صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-26@20:41:33 GMT

الهامش المأزوم تأريخياً..!!

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

الهامش المأزوم تأريخياً..!!

 

الهامش المأزوم تأريخياً….!!

بقلم: محمد عبد الرحمن الناير «بوتشر»

 

●لقد كتب الكثيرون عن الأزمة السودانية وجذورها التأريخية منذ قبل إعلان ميلاد “الدولة الحديثة” في الفاتح من يناير 1956م ، وكيف عملت صفوة سياسية صغيرة على هندسة السودان وفق رؤى ومشاريع أحادية في وطن متعدد ومتنوع ثقافياً وعرقياً ودينياً ، حيث عملت على فرض مشروع إسلاموعروبي وحددت هوية غير واقعية للبلاد، واستغلت جهاز الدولة ومواردها في الهيمنة وبسط نفوذها ومقاومة أي تغيير يقود إلى بناء دولة مواطنة متساوية ، وهمشت الغالبية العظمى من أطراف السودان ثقافياً وإقتصادياً وإجتماعياً وتنموياً، إلا أن الأقاليم السودانية لم تستكن لهذه الهيمنة وقاومت سلمياً عبر تكوين تنظيمات مطلبية ولاحقاً أجبرت على حمل السلاح بعد عجز الوسائل السلمية، فكان تمرد توريت 1955 أول حركة مقاومة مسلحة في السودان ومن بعد حركة الأنانيا الأولى والثانية ظهرت حركات الكفاح الثوري المسلح ومن أبرزها الحركة الشعبية لتحرير السودان 1983 وحركة/جيش تحرير السودان 2002.

●من المفارقات أن أكثر المناطق والمجموعات الإجتماعية تهميشاً في السودان (حزام البقارة) الممتد من الجبلين إلى أم دافوق قد وقف أغلبه ضد حركات التحرر التي تنادي بالعدالة والمساواة ودولة المواطنة المتساوية ، وأصبح مسرحاً للتجنيد والتمليش وحائط الصد الأول لمنع توغل قوات الحركة الشعبية شمالاً، وقد كان السبب المباشر في تأخير التغيير في السودان على (نموذج شرق إفريقيا)، ونفس هذه المجموعات قد تم تمليش بعضها إبان إنطلاق الثورة المسلحة في دارفور فيما عرف بمليشيات الجنجويد التي إرتكبت بإشراف وأوامر من قادة الحكومة والجيش السوداني جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية التي بموجبها أصبح عمر البشير وقائمة خمسين من أركان نظامه مطلوبين لدي المحكمة الجنائية الدولية.

●لولا وقوف هؤلاء المهمشين في الجانب الخاطيء من التأريخ لما تأخرت عملية التغيير في السودان ولما وصلت بلادنا إلى هذه الحالة التي وصلت إليها اليوم، ويجب التذكير بأن هنالك عدة أسباب قد جعلت هؤلاء المهمشين يقفون ضد التغيير الذين هم أول المستفيدين منه وضد خلاصهم وتحريرهم من التهميش المتعمد ، منها الجهل وعدم الوعي، وقصور إعلام الحركات الثورية والدعاية الحكومية وسيطرتها على وسائل الإعلام، وسياسة فرق تسد واللعب على التناقضات في المجتمعات وتسييس صراعاتها حول الماء والكلأ والأرض، فأستغلت الحكومة الدين في صراع جنوب السودان وصورت الحرب على أساس إنها جهاد مسلمين ضد كفار وأغلب غرب السودان شارك وفق هذا المنطق المعوج، أما في حالة دارفور فقد إستغلت الحكومة عامل العرق لجهة أن “الجميع مسلمين” وقسمت المجتمعات إلى عرب وزرقة وزرعت بينهم الفتن والغبينة ، رغم أن كل هذه الحروب لا علاقة لها بالدين أو العرق إنما نتاج للظلم والتهميش وعدم العدالة والمساواة بين بنات وأبناء الوطن الواحد.

●إن حرب 15 أبريل 2023م ورغم إختلاف السودانيين حولها إلا إنها بطبيعة الحال إمتداداً للصراعات السابقة بكل ما تحمل من أبعاد عرقية وسياسية وثقافية وإجتماعية، ومع إختلاف الفاعلين في مسرحها الآن إلا أن الخصم والعدو واحد وهو “الجيش المؤدلج” الذي قام على حماية ونفوذ وإمتيازات الصفوة السياسية التي ورثت الحكم من المستعمر ، وهو الذي قاتل كل حركات التحرر الثوري في السودان ، وهو من قام بتكوين كل المليشيات المساندة ذات الطابع العرقي والديني والجهوي والمناطقي، منها: مليشيا القوات الصديقة، مليشيا التوم النور دلدوم، مليشيا فاولينو ماتيب، مليشيا المراحيل ، مليشيا كافي طيار البدين ، مليشيا الجاو، مليشيا الجنجويد ، مليشيا أبو طيرة، مليشيا الشرطة الظاعنة ، مليشيا حرس الحدود ثم قوات الدعم السريع التي قالوا عنها “خرجت من رحم القوات المسلحة” وتم تقنينها عبر قانون تم أجازه برلمان نظام البشير وعندما إختلفت معهم وقاتلتهم وصفوها ب”عرب الشتات” والأجانب والمرتزقة وهلمجرا..فإذا كانوا كذلك فمن الذي جلبهم للسودان ومنحهم الجنسية حتى يريدون منا تصديق هكذا ترهات أو نكون في خانة العملاء والمأجورين؟!

●إن الحرب وبكل بشاعتها وأهوالها وتشريدها للملايين وقتلها لعشرات الآلاف من الأنفس البريئة إلا إنها قد وضعت السودانيين أمام الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن الدولة السودانية (تركة الإستعمار) لا يمكن أن تستمر، وأن التغيير وبناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين أمر حتمي للمحافظة على ما تبقى من السودان، وواجب الجميع السعي نحو وقف وإنهاء الحرب بأسرع ما يكون عوضاً أن يكونوا أطرافاً فيها بدعم هذا الطرف أو ذاك، لجهة أن هكذا أفعال ستعقد من الأزمة وتطيل أمد الحرب، ولا حسم عسكري يلوح في الأفق ، وإن تحقق فسيكون بكلفة مادية وبشرية باهظة وربما يكون الثمن وحدة السودان.

●في ظل سيادة خطاب الكراهية والعنصرية والعرقية والجهوية والتحشيد المتهور الذي نراه وتأدية فروض الولاء والطاعة لمن كانوا سبباً في شقاء السودان، والحج إلى “وادي سيدنا” لإظهار الدعم والمساندة ل”جيش الفلول” بلا شك سيقود السودان نحو حرب أهلية شاملة (حرب الكل ضد الكل)، ويتوقع دخول أطراف جديدة إلى حلبة الصراع سواء من داخل أو خارج السودان مما سيعقد المشهد أكثر، وحينها سيكون الحل عبر التفاوض والحوار حلماً بعيد المنال، لأنه من الصعوبة بمكان أن تتفاوض وتتحاور مع أطراف عديدة تختلف في الرؤاي والأهداف ومبررات دخولها للحرب، كما أن المستنفرين من الولايات المختلفة سيكونوا مليشيات مسلحة جديدة وبالتالي ستكون لديهم مطامع وأهداف سياسية ومشاركة في السلطة وهندسة السودان أو اللجوء إلى قتالهم ومحاربتهم.

●لا أستطيع إستيعاب وهضم مسألة فئة من المهمشين كانت تنادي بالتغيير وبناء “سودان جديد” وقاتلت وقدمت أرتالاً من الشهداء والجرحي والملايين من المشردين ، أن تضع يدها مع من كانت تقاتلهم، وهم كانوا حماة للدولة المركزية القابضة ومشروعها الأحادي، ويدها الباطشة التي ظلت تقتل وتسحق كل أطراف السودان التي نادت بحريتها وحقوقها، وتفعل نفس ما فعلته مجموعات المهمشين في “حزام البقارة” التي أشرت إليها في صدر المقال، مما يؤكد أن أزمة الهامش والمهمشين مركبة، ويعانون من عطب في التفكير والتحليل وتحديد الأولويات ومعرفة العدو الإستراتيجي والخصم التكتيكي، ويعاني بعضهم من نفسية تأبى الخروج من قوقع العبودية إلى رحاب الحرية، وتنطبق عليهم مقولة: (لو أمطرت السماء حرية، لرأيت بعض العبيد يحملون المظلات).

26 مارس 2024م

الوسومإسلاموعروب الهامش الهوية محمد الناير مشروع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الهامش الهوية محمد الناير مشروع

إقرأ أيضاً:

تكتل حزبي ليبي مدعوم أمميا.. هل يضغط على أطراف الصراع؟

طرح توقيع أكثر من 70 حزبا سياسيا في ليبيا على مذكرة تعاون لإنهاء الأزمة وحالة الجمود السياسي في البلاد، بعض التساؤلات حول جدية وتأثير هذه الخطوة على الأطراف السياسية المتصارعة هناك من أجل إنجاز ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

ووقعت سبعة تكتلات في ليبيا تضم 70 حزبا سياسيا، لأول مرة، مذكرة اتفاق تضمنت عشرة تعهدات يتعين على التكتلات الحزبية مراعاتها، من أهمها: ضمان حقوق الأطياف السياسية والاجتماعية كافة، وتشجيع التنافس النزيه، وتعزيز ثقة الجمهور في العمل السياسي والحزبي من خلال تقديم برامج واقعية تستجيب لتطلعات الشعب".

وأكد الموقعون على المذكرة خلال مؤتمر في العاصمة الليبية "طرابلس"، حضره ممثلون عن البعثة الأممية وأعضاء بمجلس الدولة، أن الهدف الرئيسي للاتفاق هو تعزيز الاستقرار السياسي في ليبيا من أجل حل وإنهاء الأزمة الراهنة".


"تطور تاريخي ورسالة أمل"
من جهته أكد رئيس حزب السلام والازدهار، محمد الغويل، الذي وقع على مذكرة الاتفاق، أن الخطوة تمثل نقطة تحول بارزة في مسار توحيد الصف الوطني، سعياً لإنهاء الأزمة الليبية الراهنة عبر تعزيز التعاون بين الأحزاب السياسية للتأسيس لبناء الدولة المنشودة، وأنها تمثل رسالة أمل، مفادها أن الحل للأزمة يكمن في العمل الجماعي والتكاتف الوطني، مما يعزز الآمال في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد"، وفق صفحته الرسمية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن 14 حزبا سياسيا في ليبيا انطلاق أعمال "الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية"، مؤكدين أن الفكرة تعد خطوة نحو تطوير آليات العمل الحزبي المشترك بهدف توحيد الجهود السياسية وتعزيز التعاون بين مختلف الاحزاب الليبية، والمساهمة في بناء دولة مدنية قوية.
فهل يمثل الحراك الحزبي المتسارع ضغوطا حقيقية على أطراف النزاع الليبي ويجبرها إجراء الانتخابات؟ وهل يتم استغلال هذه التكتلات دوليا للضغط على المعرقلين؟


"ضغط وكسر جمود"
من جانبه، أكد رئيس حزب العمل الوطني الليبي والمشارك في الاتفاقية، عيسى التويجر أن "التجربة الحزبية في ليبيا لازالت تواجه معضلات كثيرة سواء بإلغائها في عهد الملكية أو تخوينها في عهد القذافي، حتى بعد الثورة الليبية تم إقصاء الأحزاب في انتخابات مجلس النواب، لذا كثيرا ما تلام الأحزاب على ضعف المشاركة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "توافقات مجلسي النواب والدولة في لجنة 6+6 أعادت للأحزاب الحق في المشاركة في الانتخابات، لذا في الآونة الأخيرة تشكلت العديد من التكتلات والتجمعات الحزبية للتعاون فيما بينها وتقديم مقترحات للحل وعقدت عددا من الاجتماعات مع البعثة الأممية والمجلس الرئاسي".

وتابع: "اللقاءات كانت من أجل إيجاد سبيل للمشاركة في بناء الدولة الليبية الديمقراطية، لذا جاء الاتفاق الأخير الذي وقعت عليه عشرات الأحزاب كنتيجة لهذا التعاون المستمر، وسيشكل هذا الحراك ضغوطا على البرلمان والأعلى للدولة والرئاسي للعمل على كسر الجمود الذي آل إليه الوضع السياسي في ليبيا"، بحسب تقديره.

"أحزاب وهمية وضعيفة"
لكن المرشح السابق لرئاسة الحكومة الليبية، فتحي رجب العكاري رأى أن "هذه التكتلات رغم كبر عددها إلا أنها مجرد أحزاب وهمية ليس لها تأييدا أو حضورا شعبيا، وليس لديها قوة تدعمها على أرض الواقع، لذا تظل توافقاتها مجرد شعارات".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "الجهات المسيطرة على الوضع الآن سواء سياسية أو عسكرية لن تسمح بانتخابات قد تخرجها من المشهد، أما البعثة الأممية لدى ليبيا فقد أثبتت أنها لا تحرك ساكنا فكيف الآن تريد أن يكون لها دور قوي عير الأحزاب"، وفق تساؤله وتصريحه.


"حل أممي عبر الأحزاب"
في حين قال رئيس المكتب السياسي لحزب التغيير، موسى تيهوساي إن "هذا الاتفاق يحمل رسالة واضحة وقوية من الأحزاب تؤكد على التمسك بأهمية التنسيق والتواصل كشرط أساسي لترسيخ التعددية السياسية ومفهوم الديمقراطية في البلد".

وأضاف لـ"عربي21": "كما أن الخطوة تؤكد أن الأحزاب يمكن أن تتفق أكثر من غيرها على مقاربة جادة للتغيير السياسي والوصول إلى الانتخابات بما في ذلك الاتفاق على إطار دستوري لها يضمن مشاركة كل الأطراف ولا يقصي أحدا، أما بخصوص البعد الدولي والأممي فهو فرصة للأمم المتحدة للبحث عن آلية جديدة للحل عبر الأحزاب بدلا من تكرار التجارب الفاشلة التي تدور حولها منذ سنوات"، وفق تعبيره.

"تحرك طبيعي وقد ينجح"
المرشح لانتخابات مجلس النواب المرتقبة والإعلامي الليبي، عاطف الأطرش قال من جانبه إنه "من الطبيعي أن تتحرك القوى الحزبية في ظل الجمود السياسي الحاصل ولعلها تكون الحجر الذي يحرك المياه الراكدة في المشهد خاصة مع دعم البعثة الأممية لهذا الحراك من خلال حضور ممثليها".

وأضاف: "وقد يكون هذا الحراك أيضا مدفوعا من خلال دعم المجلس الأعلى للدولة له، ويكون هدفه وضع الكرة في ملعب المجلس الرئاسي ومجلس النواب الذين غاب ممثليهم عن هذا اللقاء والاتفاق"، حسب كلامه لـ"عربي21".

مقالات مشابهة

  • «الشعبية التيار الثوري» تدعو قوى الثورة و التغيير لتقديم تنازلات
  • الشعبية التيار الثوري تدعو قوى الثورة و التغيير لتقديم تنازلات
  • ”تحت غطاء التغيير: الحوثيون يرسخون قبضتهم على مؤسسات الدولة”
  • تكتل حزبي ليبي مدعوم أمميا.. هل يضغط على أطراف الصراع؟
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • وزير الإعلام خالد الإعيسر: الحـرب ستنتهي اليوم إذا التزمت مليشيا الدعم السريع بمخرجات منبر جدة
  • الحزب استهدف دبابتي ميركافا على تلة اللوبيا عند أطراف دير ميماس والبياضة
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • المرصد السوداني لحقوق الإنسان يدعو أطراف النزاع إلى الالتزام واحترام القانون الدولي وحماية المدنيين
  • اشتباكات عنيفة بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي على أطراف بلدة البياضة جنوبي لبنان