"القشَّاش" في معجم اللغة المعاصرة: هو الذي يلتقط الشيء الحقير من الطعام (الفضلات) فيأكله.. وقد يجعل الفقرُ الإنسانَ "قشاشا".. فالقشاش مُعدم بالضرورة، وليس فقيرا وحسب..
وإذا لم يكن "القشاش" فقيرا معدما، يُقال له في العامية: "رِمْرَام"، وهو الذي يستزيد من فضلات الطعام على سبيل "الطَّفَاسة"، وليس سدا للجوع، ولا يفكر فيما يترتب على هذه "الرمرمة" من عوارض وأزمات صحية قاتلة.
أما "القُشَاشَة"، فهي الكُناسة، والقمامة، وكل ما جُمع من قش، وتراب، وفضلات..
والفقر ليس فقر المال أو الفقر المادي فقط.. بل يوجد الفقر المعنوي أيضا، ومنه فقر الأخلاق، وفقر الثقافة، وفقر التفكير، وفقر اللباقة، وفقر الذوق، وفقر الحضور، وفقر الشعور.. وهذه الأنواع من الفقر أشد خطرا في تأثيرها على الأفراد والمجتمع من فقر المال.. فهي (في تقديري) صور من "اللعنة" تسلب الإنسان كثيرا من آدميته (إن لم تسلبها بالكلية) فتجعله كائنا "جِلفا"، "فاحشا"، "وقحا"، "بذيئا"، "بليدا"، لا يُحسن اختيار الكلام، ولا التصرف، ولا يَحسب للأمور حسابها ولا عواقبها.. ولا تزول هذه اللعنة إلا بالسعي من جانب هذا النوع من الفقراء إلى "الغِني"؛ بكسب قسط وافر من تلك الصفات الحسنة التي يفتقرون إليها..
ويتفاقم الأمر فيصبح "لعنة عامة" تصيب المجتمع كله، إذا كان الحاكم فقيرا في أخلاقه، وثقافته، وتفكيره، ولباقته، وذوقه، وحِسه الاجتماعي، والوطني! وتكون اللعنة أشد وأنكى إذا كان ديكتاتورا مستبدا، يملك القوة المميتة، ولا يردعه دستور ولا قانون، ويرى نفسه مبعوث العناية الإلهية إلى الشعب الذي ابتلاه الله به! وهذا هو الحال في مصر، وفي أغلب بلاد المسلمين!
ومن المسَلَّمات أن يحيط هذا الدكتاتور المستبد (المعدم الفقير في كل شيء إلا من المال، والقوة المميتة، والنرجسية المقيتة) بمن على شاكلته من الفقراء "الرِّمرامين" أو "القشاشين" على وجه الخصوص؛ فهم أطوع الناس له، وأقدرهم على فهم طباعه وتحقيق أهدافه، في المجالات كافة!
ولأن هؤلاء "رِمْرَامون" و"قشاشون" بالفطرة، أو انتكست فطرتهم فصاروا كذلك، فلا يمكن أن يقعوا على أفكار طيبة، ولا مواد "نظيفة"؛ لأنهم يذهبون مباشرة، وبصورة تلقائية، إلى مقالب "الزبالة" يفتشون فيها عما يمكنهم إعادة إنتاجه، وتقديمه في صورة "محتوى" إعلامي، أو فني، أو ثقافي، أو تعليمي.. إلخ، وهذا هو الحال في مصر، منذ انقلاب يوليو 1952، إلا قليلا..
اثنان وسبعون عاما من تدوير "القشاشة"!
اثنان وسبعون عاما والمصريون والعرب يقتاتون فكريا، ونفسيا، وسلوكيا، واجتماعيا، وسياسيا على "القشَاشَة" التي عُهِد إلى "القشاشين" جمعها وتقديمها في صورة وجبات فكرية، وتربوية، وترفيهية.. فمنذ عام 1952 وهم يتعرضون لـ"محتوى تخريبي تضليلي" في كل مجال من شأنه تشكيل الوعي الجمعي، والذوق العام، ونشر الإيجابية وروح المبادرة، فكانت النتيجة: مواطن سلبي غايته في الحياة "سد الرَّمَق".. أما الأعمال "البنَّاءة" فهي بمثابة الاستثناء الذي يثبت القاعدة، وهي قليلة جدا إلى الحد الذي لم يترك أثرا يُذكر، أو يُلحظ، تماما كما تضع بضع قطرات من العطر في بالوعة صرف صحي!
بدأت "الرَّمْرَمة" وإعادة تدوير "القشاشة" بُعيد انقلاب يوليو 1952.. فالضباط "الأحرار جدا" لم يكن لديهم أي تصور لإدارة البلاد، فضلا عن أن همهم الأول كان الاحتفاظ بالسلطة التي استولوا عليها، ثم الانفراد بها، والتخلص من خصومهم، أو من يتوهمون أنهم خصومهم، وفي القلب منهم الإخوان المسلمين الذين ساعدوهم في الانقلاب، ورفضوا المشاركة في السلطة من أول يوم، غير أن حضور الإخوان المؤثر في الشارع المصري، وقوتهم التنظيمية جعلتهم "بُعْبُعا مخيفا" في نظر عبد الناصر تحديدا، فكان أول ما فكر فيه: إزاحة الإخوان المسلمين من المشهد! (راجع سلسة مقالات الزعيم اللئيم والصعلوك الكريم) التي نشرها الكاتب هنا؛ على موقع "عربي21".
كان موضوع "الدين" مثار نقاش أو بالأحرى "جدل" بين عبد الناصر وبعض قيادات الإخوان الذين كان يجتمع بهم في بيت أحد قيادات الإخوان يُدعى عبد القادر (وهو غير عبد القادر عودة؛ الفقيه القانوني الذي أعدمه عبد الناصر) للتشاور والتخطيط للانقلاب (راجع سلسلة المقالات سالفة الذكر).. فأطلق عبد الناصر ما سماه مشروع "تطوير الأزهر" وما كان إلا تدجينا للأزهر وتحييدا له، ومضى في مشروعه فأمم الأوقاف؛ كي يصبح العلماء (الذين ظلوا لعقود طويلة طليعة المجتمع وقادته) مجرد "موظفين" لدى السلطة، فيفقدوا استقلالهم، وهو ما كان إلا من عصم الله، فتأثرت الفتاوى والآراء "الفقهية" بتقلبات "مزاج" السلطة، ونجح عبد الناصر في انتزاع فتاوى تُجرِّم و"تُكفِّر" الإخوان المسلمين!
وأطلق عسكر يوليو العنان للمشتغلين بالإعلام، والفن، والأدب، والتعليم، والتاريخ من "القشاشين"؛ لإشاعة العري، والانحلال، والتدليس والكذب على الشعب، بتبنِّي رواية العسكر للتاريخ وتكريسها وتعميمها، في الصحافة وفي المدارس، وهي رواية مطعون في صحتها جملة وتفصيلا، والشواهد على ذلك أكثر من أتُحصى! الأمر الذي يفرض علينا قراءة تاريخنا (كله) بحذر شديد، وعين مفتوحة، وعقلية ناقدة!
إذن، فاضطهاد الإخوان المسلمين من جانب السلطة، لم يبدأ مع انقلاب الجنرال ياسر جلال على رئيسه المنتخب وقائده الأعلى، في تموز/ يوليو 2013، وإنما امتداد للاضطهاد الذي بدأه عبد الناصر وسَنَّه وأرساه.. ذلك، لأن أشد ما تخشاه السلطة في مصر مفهوم "شمولية الإسلام" الذي يتبناه الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات الإسلامية.. فهذه القراءة الشمولية للإسلام (التي تعني الاشتباك مع شؤون الحياة كافة، وتعني أن للإسلام آراء تتوزع بين الأخلاقي والفقهي، في كل القضايا، وعلى رأسها الحكم) من شأنها تقييد السلطة المتطلعة للاستبداد، الحريصة على الإفلات من سطوة القِيَم بقيود لا تقبل الخضوع لها مطلقا! فالمتطلع للسلطة في بلادنا لا يتورع عن ارتكاب الموبقات والرذائل والمحرمات، في سبيل الوصول إلى السلطة؛ ليكون فوق المحاسبة، لا ليحاسبه الناس!
إحياء سيرة الحشاشين بعد ألف عام!
بميزانية مفتوحة، وتقنيات عالية، وقصة وسيناريو تبرأ منهما (بعد عرض أولى حلقات المسلسل) الدكتور خالد حسين محمود الذي قام وفريقه بالمراجعة التاريخية لمادة المسلسل، أنتجت شركة "القشاشين المتحدين" أو "المتحدة"، الذراع "الدعائي" لنظام الانقلاب، مسلسل "الحشاشين"، ليقول الجنرال المنقلب للمصريين وغيرهم من خلاله: إن الإخوان المسلمون ومن يتبنون فكرتهم (حركة حماس وغيرها) هم ورثة "الحشاشين" أو "أهل الشر"، وأنا أحاول إنقاذكم من براثنهم، فكونوا معي، واصطفوا إلى جانبي!
في الحقيقة، مسلسل "الحشاشين" هو الجزء الرابع من مسلسل "الاختيار" الذي أذيع جزؤه الثالث في رمضان الماضي، وكان الهدف منه ترويج وتثبيت رواية الجنرال ياسر جلال لانقلابه على رئيسه المنتخب وقائده الأعلى الدكتور محمد مرسي (رحمه الله).. وقد أثار هذا الجزء موجة واسعة من السخرية؛ بسبب المبالغات التي أظهرت الجنرال المنقلب في صورة البطل الصنديد الحازم، وهي عكس صورته الحقيقة التي ظهر بها مطأطأ الرأس أمام الرئيس مرسي، في مناسبات عديدة، فضلا عن بنيَة بطل المسلسل البدنية التي كانت على النقيض (تماما) من بنيَة الجنرال المنقلب فجعلت كثيرا من الناس يتساءلون: كيف التحق قصير القامة هذا بالسلك العسكري؟!
مما لا يمكن إغفاله، السياق الذي يُعرض فيه المسلسل ألا وهو عملية "طوفان الأقصى".. فمن المعلوم أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قامت وتأسست على فكرة الإخوان المسلمين، أي أنها تتبنى "شمولية الإسلام" التي تعني (فيما تعني) مقاومة الظلم والعدوان، والتحرر من الاحتلال والطغيان.. وأحيت العملية في نفوس الشعوب العربية والإسلامية إمكانية التغيير، مهما تدنت الإمكانات، وبثت (في الوقت نفسه) الرعب في نفوس الأنظمة العربية، والتي تتوقع أن تواجه اضطرابات داخلية، قد تتحول إلى ثورات عنيفة، إذا ما انتهت معركة "طوفان الأقصى" بهزيمة الكيان الصهيوني، وانتصار المقاومة.
لذا، تجد أسراب الذباب الإلكتروني التي تمولها هذه الأنظمة المستبدة، وتروج من خلالها رؤيتها "المعادية" لعمية طوفان الأقصى وحماس والإخوان المسلمين، بأن العملية استغلال للدين، ومغامرة غير محسوبة، كلفت فلسطينيي غزة دماءً غزيرة، ومحت من الوجود ثمانين في المئة من معالم قطاع غزة، ودمرت بنيته التحتية بالكامل، وشردت مليون ونصف المليون غزي من بيوتهم، وأسكنتهم العراء.. إلى آخر تلك المقولات التي يُراد بها زعزعة الجبهة الداخلية في قطاع غزة، وانفضاض الغزيين عن المقاومة؛ كي لا تنتهي هذه الحرب بانتصار المقاومة على "إسرائيل" التي ربطت هذه الأنظمة الفاسدة نفسها بها وجودا وعدما!
حقائق تاريخية ومعاصرة
الحقيقة المعاصرة تقول: إن ورثة "الحشاشين" وهم الطائفة (الشيعية الإسماعيلية النزارية) وأبناء عمومتهم الطائفة (الشيعية الإسماعيلية المستعلية) المعروفة باسم "البهرة" تربطهما علاقة وثيقة بالنظام المصري، لا سيما نظام الجنرال ياسر جلال!
فالإمام الثامن والأربعين للطائفة "النزارية" أو "الآغا خان الثالث" ويُدعى سلطان محمد شاه مدفون وزوجته في مقبرة فاخرة على ربوة عالية تطل على نهر النيل في أسوان، وتعتبر من المزارات السياحية المهمة هناك!
وتعمل هذه الطائفة التي يتزعمها اليوم "الأغا خان الرابع" ويُدعى كريم الحسيني (الإمام التاسع والأربعين) بصورة قانونية في مصر، من خلال "شبكة الآغا خان للتنمية" التي حوَّلت أكبر مقلب للقمامة بمنطقة الأزهر وسط القاهرة (القاهرة الفاطمية) إلى حديقة نموذجية، يؤمها مليونا زائر كل عام، فضلا عن عشرات المشاريع الاجتماعية والتنموية التي يستفيد منها آلاف المصريين الذين تخلت عنهم الدولة وأسقطتهم من حساباتها!
أما إمام (أو سلطان) طائفة البهرة (الشيعية الإسماعيلية المستعلية)، فهو من أكبر الداعمين للجنرال المنقلب، إذ يحرص على التبرع (سنويا) بعدة ملايين من الدولارات للثقب الأسود الذي يحمل اسم "صندوق تحيا مصر" ويديره الجنرال المنقلب ياسر جلال شخصيا، ولا يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة!
أما الحقيقة التاريخية فتقول: إن الطائفتين "النزارية" و"المستعلية" يلتقيان عند جدهما الأعلى الخليفة الفاطمي المستنصر بالله الذي حكم دولته مترامية الأطراف من القاهرة.. فإمام "الحشاشين" الحالي "الأغا خان الرابع" ينحدر من سلالة "نزار ابن المستنصر"، بينما ينحدر إمام "البهرة" من أخيه غير الشقيق أحمد الملقب بـ"المستعلي بالله"..
فما وجه الشبه إذن بين "الحشاشين" وأبناء عمومتهم "البهرة" من جانب، والإخوان المسلمين من جانب آخر؟!
الإجابة الماثلة أمام الأعين والتي لا تحتاج إلى إثبات ولا برهان هي: لا وجه للشبه على الإطلاق.. فالطائفتان (الباطنيتان) محل حفاوة واعتراف من النظام في مصر، أما الإخوان المسلمون، فمحل اضطهاد وتنكيل من النظام نفسه!
ومن أكابر علماء الأمة مَن تربى على فكر الإخوان المسلمين مثل: الشيخ محمد الغزالي، والشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ سيد سابق؛ صاحب "فقه السنة" المرجع الأول في الفقه لأكثرية المسلمين في هذا العصر، والشيخ الشهيد أحمد ياسين؛ مؤسس حركة حماس في فلسطين (رحمهم الله جميعا) وغيرهم كُثر..
أما أوجه الشبه بين "الحشاشين" وضباط نظام يوليو الممتد من 1952 وحتى اليوم، فأكثر من أن تُحصى، وهذه هي الحقيقة التاريخية والمعاصرة في آن..
فمن الثابت والمتواتر أن ضباط نظام يوليو هم أعلم الناس وأدراهم بأصناف "الكيف"، وليس "الحشيش" فحسب، وهم أكثر الناس ارتكابا للفواحش تحريضا وممارسة؛ فإن نسي الناس فلن ينسوا جلسات "السيطرة" المعروفة بجلسات "السمو الروحي" التي كانت تُمارس فيها كل الفواحش، بترتيب من جهاز مخابرات عبد الناصر، برئاسة صلاح نصر، وإشراف صفوت الشريف (الرائد موافي) الذي ظل ركنا ركينا من أركان نظام مبارك حتى يوم سقوطه!
وإن نسي الناس فلن ينسوا المقولة الشهيرة للجنرال ياسر جلال: "أنا ممكن بباكتة، وشريط ترامادول، ومليار جنيه أهِد البلد"! ولن ينسوا (أيضا) مقولته التي ذاعت في الآفاق: "اسمعوا كلامي أنا بس.. متسمعوش كلام حد غيري" وهذا ما كان يقوله حرفيا (بلغة فصيحة) زعيم "الحشاشين" حسن الصباح لأتباعه! أما الإخوان المسلمون (وهم جماعة من المسلمين)، فإنهم يؤمنون بأنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
وإن نسي الناس فلن ينسوا التسريب الشهير للواء عباس كامل مدير المخابرات العامة الذي اعترف فيه بتعاطي مخدر "الترامادول" (وأشياء أخرى بالتأكيد) لمواجهة (لا مؤاخذة) ضغوط العمل!
وإن نسى الناس فلن ينسوا أن ضباط نظام يوليو، منذ عبد الناصر وحتى ياسر جلال هم أسرع الناس إلى الحنث بالأيمان ونقض العهود.. فهم قد أقسموا يمين الولاء للملك فاروق، ثم انقلبوا عليه بزعم أنه فاسد، وقد توالت الشهادات والمذكرات تترى لتقطع بأنه أقل منهم سوءا بمراحل، وأنهم هم الفاسدون والعملاء.
وإن نسى الناس فلن ينسوا صورة الجنرال ياسر جلال وهو يؤدي التحية العسكرية للرئيس المنتخب (بحق) الدكتور محمد مرسي، ويقسم أمامه على كتاب الله المجيد، بأن يرعى مصالح الوطن رعاية كاملة، ويحافظ على أمنه وسلامة أراضيه، وها هو يبيعه قطعة قطعة في مزاد علني!
وإن ينسى الناس فلن ينسوا عشرات الوعود بالخير والرخاء والغِنى، والخروج من الفقر و"العوَز" التي أطلقها الجنرال المنقلب وأخلفها جميعا، دون خجل أو اعتذار، بل حمَّل المصريين وِزر عدم وفائه بها؛ لإنهم "مش واقفين في ضهره"!
وإن ينسي الناس فلن ينسوا (بعد المسلسل) أن حسن الصباح عاش في قلعة "ألموت" المنعزلة عن العمران، وهكذا فعل الجنرال المنقلب، إذ قام بتشييد قلعة عصرية معزولة، في قلب الصحراء، سماها "العاصمة الإدارية"، لا يمكن الوصول إليها إلا بإذن من أجهزته!
إن كنت تريد المزيد (عزيزي القارئ) فجوجل بين يديك، و"يوتيوب لا ينسى" كما قال بوق الانقلاب يوسف الحسيني أو "الواد يوسف" كما سماه اللواء عباس كامل!
فمن هم أشبه الناس بـ"الحشاشين"، وخدَمهم وغلمانهم من "الرمرامين" و"القشاشين"؛ ضباط نظام يوليو الانقلابيين أم الإخوان المسلمين؟!
twitter.com/AAAzizMisr
aaaziz.com
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الإخوان الحشاشين مصر السيسي الإخوان مسلسلات طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإخوان المسلمون الإخوان المسلمین نظام یولیو عبد الناصر من الفقر من جانب التی ی الذی ی ة التی فی مصر
إقرأ أيضاً:
محللون: خسارة الإمارات بعد سقوط نظام الأسد لا تقل عن خسارة إيران
في أعقاب السقوط السريع والمفاجئ لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، تنظر الإمارات بعين الريبة إلى الانتماءات الإسلامية للفصائل المسلحة التي فرضت سيطرتها على دمشق بقيادة هيئة تحرير الشام، مشيرة إلى ارتباطات بجماعة الإخوان المسلمين، في ما يراه محللون خوفا على النفوذ.
وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام الإسلامية من السيطرة على دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.
وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي خلال كلمة في "مؤتمر السياسات العالمية" في أبوظبي، السبت: "نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية".
تقول مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس" صنم وكيل لـ"فرانس برس" إن تصريحات قرقاش "تعكس تشكيك القيادة الإماراتية تجاه الجماعات الإسلامية بشكل عام".
وتضيف أن "قادة الإمارات يرون أن كل الجماعات التابعة للإسلام السياسي، سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو هيئة تحرير الشام، تشكل خطرا على نموذجهم من الحكم، واستنادا إلى تجربة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، يرون أن تأثير هذه الجماعات مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".
"لائحة الإرهاب"
ولا تخفي السلطات في دولة الإمارات عدم ثقتها بالإخوان المسلمين. ومن ثوابت سياسة الإمارات عدم التسامح مطلقا مع أي نموذج للإسلام السياسي، في ما عدا حركة طالبان الأفغانية وهي علاقة تمليها مصالح اقتصادية وفق مختصين.
ففي العام 2014، صنّفت الدولة 83 مجموعة تنشط على المستوى العالمي ويقاتل قسم منها في سوريا في قائمة "التنظيمات الإرهابية"، وكان من بينها جماعة الإخوان المسلمين.
وكانت أصدرت قبيل ذلك أحكاما بالسجن في حق عشرات من الإماراتيين والمصريين المتهمين بتشكيل خلايا لجماعة الإخوان المسلمين، والعمل على قلب نظام الحكم، من ضمنها "جمعية الإصلاح" التي تمثل الإخوان المسلمين في الإمارات.
يقول أندرياس كريغ المحاضر في كلية الدراسات الأمنية في "كينغز كوليدج" بلندن لوكالة "فرانس برس" إن الإمارات حدّثت لائحة التنظيمات الإرهابية لديها، لكن اسم هيئة تحرير الشام لا يظهر فيها.
لكنه يشير رغم ذلك إلى أن "جبهة النصرة أُدرجت في العام 2014، لذا فإن هيئة تحرير الشام مشتقة من جبهة النصرة (...) وبالتالي فهي مدرجة".
ويضيف أن "جماعة الإخوان المسلمين هي فزاعة تستخدمها الإمارات لتقويض مصداقية المجتمع المدني والجهات الفاعلة السياسية الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة (...) وتصويرهم كجزء من سلسلة متصلة تؤدي في نهاية المطاف (...) إلى السلفية والجهادية على غرار القاعدة أو داعش".
ذلك أنه خلال السنوات الماضية استثمرت الإمارات في العلاقة مع بشار الأسد، وكانت عاملا أساسيا في استمالة دول عربية أخرى، وخصوصا الخليجية، لتطبيع العلاقات مع حكم الأسد.
وخلال العام الماضي، بدا أن الأسد يعود مجددا إلى "الحضن العربي" من بوابة القمة العربية التي حضرها بعد عزلة استمرت 12 عاما.
وأملت الإمارات في أن تكون الركيزة الأساسية لتسهيل إعادة الإعمار وبناء سوريا ما بعد الحرب التي وضعت أوزارها نوعا ما بعد اتفاق آستانا في العام 2017.
"أمن النظام"
وفي هذا السياق، يرى كريغ أن الإمارات "تحاول تأمين أي نوع من النفوذ المتبقي لها في البلاد، وهو ضئيل للغاية. لذا أعتقد أن الإمارات، على غرار إيران، ربما تلقت الضربة الأعظم لسياستها في سوريا".
ولطالما نظرت الإمارات إلى الانتفاضة السورية أو الثورات بشكل عام من خلال عدسة "أمن النظام"، وفق كريغ.
وبالنسبة لهم، كما يضيف: "كان انتصار الأسد أو انتصار الثورة المضادة ضد الانتفاضة في العام 2011، حربا أيديولوجية أيضا".
لكن ذلك الاستثمار الذي استمر أعواما، انهار في غضون ثلاثة أسابيع. ذلك أن تركيا وقطر، أصبحتا الآن وسيطا رئيسيا في مرحلة سوريا ما بعد حكم الأسد، وبالتالي بات التخوف الإماراتي من تحوّل الدور الرئيسي من أبوظبي إلى الدوحة أو إلى أنقرة.
لكن جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم، لم تعد موجودة في سوريا منذ الثمانينيات حين فككها الرئيس السوري وقتها حافظ الأسد بالقوة.
ويعتبر محللون أن الإماراتيين يرون في المشروع التركي في سوريا إشكاليا لأنه مدفوع جزئيا بالمصلحة الذاتية التركية بدلا من مصلحة بناء الاستقرار في سوريا.
لذا فإن تصوير هيئة تحرير الشام على أنها تابعة أو مرتبطة بالإخوان المسلمين هو "شكل كسول للغاية من خلق رواية لتقويض وتشويه سمعة هذا الكيان الاجتماعي السياسي الجديد الذي يتم تشكيله أو تطويره داخل سوريا"، بحسب كريغ.
"منافسة أيديولوجية"
تلفت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إلى أن "الإمارات تتشاطر مخاوف جميع الدول العربية من أن تفقد سوريا وحدتها وسيادتها وترفض الإرهاب الدولي"، وهي بالفعل أبدت مخاوفها من رؤية سوريا تغرق في الفوضى، كما أن لديها انعدام ثقة عميق في أيديولوجية القادة الجدد في دمشق.
وتضيف ديوان "لكن عدم الثقة الإماراتية يمتد على نطاق أوسع إلى جميع الحركات الشعبية الإسلامية السُنّية. فهي ترى فيها منافسين في تحديد طبيعة المنطقة بطريقة تهدد طموحاتها كمركز تجاري مفتوح متعدد الثقافات".
وإذ ترى أن الإمارات "غير راضية عن رؤية إحياء القوى السُنّية الشعبية التي تذكرنا على الأقل بالانتفاضات العربية"، يؤكد كريغ أن "المشكلة مع الإماراتيين الآن هي أنهم يشعرون أنهم يتنازلون عن مساحة رئيسية في العالم العربي لمنافسيهم، المنافسون الإيديولوجيون في الدوحة وأنقرة".
ويعتبر أن "الأمر متروك الآن خصوصا للدول، ربما ليس للأتراك، ولكن للدول لنقل هذه الرسالة إلى الإمارات بأن هذا ليس تهديدا".