بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)_ العملة الوحيدة التي كانت في العصور القديمة قابلة للتداول كانت متمثلة في الذهب أساسًا، لندرته العالية وعدم تأكله كمعدن في الأساس وقدرته على حفظ القيمة المادية، فضلًا عن فضله في صناعة الحلى وفي صناعات أخرى كثيرة، بحيث أصبح الذهب عملة عالمية لا تحكمها الحدود حتى اليوم.
فحيثما يحل المرء في مشارق الأرض ومغاربها وفي حوزته قدر من الذهب يستطيع بيعه والانتفاع بقيمته دون صعوبة سوى حمل هذا الذهب عبر الطرق والمطارات والأسواق وتأمينه ضد الفقد وضد السرقة.
واليوم نطالع أخبار العملات الرقمية أو العملات المشفرة التي ظهرت قصتها للعلن عام 2008 وصارت اليوم عدة آلاف من العملات المشفرة المختلفة الغريبة الأسماء أيضًا.
والعالم يدور حول هذه العملات الهابطة من الفضاء على عالم العقلاء في شتى الاتجاهات بين مؤيد ومعارض ومتحمس وخائف ومتشكك.
أذكر يوم قرر بعض الجيران من أهل أصدقائي قبل حوالى أربعة عقود من الزمن -ونحن أطفال- الانتقال من حينا اللطيف الهادئ القريب من وسط البلد إلى حي المعادي وكيف تلقينا الخبر باستغراب وحيرة.
فقد كان حي المعادي جديدًا بالنسبة إلينا حينها ولم تطرق بابه كثير من الخدمات حتى ليتعجبن البعض من رغبة أحدنا الانتقال للحياة فيه بدلًا من حي نظيف عامر بالخدمات وبالحياة وبالقرب من كل شيء في القاهرة.
فالناس تخاف كل جديد وتخشى التغيير وتحب البقاء على ما تعرف أكثر مما ترحب بالترحال وتبدل الأحوال.
ولكن كثير من التغييرات قد أخذت بيد العالم راغبًا أو رافضًا إلى عتبات كانت فيما قبل من المستحيلات. وهذا ما رأه العالم ما قبل اختراع الطائرة وما قبل اختراع الكهرباء وما قبل اختراع الموبيل وغيرها من الاختراعات والاكتشافات. ولكن كل اختراع أو اكتشاف يحتاج إلى زمن مناسب ليتأكد الناس مما فى هذا الاكتشاف من نفع ويعرفون سبيلهم الى حسن التعامل مع هذا الاكتشاف أو الاختراع والانتفاع بحسناته وتجنب سيئاته.
والعملات المشفرة -شأنها شأن الاكتشافات والاختراعات الجديدة- تحتاج إلى زمن مناسب ليتبين للعالم حسنها من سوئها، خاصة وأنها تحجب السيطرة المركزية، وتستهلك طاقة عظيمة في عملها، وقد يساء استخدام هذه العملات.
كما أن الاستثمار في هذه العملات يكتتفه الخطر من البداية الى النهاية، خاصة وأنها عملات غير مرئية وليست ذات وجود حسي وليست فعليًّا بالاستثمار المنتج إلى الآن على الأقل. ومع كل ذلك، فقد سارعت بعض دول إلى اعتبار اقتناء تلك العملات المشفرة من قبيل حيازة الأصول المستحقة للضريبة – ربما على اعتبار أن تحصيل مزيد من الضريبة أولى بالاتباع من التحذير والزجر- وسارعت دول أخرى الى اعتبار بعض تلك العملات عملة رسمية للبلاد في إجراء جد غريب ومفعم بالمغامرة، وتجاهل تلك الدول ما يصاحب تلك العملات المشفرة من مخاطر قد يبدو بعضها أكبر من خطر جسيم.
Tags: الحداثةالعملات المشفرةالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الحداثة العملات المشفرة العملات المشفرة ما قبل
إقرأ أيضاً:
حتي لا تأخذكم بهم رأفة.. المتعاونين (الخطر القائم)
نشط الجناح السياسى والاعلامى للجنحويد (قحت) فى حملة اعلامية تعمل على حماية كوادرهم العسكرية المنتشرة داخل ▪︎-الأحياء ما يعرف (بالمتعاونين).. تحت لافتة الأبرياء..
هولاء المتعاونون أخطر من الجنحويدى المقاتل الواضح وبالتالى فان قتالهم اوجب..
▪︎-فان هذه الحرب قد اعتمدت بشكل اساسى على المتعاونين ودورهم الكبير فى إدارة العمليات العسكرية لمليشيا الجنحويد.. من تدوين وتصحيح، وارشاد .. وسيطرة على الأحياء السكنية.. واستهدافاً مباشر للمواطن بالقتل والاعتقال، والتنكيل، والاغتصاب والسرقة.. وقد جعل المواطن هدفاً استراتيجياً لتحقيق أهداف هذه الحرب..
▪︎-لذا كانت هنالك أدوار تبادلية مع الإعلام المصاحب لهذه الجرائم بغرض الضغط والرضوخ لعملية سياسية تضمن بقاء قحت ومليشيا الجنجويد فى المشهد السياسى..
*لذلك فان العمل على حماية المتعاونين وضمان بقاءهم داخل الأحياء جزء تكميلى ضامن لاستمرار هذه الحرب و هذا المخطط بصورة او اخرى..
▪︎-وبالمقابل فان التركيز على المتعاونين من واجبات و اولويات العملية العسكرية لانهاء هذه الحرب وافشال هذا المخطط*
ثم من المهم أن نعرف ان عملية دخول الجيش والقوات الأخرى للمدن و الأحياء السكنية لتحريرها وفرض السيطرة عليها.. هى عملية عسكرية معقدة تسبقها الكثير من العمليات الاستخباراتية والمعلوماتية الدقيقة، ومن ذلك العلم التام بالمتعاونين ودورهم وما يمكن أن يقومون به (قبل) و(اثناء) و(بعد) دخول الجيش.. لذلك يتعاملون معهم وفق تقديرات ميدانية تخضع للعملية الحربية.. وليست كحال الظروف الطبيعية
خاصة ان هنالك كانت من الفرص الكافية لهولاء المتعاونون لتسليم أنفسهم قبل او أثناء دخول الجيش..
ولكن ان يكون التعامل مع الأجهزة الاستخباراتية بالتستر ومحاولة التخفى وسط المواطنين يجعل المتعاون فى حالة قتالية او مرحلة قتالية اخرى يعد لها.. لذا تعمل غرف قحت الإعلامية لحمايتهم
▪︎-لذلك يبقى التركيز على المتعاونين من اهم مراحل انهاء الحرب وافشال هذه المخطط.
حاتم عبدالوهاب عبدالماجد
إنضم لقناة النيلين على واتساب