حنين إلى دفء الماضي.. كويتيون يبحثون عن رمضان أول
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
الكويت- بحماس شديد تنقل أبو محمد رفقة ابنيه بين محال سوق المباركية الشهير في العاصمة الكويت بحثا عن أنواع الحلويات لشرائها احتفالاً بـ"القرقيعان"، وهو تقليد رمضاني متوارث عبر الأجيال.
يقول أبو محمد للجزيرة نت، إن تلك المناسبة التي تبدأ مع قرب انتصاف شهر رمضان المبارك تحمل كثيرا من الذكريات الجميلة، وإنه يحاول من خلال الاحتفال بها مع أطفاله أن يشبع بعضا من الحنين لرمضان الكويت قديما أو "رمضان أول"، كما يطلق عليه في الخليج كونها من الاحتفالات التراثية التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
وتعكس الكلمات حالة عامة من الحنين لـ"رمضان أول" مصحوبة بعملية دائمة من البحث عن الأجواء التي ميزته وهو شعور تكشف عنه كلمات تتردد دائما على ألسنة الكثيرين مع قدوم رمضان وخلال أيام الشهر الفضيل.
وعادة ما يشعر المسلمون في مختلف البلدان العربية بحالة من الحنين مرجعها افتقاد الكثير من الطقوس والأجواء الرمضانية التي اعتادوا عليها قديما، والتي غابت في الوقت الحالي لأسباب عدة في مقدمتها تأثير التقدم التكنولوجي والضغوط الحياتية المختلفة.
ويصف المؤرخ باسم اللوغاني ذلك الشعور بأنه بحث دائم عن حالة الدفء الاجتماعي التي كانت تغلف رمضان قديما، بدءا من طريقة التزاور واصطحاب الأب لأبنائه سيرا على الأقدام لزيارة الأقارب والعائلة في البيوت والديوانيات المجاورة خلال أيام الشهر الفضيل وذلك قبل انتشار استخدام السيارات.
يقول اللوغاني للجزيرة نت إن الحنين دورة عمرية ملازمة للجميع في مراحل الحياة المختلفة، وهو في رمضان يشمل أمورا كثيرة منها أسلوب العبادات نفسه إذ كانت مساجد الكويت قبل اكتشاف النفط تتميز بصغر مساحتها والبناء البسيط من الطوب اللبن، وكانت أصوات الذكر والتسبيح تصدح فيها بشكل جماعي بعد كل فرض فيما يشبه حلقات الذكر والتي يتشارك فيها جميع الحضور وهو تقليد ديني اندثر في الوقت الحالي.
وبحسب المؤرخ الكويتي، فإن الفوارق تشمل حتى طريقة الجلوس حول مائدة الطعام والتي كان يتحلق حولها كل أفراد العائلة من الذكور، وبالقرب منهم تجمع مائدة أخرى كل أفراد العائلة من النساء، إذ كان إجمالي الحضور في البيت الواحد يصل إلى 20 فردا، وهو أمر لم يعد موجودا في ظل ضغوط الحياة الحالية وما تشهده من تطور أثّر بدوره على العادات الاجتماعية.
ويرصد رئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني خالد الشطي في كتابه "الأعمال الخيرية الكويتية قديما" الكثير من مظاهر الاحتفال برمضان قديما، فيذكر أن أهل الكويت كانوا يستعدون لقدومه مع بداية شهر شعبان عبر تجهيز المؤن الغذائية التي تكفي الشهر بالكامل، وأبرزها التمور التي كانت تجلب من البصرة والأرز وكان يجلب من الهند.
ويشير الشطي إلى أنه بحلول 15 شعبان كان أهل الكويت يبدؤون في دق الهريس والجريش في احتفالية تشارك فيها نساء العائلة وأطفالها أيضا ابتهاجا بقرب حلول شهر رمضان.
واشتهر رمضان قديما بما يعرف بـ "النقصة" وهي هدية يخصصها أهل البيت للجيران والأصدقاء والأقارب ابتهاجا بالشهر الكريم وتكون من الطعام أو البخور والعطور أو الملابس، وهي عادة تحرص عليها الأسر حتى اليوم كمظهر من مظاهر التراحم والتواد فيما بينها.
وبحسب الباحث في التراث الكويتي محمد كمال، يمثل سوق المباركية اليوم بما يضمه من معالم تاريخية وأسواق تراثية فرصة لاستعادة بعض من التاريخ القديم لا سيما خلال شهر رمضان.
ويضيف كمال للجزيرة نت، إن كثيرا من الكويتيين يحاولون استعادة ذكريات الطفولة من خلال التجول في المكان وشراء بعض مستلزمات رمضان لأطفالهم من محاله ومنها الحلويات والرهش وكذلك مستلزمات القرقيعان من حلوى الملبِّس وغيرها من الأصناف التي تخلط سويا وتعبأ في أكياس صغيرة للأطفال الذين يترددون على المنازل خلال أيام الاحتفال بتلك المناسبة وهو يرددون الأهازيج ليقوم أرباب البيوت بتوزيع الحلوى عليهم.
وشهدت شوارع الكويت خلال الليالي الماضية ابتكار أساليب جديدة للاحتفال بالقريقعان؛ منها وضع حلوى القرقيعان أعلى بعض السيارات المكشوفة والتي كانت تجوب شوارع الضواحي للاحتفال بهذه المناسبة مع أطفال الأحياء عبر توزيع الحلوى عليهم.
ويذكر كمال أن الاحتفال بعيد الفطر كان يبدأ عقب انتصاف الشهر مباشرة من خلال التوجه للأسواق لشراء قماش ثوب العيد والمسبحة والخاتم، ثم الانتظار عدة أيام لحين الانتهاء من حياكة الثوب وهي أجواء لم تعد هناك فرصة حاليا لمعايشتها بنفس الطريقة القديمة بفعل الحداثة التي أتاحت شراء كثير من الأشياء الجاهزة خلال وقت قصير ودون عناء وربما دون مغادرة المنزل.
وبحسب من تحدثت معهم الجزيرة نت، تفتقد احتفالات اليوم والتي ترتبط بالشهر الفضيل إلى البساطة التي كانت من أهم سمات الاحتفالات قديما، بينما تمثل احتفالات اليوم ومن أشهرها "حفل القرقيعان "عبئا إضافيا على الأسرة التي تجد نفسها مطالبة بشراء كميات كبيرة من الحلوى مع ضرورة وجود بعض المظاهر المصاحبة للحفل والتي تزيد من التكاليف المادية على عكس ما كان موجودا في السابق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات سوق المبارکیة رمضان قدیما التی کانت
إقرأ أيضاً:
142 انتهاكًا لأجهزة أمن “السلطة الفلسطينية” بالضفة خلال مارس الماضي
الثورة نت/..
وثقت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين بالضفة الغربية في تقريرها الشهري عن شهر مارس 2025 ارتكاب أجهزة أمن “السلطة الفلسطينية” 142 انتهاكًا بحق المواطنين، في إطار ما وصفته بـ”نهج القمع السياسي والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني.
وحسب وكالة ” قدس برس” وضحت “لجنة أهالي المعتقلين” في تقرير صحفي اليوم الثلاثاء : أن الانتهاكات تنوعت ما بين 49 حالة اعتقال سياسي، و18 حالة اختطاف، و16 عملية مداهمة لمنازل وأماكن عمل، و15 حالة قمع للحريات، وعشر استدعاءات أمنية، وعشر حالات اعتداء جسدي وإطلاق نار، وحالتي تدهور صحي بين المعتقلين، وتسع حالات تنسيق أمني، بالإضافة إلى 11 انتهاكًا متنوعًا، واغتيال واحد للمطارد عبد الرحمن أبو المنى في جنين .
وبيّن التقرير أن هذه الانتهاكات استهدفت شرائح متعددة من أبناء الشعب الفلسطيني، بينهم عشرة أسرى محررين، وخمسة معتقلين سياسيين سابقين، وسبعة مطاردين للعدو الصهيوني واثنين من الطلبة الجامعيين، ومعلم واحد .
وجاءت محافظة جنين في صدارة المناطق التي تعرضت للانتهاكات بعدد 50 انتهاكًا، تلتها طوباس بـ26، ثم نابلس 18، ورام الله والبيرة 17، في طولكرم 11، والخليل وقلقيلية وعشر انتهاكات لكل منهما .
وبحسب توزيع الاعتقالات، فقد سجلت جنين 20 حالة اعتقال، تلتها طوباس عشر، نابلس ست ، طولكرم خمس ، رام الله ثلاث ، الخليل ثلاث، و قلقيلية ثنتين .
كما تم توثيق 16 عملية مداهمة، بينها سبع في جنين، وأربع في طوباس، وثلاث في نابلس، وواحدة في كل من طولكرم والخليل .
وأكدت اللجنة في تقريرها أن هذه الأرقام تعكس تصعيدًا خطيرًا في سياسة القمع الممنهجة التي تنتهجها “السلطة الفلسطينية” بحق المعارضين السياسيين والمقاومين، محذّرة من أن هذه الممارسات تُهدد وحدة الصف الوطني وتخدم مصالح العدو الصهيوني.
وطالبت “لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية”، المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، والفصائل الوطنية، بتحمّل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والعمل الجاد على وقف التنسيق الأمني، وضمان حماية حقوق المواطنين، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين.
وتتزامن سياسة “السلطة الفلسطينية”، مع العدوان الصهيوني المتواصل في إطار نهج التصعيد المستمر في الضفة الغربية، التي تستهدف الفلسطينيين بمختلف أشكال القمع من الاعتقالات والهدم إلى تهجير السكان قسرًا، ضمن مخططات تهدف إلى فرض السيطرة على الأرض وتهويدها.