جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-01@23:44:50 GMT

انتصرت غزة بالنقاط

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

انتصرت غزة بالنقاط

 

عائشة السريحية

فلسطين على امتداد التاريخ والحضارات كانت بؤرة للصراع الاستعماري، ووجود الصهاينة منذ خمسة وسبعين عامًا، ماهو إلّا بقايا الاستعمار الغربي، وإنشاء وكالة استعمارية، لإدارة وتنفيذ الخطط الاستراتيجية للاستعمار الشامل، ومخططًا بعيد المدى للتحكم بالشرق الأوسط، سواء بتجنيد قوى سياسية أو اقتصادية مؤثرة على القرارات السيادية لحكومات الشرق الأوسط وتمرير أجندات استعمارية كمشاريع ذات أبعاد حضارية واقتصادية، وتفكيك وتدمير الجيوش والقوى العربية من خلال زعزعة الأمن فيها والفتك بمقدراتها، أو تقسيم أراضيها وإشعال الفتن الطائفية والعرقية والجهوية.

المُتابع لما يحدث طيلة القرن الماضي، من أحداث سياسية وعسكرية واقتصادية في العالم الغربي والشرقي، يجد أن جميعها تسعى للسيطرة التامة على مفاصل الدول بكل أركانها، واستخدام الضغط والابتزاز السياسي، والاقتصادي، والأمني سواء أخذ الأمر وقتًا أو لم يأخذ، وفي الانفتاح المعلوماتي اليوم لم يعد باستطاعة أحد أن يخفى عليه الأجندة الصهيوغربية فالأخبار متاحة والمعلومات متاحة والتحليل متاح، والاستقراء لكل ذي عقل لبيب متاح.

وبالرغم من أن مواقف جامعة الدول العربية لم تستطع تجاوز الاعتراض، و اتخاذ أمرا حاسما يوقف الكيان المحتل، إلّا أن صفاقة هذا العدو استغلت صورة الوطن العربي كتقديمه كطرف ضعيف، لا تخشاه أو تقيم له وزنا، واستخدمت سلاح دعم أمريكا المطلق وغير المشروط كعامل تهديد لجميع دول المنطقة، بالرغم من قلقها من حزب الله في لبنان وجماعة أنصار الله في اليمن، وكذلك التحركات في سوريا والعراق، ضد أمريكا وإسرائيل كونهما طرفا مشتركا ضد المقاومة.

استشهاد عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ، ليس فقط بالتفجيرات والقصف بل بالتجويع ومنع الغذاء والدواء، في قتل ممنهج تحت مرأى ومسمع الدول في العصر المتحضر أثبت مدى بشاعتهم وقبحهم أمام شعوب العالم.

ولكن هل فعلا انتصرت المقاومة؟

عودة لبداية ما استفتحت به هذا المقال عن نوع الصراع كونه غير عادل ولا اعتياديا، فإن النصر فيه لا يكون إلّا بالنقاط، وقد انتصرت فعلا المقاومة بالنقاط ومازالت رغم الألم والوجع والدم إلّا أن نقاطها تحقق انتصارا حقيقيا، وأهمها لغاية اليوم، هو أنها قد هدمت مخطط هدم المسجد الأقصى وتهويد القدس في صمت، في ظل انشغال الناس بأحداث أوكرانيا من جهة، والتطبيع مع الدول العربية من جهة أخرى، وبتكميم الأفواه في الداخل بالقتل أو الاعتقال، والعالم بالبروبغندا، ليتفاجئ العالم أن ما حدث قد حدث وأن عليهم بقبول الواقع الجديد، وإغلاق الملف الفلسطيني للأبد.

فجاء ماحدث في السابع من أكتوبر من رفض فعلي للاعتراض لما يخطط له العدو المحتل، لأن التقارير الأخبارية، والبكاء من الألم لم يكن ليسمع له أحد، وكان لابد من حركة تلفت أنظار العالم إليهم حتى وإن لم تعجب المتعاطفين مع إسرائيل، واستطاعت المقاومة أن تنعش بنقطة جديدة سجلتها في مرمى الاحتلال القضية الفلسطينية وإعادتها للسطح ولفت أنظار العالم إليها، ولكن ردة الفعل الانتقامية للصهيانة، إسرافًا في القتل والتدمير والبغي للانتقام لكبريائهم المزعوم كأعظم جيش وأقوى دولة، وحين تهشم كتهشم قلعة مبينة من الرمال بموجة صغيرة من البحر، جن جنون حكومتهم وتهافتت أدوات اللوبي الصهيوني في مراكز القوى في الدول الغربية، كالنائحات المستأجرات، لكن لم يعوا أن ما يفعلونه وإن لم يكن كله، كان هذه المرة على مرأى ومسمع شعوب العالم، الذي انتفض من أقصاه إلى أقصاه، فسارعوا للحرب الإعلامية وإغلاق الحسابات في الفيس بوك والانستغرام واليوتيوب، رغبة في إخفاء الحقيقة، إلا أن منصة إكس وبعض برامج التواصل الاجتماعي، كان بديلا فاعلا لنشر الحقيقة، وكذلك القنوات الإخبارية والصحف القوية التي سخرت كل إمكانتها لإيصال صوت الحقيقة، وكانت نقطة انتصار جديدة.

ولعل حادثة إحراق الطيار الأمريكي أرون بوشنيل نفسه اعتراضًا على المذابح والإبادة الجماعية وانتصارًا للقضية الفلسطينية العادلة، كانت بمثابة نقطة انتصار أيضًا للمقاومة فلم نر أبدا اعتراض بهذا الحجم المؤثر في أمريكا، وكذلك التلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل مجموعة من الدول الغربية منها إيرلندا التي ينحدر منها الرئيس الأمريكي جو بايدن ويتفاخر بذلك، وستتبعها دول جديدة خلال المرحلة المقبلة، وكان استخدام الفيتو الأمريكي ضد كل قرارات إيقاف المجازر الدموية في حق الفلسطينيين الأبرياء وإدخال الغذاء والدواء، قد عزل أمريكا عن العالم فباتت شريكة في الجريمة وظهرت بمظهر قبيح هدد قوتها ومكانتها العالمية، خصوصا أن دول الغرب وإن كانت مصلحتهم تصب في بقاء إسرائيل في خاصرة الدول العربية، إلّا أنها لم تعد تستطيع تبرير ما يحدث أمام شعوبها، والشعوب تعني رأي عام، والرأي العام يعني أصوات انتخابية ومعادلات سياسية تتفوق على المصالح الخارجية والأطماع الاستعمارية، بل هدد الفيتو الأمريكي بقاء المنظمات والمكونات الدولية وأظهر مدى هشاشتها وضعفها بل وانتهاء صلاحيتها إن ظل الوضع على ما هو عليه.

مما أفضى لنقطة انتصار جديدة للمقاومة وجرى تمرير قرار في مجلس الأمن بوقف إطلاق النار دون استخدام أمريكا للفيتو لمنعه، حتى وإن لم يكن تحت البند السابع، وكان ذلك رسالة لحكومة الاحتلال الصهيوني للتجاوب مع خطة أمريكا طويلة الأمد والتي يتضمنها عدم اجتياح رفح لمعرفة البيت الأبيض بالكارثة الإنسانية التي ستتفاقم في ظل عدم قدرتها على تبرير ما تفعل من دعم لا مشروط لتسهيل عمليات القتل والتدمير في غزة وبسلاح وتمويل أمريكي أمام شعبها.

وبمجمل النقاط المذكورة.. نعم انتصرت المقاومة عالميًا وتشظت الصورة لما يدعى إسرائيل في العالم وأصبحت منبوذة، محتلة ومجرمة في ذاكرة كل الشعوب الغربي منها قبل الشرقي، وحتى إجندات التطبيع لم تعد تلقى ترحيبًا من قبل الشعوب ولا الرأي العام في الدول العربية؛ بل زاد حنق وغليان الشارع ضد كل ما هو صهيوني.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«مصطفى بكري» مستنكرا صمتهم الرهيب: أين الدول العربية من موقف مصر ضد تهجير الفلسطينيين؟

أبدى الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، اندهاشه من مواقف الدول العربية تجاه الموقف المصري ضد تهجير الفلسطينيين.

واستنكر مصطفى بكري هذا الصمت الرهيب من قبل الدول العربية بعد تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.

وتسائل مصطفى بكري خلال تقديمه برنامج " حقائق وأسرار" على قناة صدى البلد مساء اليوم الجمعة، أين الجامعة العربية، من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من تحول صيغة الطلب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى صيغة الأمر.

وأكد مصطفى بكري، خلال تقديمه برنامج حقائق وأسرار، المذاع على قناة صدى البلد، أن رد مصر على تصريحات ترامب، كان خروج الشعب المصري اليوم إلى معبر رفح لتأييد الرئيس السيسي في موقفه.

واستنكر الكاتب الصحفي صمت الدول العربية وعدم تأييدهم لمصر، قائلا: «لماذا لم تتحرك الدول العربية لتأييد مصر في موقفها، هذه مسألة تهجير»، متابعا: «فين الجامعة العربية؟ فين باقي الدول العربية؟.

وقال مصطفى بكري، إن المخطط الصهيوني هو حدود الدولة اليهودية الموعودة من النيل إلى الفرات، وأن تل أبيب عاصمة المال والأعمال للدولة اليهودية، والقدس هي العاصمة الرئيسية، وأنهم يسعون إلى ذلك بخطوة التهجير القسري، ولكن طالما الرئيس السيسي حي وطالما مصر موجودة فلن تنجح مخططاتهم اللعينة.

اقرأ أيضاًأقوى رد من مصطفى بكري على صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية «فيديو»

أكاذيب رخيصة.. مصطفى بكري يشن هجوما حادا على الصحافة الإسرائيلية بسبب صورة الرئيس

النائب مصطفى بكري ينجح في الصلح بين عائلتين من بلدته

مقالات مشابهة

  • ترامبونوميكس .. القومية الاقتصادية في مواجهة العولمة يعطي قُبلة الحياة لـ أمريكا
  • ما سبب غياب الدول العربية عن تحالف لاهاي لدعم فلسطين ومحاسبة الاحتلال؟
  • «فتح» تشدد على ضرورة دعم الدول العربية للموقف المصري الرافض للتهجير
  • كارثة جوية جديدة في أمريكا.. طائرة تتحطم عند فيلادلفيا (فيديو)
  • من هنأ الشرع ومن امتنع.. هذه مواقف الدول العربية الجديدة تجاه سوريا
  • هذه الدول تواصل فعاليات دعم غزة وشعار لا للتهجير سيد المشهد في مصر (شاهد)
  • «مصطفى بكري» مستنكرا صمتهم الرهيب: أين الدول العربية من موقف مصر ضد تهجير الفلسطينيين؟
  • العالم يرفض الرضوخ لترامب.. الرئيس الأمريكي يفتح "أبواب جهنم" على نفسه
  • السفير حسام زكي: العراق تستضيف القمة العربية في أواخر أبريل
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟