العام الدراسي السوداني بين كفي الجنرالين
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
العام الدراسي السوداني بين كفي الجنرالين
زهير هواري
الملخص
– اندلعت انتفاضة في السودان ضد نظام عمر البشير في ديسمبر 2019، واجهت تحديات بسبب الصراع بين قوات البرهان وحميدتي، مما أثر على النظام التعليمي وحول المدارس إلى ملاجئ أو ثكنات عسكرية.
– القتال والإضرابات العامة أدت إلى تعطيل العملية التعليمية، خسارة الطلاب لجزء كبير من العام الدراسي، ومواجهة المعلمين صعوبات في الحصول على رواتبهم.
– تتفاقم الأزمة التعليمية بسبب الصراع العسكري والاقتصادي، مع تزايد الإضرابات وترك العديد من المعلمين والطلاب للقطاع التعليمي، مما يهدد مستقبل التعليم في السودان.
دوماً، تتحول أحلام السودانيين إلى كوابيس. فالانتفاضة على نظام الرئيس السابق عمر البشير في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2019، والوعود بفتح أبواب المدارس والمعاهد والجامعات مجاناً انتهت بتعطيل مؤسسات التعليم جرّاء الحرب الضروس بين قوات الجنرالين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
والقتال الذي بدأ في العاصمة الخرطوم ثم امتد إلى معظم الأقاليم بنسب متفاوتة، عطل العملية التعليمية من ألفها إلى يائها. وحتى الآن، سجلت أيام القتال المتواصل قرابة العام، لكن مفاعيلها ستحكم على سنوات تعليمية بالضياع. ففي العام الدراسي الماضي، خسر التلاميذ بفعل إضراب المعلمين قرابة 30 في المائة من أيام الدراسة، ثم انفجر القتال فخسروا معظم عامهم الدراسي. في هذا العام، يبدو أن الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ.
وبرزت العديد من المشاكل المرتبطة بحال القتال الذي يدور من دار إلى دار ومن مدينة إلى أختها. وكلها تقود إلى تعقيد مشكلة العودة إلى مقاعد الدراسة في حال هدأت الأحوال. بالطبع، برزت العام الماضي أكثر من مسألة، فالامتحانات المدرسية والعامة التي كانت الوزارة تؤكد أهمية إجرائها تعطلت في معظم المناطق لتعذر وصول الأساتذة والطلاب إلى المدارس، التي تحول بعضها إلى ملاجئ للمهجرين والنازحين من بيوتهم، بينما البعض الآخر بات عبارة عن ثكنات عسكرية للقوى المتصارعة.
والبديهي في قتال الأحياء والشوارع أن تخسر المؤسسات التربوية تجهيزاتها من سجلات ومقاعد وكراسٍ وأجهزة كومبيوتر ومكتبات ومختبرات ومكاتب تعرضت للخراب والسرقة ضمن حالة الفوضى السائدة. ومن البديهي أن تشهد البلاد جدلاً واسعاً حول مصير الامتحانات العامة والمدرسية، ولا سيما لطلاب الثانوية العامة نتيجة خسارتهم أسابيع عديدة من العام الدراسي، هم الذين كانوا يخططون للدخول إلى المرحلة التعليمية الجامعية. وخسارة مثل هذه الفرصة ستؤثر على مستقبلهم، باعتبار أن الجامعات لن تسمح لطلاب غير حاصلين على هذه الشهادة دخول حرمها. إلا أن المشكلة الأبرز تمثلت في قضية تأمين دفع رواتب المعلمين والأساتذة والإداريين في القطاع التعليمي وزيادتها إلى ما يساوي 120 دولاراً أميركياً. وتطالب لجنة المعلمين وهي جسم مطلبي بزيادة الإنفاق على التعليم بنسبة 20 في المائة من ميزانية الدولة العامة، ودفع مستحقات المعلمين في البدلات، وتعديل العلاوات ذات القيمة الثابتة تماشياً مع الظروف الاقتصادية، فضلاً عن زيادة الحد الأدنى لأجر المعلم الحالي الذي لا يغطي سوى 13 في المائة من تكاليف المعيشة. ورغم الوعود والضغوط والاتصالات التي أجريت من أجل حلحلة الوضع وتأمين الرواتب لم يتحقق ذلك، ما دفع المعلمين إلى تنفيذ العديد من الاعتصامات وممارسة الإضراب والإغلاق الشامل للمدارس في مراحلها المختلفة.
وقادت حالة انعدام الوصول إلى حلول إلى تصاعد في حركة الإضراب حتى أن عدد المدارس التي شاركت في الإضراب الشامل والجزئي وصل إلى حوالى 17،785 مدرسة في سائر مراحل التعليم المختلفة بكل ولايات السودان، بحسب بيان اللجنة، منها نحو 15،007 نفذت إغلاقاً شاملاً، وما يقارب 2778 مدرسة أغلقت بشكل جزئي من خلال استمرار تدريس طلاب الصفوف النهائية (السادس الابتدائي والثالث الثانوي)، بينما عطلت الدراسة لبقية الفصول بالمرحلتين، ولم تستجب للإغلاق أكثر من 2000 مدرسة بحجج وصفها البيان بـ “الواهية”، وهو ما شمل العاصمة وسائر الولايات.
في النتيجة، فإن مصير العام التعليمي الراهن هو في أيدي الجنرالين. وتركت أعداد كبيرة من المعلمين والإداريين والطلاب القطاع، وأخذوا يبحثون عن عمل ما لتوفير نفقاتهم الضرورية. ومع تعقد الأزمة، تعالت الاتهامات من قبل المعلمين للقائدين ولوزارات التربية والمالية والتخطيط الاقتصادي بالتنكر لحقوقهم رغم وجود مسودة اتفاق أمام مجلس السيادة الانتقالي، لكنها تواجه إهمالا باعتبار أن الأوضاع العسكرية لا تسمح بالترف التعليمي.
(باحث وأكاديمي)
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجنرالين العام الدراسي مؤسسات التعليم هواري
إقرأ أيضاً:
مصر وبريطانيا تتعاون لتطوير التعليم قبل الجامعي وتعزيز مهارات المعلمين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، كاثرين مكينيل وزيرة التعليم بالمملكة المتحدة، لبحث سبل أوجه التعاون فى مجال تطوير التعليم قبل الجامعي وذلك في إطار الشراكة العالمية للتعليم "GPE".
جاء ذلك بحضور مارك هوارد مدير المجلس الثقافي البريطاني في مصر والدكتورة هانم أحمد مستشار وزير التربية والتعليم للعلاقات الدولية وهالة أحمد رئيس قسم برامج اللغة الانجيليزية والتعليم ما قبل الجامعي بالمجلس الثقافي البريطاني.
ثمن الوزير محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم مجالات التعاون المتعددة مع المملكة المتحدة، القائمة على أسس قوية من التفاهم والثقة، وما تقدمه من دعم لتطوير العملية التعليمية في مصر، والارتقاء بها، وخاصة ما يتعلق بالاحتياجات اللازمة لتدريس اللغة الإنجليزية، وأنشطة بناء القدرات لتطوير المهارات اللغوية للمعلمين، وضمان جودة نقل التدريب للآخرين.
كما استعرض الوزير محمد عبد اللطيف ما تم تطبيقه من آليات على مدار الشهور الماضية للتغلب على تحديات مزمنة تمثلت في الكثافات الطلابية والعجز في المعلمين.
واستعرض الوزير أيضا تفاصيل مقترح شهادة البكالوريا المصرية الذي تم طرحه للحوار المجتمعي في مصر كبديل لنظام الثانوية العامة والذي يضم العديد من أوجه التطابق مع نظام التعليم البريطاني لما يوفره من فرص متعددة في الاختبارات بدلا من نظام الفرصة الواحدة التي تقرر مصير مستقبله، فضلا عن المسارات التي يختار من بينها الطالب وفقا لقدراته وميوله.
وأكد الوزير على جهود الدولة المصرية فى تطوير التعليم، والتي تهدف إلي تحسين التجارب التعليمية لطلابنا بطريقة إيجابية من خلال نظام تعليمي يتسم بالمهارات والمعارف والأنشطة، بالتعاون مع عدد من الشركاء، وذلك من خلال تقديم مناهج دراسية، وتطوير كل من أدوات التدريس والوسائل التعليمية.
ومن جانبها، أشادت كاثرين مكنيل بالخطوات الملموسة القوية التي تقوم بها الدولة المصرية في مجال تطوير التعليم قبل الجامعي، مشيدة في هذا الإطار بجهود الوزير محمد عبد اللطيف التي بذلها على مدار الشهور الماضية للتغلب على تحديات الكثافات الطلابية والعجز في المعلمين، مؤكدة أنها تمثل خطوة قوية تجاه تعزيز سبل الارتقاء بالمنظومة التعليمية، مشيرة إلى حرص الجانب البريطاني على مواصلة تعزيز أطر التعاون لتطوير المنظومة التعليمية في مصر في إطار الشراكة العالمية للتعليم "GpE"
وشهد اللقاء مناقشة سبل تعزيز آليات التعاون في الخدمات التعليمية المقدمة لتطوير المناهج الدراسية لتحسين قدرات الطلاب في تحدث واكتساب اللغة الانجليزية بشكل عملي يمكنهم من استخدامها، وتطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب.
كما تضمن اللقاء مناقشة تعزيز أوجه التعاون فى برامج التنمية المهنية المستمرة (CPD) للمعلمين في إنجلترا، والتى تهدف إلى تعزيز قدرات المعلمين في مواجهة التحديات الحالية في التعليم، وتطوير مهارات التدريس وتحسين أدائهم في الفصول الدراسية، والتركيز على أحدث طرق التعليم، واستراتيجيات الفصل، والتقنيات التعليمية.