تحذيرات من تدهور بيئة «العلعلان» بالاحتطاب والرعي الجائر
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
شكّلت أشجار العلعلان الصنوبرية أحد أبرز عناصر الطبيعة في جبال الحجر الغربي، والإنسان العماني عاش مستفيدا من عناصرها المختلفة، فتارة تسقف أخشابها بيوتهم وتارة أخرى تكون أوراقها مواد للتطبيب، إلا أنها تواجه مرضا شكل تهديدًا صريحًا لبقائها حيث يتسبب في تيبس أغصانها الخضراء وجفاف جذوعها القوية ومات عدد كبير منها، وانحسرت بيئتها الطبيعية.
وعلى الرغم من الأهمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لهذه الأشجار، انخفض عددها بسبب ضعف الإنبات الجديد للشجرة، كما أنها في الآونة الأخيرة، تعاني من أعراض واضحة لمرض الموت التراجعي.
وقال الدكتور حمد بن حمود الندابي، باحث بمركز الدراسات والبحوث البيئية بجامعة السلطان قابوس: العلعلان، المعروف أيضا بالعرعر في بعض البلدان، هي أشجار صنوبرية تنمو في أعالي جبال الحجر الغربي في سلطنة عمان، مثل الجبل الأخضر وجبل شمس، وتوجد أيضا في جبل القبال وجبل الكور، وتحمل أشجار العلعلان أهمية بيئية واقتصادية وثقافية كبيرة، إلا أن غاباتها تتضاءل وتتراجع بشكل متسارع، وخلال زياراتنا البحثية إلى جبال الحجر الغربي، لاحظنا تقلصا متسارعا في أعداد الأشجار المعمرة وموتها، مما دفعنا إلى تقديم مقترح بحثي للحصول على منحة بحثية من جامعة السلطان قابوس، وتم تقديم هذا المقترح من مركز الدراسات والبحوث البيئية بجامعة السلطان قابوس بالتعاون مع حديقة النباتات العمانية وكلية العلوم الزراعية والبحرية، ولقد حصلنا على الدعم من جامعة السلطان قابوس لتنفيذ دراسة حول مسببات مرض الموت التراجعي لأشجار العلعلان وإجراء المسوحات الميدانية وجمع العينات والتحليل.
وأضاف: بعد عامين من الدراسة والتحليل، تم خلالها دراسة العوامل التي تسبب في تدهور غابات العلعلان والتي تشمل الإجهاد البيئي والبيولوجي، مثل مرض الموت التراجعي، بالإضافة إلى الرعي الجائر والاحتطاب، ويأمل الفريق البحثي في تغطية الجزئيات المهمة المتبقية واستكمال دراستها، ويسعى للتعاون مع المزيد من الجهات لوقف توسع المرض ومنع انتقاله إلى أنواع أخرى من الأشجار، حيث تم التواصل مع عدة جهات للحصول على دعم لاستكمال الجهود وإيجاد حلول لهذا التدهور.
وأشار إلى أن تغير حالة حفظ أشجار العلعلان من الانقراض الأدنى في عام 2008 إلى المهدد بالانقراض في عام 2015 يعكس عدة عوامل وتحديات بيئية وبيولوجية، ويثير هذا الوضع قلقا بالنظر إلى تزايد تدهور الوضع إذا لم تتخذ خطوات مستدامة وتدخل فوري لتقديم حلول شاملة ومستدامة.
وأشار الدكتور حمد الندابي إلى أن مرض الموت التراجعي هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة تؤدي فيها إصابة الأشجار بموت أطراف الفروع أو الفروع بأكملها، مما ينتج عنه تقليل في النمو وإنتاج الثمار، وتدهور الصحة العامة للشجرة، وفي النهاية، موت الشجرة بأكملها، ويمكن أن يُسبب مرض الموت التراجعي عدة عوامل، بما في ذلك العدوى الفطرية والآفات الحشرية والعوامل البيئية مثل الجفاف والرطوبة الزائدة، وقد يحدث تشابك بين أكثر من مسبب، كما هو الحال في حالة الموت التراجعي لأشجار العلعلان.
وأوضح أن هناك عدة سُبل فعّالة يمكن اتباعها للحفاظ على أشجار العلعلان ومنع انقراضها، منها المحافظة على موائلها الطبيعية ومناطقها المحيطة، وتقليل التدهور البيئي والتغيرات في البيئة التي قد تؤثر سلبا على نمو الأشجار وتنوعها البيولوجي.
كذلك، من المهم تقنين الرعي وتنظيمه خاصة في هذه المناطق الحساسة، وينبغي أيضا توجيه جهود التوعية والتثقيف للمجتمع والزوار بأهمية الحفاظ على أشجار العلعلان وتعزيز الوعي بالتأثيرات السلبية للتدهور البيئي وأنشطة الرعي الجائر والاحتطاب وغيرها، وكمثال لأهمية توعية المجتمع المحلي والزوار، فقد سجّل الفريق حالات موت لأشجار يتجاوز عمرها الألف عام بسبب قطع لحاء الأشجار لاستخدامه كموقد للنار من قبل زوار المكان، بالإضافة إلى ذلك، يجب دعم الأبحاث العلمية لفهم أفضل لغابات أشجار العلعلان، وتطوير تقنيات جديدة لزراعتها وتكاثرها، وتحسين استراتيجيات الحفاظ عليها، وأخيرًا، ينبغي تعزيز التعاون والتنسيق بين الجهات البحثية والحكومية والمنظمات غير الحكومية لتطوير وتنفيذ استراتيجيات الحفاظ على أشجار العلعلان وغيرها من الأشجار البرية العمانية، حيث يمكن للبحوث العلمية أن توجه السياسات والإجراءات الفعالة للحفاظ على هذه الأشجار، بينما يمكن للجهات التنفيذية تنفيذ هذه السياسات والبرامج على أرض الواقع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السلطان قابوس
إقرأ أيضاً:
تكريم الفائزين بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتيها العاشرة والحادية عشرة لعامي 2023 و2024
مجالات الجائزة في دورتها الـ«12» لعام2025 المخصصة للعرب عموما -
المؤسسات الثقافية الخاصة عن فرع الثقافة
النحت عن فرع الفنون
السير الذاتية عن فرع الآداب
حبيب الريامي: الجائـزة تترجـم اسـتحقاق المجيديـن وتتكفـل بطباعـة أعمالهـم التـي أهلتهـم لنيـل شـرف الفـوز
بتكليف سامٍ من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - رعى معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط حفل تسليم جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتيها العاشرة والحادية عشرة لعامي 2023 و2024، بنادي الواحات بمحافظة مسقط.
وتم تكريم الفائزين بالجائزة في الدورة العاشرة، حيث نال شرف الفوز الدكتور المكرم عبد الله بن خميس الكندي عن فرع الثقافة في مجال دراسات الإعلام والاتصال، والدكتور واسيني الأعرج عن فرع الآداب في مجال الرواية، فيما حجبت الجائزة في مجال الإخراج السينمائي عن فرع «الفنون».
أما في الدورة الحادية عشرة التي خصصت للعمانيين ففاز برنامج بودكاست «شاهد فوق العادة» لأحمد بن سالم الكلباني في مجال البرامج الإذاعية عن فرع «الفنون»، وفاز في مجال الشعر العربي الفصيح عن فرع «الآداب» ديوان «مقامات زليخا» للشاعرة شميسة بنت عبد الله النعمانية، وحجبت الجائزة في مجال دراسات في البيئة العمانية عن فرع «الثقافة».
وألقى سعادة حبيب بن محمد الريامي رئيس مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم كلمة استعرض فيها أهداف الجائزة وبداياتها ومسيرتها خلال الأعوام الماضية، وأضاف: إننا نصـل بعـد مضـي اثنـي عشـر عامـا علـى إنشـاء جائـزة السـلطان قابـوس للثقافـة والفنـون والآداب إلـى الـدورة الحـادية عشـرة منهـا، والتـي تعـد النسـخة السادسـة التـي تمنـح علـى مسـتوى سـلطنة عمـان، بعـد الـدورات الأولـى «2012»، والثالثة «2014»، والخامسة «2017»، والسـابعة «2019»، والتاسعة «2022».
مبينا أنه بالرغم من احتفالنا بتتويج فائزين اثنيـن فـي الدورة العاشـرة وفائزين اثنين فـي الـدورة الحاديـة عشـرة، فـإن جميـع الأعمـال التـي تقدمـت للترشـح فـي الدورتيـن، تعـد مكسـبا وطنيـا، وثـراء للمكتبـة الثقافيـة والفنيـة والأدبيـة محليـا وخارجيـا، وهـو مـا يمثـل تجسـيدا لأحـد أسـمى أهـداف الجائـزة، المتمثـل فـي تأكيـد الإسـهامات العمانيـة ماضيـا وحاضـرا ومسـتقبلا، فـي رفـد الحضـارة الإنسـانية بالمنجـزات الماديـة والفكريـة والمعرفيـة.
مضيفا بأن الجائـزة فـي احتفالهـا اليـوم، تترجـم اسـتحقاق المجيديـن للثنـاء، ليكونـوا مثـالا يحتـذى بـه في الجـد والعطاء، كما تتكفـل أيضـا بطباعـة أعمالهـم التـي أهلتهـم لنيـل شـرف الفـوز، والمشـاركة بهـا فـي مختلـف المعـارض المحليـة والدوليـة تكريمـا لهـم؛ واحتفـاء بالمنجـز الـذي يتميـز بأصالتـه وعطائـه النوعـي؛ وتعريفـا بهـم محليـا وعربيـا ودوليـا؛ إلى جانـب التعريـف بالجائـزة.
وتابع في كلمة المركز بأن المـدى المكانـي الـذي وصلـت إليـه الجائـزة اليـوم، والاتسـاع المسـتمر للحيـز الجغرافـي الـذي يشـارك منـه العـرب علـى مـدار دوراتهـا؛ هـو نتيجة السـمعة الطيبـة، واتسـاع الـرؤى التـي يعـول عليهـا لمسـتقبل هذه الجائـزة، والحرص المتواصـل علـى اختيـار لجـان الفـرز الأولـي والتحكيـم النهائـي، مـن القامات الأكاديميـة والفنيـة والأدبيـة المتحققة،فـي المجـالات المحـددة للتنافـس فـي كل دورة، ووفـق أسـس ومعاييـر عاليـة، تكفـل إقـرار أسـماء وأعمـال مرموقـة ترقـى لنيـل الجائـزة.
وتضمن الحفل عرض فيلمين مرئيين تناولا حصاد جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في الدورتين العاشرة والحادية عشرة وتفاصيل الترشح للجائزة وآلية عمل اللجان إضافة إلى فقرة فنية.
وفي نهاية الحفل أعلن راعي المناسبة عن مجالات الجائزة في دورتها الثانية عشرة 2025م المخصصة للعرب عموما وتشمل: مجال المؤسسات الثقافية الخاصة عن فرع الثقافة، ومجال النحت عن فرع الفنون، ومجال السير الذاتية عن فرع الآداب.
قيمة ثقافية وحضارية
وعن الجائزة أوضح الدكتور واسيني الأعرج الفائز في الدورة العاشرة عن فرع الآداب في مجال الرواية: بأن جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب فرصة رائعة جدا، معربا عن سعادته بفوزه، مبينا أن الجوائز ذات قيمة رمزية وإنسانية وثقافية وحضارية، فهي شديدة الأهمية بالنسبة للكاتب. مشيرا إلى أن جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب تنفرد عن بقية الجوائز كونها لا تكتفي بنص واحد، ولكنها تعمل على تجربة بكاملها. وأعتقد أن الروائيين العرب والكتاب هم عبارة عن مجموعة من التجارب، وبالتالي عندما تقيم فإنك لا تقيم من أجل مصلحة محددة، ولكنك تقيم تجربة، وستكون حتما عادلا لأنك تأخذ مسارا بكامله، وأعتقد أن جائزة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- تسير وفق هذا المنطق، ووفق هذا الخط ومن هنا تأتي قيمتها الكبرى.
ويضيف الأعرج: بالنسبة لي فإن الجائزة هي قيمة ثقافية وحضارية رمزية، وأنا أفتخر بها من قلبي، ومجرد وجودي هو أجمل لحظة تاريخية، وإنسانية، فما بالك عندما يكون ذلك مقرونا بجائزة واهتمام إعلامي وثقافي محلي، فهو يعني لي الكثير، وأنا سعيد، وممتن لعمان البلد الطيب والأنيق والرائع.
مكافأة لمسيرة ممتدة
من جانبه أشار الدكتور عبد الله الكندي الفائز في الدورة العاشرة عن فرع الثقافة في مجال دراسات الإعلام والاتصال بأن الجائزة هي تقدير ومهم للغاية لأنه هو يتناول مسيرة طويلة من العمل الأكاديمي والعمل البحثي في مجال الإعلام والاتصال في مجال الصحافة، لذلك هي تقدير بالنسبة لي لحياة كاملة لمدة أكثر من 30 عاما، ولها قيمة معنوية عالية، لأنها تحمل اسم المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ملهم بناء سلطنة عمان، ومؤسس للكثير من المشاريع الثقافية والتعليمية في هذا البلد، لذلك أشعر بقيمة الجائزة وأهميتها، وستبقى معي لبقية العمر، لأن هذا النوع من التقدير عندما يأتي، فهو يشعرك بقيمة العمل الأكاديمي والإخلاص للعمل الأكاديمي والبحثي، ولذلك أنا أشعر بأن الجائزة كانت مكافأة لمسيرة ممتدة من العمل.
دافع لمزيد من العطاء
أما شميسة النعمانية الفائزة في الدورة الحادية عشرة عن فرع «الآداب» في مجال الشعر العربي الفصيح فأشارت إلى أن الجائزة تعد فوزا عظيما يصبو إليه كل مبدع ويتمناه كل شاعر، وأن أحظى بهذا التتويج فهو شرف سيرسخ في ذاكرتي وسأورث مجده لأبنائي، مبينة أن هذه الجائزة ليست فقط تقديرا للمنتج الأدبي الذي اشتغلت عليه طوال عدد من السنوات وإنما أيضا هو دافع وحافز كبير لمزيد من العطاء، ومزيد من التجويد في الكتابة الشعرية أيضا، ومزيد من الحضور الأدبي، بحيث أني أنقل اسم الشاعر العماني والشاعرة العمانية إلى العالم العربي، لأن صورة الشاعر العماني ومنتجه سيصل إلى العالم بكافة اللغات، فهذه الجائزة لا تنتهي في لحظتها وإنما هي خطوة دافعة لمزيد من العطاء والإبداع.
وأعربت عن شعورها بالسعادة وأهمية ما كتبت موضحة: شعرت بتفرد ما كتبت، وشعرت بأن الجهد الذي أضعه في عملي، وفي إنتاجي الأدبي هو جهد مقدر، وأن شعري مسموع، وأن وجهه نظر النقاد تقديرية، لذلك فرحت لأن الشعر انتصر لي وأعطاني هذه الجائزة، لأني أحب أن أجود بالشعر فشعرت أنه أعطاني شيئا كما أنا أعطيته.
ثمرة قصة عمل طويلة
من جهته أشار أحمد الكلباني الفائز في الدورة الحادية عشرة عن فرع «الفنون» في مجال البرامج الإذاعية بأن هذه الليلة مباركة لأنها وافقت يوم الاحتفاء باللغة العربية، حيث يحتفي بهذا المنجز الذي حصل عليه، مبينا بأن هذا الإنجاز هو ثمرة قصة عمل طويلة بمعية زملائه ورفاقه، وهي قصة نجاح تحمل في طياتها الكثير، حيث إن وسام هذه الجائزة هو دافع كبير لمستقبل أفضل، وعمل جاد يحمل إسهامات أكثر وأكبر بإذن الله، تتوج دائما برضى المستمع والمتابع لمسيرة زاخرة بالعطاء.
ويضيف بأن التنبؤ بفوز «البودكاست: كان أمرا يشبه الرهان ونحن حينما نقدم على خطوة مشابهة نضع في الاعتبار احتمالات النجاح الباهر أو النجاح المؤجل الذي ربما سوف نحققه في وقت لاحق، لكن عطفا على نصيحة أحد الزملاء حين عرضت عليه نص هذا العمل وقلت له بأنني أقدم على القيام بأمر ما، قال لي «ارم بكلك» وفعلت. وأن تبذل أقصى ما تستطيع وأن تحلق بجناحين كاملين يعني أن تضع نفسك محل هذا الرهان والمنصة تحكي بقية الحكاية.
الجدير بالذكر أن جائـزة السـلطان قابـوس للثقافـة والفنـون والآداب جائزة دوريـة، حيـث تكون في عام دورة عمانية يقتصر التنافس فيهـا علـى العمانييـن فقـط، وفـي العـام الـذي يليـه تكـون دورة عربيـة يتـاح فيهـا التنافـس للعمانييـن وجميـع إخوانهم العرب، مـن مختلـف بلـدان العالـم.
وكان مجموع المترشحين الذين استوفوا متطلبات الترشح في الدورة العاشرة بلغ 171 مترشحا، كان منهم 30 مترشحا في دراسات الإعلام والاتصال عن فرع الثقافة، و25 مترشحا في الإخراج السينمائي عن فرع الفنون و161 مترشحا في الرواية عن فرع الآداب.
في حين بلغ مجموع الأعمال المشاركة في الدورة الحادية عشرة التي استوفت متطلبات الترشح 136 عملا، توزعت على 18 عملا في دراسات البيئة العمانية عن فرع الثقافة، و49 عملا في البرامج الإذاعية عن فرع الفنون، و69 عملا في الشعر العربي الفصيح عن فرع الآداب.