نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته حنا علم قابلت فيه المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، جوش بول الذي استقال في 18 تشرين الأول/أكتوبر احتجاجا على  الدعم العسكري الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي في الحرب الجارية على قطاع غزة، والتي وصفها الأخير بأنها "تتناقض مع القيم التي نعتنقها".

وذهبت الصحيفة لمقابلته في كلية غرينيل في ولاية إيوا، وهي كلية معروفة في الدراسات الليبرالية وبمنطقة دونالد ترامب، حيث حضرت  حصة دراسة تبادل فيها الطلاب الأدوار حول كيفية التفاوض بين أطراف النزاع في الحرب الحالية وكيفية وقف العنف.

وجاءت الحصة عن الإحباطات من صناعة القرار السياسي المتعلق بالشرق الأوسط، لتعبر عن تجربة بول، 45 عاما، حيث لعب دورا في إرسال الأسلحة للدول الأجنبية بمن فيها أسلحة لدعم حرب الاحتلال على حركة حماس في غزة.

ولكنه قرر عندما وصلت أعداد الضحايا في الحرب إلى 2,000 فلسطينيا الاستقالة عبر منشور نشره على منصة لينكدإن، حدد فيه مظاهر قلقه من استخدام الأسلحة الأمريكية ضد المدنيين الفلسطينيين، ووصف المسارعة بنقل الأسلحة إلى طرف في النزاع وسياسات أخرى بأنها غير عادلة ومخالفة للقيم الأمريكية.

وذكرت الصحيفة أنه بهذه الكلمات خرق بول "تابو" في الحكومة الأمريكية وهو توجيه النقد العام لإسرائيل. وبعد أربعة أشهر على مغادرته الوزارة فإنه يدرس في الكلية بإيوا، حيث ظلت حياته القديمة تلاحقه وتشكلت حياته حول الهوية الجديدة باعتباره "معارضا" أو "محذرا من الداخل". كما وجد في المنفى المؤقت فرصة لمواجهة السؤال حول استقالته وإن كانت قد تركت أثرا على السياسة الأمريكية من النزاع.


فبين عشية وضحاها أصبح نقطة اهتمام للجماعات المؤيدة لإسرائيل وابتعدت عنه مراكز البحث المعروفة وجمد العاملون الكونغرس علاقاتهم معه. وفكر بول في البحث عن عمل في الخارج، ربما في شركات دفاعية في الشرق الأوسط أو أوروبا. وقال للصحيفة إن نقد إسرائيل هو "انتحار في المسار العملي" وهو بمثابة السكة الثالثة التي تكلف من يمشي فيها خسارة سياسة فادحة و "اعتقدت أنني سأحصل على نوع من دعم الأصدقاء والزملاء، ويوم أو يومين من التغطية الإعلامية، وبعدها سأسعى في البحث عن وظيفة جديدة".

وقد تغيرت حساباته عندما نشر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي استقالته التي انتشرت بشكل واسع، ثم تبع ذلك مقابلات مهمة مع سي أن أن وبي بي أس والتي شاهدها الملايين. ومن كلمة ألقاها في مطعم معروف بدعم القضايا العدالة الاجتماعية وحضرها عدد متنوع من الناقدين للسياسة وأصحاب الكوفيات في القاعة الرئيسية وغرفتين في الطابق العلوي. ثم بدأت الرسائل تتوالى على حسابه في لينكدإن، مئات ومن ثم الآلاف والتي جاءت من موظفين في الحكومة، محاربون سابقون، فلسطينيون، إسرائيليون وأشخاص لا علاقة لهم بالشرق الأوسط ولكنهم شعروا بواجب الكتابة إليه، حسب تقرير الصحيفة.

وسمح بول للصحيفة بالإطلاع عليها "بدون الاستشهاد الواسع بها، حفاظا على الخصوصية، وتحتوي على غضب من حماس وإسرائيل ونقد حاد لموقف الإدارة الأمريكية من الحرب وتعامل جو بايدن معها والثناء على قرار بول الشجاع في وقت لم يعد الحوار فيه مريحا والرهانات عالية، كما كتب أحدهم".

وذكر التقرير أن الرسائل كشفت لبول عن حوار يغلي في أمريكا حول حركة ناشئة تدعو لإعادة معيّرة السياسة الخارجية الأمريكية مع وصول عدد الشهداء إلى 32,000 بعد ستة أشهر من الحرب على غزة.
ولم تعلق وزارة الخارجية على بول كما لم تعلق على استقالته التي قالت إنها متعلقة بالأمور الخاصة والشخصية. وقال بول إنه تعلم من الردود الكبيرة أن مستقبله في أمريكا والعمل في مجال الضغط "لاعادة التوازن" في سياسة الشرق الأوسط. وكان من الصعب عمل هذا في واشنطن التي بات وجهه معروفا فيها، ووجد الفرصة في دعوة غرينيل لزيارتها، وهي أول دعوة من جامعة أمريكية حيث وصلت تأثيرات الحرب إلى حرمها. وعندما وجد أن الجامعة تقع خارج عاصمة أيو دي موين.

ولفت التقرير إلى أنه مع كل الدعم الذي حصل عليه بول من القواعد الشعبية، إلا أن استقالته من الحكومة لم تقد لاستقالات باستثناء طارق حبش، المسؤول في وزارة التعليم الذي استقال بنفس الطريقة. وقد استخدم مسؤولو الإدارة غياب التمرد الواسع للقول إن الحديث عن خلافات داخلية بشأن سياسة بايدن في غزة مبالغ فيها. ووصف معلق يميني بول بأنه شخص يعاني من "عقدة الشهادة".

وفكر بعضهم بالاستقالة لكنهم قرروا البقاء بناء على فكرة أن وجودهم في الداخل يؤثر على السياسة، وبرر آخرون عدم الاستقالة بأن خروجهم يعني استبدالهم بمتشددين، فيما قرر آخرون البقاء نظرا لواجباتهم العائلية وقلة التوفير المالي، حسب التقرير.

وذكرت الصحيفة أن بول فكر في كل هذه العوامل، فهو مطلق وبدون أولاد في البيت وليست لديه مشاكل مالية وهو أبيض مقارنة مع حبش، الفلسطيني الأمريكي المعين في الحكومة والذي عانى من هجمات لاذعة على الإنترنت. واعترف بول إنه لم يقصد أن يتبعه الآخرون في استقالته ولكنه شعر بالإحباط من أن ما يجري في غزة لم يجبر الآخرين على الاستقالة.


ومع استمرار الحرب لنصف عام زاد التذمر في وزارة الخارجية حيث كتب موظفون مذكرات داخلية عبر القنوات الخاصة، وعقد البيت الأبيض جلسات مع الموظفين للاستماع إلى مظاهر قلقهم. وقال حبش للصحيفة "لا مجال للعودة" و "لو كان هناك أمر، فأعتقد أن التصعيد ومستوى المعارضة والذعر في صفوف العاملين حقيقي وجدي". وظهرت قنوات خاصة بين الموظفين وجماعات لمشاركة قلقها من موقف الإدارة.

وأكدت الصحيفة أن هناك مجموعة مكونة من 200 موظف في الوكالات الفدرالية تتبادل المواقف والآراء. وقال متعهد في شركة دفاع كبرى "من الصعب أن أضع هذا القناع عندما أذهب للعمل". وقال "لا أحد يتحدث عما يجري في فلسطين، فقط العمل، وهذا يأكلني من الداخل". ووقع موظفون رسائل مفتوحة كتلك التي وقع عليها ألف من العاملين في وكالة المساعدة الأمريكية وتطالب بوقف إطلاق النار.

وفي الشهر الماضي، وقع أكثر من 800 من موظفي الخدمة المدنية في أمريكا وأوروبا، قائلين إنهم حاول التعبير عن القلق من الداخل ولكن تم تجاهلهم. وقال روبرت فورد السفير الأمريكي السابق في عدد من دول الشرق الأوسط إن الرسالة المفتوحة "هي تجربة استثنائية في مراقبة السياسة الخارجية في الـ 40 عاما الماضية". ودعا الموظفون في الكونغرس لوقف إطلاق النار الآن. وفي تشرين الثاني /نوفمبر قام 100 من المساعدين للنواب الذين وضعوا أقنعة على وجوهم بنشر الورود أمام الكونغرس للفت الانتباه للضحايا المدنيين في غزة، وفقا للتقرير.

وتم إنشاء "غو فايند مي" (تعال ومولني) لـ "دعم غزة والأسرى" وجمعت لجماعات الإغاثة أكثر من 8,000 دولار. ونقل موقع "رول كول" عن أحد المنظمين قوله إن المساعدين سيواصلون الاحتجاج حيث يتم تغيير السياسة و "لو عنى هذا وضع وظائفنا على المحك، فليكن".

ومع تحول البيروقراطيين لناشطين، لم تتحول سياسة بايدن من الحرب. فرغم التشدد البارز في نبرة أمريكا من إسرائيل وقرار وقف إطلاق النار الذي صوتت ضده الصين وروسيا والجزائر ونقل المواد الغذائية بالمظلات فوق غزة والرصيف العائم قبالتها إلا أن بايدن لم يفرض ثمنا على إسرائيل كوقف التسليح أو اشتراطه كما يطالب مشرعون ديمقراطيون، وفقا للتقرير.

ودعم جوش بول المسجل كناخب مستقل في ميريلاند الحركة في الحزب الديمقراطي "غير ملتزم" التي تحاول الضغط على بايدن تغيير سياسته قبل أن تكلفهم انتخابات تشرين الثاني /نوفمبر. وقال إن الفلسطينيين سيعانون الأسوأ في ظل دونالد ترامب الذي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقطع الدعم عن "أونروا".

وقال بول للحصيفة "نحن عالقون بين الصخرة والمكان الصلد في هذا الموضوع ولن يتغير هذا في السياسة الأمريكية إلا في انتخابات 2028 على الأرجح". فمكتب بول السابق "مكتب الشؤون السياسية- العسكرية" يواصل عمليات نقل الاسلحة، رغم تحفظ المسؤولين والمشرعين الأمريكيين على أساليب الحرب الإسرائيلية. وصادقت أمريكا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر على 100 صفقة منفصلة من الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك ذخيرة دقيقة وقنابل لاختراق الأنفاق.

ويعترف بول أن استقالته لم تترك  أثرا على الوضع في واشنطن، لكنه يركز على المدى الطويل، خلق قوة سياسية أمريكية جديدة من الأمريكيين الذين سئموا من دوامة العنف ويريدون ضبط العلاقة من جديد. و "بهذه الطريقة تتغير السياسة، ولم تتغير بسبب شخص واحد وتحدث عندما يكون لديك تجمع من الناس".

ولا يجعل عمل بول السابق منه وجها في تظاهرات مؤيدي فلسطين الذي يضعون شعارات لأيدي ملوثة بالدم أمام بيت وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، فهو في منتصف العمر ويتحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية نظرا لوالده البريطاني. وهو ليس داعية سلام بل ويؤمن بقوة السلاح وحق إسرائيل بالحصول عليه. وكانت رسالته للدكتوراة في جامعة جورج تاون حول  سياسة إسرائيل  في مكافحة الإرهاب.

ويختار بول كلامه جيدا، وبخاصة في نقد أمريكا، حتى لا يعطي أعداءها فرصة وكان حريصا للإشارة في رسالة الاستقالة للعدوان الروسي لأوكرانيا، وهو انتقائي في مقابلاته مع وسائل الإعلام العربية أو الإسرائيلية  لأن "المشاهدين حددوا مواقفهم". وأكد خلال حديثه للصحيفة أنه لا يريد الإضرار بموقف أمريكا ولكن تغييره.

وذكر التقرير أن أهمية احتجاج بول تتمثل في أنه جاء من الداخل وطبيعة مهنته وهي نقل الأسلحة حول العالم. ولهذا عبر بنجامين والاس- ويلز الكاتب في "نيويوركر" وزميل دراسته عن صدمته من استقالة بول الذي اعتبره "جندي مشاة مخلص للإمبراطورية الأمريكية".


وونقل عن زها حسن من وقفية "كارنيغي" للسلام العالمي، قولها إن صراحة بول تعطي رؤية نادرة عن القرارات الأمريكية المتعلقة بالدعم العسكري. ويتحدث بول في أحاديثه عن النقاشات بشأن المساعدات العسكرية والذي يحتاج لتدقيق في حقوق الإنسان، لكن إسرائيل الحليف الأكبر لأمريكا وأكبر متلق للدعم العسكري حتى نزاع أوكرانيا دائما ما تحصل على استثناءات.

ويتحدث بول عن الطريقة غير المتوازنة في تطبيق قانون ليهي الذي يشترط الدعم العسكري بحقوق الإنسان. وقال بول إن معظم الدول تتعرض للتدقيق قبل الحصول على التمويل، أما بالنسبة لإسرائيل "فالإجراءات معكوسة"، حيث تحصل على الدعم وبعد ذلك يبدأ التدقيق، وفقا للصحيفة.

وقال بول إن عملية ليهي لم تمنع ولا قطعة عسكرية لإسرائيل رغم التقارير الموثوقة عن انتهاكات حقوق الإنسان. وسألت صحيفة "إندبندنت" ليهي الذي أطلق القانون على اسمه إن كان الدعم العسكري متطابقا مع قانونه فرد"لا" مردفا، "هل هذا موجز بما فيه الكفاية لك".

واعتبر الناشطون المؤيدون لفلسطين، أن كشف بول عن عملية الدعم كانت مهمة، وبحسب حسن من "كارنيغي" فإن المعلومات كاشفة لأن الأمريكيين عادة لا يهتمون بالتفاصيل. وقالت إن ضخامة العملية الإسرائيلية في غزة وقدرة العالم على مشاهدتها في الوقت الحقيقي عبر منصات التواصل الإجتماعي أثارت قطاعات من الرأي العام الذي لم يهتم ولعقود بالنزاع "لم أر مثل هذا التعليم، والتعليم الذاتي حول الوضع وبين الشبان" و "لم ار ابدا  الناس غاضبين، ناس لا علاقة لهم بالنزاع، فهم ليسوا فلسطينيين ولا عربا أو يهودا بل هم أناس ويقولون لماذ؟ لماذا نحن جزء من هذا؟"، حسب التقرير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال الفلسطينيين امريكا فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجیة الأمریکی الدعم العسکری من الداخل وقال بول فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضابط سابق في استخبارات الاحتلال يوضح: نزع سلاح حماس وهم غير قابل للتحقيق

#سواليف

اعتبر #ضابط #الاستخبارات #الإسرائيلي السابق، #ميخائيل_ميلشتاين، أنه على الرغم من أن “إسرائيل” فرضت سيطرتها على أكثر من 40% من أراضي قطاع #غزة، فإنها لا تزال بعيدة عن بسط السيطرة الكاملة.

وأشار إلى تحديان رئيسيان أمامها: الأول، التوغل في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، حيث تستعد #حماس لمعارك عنيفة. والثاني، فرض السيطرة على السكان الفلسطينيين في القطاع، وهو ما يعني إقامة حكم عسكري وتقديم خدمات لنحو مليوني شخص يعيشون في منطقة مدمّرة بالكامل، وسط توقعات بتحول المواجهة إلى #حرب_عصابات على غرار ما جرى في العراق بعد الغزو الأمريكي.
وأضاف أنه “في هذا السياق، لا تدير قيادة الاحتلال حوارًا شفافًا مع الجمهور بشأن الأهداف الاستراتيجية للحرب، والتي لا يمكن أن تبقى سرية، خصوصًا إن كانت الغاية هي احتلال غزة كاملة، وهو سيناريو يحمل تكلفة باهظة على مختلف الأصعدة، وسيُغيّر حياة الإسرائيليين لسنوات طويلة. كما أن الحكومة لا تُطلع الجمهور على التحديات البنيوية التي تجعل من الاحتلال الكامل مهمة شبه مستحيلة، في ظل أزمة الاحتياط العسكري وانعدام التوافق الداخلي حول هذه الخطوة”.
وتابع ضابط الاستخبارات السابق قائلا “هكذا تجد #إسرائيل نفسها في وضع معقّد: لا تستطيع المضي قدمًا ولا التراجع. فلا تحرير للأسرى، وفي الوقت ذاته، تتزايد الشكوك بشأن القدرة على احتلال غزة بالكامل، ناهيك عن القدرة على السيطرة عليها لفترة طويلة. وبدلًا من الوعد بـ”تحقيق كل شيء”، تتجلى الآن حقيقة “عدم تحقيق أي شيء”، رغم الشعارات الرنانة التي تسود منذ السابع من أكتوبر، مثل: “حماس على وشك الانهيار”، و”المزيد من القوة سيُرغم الحركة على التنازل”، و”العرب لا يفهمون إلا عندما تُنتزع أراضيهم”. وفي النتيجة، تنخرط إسرائيل في #حرب_استنزاف مكلفة، كما حدث مؤخرًا، من دون مؤشرات واضحة على تغيير حماس لسياستها أو فقدانها السيطرة على الأرض”.
وبالنسبة الشرط الجديد الذي تطرحه حكومة الاحتلال، والمتمثل في نزع سلاح حماس، قال ميلشتاين “هو وهم آخر يُقدَّم كهدف قابل للتحقيق، في حين أنه يُعد مطلبًا غير واقعي يعكس سوء فهم عميق لطبيعة حماس. الحركة أعلنت مرارًا أن هذا الأمر “تابو” بالنسبة لها، وأكد قادتها أن الحرف “م” في اسمها يعني “مقاومة”، ونزع السلاح بمثابة “اقتلاع قلب الحركة”. وقال أحد قياداتها: “الصراع هو حياتنا، ولذلك لن نتخلى عن السلاح أبدًا”.
وأضاف “بشكل عام، يُستحسن الحذر من نعي حماس مبكرًا، كما يحدث في إسرائيل أحيانًا. فحتى مع ورود تقارير عن أزمة مالية داخل الحركة ووجود احتجاجات ضدها، إلا أن هذه الاحتجاجات لا تزال تفتقر للقيادة والأجندة الواضحة، وبالتالي لا تشكل تهديدًا جديًا للحركة. ورغم الضربات القوية التي تلقتها، لا تزال حماس كيانًا قويًا ومسيطرًا في القطاع. وما يضمن صمودها هو إيمانها العقائدي العميق، الذي يُمكّنها من الاستمرار رغم الخسائر. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل قائد كتيبة الشجاعية للمرة الخامسة (!)، وهو ما يعكس استعداد كوادر حماس للانضمام إلى القتال مع علمهم المسبق بأن الموت شبه مؤكد”.
وأوضح أنه “في ظل غياب استراتيجية واضحة لدى الحكومة، تتحول الحرب نفسها إلى “رؤية” يتم تسويقها باعتبارها الهدف، خصوصًا في غزة، وتتحول مع الوقت إلى نمط حياة دائم دون تحديد أهداف أو إطار زمني. في الخلفية، تستند الحكومة إلى نشوة دينية سياسية تعززها الحقبة الترامبية، التي تروّج لفكرة أن الفرصة سانحة لتحقيق كل الأحلام الكبرى دون الحاجة لمراعاة المجتمع الدولي أو العالم العربي”.
لكن، بالنسبة لضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق، “هذه الأرضية الاستراتيجية هشّة من الأساس، لأنها لا تستند إلى تخطيط ممنهج أو مبادئ راسخة، بل تتسم بتقلّبات مفاجئة. ترامب، مثلًا، لم يعد يُبدي نفس الحماس لـ”رؤية تفريغ غزة”، بينما تتمسك إسرائيل بها بعناد يضر بعلاقاتها الإقليمية، خصوصًا مع الدول العربية. كما فاجأت واشنطن إسرائيل بفتح قنوات تواصل مع إيران، الأمر الذي يثير القلق في القدس من احتمال توقيع اتفاق مستقبلي يصب في مصلحة طهران، التي تمتلك خبرات تفاوضية تفوق نظيرتها الأمريكية. وهناك أيضًا فضيحة الضرائب الأخيرة، التي يجب أن تكون جرس إنذار لكل من يخطط لخطوات كبرى كضم أجزاء من الضفة الغربية، استنادًا إلى فرضية “أمريكا معنا في كل الأحوال”.
وشدد على أنه “بعد مرور شهر على تجدد القتال في غزة، تجد دولة الاحتلال نفسها وقد عادت إلى نقطة البداية، وربما في وضع أسوأ مع فرص أقل. هناك خياران سيئان فقط على الطاولة: استمرار الحرب التي لا تحقق حسمًا ولا تؤدي إلى تحرير الأسرى، أو التوصل إلى صفقة تفضي لتحريرهم لكنها تتطلب إنهاء الحرب والانسحاب من غزة. ورغم الثمن الباهظ، إلا أن الصفقة قد تكون الخيار الأقل سوءًا، مقارنة بتكلفة الخيار الأول.

وأضاف: “على إسرائيل أن تعترف بأن وجود حماس يمثل تهديدًا وجوديًا قد يتطلب عملية عسكرية كبرى وربما احتلالًا للقطاع، وهو سيناريو يستوجب توفر ثلاثة شروط غير متوفرة حاليًا: استراتيجية عقلانية، توافق داخلي واسع، وقيادة خالية من عقدة 7 أكتوبر”.

مقالات ذات صلة الاثنين .. انخفاض قليل على الحرارة وأجواء ربيعية 2025/04/21

مقالات مشابهة

  • القبض على مسؤول صيني لاتهامه بتقاضي رشاوى وتورطه في شبهات الفساد
  • نتنياهو مهاجما رئيس الشاباك: لو أيقظني لكان من الممكن تجنب هجمات الـ 7 من أكتوبر
  • مليشيا الحوثي تسطو على منزل مسؤول حكومي سابق وتطرد عائلته من داخله
  • ضابط سابق في استخبارات الاحتلال يوضح: نزع سلاح حماس وهم غير قابل للتحقيق
  • قائد فيلق سابق في جيش الإحتلال: خسرنا الحرب مع حماس والدولة تنهار
  • تفاصيل الاتفاق الأمريكي الإيراني… ماذا وراء الكواليس؟
  • الراجحي: نورلاند أسوأ مسؤول في تاريخ الخارجية الأمريكية
  • مسؤول روسي: القيادة الأمريكية تدرك الأسباب الجذرية للصراع في أوكرانيا
  • مسؤول سابق بالخارجية المصرية: الأزمة الليبية لن تحل إلا بتوافق داخلي
  • حماس تؤكد فقدان عيدان ألكسندر وتعلن استشهاد مسؤول تأمينه.. وتصعيد خطير يُربك الاحتلال