعلام، المُلقَّب بالعز، وعز الدين، وسلطان العلماء.
ولد العز بن عبد السلام عام 577 هـ بمدينة دمشق حاضرة الشَّام، ونشأ في أسرة فقيرة، ولم يتهيأ له طلب العلم صغيرًا، ولكنه حين بدأه فاق الأقران، وصار عَلَم الزمان.
درس العلم على يد أكابر علماء عصره في دمشق، ثم سافر إلى بغداد وتتلمذ على كبار علمائها حتى نبغ في العديد من العلوم والفنون، كالعقيدة، والتفسير، وعلوم القرآن، والحديث، وعلومه، والفقه وأصوله، والسيرة النبوية، والنحو والبلاغة، والتصوف والسلوك.
تقلد مناصب القضاء والإفتاء والتدريس، وتولى الخطابة بالجامع الأموي، والتدريس فيه بزاوية الغزالي، كما تتلمذ على يديه جمع غفير من التلاميذ منهم شيخ الإسلام ابن دقيق العيد الذي لقّبه بسلطان العلماء.
شهد له العلماء برجاحة عقله، وعلو همته، وقوة حجته، وكثرة علمه، وجودة حفظه، وبراعة تصانيفه.
اشتهر رحمه الله بمواقفه العظيمة في إحقاق الحق، وإنكار المنكر، مع ما تمتع به من زهد وعفة، وتواضع لله تعالى.
وفي الجملة كانت حياة الإمام العز بن عبد السلام سلسلة متواصلة من الثبات على الدين، والأمر بالمعروف، والتعرض للمحن والابتلاءات حتى تُوفِّي رحمه الله بالقاهرة، عام 660 هـ عن عمر يقارب الثلاثة والثمانين عامًا، ودفن بسفح المقطّم.
تمتاز هذه الرسالة بإيجاز اللفظ والمبنى مع جلال نفعٍ ومعنى، إضافةً إلى حسن ترتيبها وتناسقها، وجمال عرضها ودقتها.
وفيها من براعة الاستهلال، وقوة الاستدلال، وسهولة العبارة، والوضوح والبيان ما يجعل القارئ يقف أمام كلماتها وقفة المتأمل.
وقد تألَّفت هذه الرسالة من عشرة فصول دون أن يزيد متنُها عن خمسين صفحة جمع فيهن المؤلف مقاصد الصوم، وبين وجوبه، وفضائله، وآدابه، وما يُجتنَب فيه، وتعرض كذلك لليلة القدر، والاعتكاف، وصوم التَّطوع، ثم ختمها بذكر الأيام المنهي عن الصوم فيها.
وعدَّد كثيرًا من فوائد الصوم، فقال: «للصوم فوائد: رفع الدرجاتِ، وتكفير الخطيئات، وتكثير الصدقات، وتوفير الطاعات، وشكر عالم الخفيات، والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات ... وللصوم فوائد كثيرة أخر، كصحة الأذهان، وسلامة الأبدان» ثم أعقب ذلك شرحًا وافيًا لكل مفردة مدلّلًا عليها بأدلة من الوحيين الشَّريفين، وفعل السَّلف الصالح.
كما فصَّل في آداب الصيام، ومما ذكره في ذلك: حفظ اللسان والجوارح عن المعاصي، وتعجيل الإفطار، والدعاء عنده، والفطر على الرطب أو التمر أو الماء، وتأخير السُّحور لِيُتَقَوّى به على الصوم.
ثم تكلَّم عن فضائل ليلة القدر، وسبب تسميتها بذلك، وتنزل الملائكة والروح فيها، وسلامهم على المجتهدين في العبادة، وأن من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وأنها خير من ألف شهر، وحثَّ على أن يلتمسها المُلتمسون، ويطلبها الطالبون، تأسيًا بسيدنا رسول وصحابته الكرام.
كما تحدَّث عن وقتها ومكانها في عشر رمضان الأواخر؛ مُرجحًا أنها ليلة الحادي والعشرين أو السَّابع والعشرين، ودلَّل على ذلك.
ثم ختم المؤلف حديثه عن فضل الصوم في سائر الأيام، رمضان وغير رمضان، كصيام ستة أيام من شوال، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الاثنين والخميس.. ونحو ذلك، وبين أن الصوم يقي صاحبه من عذاب النار، وأن النبي كان يُكثرُ منه دون أن يستكمل صيام شهر إلا رمضان؛ مُشيرًا إلى الأيام التي نهت الشريعة عن صيامها كيوم عيد الفطر، وعيد الأضحى، وأيام التشريق الثلاثة.
وفي الجملة: فإن للمؤلف في هذا الكتاب جهدًا مُشكورًا، وشرحًا ميسورًا، يبين للمسلم ما للصيام من فضائل وبركات، وما يُفعَل أثناءه من آداب وطاعات، وما ينبغي تركه من موبقات ومنهيات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر حكاية كتاب قصة كتاب مقاصد الصوم آداب الصيام
إقرأ أيضاً:
أمين عام هيئة كبار العلماء: أنصبة المواريث إلزامية ومن خالفها ضال
عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان “فريضة الميراث شبهات وردود”، بحضور كل من؛ د. عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، ود. محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وأدار اللقاء الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
في بداية الملتقى قال أ.د محمد نجيب، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إن الميراث من المسائل القليلة التي نظمها الحق سبحانه وتعالى تفصيلًا في القرآن الكريم، لكي يغلق الباب أمام الأهواء الشخصية نظرًا لأهمية هذه المسائل، لذلك نرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يوحى إليه عدل فرضًا واحدًا من فروض الميراث، لأن الله سبحانه وتعالى تولى بيانها بشكل قاطع، والمتخصصون في الميراث يعلمون هذا جيدًا، لأنهم يفهمون الفلسفة الحقيقية من القيود التي وضعها الحق سبحانه وتعالى في أنصبة المواريث.
واضاف أنه من فلسلفات الميراث أن المحجوب في الميراث يؤثر في غيره، كما أن العدد من الأخوة ينزلون الأم من الثلث إلى السدس، وهي فلسفة راعى فيها الشرع مصلحة الجميع، وكلها أحكام روعي فيها المصلحة، ولدقة هذه الأحكام تكفل الحق سبحانه وتعالى بتوزيعها دون تركها لأهواء البشر.
وبين أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن الإسلام هو الذي حفظ حق المرأة في الميراث " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا" لكن الأنصبة وضعها الشرع الحكيم لفلسفة معينة وليس بشكل عشوائي، وأن الدعوات التي تطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، لم يقف أصحابها على حقيقة وفلسفة الميراث.
وتابع: لو نظرنا إلى آيات الميراث التفصيلية نجد أنها نزلت بسبب امرأة "عندما توفى سعد بن الربيع في غزوة أحد، ولم تكن آيات الميراث نزلت بعد، فذهب أخوه وحمل تركته وانصرف، ولم يترك لزوجته وبناته شيئا، فذهبت زوجته للرسول صلى الله عليه وسلم تشكو له مما حدث، فقال النبي صلى الله: اصبري لعل الله ينزل في شأنك شيئا، ونزلت بعدها بوقت قصير آيات الميراث، وهو دليل على أن آيات الميراث على وضعها الحالي جاءت لإنصاف المرأة.
وذكر أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن أضخم فروض الميراث النصيب الأكثر فيها للنساء، فتحصل المرأة على الثلثين في أربعة مسائل (البنت، وبنت الأبن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب) ولا توجد مسأَلة واحدة للذكر يحصل فيها على هذا الفرض، كما أن النصف تحصل عليه المرأة في أربعة مسائل (البنت، بنت الأبن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب) ويحصل عليه الذكر في حالة واحدة وهي (الزوج)، ونجد أن نسبة 1% من مسائل الميراث تأخذ فيها المرأة نصف نصيب الرجل، وباقي المسائل قد تساوي الرجل أو تأخذ أضعافه، وأحيانا تحجب المرأة الرجل فلا يرث مع وجودها كما في مسأَلة (العصبة مع الغير) وهي البنت أو بنت الابن (الفرع الوارث) مع الأخت الشقيقة أو لأب، في هذه الحالة تحجب (الأخ الأب، ابن الأخ الشقيق، ابن الأخ لأب، العم الشقيق، العم لأب، ابن العم الشقيق، ابن العم لأب)، وما ظهر من دعوات بخلاف ذلك فهي إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، ووصف الميراث بأنه "حكم بشري" هو ضرب من العبث.
من جانبه قال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء: مسائل الميراث من المسائل القطعية التي لا تحتمل الخلاف، لأن القرآن الكريم حسمها تفصيلا بكل حالاتها، وادعاء بأن المرأة مظلومة في الميراث هي دعوة باطلة، لأن الذي قسم أنصبة المواريث هو الحق سبحانه وتعالى، وما فرضه الله هو عين العدل، لأن المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في الميراث، تظلم النساء وتضيع عليهن الكثير من الحقوق، كما في حالة الزوجة مع البنت (الفرع الوارث)، فالبنت تأخذ النصف والزوج يأخذ الربع، ثم تأخذ البنت الباقي تعصيبًا، وفي حالة الجدة لأم والجد لأم، فالجدة لأم تأخذ كل التركة، فتكون بذلك أخذت ثلاثة أضعاف الرجل، أما مساواة الرجال والنساء في المسائل التي تأخذ فيها المرأة أقل من الرجل، وهي حالات قليلة جدًا في الميراث، تعد انتقائية وهو أمر مخالف للمنهج العلمي، وجميع المسائل التي طرحها دعاة إنصاف المرأة في حقيقتها هي ظلم للمرأة، فالمرأة لم تُظلم في الميراث لأن الذي فرض الأنصبة في المواريث هو الحق سبحانه وتعالى، لهذا بدأت الأنصبة بقوله سبحانه وتعالى "نصيبًا مفروضًا" أي مقدرة وواجبة.
وبين وكيل الأزهر الأسبق، أن أنصبة المواريث إلزامية ومن خالفها كما جاءت في القرآن الكريم فهو ضال ومضل للناس "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم" لهذا جاء النص القرآني، بقوله "أن تضلوا" محذرا من الوقوع في مثل هذا الجرم، ولا يجوز لبشر كائن من كان أن يعدل على أحكام الميراث التي فرضت من قبل الحق سبحانه وتعالى، والقول بأن آيات المواريث تحتمل اختلاف الأفهام، هو تدليس واجتراء على كتاب الله.
في ختام الملتقى قال الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، آيات المواريث حسمت قضية الميراث بين المستحقين له، ومن يتكلم بخلاق ما جاء في القرآن الكريم، إنما يحاول أن يلبس على الناس دينهم، ومن ينظر إلى الإسلام في فقه المواريث، يجد أن الله سبحانه وتعالى قسمها بما يضمن المصلحة الحقيقية لمستحقي الميراث.