هشام عزمى: أقسى لحظات حياتى وفاة عبد الرحيم الكردى
تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT
أقام المجلس الأعلى للثقافة أمسية تأبينية بعنوان: أمسية في محبة الراحلين الدكتور عبدالرحيم الكردى، والدكتور محمد حمدى إبراهيم، ونظمتها لجنة الدراسات الأدبية واللغوية والنقدية بالتعاون مع لجنة الترجمة بالمجلس.
أخبار متعلقة
هشام عزمي يشهد حفل توزيع جوائز مسابقة المواهب الأدبية (دورة خيرى شلبي) ويكرم الفائزين ولجان التحكيم
هشام عزمي يعتمد أكبر خطة نشر لـ«القومى لثقافة الطفل»
هشام عزمي رئيسًا لدار الكتب والوثائق القومية
وتحدث الدكتور هشام عزمى رئيس المجلس الأعلى للثقافة قائلًا: «نلتقى اليوم في محبة عالمين جليلين وأستاذين مرموقين، اجتمعت فيهما العديد من الخصال الحميدة، والصفاتِ الأصيلة، وقدر عالٍ من الود والإنسانية والأخلاق الرفيعة.
وأضاف الدكتورهشام عزمى قائلا: «لقد أتاحت لى الظروف التعرف عن قرب على الأستاذ الدكتور محمد حمدى إبراهيم، فما زلت أذكرُ تلك السنوات البعيدة في ثمانينيات القرن الماضى، وكنت حينها أخطو خطواتى الأولى على الدرب الأكاديمى مُعيدًا صغيرًا في جامعة القاهرة العتيدة، وكانت كلية الأداب تضم بين جنباتها أسماء رنانة وقامات سامقة في أقسامها العلمية المختلفة».
واستطرد قائلًا: «شرفت بالعمل تحت قيادته بصورة مباشرة حينما كان عميدًا لكلية الأداب في منتصف التسعينيات، ثم بعدها: نائبا لرئيس جامعة القاهرة، وفى كل منصب من هذه المناصب كان له بصمة وأثر؛ فلقد جمع ما بين التميز العلمى والحنكة الإدارية، وتمر سنوات عديدة عملت فيها خارج مصر، ثم عدت لأشرُف بزمالة الأستاذ الجليل في اجتماعات مجلس الكلية، التي كان حضوره فيها طاغيًا. وكانت أراؤه السديدة تلقى دوما قدرًا كبيرًا من التقدير والاحترام، كما كان لها أثر كبير في صياغة القرارات التي يخرج بها المجلس، كما كانت تجمعنى بالأستاذ الكبير لقاءات دورية تتميز بكل الود والاحترام، وقبلهما قمة التواضع ونبل الأخلاق، وتلقيت من خلالها دعوات كريمة متكررة للمشاركة في ندوات لجنة الترجمة باتحاد الكتاب، التي كان يرأسها. أما الأستاذ الدكتور عبدالرحيم الكردى؛ فلقد شرفت بمعرفته بصفة شخصية بعد أن توليت أمانة المجلس الأعلى للثقافة، لكننى كنت مدركًا لإسهاماته العلمية في مجالات الأدب والنقد، بجانب إنجازاته الإدارية في جامعة قناة السويس، رئيسًا للقسم وعميدًا ومديرًا لمركز اللغة العربية بها. جمعتنى بالفقيد الكريم مناسبات ثقافية عدة نظمها وشارك فيها باعتباره مقررًا للجنة الدراسات الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة، والتى كان دائمًا ما يُثريها بنقاشات وحوارات عميقة تتفق مع خبراته العلمية الممتدة لعقود«.
وأضاف: «من مفارقات القدر أن تكون الفعالية الأخيرة التي يُشارك بها الراحل العظيم هي احتفالية تأبين الأستاذ الدكتور محمد عنانى، التي نظمها المركز القومى للترجمة بالشراكة مع المجلس الأعلى للثقافة في فبراير الماضى، لتكون الفعاليه ذاتها شاهدة على رحيله. وربما كانت أقسى اللحظات التي مررتُ بها في حياتى هي تلك اللحظة التي وافى الأستاذ فيها الأجلُ المحتوم، بينما كان يُلقى أبياتًا من الشعر كتبها الدكتور عنانى، ليعيد قراءة البيت مرتين، ثم يتوقف لتأتى النهاية، وأنا جالس على بعد أمتار قليلة من هذا المشهد المؤلم. وعلى الرغم من قسوة تلك اللحظة؛ فلقد كانت خيرُ شاهد على إصرار الراحل الكبير على أن يمتد عطاؤه العلمى إلى اللحظات الأخيرة في حياته. لقد كان من المنطقى أن تلقى إنجازات الراحلين الكبيرين عظيم التقدير، وأن تحظى بالعديد من التكريمات من أهم المؤسسات الثقافية داخل مصر وخارجها، تقديرا لدورهما ومُنجزهما الفكرى، لكى تُتوج تلك المسيرة الحافلة بحصولهما على أرفع جائزة تمنحها الدولة المصرية لمثقفيها ومبدعيها، وهى جائزة الدولة التقديرية في الآداب«.
وفى مختتم حديثه قال: «ربما يكون الجسد قد رحل، لكن اسمى محمد حمدى إبراهيم وعبدالرحيم الكردى سيظلان باقيين في قلوب كل من عاصرهما أو زاملهما، أو نهل من علمهما أو أفاد من مشروعهما الثقافى، وهم كثر، وما قدماه هما أيضا كثير».
حرص المتحدثون على استحضار ما جمعهم مع الراحلين المحتفى بهما من مواقف إنسانية، كما أكدوا أهمية ما تركه كلاهما من مؤلفات وقيمة منجزاتهما الاستثنائية التي ستبقى، لتؤكد حضورهما اليوم وفى المستقبل بلا شك.
هشام عزمي عبد الرحيم الكرديالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين زي النهاردة المجلس الأعلى للثقافة
إقرأ أيضاً:
فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى
نقل لى الصديق العزيز الأستاذ سيف الدين عبد الحميد النبأ الحزين جدا عن إنتقال الدكتور محمد المرتضى مصطفى إلى جوار ربه اليوم الأربعاء بمدينة سان ريمون بولاية كاليفورنيا .
رحم الله الأستاذ الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى وانزله منازل المصطفين المكرمين وجعل البركة فى أبنائه وأحفاده وزوجته الراحلة السيدة منى عز الدين فى برزخها العامر البهى والتى سبقته إلى دار البقاء قبل أربعة أعوام ،وكل أسرته الكبيرة وكل عارفى فضله واحسن عزائهم فيه والزمهم الصبر الجميل ..
الدكتور محمد المرتضى من علماء البلد الأفذاذ والتكنقراط النادرين جدا.. وهو واحد من قلة من السودانيين من ذلك الجيل تلقوا دراساتهم العليا بجامعة هارفارد الأمريكية المرموقة .
شغل منصب وكيل أول وزارة العمل لسنوات إبان حكم الرئيس نميرى وبعض من فترة حكومة الصادق المهدى الذى اقاله بعد أن اختلفا فى التصورات على خطط إصلاحات الخدمة المدنية وقد رأى فيه رئيس الوزراء وقتها نموذجا للتكنقراطي المحترف صعب القياد .
بعد يومين من إقالته تلقى إتصالا من منظمة العمل الدولية بجنيف تطلب منه الحضور إلى مقرها بسويسرا فورا وقامت بتعيننه خبيرا بها ومديرا لمكتبها بإقليم جنوب إفريقيا مقيما فى هرارى عاصمة زيمبابوي وخلال فترة عمله هناك وضع واشرف على خطة إنتقال الخدمة المدنية ونظام العمل فى جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصرى إلى النظام الديمقراطى .وحينما كان يعمل بهرارى لعب دورا مهما فى إلتحاق الدكتور عبد الله حمدوك بالعمل فى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة .
وبعد أن ساءت العلاقة بين نظام الإنقاذ ومصر فى النصف الأول من التسعينيات إثر تورط نظام الإنقاذ فى عملية إغتيال الرئيس المصرى وقتها حسني مبارك ووصلت إلى الحضيض تم نقله من هرارى إلى القاهرة مديرا لمكتب منظمة العمل الدولية لإقليم شمال إفريقيا وليمثل قناة خلفية لتخفيف التوتر فى العلاقة بين البلدين .
ربطتنى بالرجل محبة كبيرة وخالصة لوجه الله منذ أن تعرفت عليه أوائل الألفين فى زياراته لمقر صحيفتنا "الصحافي الدولي" والتى كان تجمعه صداقة برئيس مجلس إدارتها الدكتور محمد محجوب هارون .
كان يفرح جدا بزياراتنا المسائية له معا انا والاخ والزميل العزيز سيف الدين عبد الحميد مترجم الصحيفة او ايا منا بمفرده منذ أن كان بمنزل الأسرة فى الخرطوم (3) ثم بعد إنتقاله إلى منزله الفخيم بحى قاردن سيتى ويكرمنا غاية الكرم .. وكان يهدينى كتبا واشياء اخرى قيمة كلما عاد إلى السودان من اسفاره بالخارج وقبل كل ذلك كان ينفعنا بعلمه الغزير وتجربته وخبرته الثرة الحياتية والعملية فى السودان وخارجه ويصحح بلطف الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة عندى حينما يرى جنوحا من أثر فورة وحماس الشباب وقتها ويبقى على جوهرها الإنسانى . كما كان يلهمنى كثير من الأفكار النيرة التى استفدت منها فى اعمالى الصحافية وفى حياتى الخاصة . كان يفعل كل ذلك بتواضع جم ومحبة توصيل الخير إلى الناس .
كان الدكتور مرتضى شاهدا على العصر وعارفا باقدار الرجال فى بلادنا ومحيطها العربى و الافريقى يختزن مئات القصص والحكايات لاشخاص واحداث ومواقف عاصرها او كان جزءا منها او قرأ عنها فى مظان لا تتوفر ببلادنا خاصة تلك التى تكون قد شاعت بسردية معينة ورسخت فهما بعينه فى تاريخنا الحديث او القديم نسبيا وحينما تسمعها منه بوقائعها الدقيقة وحواشيها ومقدماتها تغير لك كل معرفتك عنها .
كان محبا جدا للاستاذ محمود ويرى فيه عالما ومصلحا دينيا كبيرا عاش فى واقع جاهل وحوكم بواسطة قضاة وفقهاء وحكام ليس لديهم من علمه ولا قلامة ظفر .
يدعونى كتيرا عنده حينما يكون عنده ضيوف مهمين عازمهم عشاء او غداء وخاصة فى رمضان ..
التقيت عنده بشخصيات مهمة سودانية وأجنبية خاصة من مصر وإثيوبيا وارتريا ومن ضمن عرفتهم عنده السياسى الارتري حروى تدلا بايرو الذى يقيم فى السويد وكان والده تدلا بايرو من كبار الزعماء السياسيين فى ارتريا .. عرفه دكتور مرتضى بعلاقتى الفكرية بالاستاذ محمود فتحولت جلستنا كلها للحديث عنه حيث أشار لى للعلاقة القوية التى ربطت قادة جبهة التحرير الارترية بالاستاذ محمود وكيف انهم كانوا يتلقون منه الأفكار والنصائح العميقة المضيئة والاكرام حينما كانوا يزورونه بمكتبه فى عمارة إبن عوف بالخرطوم .
وأذكر من ضمن الكتب التى اهدانى اياها د. مرتضى الترجمة العربية لكتاب البروفيسور عبد الله النعيم (نحو تطوير التشريع الاسلامى) الذى ترجمه وقدم له المفكر المصرى الدكتور حسين أحمد أمين وحدثنى مطولا عن المترجم وأسرته فقد كان د. مرتضى عارفا دقيقا بالحياة والثقافة المصرية وتاريخها ونخبها .
من ضمن زملاء د. مرتضى فى مرحلة الدراسة الثانوية بمدرسة خور طقت كان الدكتور فرانسيس دينق وحكى لنا كيف انه ولمكانة والده سلطان دينكا نقوك، دينق مجوك وعلاقته المميزة بناظر المسيرية بابو نمر تم استيعابه بالمدرسة المرموقة بعد أن انتهت فترة القبول وذكر لنا أنه استضافه فى غرفته بداخليات المدرسة لقرابة العام .
عندما يكون الدكتور مرتضى موجودا بالسودان وانقطع منه لأسبوعين يتصل بي ليسأل عن صحتى وأسباب غيابي .
عاش الدكتور مرتضى حياته باستقامة وطنية ومع انه لم يكن منتميا سياسيا لحزب ولكنه كان وطنيا غيورا فحينما كانت تغضبه اقوال وتصريحات مسؤولى نظام الإنقاذ وما أكثرها كان يتصل بى ويطلب منى الحضور إليه ويُملينى مقالا كاملا عالما فى نقد وتصويب مقولات ذلك المسؤول .
وكما كان الرجل متواضعا كان أيضا ضحوكا يطرب للطرفة ويحكى كثيرا من المواقف والأحداث الطريفة ويضحك لها بصوت مجلجل محبب إلى النفس.
استضفناه فى منبر صحيفة "الصحافة" عام 2007 تقريبا فى محاضرة عن جذور فشل الدولة السودانية وقد وجدت الأفكار التى اذاعها أصداء واسعة فى ذلك الوقت ولم ترق المسؤولين فى الدولة وقتها ولا زال يتم تدوير الرصد المنشور فى الصحيفة و الذى قام به الزميل قرشى عوض فى السوشيال ميديا كل حين وآخر وكانما كان الدكتور الراحل يحذرنا ويتنبأ لنا بهذا المآل الحزين الان .
الا رحم الله العالم الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى برحمة الرحيم وجزاه عنا المقامات العُلى عنده ..
لا حول ولا قوة إلاّ بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
علاء الدين بشير - الشارقة
20 نوفمبر