لقد جاوز الظالمون المدى
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
علي بن حمد المسلمي
غزة هاشم تستغيث ولا مُغيث، الرجال والنساء والأطفال والشيوخ تصرخ وا عمراه وا معتصماه وا صلتاه، لكن لا مجيب. خنوع وخضوع واستسلام، الصهاينة يعيثون في الأرض فسادًا، أهلكوا الحرث والنسل ويتمادون في غيهم، لسان حالهم الانتقام من البشر والحجر دون رحمة لطفل، أو شيخ، أو امرأة، أو راهب في صومعته، أو إمام في مسجده، أو قسيس في كنيسته.
أمة العرب صامتة تدين وتستكين، وأخرى تعين الظالم على ظلمه؛ إلا ما رحم الله مثل الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وبعض الجماعات في العراق تبذل ما تستطيع بذله؛ من أجل التخفيف من وطأة الحرب ضد أهل غزة، وقليل من العلماء والدعاة وأهل الحكم.
المقاومة في غزة صابرة، تقاوم المحتل بكل ثبات وإقدام، ولكن تحتاج الى الدعم والمساندة أمام جيش عرمرم يقف وراءه مناصروه من الدول الكبرى الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وغيرهم من خلفهم.
وبعد إن انكشف الغطاء لهذا الاحتلال البغيض، وتعرت صوره، وكشف للعالم وجهه القبيح، وادعائه بأن جيشه أخلاقي، ومنهجه الديمقراطية التي يتشدق بها، وإنه نموذج في الشرق الأوسط يحتذى به؛ إلا أن ممارساته يندى لها الجبين عبر ما تنقله شاشات التلفزة الإخبارية من مشاهدات لأشلاء الشهداء، ودهسهم بالجرافات والدبابات، وسحقهم ومنع الغذاء والدواء وموت الأطفال في المستشفيات وخارجها؛ بسبب الجوع، وانتشالهم من تحت الأكوام، وتعرية الشباب والشيوخ وتجريدهم من الملابس، وتكويمهم في سيارات النقل، والاعتداء على النساء وإطلاق النار على الأبرياء والقاء القنابل عليهم وتفجيرهم، والقتل المتعمد الممنهج، وتفجير البيوت على ساكنيها، ومداهمة المستشفيات وتدميرها، وجرف التربة ومزروعاتها، وهدم المساجد على رؤوس المصلين فيها.
هذا ليس أسلوب إنسان متحضر وصل إلى درجة من التقدم العلمي والتكنولوجي كما يدعي، وليست خاصية الإنسان الذي كرمه الله بالعقل، وحمله في البر والبحر؛ ليمتهن كرامة بني جنسه ويحتقرهم، ويطلق عليهم حيوانات بشرية وليس من صفات بشر القرن الحادي والعشرون الذي بلغ العلم مبلغه؛ هذه بربرية رغم تاريخه الذي يشي بذلك فكم من مجازر دموية ارتكبها في لبنان وفلسطين ومن أمثلتها الكثير؛ كمجزرة قانا وصبرا وشاتيلا والآن الإبادة الجماعية في غزة، ولم يكترث لحرمة حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الحيوان، وبات واضحا في جلسات مجلس الأمن من استخدام حق النقض "الفيتو" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لدعم هذا الكيان المتصهين.
ورغم نداءات الشعوب الحرة في عقر دار الدول المساندة لهذا الكيان الممسوخ، والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
ومناشدات أمين عام الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وحقوق الإنسان والصليب الأحمر وهيئة الإغاثة الأنروا والشعوب الحرة ومحكمة العدل الدولية إلا أن الصهاينة لا مجيب؛ بل يهددون ويتوعدون ويزمجرون ويزأرون بإزالة حركة المقاومة من الوجود، وجعل مدينة غزة غير قابلة للحياة، واجتياح منطقة رفح وفي مفاوضاتهم الأخرى تلو الأخرى يطلقون تصريحاتهم دون الاكتراث إلى الوسطاء باطنهم غير ظاهرهم، وهذا هو ديدنهم الأبدي لا يرعون إلاً ولا ذمة.
لكن المقاومة الباسلة، هيهات هيهات، أن يغمض لها جفن أو تقر لها عين، أن ترضخ لمطالب هذا الكيان بعد أن خَبِرَتهُ ومن يقف وراءه، رغم المآسي وحجم الدمار الذي يخلفه دون رحمة وهوادة، وسياسة التجويع الذي ينتهجها بالإضافة إلى تدمير قوافل المساعدات الانسانية أو الميناء الجاري إنشاؤه لتفريغ غزة من أهلها.
بعد كل هذا أيحق للعرب والمسلمين والشعوب الحرة السكوت على حجم هذه المآسي... أما آن الآوان لوقف هذا الكيان المتصهين عند حده، وتقديمه للعدالة الدولية ومحاكمته هو ورموزه على ما اقترفت يداه ضد أناس أبرياء عزل يطالبون بالحرية والكرامة والعيش الكريم، ولا نقول إلا "حسبنا الله ونعم الوكيل".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يجوز استفتاء القلب في الأحكام الشرعية؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: إذا أفتى العلماء بحلة شيء وأنا أشك أنه حرام فهل لى أن أستفتى قلبى أم أتبعهم؟.
وأجاب الشيخ عويضة عثمان،أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن السؤال قائلا: إن الله تعالى يقول "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، والإنسان مطالب بأن يسأل العلماء عما لا يعرف.
وأوضح فى فتوى له، أنه لا يجوز أن يقول الإنسان فى كل شيء سأستفتى قلبى، فهل أنت أهل لمعرفة الحلال والحرام لكى تستفتى نفسك؟!.
ونوه بأن الإنسان الذى يستفتى لا بد أن يكون قد نظر فى الأدلة وعلم الأحكام والمسائل الفقهية وأشكلت عليه بعض الأمور ولا يستطيع أخذ قرار فيها، يعنى "الفطرة السوية"، أما نحن فقد غلب علينا الهوى فى بعض الأمور.
وأضاف: أن كثيرا ما يريد الإنسان أن يخالف كلام الشيخ عندما يسمعه، وهو يعلم أن كلامه صحيح ولكن هواه يغلب عليه بغير ذلك، فإذا حكمنا هذا الكلام فى كل واقعة سنكون بذلك تركنا قول الله تعالى:"فاسألوا أهل الذكر".
وبين انه لابد أن نتعلم أن نرجع إلى علمائنا المتخصصين فى مسألة الفتوى فى كل كبيرة وصغيرة، فلو قال كل شخص لنفسه سأستفتى قلبى ويحكم بالهوى وما يغلب عليه نفسه فلماذا ندرس الفقه ولماذا نضع مؤسسات للفتوى؟! .. فلابد أن ننزل الكلام فى مكانه ونصابه.
ووجه كلامه للسائل وقال انه يقول: "أنا شاكك إنه حرام حتى لو اتفق العلماء على إنه حلال فهل يجب عليه اتباعهم أم يستفتى قلبه" فقد وصل به التشدد إلى هذا مع أنه حريص، لكن حرصه سيؤدى به الى أن يضيق على نفسه فى أمور كثيرة، فيمكن أن يكون الشخص عالما فى مجاله ولكن ليس من الدارسين المتخصصين للفتوى.
وطالما اتفق العلماء على شيء أنه حلال فقد جعل الله لك مخرجا، فأنت أوكلت الأمر الى أهله وأحلوه، فلا تشدد على نفسك ولا تتصف بهذه الصفة، لأن هناك قوما شددوا على أنفسهم حتى شدد الله عليهم.