يمانيون:
2024-07-04@02:07:31 GMT

العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة

تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT

العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة

عبدالعزيز البغدادي

حين نناقش القضايا الهامة والأكثر أهمية فإن مقتضى الواجب الوطني في اعتقادي يستلزم الحرص على التمسك بالقدر الكافي من الصدق والأمانة والإحساس بالمسؤولية وبما يتناسب مع حجم هذه القضايا وأهميتها.
ولا يوجد أكثر أهمية في حياة المواطن والوطن من العدالة والأمن وارتباطهما ببعض، والواجب الوطني يحتم على كل الجهات والمؤسسات والهيئات القضائية والأمنية والرقابية ذات الصلة بهذين المرفقين اللذين ينتميان إلى ما يعرف بالمنظومة العدلية أحد أهم مكونات السلطة التنفيذية كركن من أركان الدولة التي يقع عليها من خلال ممارستها لاختصاصاتها تأكيد الحرص التام على معرفة حقيقة ما يقع من منتسبيها من تجاوزات خلال أدائهم لواجباتهم أو ضدهم، لأن العليل لا يعول عليه في مداواة غيره، وواجب إظهار الحقيقة للناس بشفافية ينطلق من مبدأ حسن النية المفترض أن يقوم عليه نشاط الموظف العام، وحين أؤكد على الكيفية فإنما أُلَمِّح بذلك إلى أهمية دور الإعلام المسؤول الذي يقوم على الصدق والحرص على البحث عن الحقيقة واظهارها وليس الإعلام الموَجَّه وفق نظرية جوبلز (اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس)، ومن يعرف الفرق بين النظريتين سواءً من المختصين في الإعلام أو من المهتمين، يدرك ما أعنيه وهو أن الصلة بين كل الأعمال والأنشطة العامة والخاصة وبين الإعلام، صلة وثيقة وتدخل في صميم السياسات التي لا بد أن تغادر دوامة الاستعلاء على الناس والفوقية كطريق مستقيم لوضع التصورات الواعية لاستيعاب هذه الصلة والعلاقة وكيفية الاستفادة منها في رسم السياسات وتنفيذها ومنها بل وفي جوهرها ضرورة احترام مبدأ سيادة القانون والابتعاد عن العشوائية والمزاجية في صنع القرار واحتكاره، وهذا هو المعيار الأول والأساس الذي تقاس به ومن خلاله قوة الدولة أو ضعفها، عدالتها وظلمها، وبه نتعرف على مدى تحقيق أمنها واستقرارها وعلاقتهما بالعدالة، فالأمن الحقيقي الدائم لا يتحقق إلا بالعدالة الحقيقية والدائمة، أما الاستقرار فيمكن أحيانا تحقيقه بالقمع واتخاذ إجراءات قاسية، وأقول أحيانا لأن القمع إنما يؤدي إلى إشعال الفتن والاضطرابات وخلق المزيد من الأزمات، والواجب يقتضي دائماً التعامل مع الأحداث والقضايا بعقلانية وعدالة ومسؤولية وبذلك يقاس الربح والخسارة العامة وليست الخاصة، لأن من أهم خصائص القاعدة القانونية أنها عامة ومجردة أي أن القانون يطبق على الجميع وفق مبدأ العدل والمساواة ومقتضيات الحال وتطبيق أحكام القانون بتفصيلاتها كمنظومة متكاملة وتجنب المزاجية والانتقائية المنافية كلية لمقتضيات تحقيق العدالة كمبدأ وقاعدة، ولا ينبغي أن نتجاهل دور المجتمع المدني المفترض في مختلف القضايا.


إن مراجعة تاريخ الصراعات في اليمن محزن، سواءً كانت ناشئة عن أسباب ولمصالح أطراف داخلية، أو بالوكالة ولمصلحة التدخل الخارجي وهذا هو الأمر الأكثر مدعاة للأسف والاستياء، لأن الصراعات والتوترات التي تنشأ لأسباب داخلية ولا يوجد فيها عامل خارجي يمول المتصارعين لتبقى نار الفتنة مشتعلة ويحول دون تمكين العقلاء من السعي نحو المصالحة وتحقيق الأمن والسلام أقرب إلى الحل.
المصالحة وتحقيق السلام سواء كانت ناتجة عن مساع داخلية أو خارجية، يمكنها بسرعة إنهاء حالة الصراع إذا غلبت فيها الحكمة وحُكِّم العقل والمنطق والانتصار على كل الأنانيات والمصالح الضيقة، طالما توفرت النوايا الحسنة وترجمت الأقوال إلى أعمال، أما الصراعات الممولة فتبقى ما بقي التمويل، ولا توجد جريمة أسوأ من جريمة تمويل الصراعات والفتن.
العدالة دين الدولة، هذا المبدأ في اعتقادي يعني بكل بساطة أن على سلطات أي دولة أن تدرك بأنها ملك الشعب وأن الوظيفة العامة مسؤوليات وليست امتيازات شخصية وأن العلاقة بين الشعب والسلطة علاقة حركة وبحث مستمر عن الحقيقة بوعي واحترام متبادل ومسؤولية، وليست علاقة تابع ومتبوع أو راعٍ ورعية، لأن علاقة الراعي بالرعية لم تعد الصيغة المقبولة في الدولة الحديثة، الشعب والسلطة في الدولة الحديثة ركنان أساسيان من أركان الدولة بكل مفاصلها وتفاصيلها وهذا ما تعنيه دولة القانون والمواطنة المتساوية كصيغة للدولة المدنية الحديثة، لقد أصبحت تسمية الشخص الأول “ولي أمر” تسمية مثيرة للسخرية، فكل مسؤولي الدولة مسؤولون أمام القانون أي خاضعون للمساءلة، كل بحسب موقعه في السلطة وتأثيره في اتخاذ القرار وعلى هذا الأساس تحسب تبعات القرارات والتصرفات، وولي أمر الجميع هو الدستور والقانون.
هذه النظرية هي التي يمكن بواسطتها تحقيق العدالة والأمن والاستقرار للمواطن وتحقق راحة الضمير لمن يمارس السياسة لا باعتبارها لعبة، كما يطلق عليها البعض، وإنما لكون ممارسة السياسة والسلطة مسؤولية قانونية وأخلاقية لا بد أن يخضع من يمارسها للثواب والعقاب ابتداء من الكبير قبل الصغير.
من دم الشعب
تزهر الأرض
والشمس تشرق من راحتيه

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

تفاصيل من التعديلات المقترحة على مواد العقوبات في مشروع قانون الإعلام

أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي

بعد أكثر من 5 أشهر من النقاشات المستفيضة والاجتماعات المتعددة والجلسات النقاشية، أجاز مجلسا الدولة والشورى يوم أمس الاثنين في جلسة مشتركة مشروع قانون الإعلام ورفع إلى جلالة السلطان مشفوعًا برأييهما.

وقال المكرم أ.د. عبدالله الكندي عضو مجلس الدولة لـ “أثير” إن الجلسة المشتركة تضمنت نقاشات وتعديلات لبعض المواد وإعادة صياغة بعضها الآخر، بالإضافة إلى تجنب مواد معينة والمطالبة بحذفها.

وأكد بأن أبرز المواد التي عُدِّلَت هي مواد فصل العقوبات، حيث طالبت التغييرات بتجنب مواد معينة أو إعادة صياغتها، خصوصًا تلك المرتبطة بـ “العقوبات الحبسية” كالإيقاف والسجن، لذا طالبنا بتجنبها بحيث لا يحبس صحفي أو إعلامي نتيجة ممارسته لعمله، بحيث لا ينص قانون الإعلام على هذه المسألة، وتبقى “العقوبة الحبسية” في منطقة العقوبات بموضوع لا يرتبط بالإعلام وإنما بشخص اعتدى بالتشويش أو التخريب على وسيلة الإعلام فالقانون أبقاها كنص، وهذه لا تعاقب الصحفي والإعلامي، فعادة الإعلاميون أو الصحفيون لا يقومون بالتشويش أو التخريب على مؤسساتهم، -وإن حدث- وكان الإعلامي وراء التخريب أو التشويش فهو يضر بالقطاع والمشتغلين بالمهنة.

وبيّن المكرّم بأنهم طالبوا بتخفيف الغرامات الواردة في جميع مواد فصل العقوبات وإعادة النظر فيها وفي صياغتها نظرًا للمبالغة في بعضها، فالمؤسسات الإعلامية يجب مراعاتها عند فرض غرامات لتستطيع الإيفاء بالتزاماتها، فهناك تفاوت في المؤسسات الإعلامية من حيث حجمها وإمكاناتها وإيراداتها وما إلى ذلك، فلا يمكن أن تعاقب عقوبة واحدة، مضيفًا بأن المطالبات شملت إعادة صياغة وتغيير بعض المواد المرتبطة بالمحظورات أو ممنوعات النشر بسبب طبيعة العمل الإعلامي وطبيعة الوقت الراهن الذي نعيشه في العمل الإعلامي، لذا؛ فقد كانت هناك تغييرات على مستوى المواد تمثلت في الحذف والتصحيح وإعادة الصياغة وتغيير طبيعة الحكم في المواد، وكل تلك التغييرات تمت بفعل القراءات المتعددة وعمل اللجان المختلفة.

وأشار المكرّم إلى أن مواد الاتفاق التي اُتُّفِق عليها سلفا بين المجلسين قد تم إقرارها جملة واحدة، أما المواد المختلف عليها كانت عبارة عن مواد تتمثل في الصياغات غير المنضبطة أو المطالبة بإبقاء مادة أو حذف مادة، مؤكدًا بأن القراءات التي قدمها أعضاء المجلسين واعية لمسألة التوازن بين أدوار السلطة التنفيذية وأدوار المؤسسة التي تشرف على العمل الإعلامي ألا وهي وزارة الإعلام وعمل المؤسسات الإعلامية بشكل عام، فالتوازن والفصل بين السلطات مطلوب وهذا ما أكده القانون، ومثال على ذلك؛ قانون الإعلام الجديد يتضمن إشارات واضحة للقضاء فالمخالفات لم تعد مخالفات إدارية، ما يعني أن المتضررين أو المختلفين يذهبون إلى القضاء.

وأوضح المكرّم بأن الممارسات يجب أن تكون صحيحة بعد الفصل بين السلطات، فربما يكون هناك نص قانوني جيد وموضوعي وقوي ولكن الممارسات تخالف هذا النص القانوني ولا تدعمه، فالرهان مستقبلا أن ينتبه الجميع سواء ممارسون أو سلطات أو مجتمع إلى أن الممارسات هل تمضي في دعم وثيقة القانون أم هي بعيدة عن القانون والوثيقة، مضيفًا: أعتقد دائما الرهان بعد إعلان أو صياغة أي قانون في أي قطاع أن نختبر الممارسات لاحقًا ونتأكد من مطابقة هذه الممارسات مع ما أُقِرّ من قوانين.

واختتم المكرّم أ.د. عبدالله الكندي حديثه مع “أثير” قائلًا: الرهان ليس على القانون وحده، وإنما المراهنة الكبيرة على تطور هذا القطاع، فالقانون مهم ولكن السياسات الحاكمة لهذا القطاع كونه مرتبط بحزمة من الممارسات والسياسات لذا؛ يجب أن تتطور، ومساهمة الجميع في تطور القطاع سواء مؤسسات إشراف أو المشتغلين في القطاع، ولا نضع القانون عائقًا أمامنا حتى وإن تصورنا ذلك، فالرهان على الممارسات وتحسين السياسات وسياسات العمل الإعلامي اليومي، موضحًا: القانون يفي بمتطلبات المرحلة وسيقدم ما يطمح له المجتمع والمشتغلون بالإعلام من مرئيات لمستقبل العمل الإعلامي وسيدفع بالكثير من التطوير لهذا القطاع.

مقالات مشابهة

  • العطل في العراق.. فرحة الموظفين وخسائر بالمليارات
  • سيحاصرك الموت غدا!!
  • سليم الصايغ يقرأ في محاضرة فياض: الهواجس الوجودية تصيب الطوائف كلها وهذا هو المطلوب
  • تفاصيل من التعديلات المقترحة على مواد العقوبات في مشروع قانون الإعلام
  • قيادي بـ«الشعب الجمهوري» يدعو الحكومة المرتقبة لتنفيذ توصيات الحوار الوطني  
  • مصر: الشعب بين غشم النظام وخرس النخبة
  • النائب أحمد عبدالجواد: رضا الشعب والملف الاقتصادي أبرز التحديات أمام الحكومة
  • «عمال مصر» يطالب الحكومة المرتقبة باتخاذ قرارات جريئة وسليمة من أجل المواطن
  • بعد اختلافهما فيها: الدولة والشورى يناقشان مواد 3 مشروعات لقوانين مُهمة
  • محاكمات أونلاين والإعلان عنها برسائل نصية.. ماذا يريد خبراء القانون من الحكومة المرتقبة؟