عربي21:
2024-06-29@14:33:30 GMT

القرار الأعرج.. لماذا الآن؟

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

(فلما انتصف شهر رمضان الكريم تذكر العالم المنافق أنه شهر مقدس لدى المسلمين، وأن معاناة الفلسطينيين قد زادت عن الحد وأحرجت الجميع من ملوك وأمراء القصور إلى عوام الناس في القرى والنجوع والمدن والضواحي التي تحتضن السفارات الإسرائيلية حيث يتحرك ممثلو الكيان بحرية أكثر بكثير من حركة المواطنين أصحاب البلد.

. في الخامس عشر من شهر رمضان 144 هجري قرر قادة العالم المتحكمين في مجلس الأمن السماح بتمرير قرار أعرج بوقف لإطلاق النار فيما تبقى من شهر رمضان على أمل أن يتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار.. شكر الله سعيك أيها العالم المختطف!).

بعد 171 يوما من حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمر صحا ضمير الدول العظمي، وتكرمت أمريكا وتعطفت وتنازلت وسمحت لنفسها بالتزام الصمت وعدم استخدام سلاح المنع المعروف بالفيتو ضد قرار أعرج بوقف الحرب وإطلاق الأسرى؛ دون مطالبة واضحة بوقف دائم ولا بانسحاب قوات الجيش الصهيوني، ولا إعادة المهجرين والمواطنين إلى بيوتهم ولا بحق التعويض وإعادة الإعمار، ولا شيء اللهم إلا إنقاذ إسرائيل من نتنياهو الذي تعتقد إدارة بايدن أنه يخرب كل خطط البيت الأبيض من أجل الهيمنة والسيطرة على العالم العربي بطريقة "هادئة" بينما يفضلها نتنياهو "ساخنة".

بعد قرابة ستة أشهر جاء قرار مجلس الأمن "الأعرج" ليكشف للعالم جملة من الحقائق عن تلك الحرب العالمية العربية المشتركة:

تزايد الغضب داخل الولايات المتحدة من أمرين؛ أولهما هو غضب نخبوي عن كيف تحولت أمريكا بقوتها وجبروتها إلى تابع للكيان يتحكم في قراراته وحتى في إرادته السياسية ويؤثر على مصير الحكم فيه، وثانيهما هو الغضب الجماهيري بسبب العنف المفرط ومشاهد القتل والقصف وجرائم الحرب التي تقوم بها قوات الاحتلال
1- لم تنتصر دولة الكيان ولم تحقق أيا من أهدافها التي أعلن عنها نتنياهو بنفسه ومعه وزير حربيته، وأعني تدمير قوة حماس وتحرير الأسرى.

2- لم تستطع دولة الكيان إقناع العالم بأسره بسردية حق الرد والدفاع عن نفسها؛ لأن العالم يعلم أنها دولة احتلال وهو سابق على عملية طوفان الأقصى بقرابة سبعة عقود.

3- تواجه دولة الاحتلال عزلة كبيرة عبرت عنها مجلة الإيكونوميست في عددها الأخير، حين وضعت صورة لعلم دولة الكيان مغروزا في صحراء قاحلة تنال من الرياح وعنونت "إسرائيل وحدها" (Israel Alone).

4- لم تعلن المقاومة هزيمتها ولم ترفع الراية البيضاء وتستسلم كما طالبها وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن علانية كشرط لوقف النار، ولكن تم استصدار قرار بوقف إطلاق النار دون تحقيق مطلب بلينكن.

5- لم تستطع دولة أمريكا العظمى الصمود في وجه الغضب الدولي العارم والمتمثل في الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن ومن بينها دولة الجزائر الشقيقة، وبالتالي وجدت نفسها هي الأخرى في عزلة متزايدة وبدأت تضيق عليها مساحة التحرك الدبلوماسي في أروقة الأمم المتحدة، رغم علمنا جميعا بأن شراكتها مع الكيان لم ولن تنفض.

6- تزايد الغضب داخل الولايات المتحدة من أمرين؛ أولهما هو غضب نخبوي عن كيف تحولت أمريكا بقوتها وجبروتها إلى تابع للكيان يتحكم في قراراته وحتى في إرادته السياسية ويؤثر على مصير الحكم فيه، وثانيهما هو الغضب الجماهيري بسبب العنف المفرط ومشاهد القتل والقصف وجرائم الحرب التي تقوم بها قوات الاحتلال على مرأى ومسمع من العالم.

7- هذه الحرب أكدت ما ذهبنا إليه قبل عشر سنوات، وهو أن الثورات المضادة والانقلابات التي حدثت بعد الربيع العربي هي من تدبير تحالف الشر العربي- الصهيوني، والذي ظن مدبروه أنه آن الأوان لإسكات الشعوب حتى لا تزعج الكيان والحكام الذين اعتقدوا خطأ أن دولة الكيان بصفتها وكيل أمريكا بمقدورها أن تحمي عروشهم، واكتشفوا أن دولة الكيان غير قادرة على حماية نفسها في مواجهة المقاومة وليس الجيوش النظامية.

8- كما أكدت الحرب التي لم تتوقف أن الحكومات العربية متواطئة حتى النخاع في الحرب على فلسطين كل فلسطين، فالضفة الغربية تتعرض لما يتعرض له شعب غزة، وقوات الاحتلال تتجول في مدن الضفة وشوارعها وأزقتها تحت سمع وبصر قوات محمود عباس، والناس يتخطفون من البيوت والمنازل والمستشفيات ولم نسمع لأبي مازن صوتا، ولم نقرأ لوزراء الخارجية العرب تنديدا أو استنكارا، فقضية فلسطين لم تكن على أجندتهم إلا كورقة للتفاوض مع أمريكا.

9- لم تستطع -أو لنقل لم ترغب- الدول العربية المسماة بالكبرى وقف الحرب أو إدخال المساعدات، بل كل ما تسعى إليه وتنتظره، وسيطول انتظارها، هو لحظة إعلان هزيمة المقاومة وانتصار نتنياهو، لذا فلا فضل لهم في وقف إطلاق النار.

10- أزعم أن قرار وقف الإطلاق النار "الأعرج" لم يسعد بعض حكام المنطقة لأنه يمثل انتصارا حقيقيا للمقاومة، رغم عيوبه وقصوره عن تلبية الحد الأدنى الإنساني لشعب يتعرض للقتل والتدمير والتهجير والتجويع.

القرار الذي اختبأ خلف قدسية شهر رمضان نسي من كتبوه أن النفس البشرية مقدسة طوال العام، وأن استدعاء العواطف لا يكون في المواسم الدينية بل يجب أن يكون ثابتا من ثوابت القتال والحروب
11- القرار الذي اختبأ خلف قدسية شهر رمضان نسي من كتبوه أن النفس البشرية مقدسة طوال العام، وأن استدعاء العواطف لا يكون في المواسم الدينية بل يجب أن يكون ثابتا من ثوابت القتال والحروب، وأنه -أي القرار- الذي صدر بعد مرواغات ومفاوضات وحق النقض لثلاث مرات لم يأت على ذكر القرارات السابقة المتعلقة بقضية فلسطين ولا الدولة الفلسطينية، وهي قرارات كا نقول بالعامية المصرية "تسد عين الشمس".

12- أمريكا التي سمحت بالقرار كادت ممثلتها في مجلس الأمن أن تبكي من فرط حزنها على صدور هذا القرار الأعرج، وخرج متحدث البيت الأبيض ليوضح أن عدم استخدام الفيتو لا يعني تغييرا في الموقف الأمريكي تجاه دولة الكيان، وعاجلتنا الخارجية الأمريكية بتوضيح مفاده أن القرار غير ملزم بالنسبة لإسرائيل.

في تقديري المتواضع أن القرار يمثل نقلة جديدة في الصراع الذي انتقل من غزة إلى المنطقة وسيؤثر عليها لسنوات كما قال جالانت، وزير الدفاع وعضو مجلس الحرب الصهيوني الحالي، وسينتقل هذا الصراع إلى آفاق أكبر وأوسع، وليس أدل على ذلك من أن إسبانيا ومالطا وسلوفينيا وأيرلندا قررت اتخاذ خطوات للاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي اعتبره نتنياهو مكافأة لحماس وليس للشعب الفلسطيني المناضل منذ سبعة عقود.

وفي رأيي أيضا أن زيادة مساحة الوعي التي ارتفعت حتما ستعقبها وربما بوتيرة أسرع مساحة الفعل على المستويين العربي والعالمي، خصوصا وقد تبين للجميع أن جيش الاحتلال ليس إلا "نمر من ورق"، وأن قدرته على الحسم في حروب طويلة مشكوك فيها نوعا ما، وأن دولة الكيان لم تكن لتصمد لولا الدعم الأمريكي الغربي والدعم العربي المتصهين، وجميعهم يرون في المقاومة والشعوب عدوا لهم، وهذا ما سيجعل السنوات المقبلة أكثر سخونة من الأشهر الفائتة.

سوف يحتاج الكيان لعقود لترميم ما تهتك من بنيانه الذي ينهار أمام أعين الجميع وسمعته التي وصلت إلى الحضيض، وخصوصا سمعته كدولة "عسكرية قوية" في محيط من الجيوش المنشغلة بالسياسة والتجارة، فهل يسعفه الزمن أم تعاجله الشعوب التواقة إلى التخلص من الاستعمار والاستبداد بضربة واحدة؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية مجلس الأمن المقاومة غزة وقف إطلاق النار إسرائيل غزة مجلس الأمن المقاومة وقف إطلاق النار مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الکیان شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

تضارب التصريحات.. و تجنيد «الحريديم»!!

تتزايد الأصوات فى الكيان الصهيونى التى تطالب بشن الحرب على حزب الله فى لبنان، مع العلم بأن لا أحد فى الكيان حتى الآن أشار إلى أو أوضح الجدوى من هذه الحرب، وأن معظم المحللين فى الكيان وليس الكل طبعاً يقولون إنه لا يوجد سيناريو معقول لدخول هذه الحرب أو أنها ستغير الوضع الحالي أو أنها ستعيد سكان المستوطنات فى الشمال إلى بيوتهم، وسيلحق بالكيان الصهيونى ضرر كبير، وأن الحرب التى يطالب بها البعض ستؤدى إلى دمار هائل فى لبنان، ولكنها ستؤدى أيضا إلى خسائر كبيرة فى الكيان، مع العلم أن جيش الكيان كان يعلم منذ البداية أنه لا يستطيع تحقيق انتصار كبير فى الحرب على غزة، وأنه كذلك لا يستطيع تحقيق انتصار فى لبنان.

فى استطلاع نشر لمركز أبحاث الأمن القومى فى الكيان الصهيونى أشار إلى أن 46% من شعب الكيان مع عملية عسكرية واسعة فى لبنان ولا يهم ثمن هذه الحرب حتى لو كانت إقليمية، وكذلك فى المقابل بنفس الاستطلاع نجد أن 91% من نفس الأشخاص يرون أن جيش الكيان لا يستطيع أن ينتصر فى هذه الحرب، فكيف أن حوالى 50% من مجتمع الكيان الصهيونى يريد شن الحرب على حزب الله فى لبنان، وأن 91% من نفس المجتمع يقولون إن جيش الكيان لا يستطيع أن ينتصر فى تناقض غريب لمجتمع الكيان نفسه فى هذا الاستطلاع، وهذا يعبر عن عدم ثقة مجتمع الكيان فى جيشه.

فى تصريحات لأشخاص بمناصب رفيعة فى الكيان و قلقين جدا على أمن الكيان نفسه، وبعد 300 يوما تقريبا من الحرب على غزة يأتى تصريح تساحى هنجبى، مستشار الأمن القومى للكيان الصهيونى، وهو يمينى وصديق مقرب من نتنياهو، بأن حماس فكرة ولا يمكن القضاء عليها، وأنه لا يمكن التقليل من قوات حماس العسكرية، ويجب إيجاد قوة جديدة فى غزة مكانها، ونجد هنا أن حجة قادة الكيان لكل ما يجرى هو القضاء على حركة حماس.

وفى محادثة للجنرال المتقاعد، إسحق بريك، مع مسئولين فى حزب الليكود، نشرتها صحيفة عبرية، قال لهم، إن شن حرب واسعة فى لبنان سيؤدى إلى خراب الهيكل الثالث، أى تدمير كل شئ فى الكيان وخرابه، وأن حرب الشمال مع حزب الله ممكنة، ولكن نتنياهو وكل من حوله يمكن أن بضحى بشعب الكيان من أجل تولى منصب رئيس الحكومة فى الكيان، وهذه التصريحات هى رأى يمين اليمين فى الكيان من أشخاص فى أرفع مستوى عسكرى وسياسى.

واستمرارا لتضارب التصريحات الذى يتم فى الكيان وفى نفس السياق، أقر كل قضاة المحكمة العليا فى الكيان بأنه يجب تجنيد فورى لليهود الحريديم وقطع الدعم النقدى والتمويل عن كل من يمتنعون عن تسليم أبناءهم للتجنيد الفورى، وكذلك محاولة نتنياهو تمرير قانون يسمى «قانون الهروب من التجنيد»، والمقصود به اليهود الحريديم، ويأتى ذلك مع تعليق المستشارة القضائية لحكومة الكيان بأن الجيش يحتاج إلى خمسة آلاف جندى إضافية، مع العلم أن دولة الكيان الصهيونى أكثر دولة فى العالم لديها عدد جنود فى الجيش بالنسبة لعدد السكان.

وعلى الجانب الأمريكى، فى تصريح لرئيس الأركان المشتركة الأمريكية، تشارلز براون، أن أمريكا قد لا تتمكن من مساعدة الكيان إذا اشترك فى حرب واسعة مع حزب الله، للحفاظ على القوات الأمريكية فى المنطقة، مع التأكيد على أنه فى حال اندلاع صراع بين الكيان وحزب الله فإن إيران ستدعم حزب الله بكل قوة، الأمر الذى يثير صراعا كبيرا فى المنطقة، ويأتى هذا التصريح متناقضا مع طمأنة مسئولين أمريكيين لحكومة الكيان خلال زيارة جالانت لواشنطن والتى ناقش فيها مستقبل الحرب على غزة وتأمين المناطق المجاورة للبنان، واستمرار الدعم الأمريكى بالأسلحة والتى تقلص إمدادها فى الفترة الأخيرة، مع التأكيد على استعداد إدارة بايدن دعم الكيان فى حال نشوب حرب شاملة مع حزب الله، ولكن دون نشر قوات على الأرض، مع الاعتقاد بأن أمريكا قادرة على التوصل إلى اتفاق لاستعادة الهدوء فى المنطقة وعلى حدود الكيان مع لبنان إذا نجحت فى التفاوض على وقف الحرب على غزة، وإلا ستخرج الأمور عن السيطرة فى المنطقة.

فى الوقت نفسه قد يواجه الكيان مقاومة من فرنسا التى قلصت بالفعل العلاقات معها على خلفية أحداث الحرب على غزة، مع تصريح مسئولين فى فرنسا بأنها على استعداد لدعم القوات النظامية اللبنانية لضمان أمن المناطق الجنوبية فى لبنان.

 

‏[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • التهديد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.. 56 صراعا دوليا والشرق الأوسط الأكثر سخونة
  • لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية: لبنان في لحظة مصيرية ووقف الحرب مصلحة إقليمية – دولية
  • أمريكا تُقر بفشلها في حماية سفن الكيان الصهيوني من هجمات القوات اليمنية
  • عبدالناصر قنديل يكتب: لماذا كانت الثورة واجبة؟
  • مجلس الأمن يطالب الحوثيين بوقف هجماتهم على السفن
  • رفض عربي ودولي لقرار مجلس الأمن بشأن الهجمات البحرية اليمنية
  • “سي إن إن”: لماذا ستكون الحرب بين حزب الله و”إسرائيل” أكثر خطورة من السابق؟
  • تضارب التصريحات.. و تجنيد «الحريديم»!!
  • تحالف لصد إسرائيل.. لماذا الآن؟
  • عن عرب ومسلمي أمريكا مرة أخرى..!