ليزا روز غاردنر ارتفعت حرارة الجو، لتبشر بحلول الصيف وتألقت الأشجار والزهور ببهاء ألوان جذابة… وتراقصت في الهواء رائحة اللافندر وأمواج الماء. ولاحت هناك في البحيرة مجموعة من البط تسبح بين المجدّفين في القوارب الصفراء… في حين يستمر خرير المياه منافسا التجديف وكأنه لحن يصدر من حنجرة الطبيعة يتنافس مع زقزقة الطيور المحلّقة في قلب السماء عائدة الى أوكارها المحميّة بين الأشجار المجاورة للبحيرة.
في نفس اللحظة ارتدت سيدة القصر .. فستانها الأزرق الحريري ووضعت أحمر الشفاه الورديّ ولبست حذاء الكعب ونزلت دُرّج السلم الزجاجي وفي يدها كأس من الشمبانيا الباردة…
و هي تتأفّف من الحرارة وتتضجّر وهمست “اووووف الن يبرد الجو بعدُ!
ثم قالت لخادمتها: “ناوليني حقيبة يدي وساعتي… !! ثم زمجرت بغضب ” هيّا بسرعة أيتها البلهاء…!”
أسرعت الخادمة الى حجرة نوم عالية وأحضرت لها الحقيبة والساعة وبينما كانت تنزل بسرعة من الدّرج الزجاجي، تعثّرت فوقعت وتدحرجت من منتصف الدرج الى الأسفل … فتضرّر أنفها وسال منه الدم وتكسّرت الساعة واختلط الدم بالألماس وبصراخ سيدة المنزل وهمّت بكل انفعال بركل الخادمة ركلات موجعة! كأنه لا يكفي على الخادمة غربتها وتحقيرها والاعتداء عليها حتى تُضرب وتُهان …!
تدخل حارس الفيلا الزّجاجية ليقول لسيدة المنزل:” سيدتي… كُفّي عن ضربها فهي ستموت تحت ركلات رجليك، رجاء توقفي إنها ستموت!!! فأجابته بغضب:” فلْتمت ونتخلص منها لقد كسرت ساعتي…! هذه الأنانية الغيورة الغبيّة…!، فلتَمُت و تُريحني منها…” فغمغمت الخادمة في الم حاد “يا ليتني مت قبل هذا اليوم و كنت نسيا منسيّا”. لملمت الخادمة أوجاعها وأخفتها في نفس الحقيبة التي وضعت فيها ملابسها الدامية والمهترئة وخرجت وهي منكسرة الخاطر وتوجهت نحو الشارع مقهورة! وجلست تحت ضل شجرة إلى أن أسدل الليل لونه الأسود الصامت. وبدأت تتذكّر تراجع وتفكر في مراحل حياتها… لقد كانت طبيبة أسنان في مدينة حلب في سورية و تذكرت تقارير اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية و احتجاجها على الهجمات الجوية ضد المنشآت الصحية في المدينة وعلى أراضي سورية بأكملها، كانت تعمل في مستشفى القدس عندما انفجر المستشفى فكان يوم شبيه بيوم القيامة… انهارت فيه المباني وتناثر الزجاج في كل مكان و اخرجوها من بين الانقاض و من الجحيم الملتهب في المشفى.. و قررت أماني أن تهاجر إلى أوربا فباعت كل ما تملك و هربت على متن شاحنة عفنة مع قطيع من الحيوانات و البشر.. سمعت أنين الاوجاع والآلام المختلط بالصراخ والتأوهات وانينها اليوم شبيه بأنينها في الأمس كما في الحرب. استغربت أماني من شيء واحد و هو أن أنفها و فكها لم يهشم تحت وابل الصواريخ في حين أن علياء السيدة الإماراتية المدللة قد هشّمته وعملت على تقزيمها ا و استغلالها و ضربها .
غسلت أماني وجهها بماء البحيرة فدارت بها الأرض و ضغط على رقبتها ملك الموت و نامت على سطح ماء البحيرة .. فاقت اماني في سرير دافئ و شعرت بألم في جميع أنحاء جسدها النحيل .. و تقدمت منها طبيبة تقول لها بالإنجليزية :”لقد استيقظت حمدا لله…” لم تدر اماني بالضبط ما تقول أو أين هي و غمغمت يااا الله ما بدي اعيش.. اقتربت منها الممرضة و قالت لها ما اسمك جاوبتها اسمي أماني .. أجابت الممرضة اسم جميل! لكن كل الأماني تنهار أمام ظلم العالم، تحترق تحت نيران الحروب و تموت في أوربا “اخخخخ يا موطني! اتبهذلنا… لن أشم الياسمين الشامي، أنفي مكسور مثل روحي! عذابي و نيران الصواريخ سيان…! وبكل وجع الأرض وألم الكون صرخت أماني “وين بدي اروح هلا!!!”
كاتبة يمنيةالمصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
متحف اللوفر يستحوذ على 272 أيقونة تعود إلى اللبناني جورج أبو عضل
كتبت"النهار": أعلن متحف اللوفر أنه استحوذ على مجموعة لبنانية خاصة تضم 272 أيقونة مسيحية شرقية سيعرضها في الجناح الذي سيخصصه للفنون البيزنطية والمسيحية الشرقية اعتبارا من عام 2027.وكانت المجموعة ملكا لجامع القطع الفنية اللبناني البارز جورج أبو عضل، كوّن الجزء الأكبر منها بين عام 1952 ومطلع سبعينات القرن العشرين، وأكملها نجله من خلال عمليات اقتناء في مزادات علنية في التسعينات.
وتضم المجموعة خصوصا أيقونات من اليونان وروسيا ومنطقة البلقان، من أعمال مجموعة واسعة من الفنانين بين بداية القرن الخامس عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين.
وأوضح المتحف الفرنسي في بيان أن من ضمن ما اشتراه "مجموعة نادرة من الأيقونات التي أُنتِجَت في سياق تجديد بطريركية أنطاكية اليونانية في القرن السابع عشر، في حلب على وجه الخصوص، وعلى أيدي مسيحيين ناطقين بالعربية في سوريا ولبنان والقدس".
وعُرضت المجموعة للجمهور عام 1993 في متحف كارنافاليه في باريس، ثم في متحف الفن والتاريخ في جنيف في عام 1997. وكانت أيقونات عدة منها عُرضت في أماكن أخرى منذ ذلك الحين، محور دراسات ومنشورات علمية.
وستضمّ مجموعات قسم الفنون البيزنطية والمسيحية الشرقية في متحف اللوفر نحو 20 ألف عمل، وستعرض المئات منها للزوار اعتبارا من سنة 2027 على مساحة 2200 متر مربع. وتعود هذه الأعمال إلى فترة ممتدة من القرن الثالث إلى القرن العشرين، وإلى منطقة جغرافية تمتد من إثيوبيا إلى روسيا، ومن البلقان إلى الشرق الأدنى وبلاد ما بين النهرين القديمة.